بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:
نتعرفُ في هذهِ المقالةِ على مسألةٍ, مهمةٍ, تتعلقُ بالإخلاص في الدعوة إلى الله - عز وجل -، وهي مسألةٌ قلَّما نتنبّهُ إليها، أو ننبهُ عليها، وجُلٌّ ما نفهمه من معنى الدعوةِ إلى الله - عز وجل -، هو أنَّ الداعيةَ إنَّما يدعو إلى ربهِ، وإلى سبيلهِ وتوحيدهِ وطاعته، وإلى أقامةِ دينهِ كما قال - تعالى -: ((ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ)) (النحل: من الآية125)
وقوله - تعالى -: ((قُل هَذِهِ سَبِيلِي أَدعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ, أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)) (يوسف: من الآية108)
ولا شكَّ أنَّ هذا معنى صحيح، وهدفٌ أساس للدعوة إلى الله - عز وجل -، لكن هُناكَ معنى لطيف، ومسألةً عظيمةً يتضمنها مفهومُ الدعوة إلى الله - تعالى -، يتعلقُ بإخلاص الدعوة للهِ - سبحانه -، قَلَّما ننتبهُ إليهِ،
وهو ما أشار إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى -في (مسائل باب الدعاءِ إلى شهادة أن لا إله إلا الله) وهو من أبواب كتابِ التوحيد حيثُ يقول:
(المسألةُ الثانية: التنبيهُ على الإخلاص، لأنَّ كثيرًا لو دعا إلى الحقِّ فهو يدعو إلى نفسه).
يا لها من مسألةٍ, عظيمةٍ, يغفل عنها الكثير منّا، وإنَّها لمن الدقة واللطف، بحيث توجدُ عند البعض منَّا دون الشعور بوجودها.
وإن لم يُفتش الداعية عنها في نفسه، ويُبادر إلى التخلص منها، فإنَّها قد تكونُ سببًا في حبوطِ العمل، وضياعَ الجهد- عياذًا بالله- تعالى -. ولإتمامِ الفائدةِ أسوقُ فيما يلي بعض العلامات والمظاهر التي يدٌّلُ وجودها على تلوث القلب بهذه الآفة الخطيرة.
1- الحزبيّة المقيتة، التي تدفعُ بصاحبها إلى عقدِ المحبة والعداوة على الأسماءِ والأشخاصِ والطوائف.
2- حُبٌّ الشُهرةِ والصدارة: والتفافُ الناس، وكراهية الدُعاة الآخرين، والانقباضُ والضيقُ من تجمعِ الناس حولهم، لا لشيءٍ, إلاَّ لأنَّ في ذلك منافسةً وحسدًا في القلب.
3- التزهيدُ في أعمالِ بعضِ الدُعاة، وتحقيرها وتشويهها، حتى ولو كان هذا العملُ قد ظهر خيرهُ وصلاحه، فلا ترى صاحبُ القلب المريض الذي يدعو إلى نفسهِ وليس إلى الله - تعالى -، إلاَّ مُسـتَّاءً من ذلك.
ولو كان الأمرُ إليه لأوقفَ كل عمل خيرٍ, يقومُ بهِ غيره، وهذا من علاماتِ الخذلان- عياذًا بالله- تعالى -، لأنَّ العبدَ المخلصُ في دعوته إلى الله - تعالى -، يحبٌّ كل داعيةٍ, إلى الخير ولو لم يعرفه، أو لم يرهُ، ويدعو له بظهر الغيب، ويفرحُ بأيِّ بابٍ, من الخير يفتحهُ الله - تعالى -على يدِ من كان من عباد الله، ويفرحُ بأيِّ بابٍ, من الشَّر يُغلقُ على يدِ من كان ذلك، لأنَّ في ذلك صلاحًا للعباد، وإسهامًا في هدا يتهم وتعبيدهم لرب العالمين، وكفى بذلك هدفًا وثمرةً تُثلج صدر الداعية المخلص، سواءً تحقق ذلك على يدهِ، أو على يد غيره من الداعين إلى الله - تعالى -.
4- الوقوع في غيبةِ الدعاة، أو السعي بالنميمةِ والوشايةِ، لإلحاق الأذى بهم، أو إشاعة ما هم منه برءاء في الناس، حتى ينفضوا من حولهم ويلتفوا حوله.
وأكتفي بهذه العلاماتِ كأمثلةٍ, سريعةٍ, لهذا المرض، وإلاَّ فالأمثلةُ كثيرة، وكلٌّ إنسانٍ, أدرى بنفسه، وهو على نفسه بصيرة.
والمقصودُ التنبيه على هذه الآفات الخطيرة، التي تمحقُ بركةَ الأعمالِ في الدنيا، وتذهبُ بأجرها في الآخرة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد