كل إنسان مبدع

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه العبارة البراقة لا تعني بالضرورة أن كل إنسان قد حقق الإبداع فعلاً، ولكن مفادها أن كل إنسان لديه مَلكَة الإبداع تُولد معه وتبدأ تنمو وتكبر وتتشكل بأشكال عدة تأثراً بالعوامل البيئية المحيطة ونظام المجتمع، فهذه العوامل الخارجية تؤثِّر تأثيراً بالغاً في تكوين آلة الإبداع لدى الشخص وبطريقة فريدة، بمعنى أن كل إنسان يمتلك بصمة خاصة في تفكيره وتفسيره للأشياء والأحداث الجارية في الوسط المحيط به، ويختلف كذلك في طريقة تعامله مع الأشياء من حوله.

مخزون الإبداع متوافر وبكميات هائلة في كل مكان هنا وهناك، ولكن تبقى قضية اكتشاف هذا الذهب ومسح الغبار عنه لكي يلمع وينتشر بريقه في كل مكان، ليست كل طاقات الأفراد مستغلة بطريقة صحيحة، ولذلك تبقى هذه الطاقات والقدرات كامنة ومعطلة ومستكنة في الأعماق حتى يموت حاملها دون أن يستفيد منها أحد، كالبترول قبل فترة من الزمن كان موجوداً ولكنه لم يكتشف ولم يُستخرج وكان الحال بدونه كما ترون، أنا متأكد أن كل قرية وكل هجرة، بل كل بيت، بل كل نفس بشرية لديها أشياء وأشياء كثيرة من الطاقات والقدرات الهائلة، لكن الكثير من هذه الطاقات للأسف الشديد مهدرة أو مهملة ومعطلة أو مكبوتة أو غير ممكنة أصلاً، بمعنى أنها تفتقر لإمكانات وأدوات تمنحها القدرة على التحرك والانطلاق في فضاء الإبداع.

لا أحد يشك في التأثير البالغ الذي أحدثه نظام الدولة حينما اتجهت بثقلها في فترة من الفترات نحو تطوير القطاع الزراعي ودعم المزارعين بقوة، فكان الأثر واضحاً جلياً نتيجة لهذا الدعم وهذا التوجّه، حيث أصبحت جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً بعد أن كانت صحراء قاحلة.

نحن مثلما استثمرنا التراب واستخرجنا البترول من باطن الأرض يجب أن نستثمر عقول شبابنا وأن نستفيد من طاقاتهم وقدراتهم بحيث لا يكون شيء منها مهدراً أو معطلاً أو مكبوتاً أو مهمشاً ومهملاً، وذلك يتم من خلال تحرك فوري وبقوة نحو هدف محمود يتم من خلال تحقيقه استغلال الطاقات وتوظيفها بشكل صحيح.

أسباب النهوض واليقظة كثيرة لا يتسع المقام لذكرها هنا، لكني أردت أن أثير هذه القضية لعلها أن تجد اهتماماً من قبل المسؤولين والمفكرين في المجتمع.