الرحمة والرفق


بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

الرحمة:

رقة القلب تستلزم التفضّل والإحسان. والرحمة التامة هي إفاضة الخير على المحتاجين وإرادته لهم عنايته بهم، والرحمة من الله إنعام و افضال، ومن الآدميين رقة وتعطف.

الرفق:

لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل ما لم يكن مكروهاً أو حراماً، وهو خلاف العنف وسبب كل خير.

والرحمة والرفق من سمات المؤمن التي زيّن الإسلام بها حياته.

قال تعالى:

1 ـ (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران : 8 )

2 ـ (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة : 71 )

3 ـ (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة : 128 )

4 ـ (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (الإسراء : 24 )

5 ـ (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ( الزمر : 53 ) .

6 ـ (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ …) (الفتح 29 ) .

من أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم:

1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي". وفي رواية: "غلبت غضبي". وفي رواية أخرى: "سبقت غضبي". (متفق عليه).

2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه". (متفق عليه).

3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن الحابس، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: "من لا يرحم لا يرحم". (متفق عليه).

4 ـ عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يرحمه الله". (متفق عليه).

5 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". (متفق عليه).

من أقوال السلف:

1 ـ قال عمرة بن العاص رضي الله عنه لابنه: ما الرفق؟ قال: تكون ذا أناة فتلاين الولاة.

2 ـ قال الحسن رحمه الله: المؤمن وقاف متأن وليس كحاطب ليل.

3 ـ قال وهب بن منبه رحمه الله: الرفق ثني الحلم.

4 ـ قال سفيان رحمه الله: الرفق أن تضع الأمور في مواضعها.

5 ـ قال بعضهم: ما أحسن الإيمان يزينه العلم، وما أحسن العلم يزينه العمل، وما أحسن العمل يزينه الرفق، وما أضيف شيء إلى شيء مثل حلم إلى علم.

القصة:

1 ـ قال ابن مسعود رضي الله عنه : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها".

ورأى أيضاً قرية قد حرقناها فقال: "من حرق هذا؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار".

2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له" قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال عليه السلام: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجر".

3 ـ خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة قاصداً بيت المقدس ومعه راحلة واحدة وغلام، فلما صار في ظاهر المدينة قال لغلامه: نحن اثنان والراحلة واحدة، فإن ركبتُ أنا ومشيت أنت ظلمتُك، وإن ركبت أنت ومشيتُ أنا ظلمتني، وإن ركبنا الاثنان، قصمنا ظهرها، فلنقسم الطريق مثالثة، وأخذ عمر رضي الله عنه يركب مرحلة، ويقود مرحلة، وتمشي الراحلة أمامهما.

4 ـ مرّ ابن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا عمر تفرقوا، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً.

5 ـ يروي المؤرخون أن عمرو بن العاص رضي الله عنه في فتح مصر نزلت حمامة بفسطاطه (أي خيمته)، فاتخذت من أعلاه عشاً، وحين أراد عمرو الرحيل رآها، فلم يشأ أن يهيجها بتقويض، فتركه، وتكاثر العمران من حوله، فكانت مدينة الفسطاط.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين...

 

 

 

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply