بسم الله الرحمن الرحيم
لاشك أن كثيراً من الدعاة المخلصين يبذلون الكثير بل كل أوقاتهم في سبيل الدعوة إلى الله، ولكن من الملاحظ على الرغم من أهمية هذا الجانب وتيسر الوصول إليه. ولعل من أسباب ذلك انشغالهم بأمور أخرى وعدم إدراكهم بأهمية وفائدة وتيسر دعوة الأقارب وأيضاً البرود والتبلد الذي يحدث في مواقف وعلاقة الداعية مع أقاربه من الناحية الدعوية نتيجة للاحتكاك المتواصل بهم بحكم الصلة العائلية. أيضاً من الملاحظ أنه حتى في حالة وجود نشاط دعوي لبعض الدعاة مع أقاربهم إلا إنه يتم في الغالب بطريقة عشوائية بدون أن يكون هناك تخطيط وتنظيم ومتابعة له، ولاشك أن العمل المنتظم أكثر ثمرة من العمل العشوائي.
الهدف العام للدعوة العائلية
هو إيصال الدعوة والتأثير على جميع أفراد العائلة صغاراً وكباراً ورجالاً ونساءً وفي أي منطقة أو مدينة طالما أنهم ينتمون لعائلة واحدة.
أهمية هذا الموضوع
1. وجوب الدعوة العائلية وتأكيد الشريعة على أهميتها قال - تعالى -{وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ} (الشعراء: 214) ـ وقال - تعالى -{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ} (التحريم: من الآية6) ـ وقد أورد ابن كثير في تفسيره عند شرح هذه الآية قول الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه.
2. أن عدد الأفراد الذين يتم الاحتكاك بهم في الدعوة العائلية يعتبر عدداً كبيراً مهما كان صغر العائلة التي ينتمي لها الداعية.
3. تيسر وصول الداعية إلى أقاربه وسهولة الاحتكاك بهم.
4. بنشر وتطبيق فكرة الدعوة العائلية سيتم الوصول إلى كل أفراد المجتمع، إذ أنه يندر حالياً أن تخلو أسره في مجتمعنا من وجود شاب صالح فيها.
5. تيسر الدعوة العائلية التأثير على قطاع النساء في المجتمع، وهذا القطاع هو من القطاعات التي تعتبر اقل احتكاك بالدعوة ووسائلها مقارنة بالرجال. أيضاً توفر هذه الدعوة الاحتكاك والتأثر على قطاع الأطفال.
6. من فوائد الدعوة العائلية أنها إذا أديرت بشكل جيد فإنها تفيد في تحريك الطاقات الخاملة من الملتزمين في الأسرة وتدفعهم للدعوة وتكون وسيلة ناجحة بإذن الله للتأثير عليهم ورفع مستواهم.
7. الدعوة العائلية تعتبر وسيلة دعوية يمكن أن تستمر بسهولة في حالة التطبيق على الدعوة.
8. من فوائد الدعوة العائلية ان التزام الأقارب له مردوده الإيجابي على نفس بيت الداعية وأطفاله وكمثال ما يتعلق ببعض الأجهزة ذات التأثيرات السلبية.
9. إيجاد عمل دعوي في العائلة يجعل الأقارب من المتحمسين والداعمين والحامين للدعوة والدعاة.
وسائل الدعوة العائلية
وسائل الدعوة العائلية كثيرة ومتنوعة ولكن سيشار هنا إلى مجموعة من هذه الوسائل:
• أهم وسيلة أو خطوة في الدعوة العائلية هي التنسيق لها وتنظيمها وذلك بأن يجتمع الدعاة في هذه الأسرة أو على الأقل يتم اتصال وتنسيق بينهم على أن يقوم كل وأحد منهم بالدعوة العائلية لأفراد العائلة الموجدين في المدينة أو المنطقة التي يسكن بها، ثم متابعة نشاط الدعوة العائلية وتقييمه ما بين فترة وأخرى.
• عمل حلقة ذكر للرجال وحلقة ذكر للنساء بشكل دوري (يبدو أن معدل مرة في الشهر هو الأنسب من الناحية العملية). وقد يدعى أحد طلبة العلم لحضور هذا المجلس والتحدث فيه. ومن فوائد هذا الاجتماع الدوري عدا فائدته الدعوية أنه يخدم ويريح الداعية في جانب صلة الرحم التي هي من الحقوق الهامة على الإنسان المسلم والتي قد لا يستطيع الداعية أحياناً أن يفي بحقها تماماً نظراً لانشغاله.
