بسم الله الرحمن الرحيم
(أمير) شخصية مميزة تعرفت عليه في جمهورية (الطاي)، وهي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي، وموقعها على حدود الصين، أخذني (أمير) في جولة سياحية هناك من أمتع الجولات في حياتي، ومكثت أياماً في بيت خشبي بين الجبال الخضراء نشرب الماء من النهر الذي بقربنا، ونأكل الطعام من الأغنام والأبقار التي حولنا، وكانت حياة ممتعة وجميلة،
أما (أمير) فقد دخل في الإسلام منذ خمس سنوات، وكان وثنياً يعبد الأصنام سابقاً وعمره لا يتجاوز الثلاثين عاماً، وبعدما هدي إلى الإسلام عن طريق قراءة الكتب واتصاله مع التجار الأتراك أراد أن يصلي فلم يكن هناك أحد قد علمه المواقيت فاجتهد وقسّم ساعات اليوم على خمس صلوات، ثم بدأ يصلي إلى أن عرف الحقيقة بعد ذلك، وقد أخبرني بأن في سيبيريا أربعين مليون نسمة، منهم خمسة ملايين مسلم ولكن أكثرهم مسلمون بالاسم فقط، ولا يوجد من يهتم بهم وبتعليمهم، وهو يتمنى - ومثله كثير - أن يتعلم الإسلام.
وقد اقترح عليّ رحلة لصيد الغزلان في الجبال، فوافقت وخرجنا مجموعة على الخيول ننطلق في الحقول للصيد ومعي عشرة أشخاص صيادين كلهم غير مسلمين، ودار الحوار بيني وبينهم عن الإسلام، فقالوا لي: نحن لا نعرف عن الإسلام إلا ثلاث كلمات، فقلت مستغرباً: وما هي؟ فقالوا: (الجزيرة، القاعدة، ابن لادن)، فسكتٌّ برهة وهم ينظرون إليّ، وكنت أفكر في نفسي ماذا أقول لهم؟ وكيف أجيبهم؟ هل من الصواب أن أدافع عن الإسلام، وأبيّن لهم أن الإسلام أكبر من هذه الثلاث كلمات، أم أقول لهم إن في الإسلام كلمات ثلاث أهم من هذه، وهي (الله، محمد، القرآن)؟.
ودارت في نفسي أفكار كثيرة، ولكن التفت حولي ثم التفت إليهم وقلت لهم: هل تنظرون إلى هذه المناظر الخلابة والجميلة من حولنا: جبال شاهقة وأنهار تجري من حولنا وزهور وورود، كلما قطعنا مسافة اشتممنا رائحة عطرة وكأننا في قطعة من الجنة. إن هذا من خلق الله، والله هو خالقنا، ومنعم علينا، ونحن من واجبنا أن نشكره بالصلاة، وبدأت أتحاور معهم في قضايا الجمال في الإسلام ووحدانية الله وجمال الإسلام، ثم تابعنا السير معاً في صيد الغزلان، وكان يوماً ممتعاً وجميلاً حقاً، وقد استفدت من هذه الرحلة فوائد كثيرة أعظمها ازدياد حبي للصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - لأنهم كانوا أفضل منا بكثير، فقد وصلوا إلى هذه البلاد ونشروا الإسلام ونحن مع كل ما نملكه من قدرات وأموال ومعرفة وتكنولوجيا لم نستطع أن ننشر الإسلام (إسلام الحب، وإسلام السلام، وإسلام العدالة...).
لأني في كل قرية كنت أزورها هناك كان يُقال لي: (أنت أول عربي نراه أمامنا).
نعم إنها رحلة جميلة ومفيدة، وقد تعلمنا منها عظم المسؤولية التي علينا في نشر الإسلام في الشرق وإن كانت الإحصائيات تؤكد في العشر السنوات الماضية ازدياد عدد المسلمين في العالم بنسبة (234%) في مقابل زيادة النصارى (47%)، إلا أن المسؤولية عظيمة علينا وخاصة كذلك عندما يُقال لنا لا نعرف من الإسلام إلا ثلاث كلمات.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد