كتاب الله مستهدف من قوى شتى أيقنت أنه معجزة الإسلام الخالدة ودرعه الحصينة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 "الفرقان الحق" طعن في القرآن وتضليل لعامة المسلمين

أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف قراراً بالإجماع، يطالب فيه جميع الدول الإسلامية والعربية، بمنع تداول كتاب "الفرقان الحق" قام بتأليفه قس عربي لما فيه من طعن في القرآن، وتضليل للعامة من المسلمين، حيث وضعوا أسماء للفصول باسم سور القرآن، إمعاناً في تضليل القارئ.. وأضافت جريدة "المدينة" السعودية، في عدد يوم الأحد 8 ربيع الأول 1426ه الموافق 17 أبريل 2005م: "لولا يقظة الأزهر والأجهزة الأمنية لأغرقونا بآلاف النسخ من هذا الكتاب الباطل".

 

إن كتاب الله مستهدف من قوى شتى، وما ذلك إلا لأن القوم قد تيقنوا أنه هو عماد هذا الدين، وكما قال وزير المستعمرات البريطاني "جلادستون" في مجلس عمومهم: "لن نستقر في بلاد المسلمين ما دام هذا الكتاب (يعني القرآن العظيم) بين أيديهم".

ونحن على يقين بأن الكتاب محفوظ بحفظ الله القائل: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (9) (الحجر)

ولكن هل نكتفي بهذا الوعد دون أن نبذل الغالي؟! إن الدفاع عن كتاب الله يجب أن يبذل فيه الغالي والنفيس، ونعطيه من أنفسنا، وأوقاتنا، وفكرنا، ما استطعنا.

وإني أهتبل هذه الفرصة من منبر مجلة المجتمع لأقترح على جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية، تبني مؤتمر، على المستوى المحلي والعربي والإسلامي لطرح الطرق، والوسائل والأساليب العاجلة، وتلك طويلة الأمد، لمحاربة مثل هذه الهجمات، التي لا تمل ولا تكل للقضاء على كتاب الله العزيز، والمتوقع من هذا المؤتمر أن يدرس الوسائل والطرق التي استخدمها هؤلاء المخربون قديماً وحديثاً، حتى لا نكون دائماً في موقف ردود الأفعال، بل نستبق ونحصن أنفسنا، وأهلينا، وبلادنا ضد هذا الغزو الآثم لديننا وعقيدتنا.

 

القرآن.. مأدبة الله للمسلمين جميعاً

ولا يفوتني في هذا الموضع أن أحذر من الآراء التي ترتدي لباس النصح والابتكار، في طرق التعامل مع القرآن العظيم، حتى إنها لتخدع العاملين في الحقل الإسلامي، فلا يأبهون بها، بل ربما وقفوا حجر عثرة أمام من ينبري للدفاع عن الكتاب الكريم، تحت دعاوى شتى، فمنهم: من شرح طريقة جديدة، في زعمه، للتعامل مع القرآن، ولكنه -شعر أو لم يشعر- يقلل من أمر قراءة القرآن وتلاوته، إذا ما قورنت التلاوة بغيرها من الأحوال مع القرآن: من تدبر، وفهم للمعاني. ويوشك أن يضع من شأن التلاوة والقراءة بإصرار وتعمد.

وسوف نبين خطأ ما يذهبون إليه، ومن يحاولون الإصلاح وإرشاد المسلمين إلى حسن التعامل مع كتاب الله، بالانتقاص من قيمة القراءة والحفظ، فيسيئون من حيث أرادوا الخير، فلسنا نسيء الظن بأحد.

ومنهم من أراد ترك حفظ القرآن، والاكتفاء بالوسائل الحديثة في حفظ كتاب الله، بدلاً من قلوب المؤمنين وأولي العلم، فبدلاً من حمل كتاب الله في الصدور، يحمل على الأقراص المدمجة CD، وعلى الحاسبات الالكترونية، والأشرطة وغيرها. إن واقع أهل الكتاب المعاصرين أثبت فشل تلك الوسائل، على عظمتها، فهي لم تحل دون تدليس رجال دينهم وتزويرهم وتحريفهم، ويكفي في ذلك محاورة العلامة أحمد ديدات مع القس سويجارت.

إن الحقيقة التي غفل عنها الإخوة أصحاب هذه الآراء المنقوصة أن القرآن مأدبة الله، فيه خيرات كثيرات، فيه:

1 - القراءة والتلاوة.

2 - وفيه الحفظ والاستظهار.

3 - وفيه التدبر في المواعظ والآيات.

4 - وفيه الغوص في المعاني والعبارات.

5 ­- وفيه المعجزات البينات في البيان والصياغة واختيار الكلمات.

6 - وفيه القدرة على التغيير.

7- وفيه المعجزات العلمية في خلق الإنسان والكون.

8 - وفيه المعجزات في علوم الفلك وعلوم النفس والتاريخ.

9 - كل هذا وأكثر في القرآن.

فإن تتعجب فعجب قولهم إنه يجب عليك أن تتمسك بواحدة من هذه الأشياء والآيات. ويقارنون بين سبيل وسبيل من سبل القرآن، ويستشهدون بآيات وآيات، ولو تدبروا القول، لوجدوا لكل من هذه المناحي دليلاً من كتاب الله.

وهذا هو المنزلق الخطير، ولو أنهم قالوا:

1 - للمقصر في التلاوة: عليك بتلاوة كتاب الله حتى تقرأه كله في شهر ولا تقرأه في أقل من ثلاثة أيام، كما ورد في الحديث.

2 - وقالوا للذين يقرؤون ولا يتدبرون: تدبروا في آيات الكتاب حين تقرؤون، فإذا لم تستطيعوا التدبر، فاستعينوا بكلام العلماء في تدبر الآيات البينات.

3 - وقالوا للذين لا يفهمون معاني بعض الآيات: اجعلوا لكم ورداً مع التفسير كما لكم ورد في القراءة.

4 - وقالوا للذي لا يتأثر بالآيات ولا يبكي، تباك وردِّد الآيات المؤثرات في القلوب.

5 - وقالوا لمن يدعو الله بكلمات من عند نفسه: ادع بالدعاء المأثور وبالدعاء من القرآن فإنه أسمع.

وهكذا، إذا لوحظ نقص عند جماعة من المسلمين لُفت انتباهم إلى هذا النقص دون لمز للجوانب الأخرى من القرآن، فكتاب الله مائدة تتسع لكل ذلك، ولا يقبل التقليل من شأن أي جزء منها.

وقال: إن واقع المسلمين الغثائي، نشأ لأننا نقرأ القرآن على غير الطريقة التي يراد لها"، بينما نص حديث رسول الله {أشار إلى السبب "حب الدنيا وكراهية الموت" ونحن في واقعنا الآن نرى محبة الموت قد داعبت المسلمين في كل مكان.

أما الذين يقولون بأن المطلب هو عدد الحسنات فقط، ولا عبرة للأوامر الشرعية التي تحدد الفروض التي افترضها الله على عباده، فهل نترك الأعمال كلها ونذهب للسوق تاركين الصلاة والزكاة، لأن تلاوة ذكر معين ثوابه أكبر!! وقد ثبت أن حديث الذكر في السوق ضعيف (انظر الأحاديث المختارة ج1-ص297).

إن الإسلام علمنا أن هناك أوقاتاً تحرم فيها الصلاة، وأماكن يحرم فيها الذكر، ولحظات ترديد الأذان فيها أولى من الصلاة، إن اعتساف الأمر بهذا الأسلوب يضر ولا ينفع ولا يخدم القرآن ولا قارئيه.

لقد عهدنا من علمائنا الأفاضل، الحذر الشديد عند الحديث عن العلة والمقصود من أوامر الله ورسوله {فيقولون: "ومن مقاصد الصلاة" أو يقولون: "والذي نراه أن بعض المراد من هذا العمل هو.. " ولايجزمون إلا في الأعمال التي فيها نص صريح واضح مثل قوله - تعالى -عن الصيام لعلكم تتقون. فما الدليل على هذه النصوص الجازمة في قول بعضهم:

1 - المعنى هو المقصود.

2 - قيمة القرآن وبركته الحقيقية تكمن في معانيه.

3-  لا بديل عن التدبر.

4 - ثم يناقضون قولهم السابق، فيقولون: فتدبر القرآن.. ليس غاية في حد ذاته!!

5 - إعجازه الأعظم في قدرته على التغيير.

 

آثار القرآن واضحة

ثم يبدؤون في جلد الذات والحط من شأن الصحوة، فيقولون: "مع وجود عشرات بل مئات الآلاف من الحفاظ.. إلا أن الأمة لم تجن ثماراً حقيقية لهذا الاهتمام بالقرآن".

وهذا كلام يناقض الواقع، إننا نرى أثر هذا الإقبال على القرآن في هذا الشباب الذي ترك الدنيا ولم يخف الموت، وأسرع إلى الجهاد في سبيل الله متى أمكنه ذلك، ومتى استطاعه، ونرى ذلك في طاعة النساء لله وتركهن السفور والتبرج، واهتمام الناس بالصلاة، فأنت ترى الآن المساجد وقد ضاقت بالمصلين، ورأيت الحجاج والمعتمرين وقد ضاقت بهم ساحات الحرمين الشريفين، والمسارعة في الصدقات والزكاة، كلها آثار من آثار قراءة كتاب الله وتلاوته وتدبره وفهم مراميه، بما لم يكن نراه فقط قبل عقدين من الزمان.

ويخترعون لنا قاعدة جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، وأسموها "لأننا لا نوفر للقرآن الشروط التي يحتاجها لتظهر معجزته".

وحاش للقرآن أن يحتاج منا شروطاً لتظهر معجزاته، إن القرآن قائم بذاته، يظهر معجزاته دون شروط منا، ولا يستطيع أحد أن يوقف معجزة القرآن كما يدعون. ويقولون أن نجعل المعنى هو المقصود، فينصرف القارئ عن ورده اليومي في القراءة إلى كتب التفسير، فإذا كان قائماً بالليل، ترك صلاته وذهب إلى المكتبة واستخرج كتاب التفسير ليفهم المعنى، فالبعض عندما يشرع في تدبر القرآن، يقف متمعناً عند كل لفظة فيه، مما يجعل التدبر عملية شاقة عليه، ويقترحون لحل هذه المعضلة حلاً سخيفاً لم نسمعه في الأولين ولا في الآخرين، ولا من رسول الله {ولا الصحابة أجمعين، ألا وهو: عندما نمر ببعض الألفاظ التي لا نعرف معناها، علينا أن نتعرف المعنى من السياق، كمن يقرأ مقالاً باللغة الإنجليزية مثلاً ولا يعرف معنى بعض الكلمات فإنه يفهم المعنى الإجمالي من السياق.

لذا يلزم علينا تبعاً لطريقتهم غير المثلى، أن نعلم المسلمين جميعاً اللغة الإنجليزية حتى يتعلموا كيف يفهمون معنى الآيات على طريقة الإجمال لا التفصيل!!

وهنا مصيبتان: إحداهما أن المعنى العام الذي أرادوا، تحول إلى معرفة للكلمات، والثانية التي لم يدلنا على كيفية حلها في اللغة الإنجليزية حتى نتبعها في القرآن، ألا وهيº إذا تتالت الكلمات غير المعروفة!! مثال ذلك.

( والعاديات ضبحا (1) فالموريات قدحا (2) فالمغيرات صبحا (3) فأثرن به نقعا (4) فوسطن به جمعا ) (5)(العاديات)

القرآن كلام الله - سبحانه وتعالى - يخاطب الإنسان المؤمن، كلاًّ بلا تقسيم ولا تجزئة، فليس فيه آيات تخاطب القلب فقط، وآيات تخاطب العقل فقط، وآيات إذا تم ترديدها زادت الإيمان، الإيمان ليس العواطف والمشاعر، فتعريف رسول الله {له، حين سئل عن الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خير وشره..قال:صدقت" رواه مسلم عن عمر بن الخطاب}، بل إن القرآن نفسه قد أطلق الإيمان على العمل، أي الصلاة (انظر تفسير: القرطبي، وابن كثير، والطبري، والجلالين).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply