رفعت تلك الأم اللقمة إلى فمها فتذكرت ابنها الذي استشهد في ساحات الأبطال المجاهدين فأطرقت...
كيفَ السبيلُ لعالمِ النِسيانِ *** والهَمُ أورقَ في رياضِ جَنَانِي
وإذا تَرَحَّلَ في السماء نهاركم *** وازوَّرَ في الآفاقِ دونَ توانِِ
و توشحت آفاقكم جِلبابها *** عَذراء تَخشى نَظرَةِ الفَتيانِ
شَرِق الظلامُ وغَرَّدَت أجفاننا *** دمعاً يذيبُ كآبة الأحزانِ
وإذا تعثر بالجراح كلامنا *** دَمعِي فصيحٌ فوقَ كلِ بيانِ
كيفَ السبيلُ ولا أفارقُ طَيفهُ *** طيفٌ يلازمُ وَمضَةَ الأجفانِ
ما زالتُ أسمعُ في الفؤادَ كلامُهُ *** كالطيرِ يُنشِدُ رائقَ الألحانِ
إني أراهُ مغرداً ونِدِائهُ *** أماهُ جاءكِ فارسُ الفُرسانِ
وأراه يوما ساجداً ودُعَائهُ *** رباهُ إنكَ واسِعُ الغُفرانِ
يبكي ويسألُ ربَهُ مَرضاتهُ *** دمعاً يَسيلُ لخشيةِ الرَحمنِ
افديهِ دَمعاً إن تحدر ريحهُ *** عبقً يضوعُ َكطيِّبِ الريحانِ
وإذا تحدرَ في الخدودِ حَسِبتُهُ *** دُراً تَناثرَ في سما الإيمان ِ
يشتاقُ قَلبي ريحِهُ ولقاءهُ *** شوق الغريبِ لِرُؤيَةِ الأوطانِ
رَسَمَ الفُؤادُ خَياله فكأنه *** بدرٌ يُزَيِّنُ هامة َالأكوانِ
قَد قُمتَ تكتبُ بالدماءِ قصيدةً *** للسائرينَ على مَدى الأزمانِ
قَد قُمتَ ترسمُ بالعزيمةِ لوحةً *** تُسقَى بِقَلبِكَ يا فَتَى الفِتيَانِ
عِفّتَ الترابَ وعِيشَةَ منقوصةً *** واشتاقَ قَلبُكَ عِيشةَ الرضوَانِ
فَرَسَمتَ دَربكَ للخلودِ مردداَ *** والكونُ يَسمَعُ آيةَ القرآنِ
أني اشتريتُ فأيكم قَد باعها *** لن يَخشى عَبدِيَ ضَيعَةَ الخُسرانِ
قد بعتَ رُوحَكِ للإله رَخيصةً *** لِنَجاةِ يَومٍ, في ربى الأكفانِ
رباهُ إنكَ سَامعٌ لكلامِنا *** يَدعوكَ عَبدٌ بالغُ الإذعانِ
عَبدٌ تَعَاظَمَ بالفِراق مُصابُهُ *** فامنُن عَليهِ بِنِعمَةِ السِلوانِ
رباهُ واجعَل في الجِنانِ مكانهُ *** واحفظهُ رَبي مِن لَظَى النِيرانِ
فَسَمِعِتُ صَوتاً في الفضاءِ كأنهُ *** شهدٌ تَلَذُ سَمَاعَهُ آذاني
صوتٌ تَجَلجَلَ في السماء مبدداً *** سحُبَ الظلامِ وغَيمةَ الأحزانِ
أماهُ حسبكُ فالدموعُ ثمينةٌ *** فَعلامَ دمعكِ دائمُ الجريانِ
أماهُ إني باسمٌ ومُقَلَّدٌ *** عِقدَ الكرامةِ من رِضَا الرَحمنِ
ما مِتُ يوماً فالشهيدُ مكانهُ *** بينَ القُصُورِ وخالصُ العِقيانِ
إن سالَ دَمعِكِ للفِراقِ فَليتهُ *** فَرَحَاً تَحَدَرَ فالجِنانُ مَكاني
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد