بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وحربا على الكافرين، وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن من أكثر من يحارب الإسلام رعاع من بني قومنا تحت شعارات مختلفة، ولكنها تتفق على هدم الإسلام، فهم تارة يسمون أنفسهم تقدميين، وتارة يدعون أنهم أحرار تنويريون تبعيون، وحينا آخر يدخلون من باب حرية الفكر والاجتهاد، ليعملوا على تفتيت المسلمين وتشكيكهم في دينهم وتنفيرهم من عقيدتهم، وقد حصر الله العداوة الكاملة للمسلمين في هذا النوع من المنافقين: {الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفوَاهِهِم وَلَم تُؤمِن قُلُوبُهُم} [(41) سورة المائدة]، وقال - عز وجل -: {وَإِذَا رَأَيتَهُم تُعجِبُكَ أَجسَامُهُم وَإِن يَقُولُوا تَسمَع لِقَولِهِم كَأَنَّهُم خُشُبٌ مٌّسَنَّدَةٌ يَحسَبُونَ كُلَّ صَيحَةٍ, عَلَيهِم هُمُ العَدُوٌّ فَاحذَرهُم قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤفَكُونَ} [(4) سورة المنافقون].
وقد انتشر شر المنافقين من العلمانيين العرب في طول الوطن الإسلامي وعرضه، حتى عمت بهم البلوى وعظمت بهم الفتنة، يبثون سمومهم ويعلنون خفايا مروقهم، ويجاهرون برِدَّتهم ويَدعُون الناس إلى كفرهم وإلحادهم، وصدق النبي المصطفي محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - حين سأله حذيفة بقوله: كنا في جاهلية وشر فأتانا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (نعم وفيه دخن) قال وما دخنه؟ قال: " قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر" قال: وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها" قال: صفهم لنا يا رسول الله، قال: " من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا..." الحديث في الصحيحين وغيرهما.
أقول: هل بعد هذا البيان الشافي من كتاب الله - سبحانه وتعالى - من بيان وتفسير؟! ففي آية "المنافقون" حصر العداوة الكاملة فيهم حين قال: {هم العدو} ثم حذر المسلمين من غدرهم وتربصهم فقال: {فاحذروهم} ثم أعقب ذلك بطردهم من رحمته فقال: {قاتلهم الله} وفي حديث حذيفة بين حالهم وأنهم: " دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها" وهم من جنسنا ويتكلمون بألسنتنا" من بني عمومتنا إلا أنهم دعاة إلى أبواب جهنم إلى الهاوية، إلى الزور والباطل، من تبعهم في باطلهم حشر معهم، وبُعث معهم وصبغ بصبغتهم. إن هؤلاء الملاحدة أنكروا رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وزعموا ـ قبحهم الله ـ أن مع الله آلهة تعبد في السماء والأرض ذكرانا وإناثاً؟ واتهموا الصحابة رضوان الله عليهم بالدعارة والفسق والفجور! وزعموا كذباً وزوراً وبهتاناً أن الإسلام ليس فيه عقوبة للمرتدين! وليس في الإسلام شيء أسمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! ولبسوا سيف الله المسلول خالد بن الوليد - رضي الله عنه - بجريمة الزنا! واتهموا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر - رضي الله عنه - بالمداهنة حيث لم يقم الحد على خالد! إلى غير ذلك مما فصلته في موضعه من هذه الرسالة " رسالة حرية الفكر أم حرية الكفر" إن تلك الخواطر الشاذة، وفكر التبعية المستورد من مدارس التغريب الغربي والشرقي، وأفكار الشعوبية المنحلة الوافدة على بلاد المسلمين بواسطة الابتعاث، لم يستطع أن يصرح بها أساتذة العلمانيين من أحبار اليهود وقساوسة النصارى، حتى خدمهم في التصريح بها على نطاق واسع تلامذتهم وأذنابهم وعملائهم من العرب المهتدين بهديهم، والسائرين في فلكهم وحسب مخططهم.
من مقدمة رسالة: " حرية الفكر أم حرية الكفر" لفضيلة الشيخ: عبدالعزيز بن سعيد الزهراني.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد