مواجهة حملات التنصير بـ استراتيجية موحدة للدعوة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

* إلى أي مدى وصلت مساحات التنصير في القارة السوداء?

* وما حدود إمكانيات المؤسسات الإسلامية في الوقوف أمام موجات التنصير?

* وكيف يمكن إيجاد حائط صد أمام الزحف التنصيري?

حول هذه المحاور كانت ندوة ( عكاظ ) التي عقدت بجوار المسجد الحرام لاستشراف ملامح المخطط التنصيري في قارة أفريقيا.

* عكاظ: كيف يمكن بداية رصد ملامح العمل التنصيري - وتحديداً في أفريقيا - وبالذات في هذه المرحلة؟

** فاضل:

ربما تكون القارة الأفريقية أكثر القارات التي تتركز فيها قوى التنصير، ولعل مما ساعد على نجاح الكنيسة في تنفيذ مخططاتها كون أن كثيراً من دول القارة استعمرت لسنين طويلة، واتساع مساحات الجهل والفقر، وضعف إمكانيات العمل الإسلامي بجميع مجالاته إذا ما قورن بحجم الإنفاق التنصيري، ولقد كشفت تقارير تنصيرية أن حجم الكتب التنصيرية تجاوز 44 مليون عنوان وزعت بـ(362) لغة، فيما يصدر نحو 900 ألف كتاب سنوياً، كما أن قوى التنصير تملك 11 ألف محطة إذاعة وتلفزيون، و7,5 ملايين منصر، و255 دورية وكتاباً، فيما رصد لمخططات التنصير حتى عام 2025م 870 مليار دولار، وقد وزعت 1,9 مليار نسخة من الإنجيل، وبلغ عدد الكتب التي تتحدث عن المسيح كمحور رئيسي في مكتبات العالم 65.571 كتاباً منها: 53.094 كتاباً يظهر اسم المسيح على العنوان.

وحسب تقارير موثوقة فإن حجم ما أنفق لأغراض الكنيسة عام 2000م 200 مليون دولار، وبلغ دخل الكنائس 100 بليون دولار، كما بلغ دخل المؤسسات الموازية للكنيسة والإرساليات الأجنبية 132 مليون دولار.

وقد بلغ إجمالي عدد المستمعين أو المشاهدين شهرياً 2,150,000,000 عبر 4,000 إذاعة وقناة تلفزيونية، وقدرت ساعات التنصير بـ(480) بليوناً، وقد استغلت الكنيسة أساليب متعددة للتنصير إضافة إلى استغلال الفقر والجهل والتعليم، وقامت حديثاً بالتنصير عبر المراسلة وهو من الأساليب التي تفوقت فيها الكنيسة للوصول إلى أهدافها.

 

** الشيخ أبوبكر:

تعبر الجمعيات التبشيرية عن آليات منبثقة عن الاسقفيات، والأجسام الكنسية العالمية، تقوم بنشر المسيحية والدفاع عنها، ومهمتها الأساسية نشر مبادئ المسيحية، وتدريب القسس، ومدهم بعلوم اللاهوت، والهجوم على الديانات المنافسة الذي قد يأخذ الطابع المباشر الذي يعني محاولات تغير معتقدات أتباعها من خلال تشويهها، وقد يأخذ الطابع غير المباشر، وكلا الطابعين تستخدمهما الجمعيات التبشيرية ضد الإسلام، ويتجسد الطابع المباشر في مشروع تنصير المسلمين في أفريقيا الذي طرحته الهيئات والمؤسسات الكنسية عام 1959م، وتأسست دعائم هذا المشروع رسمياً بواسطة ممثلين من جميع الكنائس العاملة في أفريقيا باعتبارها أكثر القارات التي تحتوي على نسبة عالية من المسلمين 40%، وقد تداعت هذه الجمعيات التبشيرية لمؤتمر جامع في ابادان بنيجيريا، وقد تلخصت وقائع الاجتماع في أن تتفهم كل كنيسة واقع المجتمع العاملة فيه، وأن تنشر كل كنيسة بشارة المسيح في هذا المجتمع عن طريق التأثير في المناهج والبحوث العلمية التي تنشر، ولتحقيق هذه الأهداف كونت لجنة تسمى بلجنة الارتباط الأوروبية، وقد ركزت على أهمية استخدام أصابع محلية في هذا المشروع من المسيحيين والعلمانيين في البلاد الإسلامية، ثم اتبعت ذلك بقيام مجلس مشروع الإسلام في أفريقيا ومقره نيروبي لتنسيق جهود هذه اللجان، ثم اتبع ذلك بمراكز بحوث لدراسة الإسلام، وقد وجهت اللجنة بتنظيم حلقات دراسية وسمنارات للمسيحيين عن كيفية التداخل مع المسلمين، وتعريف المسيحية لهم، وتشجيع كافة المسيحيين الذين يستوطنون المجتمعات الإسلامية، مع أهمية نشر الدراسات المسيحية عن الإسلام، وتوفير الاستشارات والفتاوى الخاصة بموضوع العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، وتشجيع الحوار حول الأديان والتعايش السلمي بينها، ولعل أشهر القبائل الإسلامية التي وقعت تحت تهديد هذا المشروع هي قبائل الفولاني الأفريقية، والمساليت في جنوب تشاد.

وعموماً فإن هذه المنظمات التبشيرية تستخدم الكنائس في العالم الإسلامي نقاطاً لها وآليات تستخدمها في الهجمات التي تشنها على الإسلام، وتقصر هذه الجمعيات هجماتها على العقائد الدينية الإسلامية، وتصوب سهامها نحو جوهر المسألة الدينية والعقائد الفسلفية اللاهوتية، ويتركز عملها في المناهج المدرسية، ولكنها تترك مهمة إنشاء المدارس للجمعيات الطوعية، وتدعم المؤسسات والبرامج البحثية الموجهة، كما أنها تترك مهمة بناء المؤسسات البحثية لجهات أخرى حكومية.

 

* عكاظ: ولكن كيف يمكن إعداد صياغة كاملة للدعوة والحوار?

** الشيخ ليمو:

يجب على الداعية المهتم بفتح حوار ديني مع أي مثقف نصراني أن يقيم علاقة تواصل ودية معه أولاً حول بعض القضايا غير الدينية، ومن المهم جداً أن يعي الداعية بصورة معقولة مبادئ الإسلام وتعاليمه وطريقة ممارستها، وبعبارة أخرى ليس كافياً أن يكون الإنسان خبيراً في كيفية أداء الشعائر الإسلامية دون أن يحسن التصرف في كل شيء يفعله في حياته، ودون أن يعي الغاية منها والمتمثلة في مخافة الله – تعالى -.

 

** الشيخ أبوبكر:

 يجب أن يكون معلوماً لدى الدعاة طبيعة الإسلام، وحقيقة كونه ديناً عالمياً منزلاً من عند الله - تعالى - لكافة البشر في كل الأوقات، بجانب ضرورة أن تدعم تلك المعرفة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويمكن أن يشار إلى بعض حقائق الحياة في العالم المعاصر لدعم الحجيج التي تؤيد غايات الإسلام بما يجعل الداعية فاعلاً في حواره مع غير المسلمين، الأمر الذي يحتم على الداعية الإلمام بقدر واسع من المعلومات عن الإسلام وطرق الحياة في العالم المعاصر، ومن الأسس التي ينبغي للداعية الوقوف عليها أثناء الحوار هو إقرار وتسليم المؤرخين - مسلمين كانوا أم غير مسلمين - بصحة القرآن، وحفظ نصه، وتميز القرآن بجمال الألفاظ، والصحة والشمولية، وإشارته إلى بعض الحقائق العلمية التي لم تعرف أو تكشف للناس إلا مؤخراً، وأن الإسلام ليس ديناً جديداً لكنه دين أنبياء الله يوجب احترام كل الرسل والأنبياء، وانه لا رهبانية في الإسلام، وأن الناس سواسية، وأن الإسلام أقدر من الأديان الأخرى على حل مشكلات الأفراد والمجتمعات، وأنه لا يؤيد الاعتقاد الأعمى، وهو دين التوسط والإخاء.

 

* عكاظ: من خلال التجربة والمعايشة ماذا عن أفضل الطرق لدعوة النصارى بجميع طبقاتهم? وهل أساليب الدعوة الإسلامية المتبعة اليوم قادرة على التأثير أم أننا بحاجة إلى أساليب جديدة?

** الشيخ ليمو:

ينبغي التأكيد على أن هناك أساليب لدعوة النصارى المثقفين وغير المثقفين.

فبالنسبة للمثقفين ينبغي للداعية المسلم المؤهل والمعد أن يؤجل مناقشة القضايا الدينية إلى أن يرى أن الوقت أضحى مناسباً لفتح حوار ذي معنى، ويجب عليه أن يطرح عليهم بعض الأسئلة التي يرمي من خلالها إلى التعرف على ما لديهم من افتراضات.

كما يجب أن يتعرف على معتقد كل إنسان من خلال طرح الأسئلة التالية: ماذا تعني بذلك الأمر? من أين أتيت بهذه المعلومات? كيف عرفت أن هذا الأمر صحيح? ماذا سيحدث إذا عرفت أنك على موقف خاطئ? إن أهم تأثير لهذه الأسئلة هو دفع النصراني المثقف إلى فحص معتقداته، وبتلك الطريقة ربما ينجح الداعية على الأقل في زرع الشك في عقل من يخاطب من النصارى، ومن المفيد دعم الحجج بالاقتباسات أو الشواهد، ويفضل أن تكون محفوظة غيباً، وفيما يتعلق بطريقة دعوة النصارى غير المثقفين فإن نجاحه في المناقشات مع المثقفين ستقوده - بإذن الله - إلى كسب اهتمام غير المثقفين الذين عادة ما يكونون في النصرانية محبين لاستماع الحوارات، وإنه من المعلوم أن يتحاشى القساوسة ولا سيما الذين يعيشون وسط أتباع غير المثقفين في الريف، ومواصلة النقاش المفتوح مع الدعاة المسلمين إذا اتضح لهم أن الدعاة بدأوا يتغلبون عليهم في الحوار.

وفي بعض البلدان الأفريقية مثل نيجيريا فإن القساوسة لا يتحاشون المناقشة فحسبº بل يدبرون الخطط ضد الداعية الناجح لسحبه من ميدان الدعوة، أو الضغط عليه من قبل السلطات السياسية أو الإقليمية.

 

** فاضل:

على الداعية أن يتحاشى استخدام الألفاظ السيئة مع غير المسلمين عموماً وقادتهم، بجانب عدم الإساءة إلى ما يعبدونه، مع أهمية انضباط الداعية في سلوكه لأن مثاليته طريق مضيء، ولإقناع العامةـ وهذا يعتبر نوعاً من أنواع الدعوة إلى الله، وعليه الالتزام بمفهوم الحكمة الواسع الذي يشمل على المهارة والحلم وسعة الصدر، وأن يتحلى بالصبر على المكارة، والمثابرة على ضبط النفس، وعدم استعجال النتائج.

 

** أبوبكر:

من المهم جداً إيجاد مراكز مبسطة لتدريب الدعاة تكون داخل كل دولة لقطع دابر السفر والترحال، وزيادة النفقات، والاهتمام بالتنقية الحديثة، وتحسين رعاية حديثي العهد بالإسلام، وتوظيف شبكة المعلومات، وتوفير الكتب والرسائل التي ينبغي أن تكون بلغة سهلة ومفهومة، وطرق أبواب التمويل الفاعل للدعوة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply