العوائق أولا


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أكثر ما يُقعِد محبي الخير والدعوة والمشاركين في الإصلاح عن مواصلة عملهم الخيري حيث يصابون بالإحباط واليأس أنهم يبدأون بالعوائق في مشاريعهم قبل التفكير في الفرص المتاحة، فتجد أحدهم يصمم مشروعاً خيرياًّ يحتاج إلى ميزانية كبيرة ليست في مقدوره، فيتعب في جمع المال له ويمضي الأيام بل أحياناً الأشهر وقد تمتد إلى سنوات ولم يتوفر المال اللازم، وإذا توفر يكون مشروعه قد عفا عليه الزمن وفقد تأثيره السابق أثناء التخطيط له، وخرجت فرص أخرى أولى منه وأقوى تأثيراً، ولو أنه أعمل ذهنه في مشاريع خيرية عن طريق الفرص المتاحة لديه لكان تأثيره أقوى وإنتاجه أكثر، ولربح الوقت الذي صرفه في توفير ما يحتاجه ذلك المشروع، ولربما فتح مشاريع كثيرة بالتفكير في الفرص والوسائل المتاحة.

 

زارني بعض محبي الخير والإصلاح وقد عزموا على فتح دار للحافظين ولكن كانت أمامهم معوقات كبيرة في جمع المال اللازم لشراء دار أو استئجارها، فقلت لهم: أما في حَيِّكم مدرسة حكومية؟ قالوا: بلى. قلت: لم لا تُفَعِّلون دور المدرسة وتستفيدون منها في المساء مع توفر جميع الإمكانات فيها وسعتها ولا تتحملون أي أعباء مالية لبرامجكم، فتقيمون أنشطة كثيرة تستوعب جميع شباب الحي، كل فيما يحبه وتميل إليه نفسه، فهذه فرصة متاحة لكم وبالمجان، بل وتحسب لكل مشارك من التعليم نقاط توضع في ملفه. فكأنما أيقظتهم من نوم، علماً أنهم جميعاً مدرسون في وزارة التربية والتعليم.

 

تألف فريق من خمسة أشخاص للقيام بعمل خيري، فاعترض صاحبي عليه مقدِّماً العوائق أولاً، فقال: عدد كبير كيف يجتمعون ومتى؟ فقلت: يا أخي حفظك الله، لِمَ تبدأُ بالعوائق والتشاؤم؟ دع الناس يعملون أولاً، فإذا وجدوا صعوبة في اجتماعهم يقدرون حين ذاك قدر الموقف والموضوع ويضعون بأنفسهم حلاً له. يا أخي، افترض أنهم ثلاثة كما تراه أنت، فغاب واحد، ألا يختل الأمر أكثر من غياب اثنين من خمسة؟!

 

وهكذا في كثير من الأعمال الخيرية يقدم البعض كلمات مثل: «أخشى»، «أخاف»، «يلفت النظر»، «ما يوافق عليه»، «صعب جداً»، «لا تجد من يعينك»، «ليس هناك طاقات»، «يثير حساسية»...

 

أنا لا أعني هنا إغماض العينين عن المخاطر على العمل الإصلاحي الخيري، وإنما أعني أنه ينبغي أن تقدر الأمور بقدرها ولا تضخم، ولا تسيطر العوائق على التفكير وتقعدنا عن العمل.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply