بسم الله الرحمن الرحيم
من التفت يمنة ونظر يسرة يطاله العجب من حال العالم الإسلامي..عكوف على القبور ونذر على العتبات وتقديس للأولياء واستغاثة بغير الله، شرك في العبادة وبدعة في الدين وانحراف عن المنهج.وهذه النظرة السريعة مدعاة إلى القول بعظم مسؤولية العلماء والدعاة في هذه البلاد التي لم يصبها ولله الحمد ما أصاب الآخرين من أدران الشرك وأحوال البدع.
وعظم المسؤولية ينبع من واجب التبليغ والنصيحة لهذا الدين التي أمرنا بالقيام به، يتبعه ولله الحمد تيسر أمور الاتصال وسهولة التنقل ووفرة المادة وهي وسائل لا تُبقي عذراً.
والحديث متصل عن الدعوة، فقد التقيت بشاب في مقتبل العمر قبل سنوات وعرفني بنفسه. من شمال المغرب العربي، حديثه الإسلام وهمه الإسلام.
قال محدثي ونحن في رحاب الكعبة المشرفة: هذه بلاد خير ودعوة ومنارة علم وهداية، واسترسل في حديثه وأنا مُنصت ألحظ فرحه وعذوبة كلماته، وفجأة وهو يتحدث ضغط على يدي وقال: لكن في هذه البلاد علمين.. هنيئاً لكم بهما
أرهفت سمعي وأعرته قلبي وأصوات الدعاء و التكبير تتوالى من الطائفين والراكعين.
قال: الأول.. هو عالم الأمة شيخ العلماء وإمام أهل السنة في زمانه، يسير بينكم وتتلفتون منه وتصدرون عن علمه. إنه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
قلت له: وصلكم علمه وخبره.. تعجب من سؤالي واستدراكي فقال: هؤلاء العلماء مثل الأفلاك العالية يستنير بها السائرون ويستدل بها الحائرون.. لنا في الشيخ نصيب وضرب لنا من علمه بسهم.. هو العلامة نعرف حديثه ونتلقى إجابته، بل ولا أبالغ.. نميز أنفاسه. ثم أسهب في الحديث وأنا غارق في صمت طويل ونبهتني ضغطة ثانية على يدي ليذكرني بالعلم الثاني.
قلت له: من هو؟!
قال: إنه برنامج نور على الدرب.. لا تحده الحواجز ولا تمنعه السدود ولا ترده القيود عبر الأثير يصلنا ونحن مجتمعون حول المذياع والبعض يقوم مجتهداً بتسجيله وتفريغه في دفاتر وأوراق لتعم الفائدة.. يتداولها الأقارب ويتدارسها طلبة العلم.
اسم على مسمى، له نفع عظيم وقبول كبير، نعد الأيام ونستعجل الساعات لسماعة وتسجيله.
سحابة حزن مرت أمام عينيه وهو يقول.. مُنعت عنا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وعوضنا الله خيراً.
استرجع الذاكرة سنين وقلت له: رحم الله الشيخ صالح العلي الناصر فقد سن في الإسلام سنة حسنة.. فهو أول من بدأ هذا النور ومات - رحمه الله - ولا يزال هذا الدرب مستمراً يزخر بنجوم العلم ومصابيح الدجى..
وحديث الفرح يقترب من الوداع عاتبني.. ترددون أرضنا قاحلة وصحراؤنا مجدبة.. ليت ما عندكم من العلماء عندنا لرأيت!!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد