بسم الله الرحمن الرحيم
يقو ل الله - عز وجل - في سورة العصر: ((والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)).
سورة عظيمة تبين المنهج الذي ضل عنه كثير من الناس تبين إن الإيمان هو الأصل الذي تتفرع منه جميع الأصول، والعمل الصالح هو النتيجة الحتمية للإيمان الذي استقر في القلوب يقول سيد قطب رحمه الله:((فالإيمان حقيقة إيجابية متحركة ما إن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى تحقيق ذاتها في الخارج بصورة عمل صالح)).
ولا يفوح ريحان الإيمان والعــمل الصالح في ميادين الأمة الإسلامية إلا بالتواصي بالــحق وبالتواصي بالصبر لذا على الدعاة إلى الله أن يتواصوا بالحق الذي يحملونه ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل لأن الحق لا يحق في أرض الواقع بمجرد قناعتنا وإيماننا به فكم من فكرة حقٍ, ضاعت لأنها لم تجد من يضحى ويصبر من أجلها.
فيا دعاة الحق تواصوا بالصبر على طاعة الله وفرائضه، بالصبر عن معاصي الله، بالصبر على الدعوة إلى الله بالصبر على خدمة دين الله بالصبر على طول الطريق وكثرة العقبات، يقول سيد قطب - رحمه الله -: ((والتواصي بالصبر يضاعف المقدرة، بما يبعثه من إحساس بوحدة الهدف، و وحدة المتجه وتساند الجميع، وتزودهم بالحب والعزم والإصرار)).
ولقد رأينا زحف التيار اللاأخلاقي في مجتمعاتنا الإسلامية وذلك باسم الحرية والتطور والانفتاح،وسبيلنا الوحيد لوقف الانحطاط في السلوك والقيم هو التواصي على الدعوة إلى الله فنبذل كل ما لدينا لإصلاح ماحو لنا، وإمامنا في ذلك سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى -:((يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر، ولا تمنن تستكثر، ولربك فاصبر)) [سورة المدثر].
يقول الإمام أبن كثير - رحمه الله - في تفسير الآية:\"وقام حينئذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرسالة أتم القيام، وشمر عن ساق العزم، ودعا إلى الله القريب والبعيد، والأحرار والعبيد فأمن به حينئذ كل لبيب نجيب سعيد، واستمر على مخالفته وعصيانه كل جبار عنيد\".
الداعية....حبيب الله:
والدعوة إلى الله من أفضل مقامات العبودية كما اخبر بذلك ابن الجو زى قال الله - عز وجل -:((ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)) [سورة فصلت].
ويكفيك شرفا أخي المسلم أن تكون داعية إلى الله، يقول الحسن البصري - رحمه الله -في تفسير الآية:\"هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال إنني من المسلمين\".
والخير في امة الإسلام مرتبط ارتباط وثيق بالدعوة إلى الله، قال الله - عز وجل -: ((كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) [آل عمران].
داعية.... أينما كنت:
والمسلم يجب إن يكون داعي إلى الله في بيته مع زوجته وأبناءه بين أصدقاءه وجيرانه في وظيفته في صباحه ومسائه في كل مكان فهو كالغيث أينما وقع نفع، لذا على الداعية إلى الله أن يتحرى الصدق والأمانة فيما يفعله ويقوله، ولقد حذرنا الله - عز وجل - في قوله: ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)).
يقول سيد قطب - رحمه الله -:\"إن آفة رجال الدين – حين يصبح الدين حرفة وصناعة لا عقيدة حارة دافعة، إنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم يأمرون بالخير ولا يفعلونه ويدعون إلى الخير ويهملونه ويحرفون الكلم عن مواضعه ويؤولون النصوص القاطعة خدمة للغرض والهوى، والدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه هي الأفه التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها\".
والصدق في الدعوة إلى الله هو السبيل الذي يفتح الله به قلوب الخلق، واستمع إلى ما قاله ابن القيم الجو زيه في وصف منزلة الصدق:\"هو الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان وسكان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه، من صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته فهو روح الأعمال ومحك الأحوال والحامل على اقتحام الأهوال والباب الذي دخل من الواصلون إلى حضرة ذي الجلال\".
- الدعوة إلى الله ومهارات الاتصال مع الآخرين والتأثير فيهم:
الاتصال مصطلح شاع وكثر استعماله بين أصحاب علم الإدارة والمراد به: ((سلوك أفضل السبل والوسائل لنقل المعلومات والمعاني والأحاسيس والآراء إلى أشخاص آخرين والتأثير في أفكارهم وتوجهاتهم وإقناعهم بما تريد سواء كان ذلك بطريقه لغوية أو غير لغوية)).
وللاتصال أنواع منها الاتصال بالكلام والاتصال بالعيون والاتصال بتعبير الوجه وحركة الجسم وفيما يلي أهم القواعد في بناء الاتصالات والعلاقات مع الآخرين:
1 - أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس،لأن القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء قال الله - تعالى -:{فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم}.
2-أفش السلام وجعل الابتسامة رسولك إلى قلوب الآخرين فهي مفتاحك لأبواب النفوس قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تبسمك في وجه أخيك صدقة)).
3-اعرف نمط الإنسان الذي تتعامل معه واختر كلماتك بعناية وكن وفياً بالوعد صادقاً بالحديث واحذر من جمود القسمات وغلظة الوجه.
يقول الشاعر:
إذا ما قلت كنت للقولِ فاعلاً *** وكان حيائي كافلي وضميني
تبشر عنى بالوفاءِ بشاشـتي *** وينطق نور الصدق فوق جبيني
4- احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز من الطرف الأخر وتذكر وصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تغضب،لا تغضب، لا تغضب)).
5- الهدية الجميلة وإن صغرت وهى من وسائل كسب القلوب وبناء العلاقة مع الناس قال - عليه الصلاة والسلام -: ((تهادوا تحابوا)).
6 – احرص على نظافة البدن والفم والملبس و الأناقة الغير مبالغ فيها وكن ذو بساطة ولا تتكلف في التعامل وهذا كله من أدب الإسلام، قال القرطبي في تفسير قول الله - عز وجل - {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}: ((روى مكحول عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه على الباب فخرج يريدهم وفى الدار ركوة فيها ماء فجعل ينظر في الماء ويسوى لحيته وشعره. قالت عائشة:فقلت له:يا رسول الله، وأنت تفعل هذا؟ قال:نعم، إذ خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال)).
في الختام اسأل الله عزوجل أن يجعلنا دعاة صادقين هداة مهتدين، متبعين ومقتدين بسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -
ــــــــــــــــ
مراجع:
حتى لا تكون كلا د. عوض القرني
شخصية المسلم د. محمد الهاشمي
في ظلال القران سيد قطب
الدعوة الفردية محمد السيد الوكيل
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد