ابشر أيها المريض

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :

فإلى من شاء الله ابتلاءهم بالشدائد والكروب..

وإلى من أراد تمحيصهم بالأسقام علام الغيوب..

فذاك مريض فقد صحته..

وآخر حار في معرفة سقمه وفهم علته..

وثالث خارت قواه وزالت بشاشته..

وهم - مع ذلك - ذاكرون شاكرون، وصابرون محتسبون.. تأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل } رواه البخاري .

وهكذا.. من عرف حقيقة الدنيا زهد فيها.. ومن زهد فيها هانت عليه أكدارها ومصائبها..

الوقفة الثانية.. البلاء عنوان المحبة..

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {  يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا، قال صلى الله عليه وسلم: أجل، إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم ) متفق عليه وسأله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أي الناس أشد بلاء؟ قال صلى الله عليه وسلم: { ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فمـا سواه إلا حط الله به من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها } رواه مسلم .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {  ما نزل بلاء إلا بذنب ولارفع إلا بتوبة"..

وإن لم يكتب لك من مرضك شفاء، فنعم يختم العمر به توبه صادقة..

الوقفة الثامنة.. لكل داء دواء..

من رحمة الله تعالى أن المرض مهما بلغ من الشدة والعناء، وشاء الله للعبد الشفاء، يسر له دواء ناجحاً، وعلاجا نافعاً..

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {  ووضع سفيان بن عيينة -"} متفق عليه ، وعنها رضي الله عنها: {" } متفق عليه .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { " }  رواه مسلم .

ومنها... الد عاء..

أما خطر ببالك أنه سبحانه ابتلاك بهذا المرض ليسمع صوتك وأنت تدعوه، ويرى تضرعك وأنت ترجوه..

ومنها.. ا لاستعانة بالصلاة..

ومنها.. الإكثار من الصدقة..

" } صحيح الجامع

كالعسل والحبة السوداء وماء زمزم والحجامة...

الوقفة التاسعة.. احذر مزالق الشيطان..

فاحذر - رعاك الله - من مزالقه.. ومنها:

إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام } رواه أبو داود.

من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بهـا أنزل على محمد } رراه أحمد والحاكم .

الوقفة العاشرة.. من أحكام المرضى..

- يجب على المريض أن يتطهر بالماء بأن يتوضأ من الحدث الأصغر، ويغتسل من الحدث الأكبر، فإن لم يستطع ذلك لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه تيمم، وذلك بأن يضرب بيده على تراب طاهر له غبار ضربة واحدة، ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه، وكفيه براحتيه.

- إن كان لا يقدر على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم. فإن كان لا يستطيع التيمم يممه غيره.

- إن تلوث بدنه أو ملابسه او فراشه بالنجاسة ولم يستطع إزالتها أو التطهر منها، جاز له الصلاة على حالته التي هو عليها ولا إعادة عليه.

- من به جروح أو حروق أو كسر او مرض يضره استعمال الماء فأجنب جار له التيمم، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك، وتيمم للباقي.

وله أن يفعل في الوقت ما تيسر من صلاة وقراءة في مصحف حتى يخرج الوقت فإذا خرج الوقت وجب عليه أن يعيد الوضوء، أو تيمم إن كان لا يستطيع الوضوء.

- يبطل التيمم بكل ما يبطل الوضوء وبالقدرة على استعمال الماء أو وجوده إن كان معدوما.. والله أعلم.

- أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا صلى على جنبه مستقبلا القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا.

- إن كان بعينه مرض، فقال ثقات من الأطباء: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا، فله أن يصلي مستلقيا.

- إن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، وإن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع، فمتى أراد الركوع زاد في إنحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر من الركع ما أمكنه ذلك.

- متى قدر المريض قي أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه، من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء، انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلانه.

- لا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، بل يحرص عليها أيام مرضه أكثرمن أيام صحته، فلا يجور له نرك الصلاة المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته، فإذا تركها عامدا وهو عاقل مكلف يقوى على أدائها أو إيماء بها فهوآثم. وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك.. وهو الصحيح.

الصيام..

- إذا كان لا يمكنه القضاء لكون مرضه مما لا يرجى برؤه أطعم عن كل يوم مسكينا. أما إن كان يمكنه القضاء فيصوم بعدد الأيام التي أفطرها بسبب المرض.

- يفسد صومه- على الراجح- بالحجامة ونحوها، فأما خروج الدم بنفسه كالرعاف أو خروجه بقلع سن ونحوه فلا يفطر.

- يجوز للصائم قلع ضرسه أو مداواة جرحه، والتقطير في عينه أو أذنيه، أو أن يبخ في فمه ما يخفف عنه ضيق التنفس، ولا يفطر بذلك.. والله أعلم.

شفى الله سقمك، وعظم أجرك، وكفر ذنبك، ورزقك العافية في دينك وبدنك..