• استغلال أي مناسبة تجمع فيها الأسرة لتوزيع شريط أو كتيب أو ورقة أو مطوية، وجعل هذا الشئ هدفاً من الأهداف التي يحرص عليه دائماً في أي مناسبة. ويمكن أن يتم هذا التوزيع في حلقة الذكر الشهرية إذا تم عملها.
• الأطفال في العائلة يمكن دعوتهم عن طريق عمل رحلات كل 3ـ6 اشهر مثلاً، وهذه الرحلة يمكن أن تكون في نفس الوقت وسيلة لدعوة الكبار في العائلة. ويمكن أن تكون هذه الرحلة بديلاً عن حلقة الذكر الشهرية في الشهر الذي تجري فيه.
• التأثير على القياديين وأصحاب الوجاهة في العائلة وكسب تأييدهم لمشاريع الدعوة العائلة من بدايتها، وذلك حتى يستفاد من مكانتهم في تقوية الدعوة العائلية أو على الأقل حتى لا يكونوا معارضين لها.
• الإحسان إلى أفراد العائلة ومساعدتهم فيما يحتاجون، بل يجب على الداعية أن يتلمس احتياجاتهم ويقوم بمساعدتهم فيها حتى قبل أن يطلبوها هم منه.
احسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الناس احسان
• تذكير وربط أفراد العائلة رجالاً ونساءً حسب ما يناسب بالمحاضرات والندوات الإسلامية و خطب الجمع الجيدة والأشرطة الجيدة وأي نشاط إسلامي جيد يمكن أن يؤثر عليهم.
• تذكير وتشجيع الأباء والأمهات على إدخال أطفالهم في النشطات الإسلامية الجيدة مثل تحفيظ القرآن في المساجد والمراكز الصيفية.
• استغلال المناسبات والأعياد لعمل البرامج الدعوية المناسبة.
• حصر المخالفات الشرعية الموجودة في العائلة وذلك من أجل التركيز عليها وإصلاحها بالتدرج والحكمة.
• مشاركة الطاقات المؤثرة في العائلة في المجالات المباحة كالتجارة مثلاً وزيادة الاحتكاك بهم.
محاذير وملاحظات حول الدعوة العائلية
1. عدم البدء بالحديث عن المنكرات أو المخالفات الموجودة في العائلة، وعدم طرح مواضيع غير مناسبة أو تصطدم بواقع الموجودين حتى لا يحدث نفور عند المدعويين.
2. ضرورة التركيز على بناء الإيمان والعقيدة لأنها الأساس الأهم والخطوة الأولى في الدعوة وذلك عن طريق التركيز على مواضيع العقيدة والإيمان مثل الجنة والنار والخوف من الله، محبته وترسيخ التوحيد بمعانيه الشاملة.
3. ضرورة الانتباه ومقاومة وسائل الهدم في العائلة لأنها قد تهدم في لحظات لقوة تأثيرها ما يبنيه الداعية في ساعات وأيام (وليس الذي يبنى كمن هو يهدم) ولكن ينبغي توخي الحكمة في ذلك.
4. قليل دائم خير من كثير منقطع وهذا ينطبق على الكثير من الوسائل المتعلقة بالدعوة العائلية.
5. أهمية عدم الإطالة أو الرتابة أو التضخيم غير المناسب في المواضيع التي تطرح في الجلسات العائلية حتى لا يمل وينفر منها.
6. ضرورة الانتباه إلى أن الانفتاح مع العائلة ودعوتها يجب ألا يؤدي إلى أن يتميع الداعية في التزامه فيشارك أو يحضر بعض المنكرات التي لا يجوز له حضورها أو يسكت عن بعض المنكرات التي لا ينبغي له التأخر في إنكارها.
7. يجب ألا ييأس الداعية فيستعجل النتائج.
8.من أهم المشاكل التي تعوق تنفيذ الدعوة العائلية مشكلة عدم توفير الطاقات المنفذه لوسائل الدعوة العائلية وانشغال بعض الدعاة في الأسرة بأمور أخرى تشغلهم عن الدعوة العائلية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد