بسم الله الرحمن الرحيم
كم يدهشني ذاك النبي الذي لم أره بعد..و لا بد أن من سار قبلي في خطى دربه قد بدأ مثلي بالدهشة وانتهى باليقين..فكلماته تسلب المرء من نفسه وتدهشه وتحيره.... بإعجازها العظيم الغامض.. ليست رحلة المعراج وحدها معجزة النبي.. فبعد المعراج حدثت معجزة أخرى للنبي.. لقد شاهد الملائكة وهم يخرجون ويدخلون من أبواب الجنة، وهم يطوفون حول العرش كما يطوف المسلمون حول الكعبة... !!
أخرج الترمذي والبيهقي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما مررت ليلة أسري بي بملإ من الملائكة إلا قالوا: (يا محمد مر أمتك بالحجامة)
وفي صحيح الجامع عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي، إلا كلهم يقول لي (عليك يا محمد بالحجامة)
روى الترمذي في سننه عن ابن مسعود قال: حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة أسري به أنه لم يمر على ملإ من الملائكة إلا أمروه أن (مر أمتك بالحجامة).
سافرت مع تلك الأحاديث الثلاثة إلى السماء.. أليس لكل منا معراجه الخاص نحو السماء.. معراج يصعد فيه ويرتفع حسب مقامه.. لقد استغرقت الرحلة المباركة من مكة إلى القدس صفرا من الزمان.. واستغرقت في نفسي كل الزمان.. مضيت أتأمل مشاعر الرسول في تلك الليلة الخارجة عن نطاق الزمان وهو يمر بكوكبة من النور ترحب بضيف السماء وتهديه وصية من نور مر أمتك بالحجامة وحق على المزور أن يكرم زائره.. أحسست بالحيرة وأنا أتصور تلك المخلوقات النورانية الرقيقة توصي النبي في لحظة بالغة الروحانية بأداة لعلاج البدن!!
كيف تأتى لهذه الخلائق التي تنتمي إلى السماء وتعيش بعيدا عن الأرض أن تتذكر آلام المتعبين وآهات الموجعين من أمة الحبيب وتحنو عليهم بالوصية المباركة مر أمتك بالحجامة من أي رقة وحنان صنع الله تلك المخلوقات النورانية؟! وكم من الحمد ينبغي أن نسوق إلى خالق تلك الرحمة التي نتراحم جميعا بنفحة واحدة من شذاها!!
تذكرت أن كافة التشريعات السماوية هبط بها كبير الملائكة جبريل الأمين من السماء إلى الأرض عدا فرض الصلاة، فقد أصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتلقي تعليمات الصلاة في هذا المعراج وليطلعه الله على اليقين والمعرفة الشاملة ويريه آياته فكانت الصلاة إحدى ثمار الرحلة المباركة، وكانت وصية الملائكة بالحجامة في ذات الليلة ليجتمع إلى طب الروح ممثلا بالصلاة، طب الجسد ممثلا بالحجامة..
هو شرف للنبي أن يعرج إلى الله، وشرف لي أنا الهباءة الصغيرة أن أتلقى تلك الهدايا المغلفة بثوب الوصايا، من أجل ذلك أحس بالفرح كلما تذكرت تلك الليلة التي يقف عقلي مشدودا أما أعتابها.. ويعود الفرح ليتحرك داخلي كلما تصورت الحنان البادي من النبي العظيم وهو يراجع ربه في أمر الصلاة رأفة بنا ثم يصلي بأنبياء الله فيقرأ القرآن ويبكي وتبكي الأنبياء وأبكي أنا.. فمضيت أصلي عليه ولم أكد أفعل حتى غمرتني موجات من الرحمة والسكينة، وتذكرت أن الله - تعالى -يصلي عشرا على من يصلي على رسوله مرة.. فسجدت روحي.. وبقيت أصلي عليه!!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد