بسم الله الرحمن الرحيم
مررت بحي فقير، فوجدت النساء قد التزمن بالزي الشرعي، ووجدت الهيئة تجوب الشوارع بسيارتها آمرة الناس بالصلاة. ثم خرجت إلى حي غني لا يكاد يبعد عشر دقائق عن جاره الفقير، فوجدت النساء قد تبارين في التبرج، وانعدم منظر سيارة الهيئة هناك...بل وصل الحد إلى أن أصبح دخول ملتح إلى أحد مطاعم الحي الغني الراقية شيئا مستغربا ومستهجنا، فدخول مثل هذه الأماكن الراقية أصبح حصرا على شباب طالت شعورهم الكثة الخشنة فربطوها بأطواق كالبنات، وضاقت أعناقهم من تزاحم العقود و الفصوص عليها، وتشمرت بناطيلهم كاشفة عن سيقانهم النحيلة السوداء.هل وصل حد خوف الملتزمين على دينهم و ابتعادهم عن الأماكن التي تكثر بها المخالفات الشرعية إلى عزلهم عن بقية فئات المجتمع؟ هل ستصل هذه العزلة إلى حد انقراض وجودهم في الأماكن الراقية أولا، ثم انقراض وجودهم مطلقا بعد ذلك؟ هذا ما أخشاه. إن حضور الملتزمين في كل محفل، ومخالطتهم لبقية أفراد المجتمع، ووجودهم في كل مكان مطلب شرعي وواجب إسلامي تتحقق به مصلحة عظيمه و تدرؤ به مفسدة عظيمة أيضا. ذلك لأنه بمجرد حظورهم سينتهي كثير من أهل الفسق عن المجاهرة بفسقهم، ناهيك عن أن غيرتهم على الدين ستجعلهم يأمرون بالمعروف فينتشر، وينهون عن المنكر فيندحر. يجب على أهل الالتزام مقاومة وعكس التيار الثقافي الموجود الآن في مجتمعاتنا و الذي بات متعارفا على أن أهل الالتزام لا يتواجدون إلا في أماكن محدده، ولا يصحبون إلا أشباههم ولا يختلطون بغيرهم. يجب على أهل الالتزام إيقاف السياط التي باتت تنهمر من عيون الفساق عند دخول ملتزم إلى مقهى راق، وعيون الفاسقات عند دخول متحجبة إلى مركز نسائي راق. يجب على أهل الالتزام أن يولوا هذه القضية جانبا كبيرا من اهتمامهم وأن يقدموا مصلحة أمتنا التي ستتحقق بإرجاع الناس إلى جادة الدين الحنيف والقضاء على مظاهر الفساد التي انتشرت، على مصالحهم الشخصية و خوفهم على أنفسهم من أن يؤدي بهم هذا الاختلاط إلى برود الغيرة و ضعف الوازع واستمراء المنكر. أعتقد أن الملتزمين هذه الأيام في بلادنا أمام خياران لا ثالث لهما: إما التكيف أو الانقراض. وليعلم أنما قصدت هنا التكيف للواقع بقصد تغييره و النهوض به لا بقصد الخضوع له أو الاستسلام.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد