الفهم الواضح للدعاة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن تصرفاتنا السلوكية مبنية غالباً على قناعتنا الفكرية التي من أهم أسس بناءها الفهم الواضح، والدعاة إلى الله أحوج ما يكونوا إلى فهم واضح إلى ما يدعوا إليه فكثيراً ما نجد دعاة ضلت أفها مهم ونسوا غايتهم في الحياة فركنوا إلى الدنيا وملذاتها حتى قعدوا عن سلوك طريق الآخرة والعمل لها ففسدت قلوبهم وطمعت نفوسهم إلى جمع المزيد من حطام الدنيا،فتجد ظاهرهم الالتزام في صف الدعوة وباطنهم يأبى أن يضحى ساعة من اجل الدعوة لأن لديه أعمال خاصة ولا يستطيع التوفيق ولكن سرعان ما تجدهم يشاركون في صف الدعوة حتى يحصلوا على دعم الحركة الإسلامية وذلك لتحقيق المزيد من ملذات الشهرة والجاه ، وقد حجبت قلوبهم بالذنوب فلم يستطيعوا فهم حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -:  ((مالي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح فتركها))

 

لذلك نجد الإمام ابن القيم - رحمه الله - يبين إن صحة الفهم ووضوحه من أفضل نعم الرب على العبد فيقول:(صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي انعم بها على عبده بل ما أعطى عبد عطاء بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما،وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم،وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم في كل صلاة، وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده (أي صحة الفهم) حسن القصد، وتحرى الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى)).

والفهم الواضح مبني على مدى قرب الداعية إلى الله ولا يكون ذلك إلا بمجاهدة النفس وتزكيتها والتدبر لمعاني القرآن الكريم والسنة النبوية و السعي الدائم إلى تحصيل العلوم حتى يكون عالما بما يدعوا إليه.

 

قال الله - تعالى -: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك …) يقول الشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان - رحمه الله -: ((فقدم العلم على العمل.والواقع أن تقديم العلم على أي عمل ضروري للعامل حتى يعلم ما يريد ليقصده ويعمل للوصول إليه وإذا كان سبق العلم لأي عمل ضرورياً فإنه أشد ضرورة للداعي إلى الله لأن ما يقوم به من دين منسوب إلى رب العالمين)).

وفى الختام أسأل الله - عز وجل - أن يرينا الحق حقا ً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

والحمد لله رب العالمين.

 

ــــــــــــــــــ

المراجع:

 * أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم الجوزية

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply