نخرة الأسنان : أسبابها وعلاجها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 نشرت في السنوات الأخيرة عدة أبحاث مفصلة ومطولة حول نخرة الأسنان وأسبابها وقد استندت هذه الأبحاث إلى اختبارات وإحصاءات قامت بها الجامعات والمختبرات العالمية وكانت الفئران والأرانب مسرحاً لهذه التجارب العلمية، لتشابه بناء أسنانها ببناء أسنان الإنسان، فحصرت جماعة منها في أحد مستشفيات بروكلين وقسمت إلى عدة فئات، ثم قدمت إلى هذه الزمر الحيوانية أغذية مختلفة البناء والتركيب، فهذه فئة كان غذاؤها غنياً بالكلس وتلك الفسفور، وثالثة كانت محرومة من المادتين ورابعة كان غذاؤها مزيجاً من المعادن، فتبين للعلماء بعد مئات التجارب أن الأسنان المقاومة للنخر هي التي تحتوي على الكلس والفسفور بنسبة معقولة، وكم كانت دهشتهم عظيمة حينما تأكدوا أن إعطاء الكلس وحده بكميات كبيرة، يعطي نتيجة عكسية فيعرض الأسنان للنخر. وقد أيدت صحة هذه التجارب الإحصاءات العديدة التي أجريت على المرضى في عيادات المستشفى المذكور، ولذلك فإن تناول بعضنا كميات كبيرة من الكلس بقصد تقوية بنية الأسنان خطأ شائع يجب الابتعاد عنه والتنحي عن مداولته ومداومته. ويجب ألا يغيب عن بالنا ولا يغرب عن أخيلتنا أن السبب الرئيس لنخرة الأسنان هو تكاثر الجراثيم وتفريخها، ولولا هذه الجراثيم لما انتخرت الأسنان أبداً، وقد أجريت تجارب عديدة لإثبات ذلك، وكانت هذه التجارب فريدة وغريبة في طريقة تنفيذها، فلقد أدخلت أرنبة حامل كانت على وشك الوضع إلى غرفة العمليات بعد أن غطست في محلول معقم ثم استخرجت من بطنها أجنتها الصغيرة وبوشرت تغذية هذه الأرانب المستخرجة بوساطة مصاصات مطهرة وحليب معقم بمعنى أنها عاشت في وسط معقم خالٍ, من الجراثيم، وكذلك قام الدكتور بليني في مستشفى آخر بتجربة مماثلة فاستولد فأراً أبيض وأحاطه بالعناية الطبية في غرفة خالية من الجراثيم، واقتصر طعام هذه الحيوانات المعزولة عن الدنيا على أغذية قليل كلسها فقيرة معادنها مسببة لنخر الأسنان عند الحيوانات، ومع ذلك لم يصب أي حيوان ما بنخرة في أسنانه لعدم وجود جراثيم مخربة تقطن فمه. ولكن هذه الأسنان نفسها تنخرت سريعاً بمجرد إعطائها أغذية عادية غير معقمة، ومن المعلوم أن الجرثوم الواحد يبلغ مليوناً في فترة قصيرة من الزمن، إذا كان الوسط ملائماً لنموه والأوساط السكرية أكثر ملاءمة من غيرها لنمو الجراثيم، ولهذا ينصح الأطباء مستشيريهم المرضى بالمضمضة عقب تناول أي مادة سكرية ولو كانت قطعة شوكولا، أو فنجان قهوة، فالجراثيم تنمو وتفرخ وتعمل في هدم بناء السن بعد ربع ساعة فقط من تناول السكر. وقد شبّه الدكتور جيمس بليني من جامعة شيكاغو العوامل الأساسية لتنخر الأسنان بمقعد ذي ثلاث أرجل: الميكروب، التفاعل الكيماوي في الفم، ومصدر الأطعمة وبقاياها.

يستبان مما تقدم أن سلامة الأسنان رهينة بتنظيف الفم أولاً من بقايا الطعام والمضمضة ثانياً عقب تناول أي مادة سكرية ثم بتناول مادة الفسفور والكلس بين الفينة والفينة لتقوية بناء الأسنان وإطالة عمرها. وإذا استطاع فاقد الدر واللؤلؤ استعادة ما فقده يوماً ما، فلن يستطيع فاقد الأسنان الطبيعية إعادة ما فقد من لآلئ ثغره ودرره ولو استعاض عنها بالأسنان الصناعية.. فهيهات هيهات أن تعيد هذه إلى الثغر سحر ضحكه أو إشراق ابتسامه. وقديماً قال المعري في هؤلاء الجهلة الذين يكسرون بلآلئ أسنانهم أخشاب الفستق والبندق والجوز واللوز. سنك خير لك من درة زهراء تعشي أعين الناظرين عجبت للضارب في غمرة لم يطع الناهين والآمرين يكسر باللؤلؤ من جهله خشباً عتت عن أنمل الكاسرين نشر في مجلة (الثقافة الصحية) عدد (47) بتاريخ (جمادى الأولى 1420هـ -أغسطس 1999م).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply