بسم الله الرحمن الرحيم
تتجرع أمتنا في هذا الوقت العصيب أنواعاً من الذل والمهانة، في صور شتى، مادية ومعنوية في أكثر من منطقة من مناطق العالم الإسلامي، ولا نظن أنه مرت على الأمة أوقاتاً عصيبة كهذه ولم تر أسوأ مما تراه اليوم في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي حين اجتمعت قوى الشر من اليهود والنصارى و الوثنيين والملحدين من الخارج، وناصرهم المنافقون والعلمانيون وأصحاب البدع والأهواء وغيرهم من الداخل، حتى رميت الأمة بسهام عديدة عن قوس واحدة.
ومظاهر العجز والنكوص والانهزام والاستسلام لرغبات العدو والإذعان بتنفيذ أوامره بادية لا تحتاج إلى تدليل، وزاد على ذلك انتشار الفساد بأنواعه في قطاعات واسعة حتى أصبحت الأمة تابعة لا متبوعة، لا تملك من أمرها شيئاً.
في ظل هذه الأوضاع تحتاج الأمة إلى أبنائها ليبنوا مجدها ويعيدوا عزها ويصدوا هجمة أعدائها.
ومن هنا تأتي أهمية طرح مثل هذه الموضوعات التي تسعى إلى تفعيل دور الفرد المسلم ليكون لبنة صلبة في هذا البناء العظيم كما فعّـلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون المهديون من بعده.
* قبل الخطوة الأولى:
كثيراً ما يطرح الناس أسئلة تدور حول قدرتهم على العمل لهذا الدين:
فمنهم من يقول: أنا فرد مسلم واحد، ما الذي يمكن أن أعمله في مواجهة كل هذه القوى؟
ومنهم من يقول: هل يمكن للفرد المسلم أن يمارس دوراً مؤثراً، وفاعلاً في ظل هذا الواقع الأليم؟
يجيب على ذلك الشيخ ناصر محمد الأحمد فيقول: \"إن إحداث التغيير من الأسوأ إلى الأحسن يرتبط بمدى فهم الفرد المسلم لأهمية دوره في هذا الإطار، وإن الدور السلبي الذي يمارسه كل فرد من أفراد المسلمين، إنما يعود في أساسه إلى الجهل المطلق، لما يوجبه الإسلام على الفرد المسلم من مسؤولية تجاه مجتمعه.
لقد وردت أحاديث كثيرة تحدد دور الفرد المسلم، في وسط المجتمع المسلم، وترتبط معرفة هذا الدور بفهم هذه الأحاديث، وربطها بالواقع، والتفاعل مع مدلولها العام الشامل، ثم إنزالها على حال الأمة في هذا الزمان\".
ويقول الشيخ عبد الرحمن المحمود: \"الجواب على ذلك من ثلاثة أوجه:
أولا: أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فأنت بحسب ما أتاك الله - سبحانه وتعالى- لا يكلفك الله غير ذلك، وهذه قاعدة شرعية ربنا - سبحانه وتعالى- هو الذي شرعها لك ولغيرك، فهل أنت قمت بما أوجب الله - سبحانه وتعالى- عليك مما تستطيعه، اسأل نفسك وانظر في حالك.
ثانياً: ينبغي للمسلمين عموماً أن يعلموا أن من وسائل الشيطان التي تدخل إليهم وهم قد لا يشعرون بها وسيلة التيئيس والقنوط، ويتخذ الشيطان لذلك عدداً من الأسباب والأوهام، ومنها ما ورد في السؤال: أنا لا أستطيع، أنا واحد فرد، ثم ينتهي الأمر بالشاب إلى القعود وترك العمل، فنقول: هذا من الشيطان، هذا التيئيس والتوهم أنك لا تستطيع أن تنصر هذا الدين أنما هو من وساوس الشيطان، فعليك ألا تقنط من رحمة الله ومن نصر الله - سبحانه وتعالى- لهذا الدين، وأن توقن يقيناً أن الله تبارك و- تعالى - ناصر هذا الدين، فيجب أن يكون لديك أمل عظيم في أن كل ابتلاء يصيب هذه الأمة بشكل جزئي أو بشكل كبير فإن لله - سبحانه وتعالى- من وراء ذلك حِكماً عظيمة، وأن مستقبل هذا الدين الإسلامي أخبر عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الله ناصر هذا الدين،، وكل المبشرات تؤكد قرب انتصار هذا الدين فكن أنت من أنصار هذا الدين.
ثالثاً: نقول لهؤلاء الذي يسألون عن كيفية نصر الدين: انظروا إلى من حولكم ممن وفقهم الله - سبحانه وتعالى- للعمل لدينه. لا شك أن المتأمل يجد أنواعاً وألواناً من الشباب ذكورا وإناثاً وفقهم الله - سبحانه وتعالى- وسددهم قد نذروا أنفسهم لخدمة هذا الدين ونفع الله - سبحانه وتعالى- بهم نفعاً عظيماً.
وهؤلاء الشباب أنواع منهم إمام المسجد نفع الله به الحي، ومنهم خطيب الجامع نفع الله به الحي، ومنهم المعلم نفع الله به طلابه، ومنهم الموظف نفع الله به زملاءه، ومنهم التاجر نفع الله - سبحانه وتعالى- به أمة الإسلام بما يبذل، ومنهم، ومنهم، ومنهم، حتى الشابات من أخواتنا المسلمات كم منهن من نفع الله - سبحانه وتعالى- بها في دعوة و تربية.
فأنت تشاهد أن هؤلاء ينصرون هذا الدين.. فكن معهم انصر هذا الدين، وخذ بنصيبك من هذا الفضل ولو القليل.. المهم أن تخطو إلى الأمام وألا يصيبك اليأس، وأن تنصر هذا الدين على قدر طاقتك،
ولا شك أن من تأمل فسيجد أن مجالات نصر هذا الدين كثيرة جداً، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا عن شعب الإيمان \"الإيمان بضع وسبعون شعبة\" فهذه الشعب التي تزيد على السبعين كلها مجالات بعضها لازم وبعضها متعدٍ,، بعضها عبادة محضة وبعضها عبادة وطاعة يتعدى نفعها إلى الآخرين، وكل ذلك والحمد
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد