فوائد من كتاب الإتصال والإنقطاع للشيخ إبراهيم اللاحم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

هذه فوائد من كتاب "الإتصال والإنقطاع" للشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله مع بعض التحرير اليسير مني وكنت قد كتبتها في منتديات صناعة الحديث للشيخ علي الصياح حفظه الله منذ عدة سنوات وأحببت أن أعيد نشرها هنا في هذا المنتدى المبارك لعل الله أن ينفع بها .

فوائد الصفحات من (1 إلى 60) :

1-              صيغ أداء الراوي للحديث تنقسم إلي صريحة الإتصال مثال: حدثنا, سمعت, أخبرنا وصيغ محتملة للإتصال والإنقطاع مثل: عن, ذكر, قال .

2-              صيغ الأداء الصريحة في الإتصال في بعض الأحيان لا تفيد الإتصال لأربع أسباب محتملة :

أ- أن يكون المصرح بها كذاب .

ب- أن يكون هناك خطأ من بعض الرواة في الإسناد فيستبدل صيغة أداء لا تفيد الإتصال بأخري تفيده .

ج – أن يقول الراوي: (حدثنا فلان) أو (خطبنا فلان) وهو يقصد أهل بلده .

د – أن يكون هناك خطأ من بعض النساخ أو خطأ مطبعي ويكثر ذلك في الكتب غير المشهورة مثل كتب الفوائد وكتب الغرائب .

3-              صيغة (عن) ليست صيغة أداء إنما هي بدل عن صيغ الأداء .

4-              صيغة (عن) قد تكون :

أ- من تعبير الراوي نفسه فمثلا يقول الأعمش ابتداء: عن إبراهيم, ثم يسوق الإسناد .

ب – من تصرف من دونه من الرواة مثل تلميذه أو من دونه من الرواة و هذا هو الأغلب فيكون الراوي (س) في الأصل قال: حدثنا (ص). فيأتي تلميذه (ع) مثلا الذي سمع منه الحديث يقول: حدثنا (س) (عن) (ص), وبذلك يكون استبدل (حدثنا) (ص) ب (عن) (ص) .

والصيغة الأصلية للراوي هنا كانت (حدثنا) ولكن هناك احتمالات أخري للصيغة الأصلية فقد تكون: صريحة في الإتصال كما مر أو صريحة في الإنقطاع مثل (حدثت) (بضم الحاء) أو محتملة لهذا و هذا مثل: (قال) و (ذكر) .

وقد لا يذكر الراوي صيغة أصلا فقد : يبتديء باسم شيخه مباشرة وخاصة عند الإملاء أو يكون الشيخ بين تلاميذه فيذكر لهم المتن وهم يذكرون الإسناد أو العكس ويسمى ذلك الترقيع .

وذكر الشيخ حفظه الله أمثلة علي كل ما مضي .

5-              وجوب التفريق بين الرواية عن شخص و الرواية لقصته .

6-              قد تكون الرواية لقصة شخص واضحة مثل :

أن يقول الراوي كسعيد بن المسيب مثلا : جاء أبو بكر إلي النبي صلي الله عليه وسلم أو قال أبو بكر للنبي صلي الله عليه وسلم كذا .

فهنا سعيد بن المسيب لا يروي عن أبي بكر و لم يسند الرواية إليه فهو لم يسمع القصة منه مثلا ولكنه يحكي قصة أبي بكر مع النبي صلي الله عليه وسلم فهنا يكون الحديث مرسل .

7-              قد يكون الفرق غير واضح و خفي بعض الشيء مثل: صيغة (أن فلانا) .

ففي الحالة الأولي (الرواية عن الشخص) تقترن بألفاظ مثل (قال) أو (ذكر) .

مثالها: يقول الراوي كالأعرج مثلا: أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كذا. (هنا الاعرج يروي عن ابي هريرة) .

الحالة الثانية: (الرواية لقصة الشخص) .

مثل: إذا قال الأعرج: أن أبا هريرة سلم علي النبي صلي الله عليه وسلم أو دخل عليه مثلا. (هنا الأعرج يحكي قصة أبي هريرة و لم يسمعها منه أو يسندها إليه فتكون الرواية مرسلة) .

8-              لا يوجد فرق بين (عن) أو (أن) في حالة إذا كان استخدام (أن) في الحالة الأولي وهي الرواية عن الشخص, ولكن يظهر الفرق بينهما إذا كان استخدام (أن) هو الإستخدام الثاني وهو حكاية قصة الشخص .

9-               (عن) كما هو ظاهر تستخدم للرواية عن الشخص و لكنها في بعض الأحوال القليلة قد تستخدم في الرواية لقصة الشخص أي أنها تصبح مثل (أن) فتستخدم للغرضين و يكون هذا من تصرف الرواة و تساهلا منهم و يعرف ذلك إما من متن الرواية أو بجمع طرق الحديث.  

ومن أمثلة ذلك :

روي الفضل بن موسي عن سفيان الثوري عن محمد بن عبد الرحمن مولي آل طلحة عن سليمان بن يسار عن الربيع بنت معوذ: (أنها اختلعت علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم, فأمرها النبي صلي الله عليه وسلم –أو أمرت– أن تعتد بحيضة .

ورواه وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار: أن الربيع اختلعت, فأمرت بحيضة .

قال الشيخ ابراهيم اللاحم حفظه الله: دلت رواية وكيع أن قوله في رواية الفضل بن موسي: (عن الربيع), أي عن قصتها, لأن سليمان يرويه عنها .

10-         قول الإمام المزي (روى عن) لا يفيد السماع أو الإتصال إنما يعني وجود رواية لذلك الراوي (س) مثلا عن الراوي (ص) ولا يعني ذلك بالضرورة أن (س) سمع (ص) فقد يكون سمع منه بالفعل و جاء في روايات قول (س) سمعت (ص) أو حدثنا (ص) وقد يكون كل ما رواه عنه بالعنعنة و ينص النقاد علي أنه لم يسمع منه فحينها نحكم بالإنقطاع .

وأمثلة ذلك من أقوال المتقدمين كثيرة علي أنهم يقصدون من قولهم (روى عن) وجود رواية فقط من ذلك التلميذ عن ذلك الشيخ .

ومن ذلك قول علي ابن المديني: (لم يسمع أبو قلابة من هشام بن عامر, وروى عنه) .

11-         قول المحدثين (حدث عن فلان) أو (حدث عنه فلان) لا تدل بالضرورة علي السماع إنما تعني وجود رواية وقد يطلقونهما و يريدون بهما التحديث عنه بواسطة .

ومثال لذلك: قول أحمد في خالد الحذاء: (حدث عن الشعبي و ما أراه سمع منه) .

12-         من كتب التراجم المهمة التي تذكر سماع الرواة بعضهم من بعض :

كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم .

 

فوائد الصفحات من 61 إلى 120 :

1-              من القرائن التي يستعملها الأئمة لترجيح أو نفي السماع أو النظر في الإدراك :

- اختلاف مكان الراويين ولا رحلة لأحدهما إلي مكان الآخر حال وجوده فيه .

- أن يروي الراوي عن شخص ثم يروي عنه بواسطة, ويتأكد عدم السماع بهذه القرينة إذا كان إدخاله الواسطة وحذفها جاء عنه في حديث واحد .

- أن يكون الراوي كثير الإرسال .

- يروي الراوي عن شخص أحاديث كثيرة و لا يذكر في واحد منها سماعا أو ما يدل عليه .

و هذه القرائن يستخدمها الباحث ايضا في حالتين :

-       وجود خلاف قوي بين أئمة النقد في السماع .

-       أو عدم وجود نص عن أحد من الأئمة في السماع سواء نفيا أو إثباتا .

ولا يعاد النظر بهذه القرائن في أحكام الأئمة .

2-              خلاصة رأي مسلم الذي ذكره في مقدمة صحيحه حول شرط الإتصال عنده أن يكون الراوي قد عاصر من روي عنه وسماعه منه ممكن و إن لم يثبت إلا أن تكون هناك دلالة بينة تدل علي الإنقطاع وبشرط سلامة الراوي من التدليس ونقل الإمام مسلم رحمه الله الإجماع علي ذلك وحمل بشدة علي من خالف في ذلك ولكنه لم يسمه .

3-              أقوال الأئمة والباحثين بعد مسلم حول هذه المسألة تنقسم إلي أربعة أقسام :

1-              جماعة من الأئمة خالفوا مسلم في هذه المسألة وقالوا أن الإسناد غير متصل في هذه الحالة وذكروا أن جمهور الأئمة علي عدم الإكتفاء بإمكان اللقي .ومن هؤلاء: ابن الصلاح والنووي وابن رشيد وابن رجب وابن حجر وغيرهم من الأئمة والباحثين .

2-              من سلم لمسلم أن الحكم بالإتصال في هذه الحالة هو قول الجمهور لكنه اختار القول المخالف لمسلم .ومن هؤلاء: ابن القطان الفاسي والذهبي .

3-              من وافق مسلم علي ما ذهب إليه من الحكم بالإتصال وجعل بعضهم الإختلاف بين مسلم وجمهور الأئمة وجعل بعضهم قول مسلم هو قول الجمهور والمخالف هو البخاري .ومن هؤلاء: المزي وكثير من المشايخ المعاصرين مثل عبد الرحمن المعلمي وأحمد شاكر .

4-              جمع من الباحثين ذهب إلي أن ما ذكره مسلم من الإجماع علي الإكتفاء بإمكان اللقي صحيح و المخالف الذي عناه بالرد ليس من أهل الحديث .

ثم من هؤلاء الباحثين من يوجد فرقا بين مذهب مسلم و بين مذهب جمهور النقاد من جهة إعمال القرائن في إثبات السماع أو نفيه فمسلم يكتفي بإمكان اللقاء و جمهور النقاد يعملون هذه القرائن .

ومنهم من يقول: بل مذهب الجميع واحد و هو عدم اشتراط العلم بالسماع, مع إعمال القرائن لإثبات السماع أو نفيه ومن هؤلاء الشيخ حاتم الشريف في رسالته: (إجماع المحدثين علي عدم اشتراط العلم بالسماع في الحديث المعنعن بين المتعاصرين .ورجح الشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله القول الأول .

 

4-              نفي الأئمة للسماع من خلال قولهم (فلان لم يسمع من فلان) يتم من خلال قرائن معينة لديهم ترجح نفي السماع و هذا متفق عليه بين الباحثين و لكن نقطة الخلاف الجوهرية في هذه المسألة هل يمكن أن ينفي الأئمة السماع لعدم ثبوته أي عدم وجود رواية تدل علي السماع و لم يأت تصريح من الرواي بسماعه ؟ فالشيخ إبراهيم اللاحم و من وافقه يري أن هذا يحدث من الأئمة لأنه يتبني الرأي القائل باشتراطهم العلم بالسماع في الإسناد المعنعن و إذا لم يأت السماع فإنهم ينفون السماع , و لكن عارضه مشايخ آخرون يرون أن نفي السماع يتم فقط من خلال اكتشافهم قرائن تدل علي عدم وجود سماع و ليس بسبب عدم وجود ما يدل علي السماع .

 

فوائد الصفحات من 121 إلي 180 :

1-              ذكر الشيخ نصوص تطبيقية استدل بها علي اشتراط الأئمة العلم بالسماع و ذكر أن الإعتراض عليها أتي من ثلاثة أوجه بينها و أجاب عليها :

الوجه الأول:

نفي السماع ليس مرجعه إلي عدم ورود السماع ولكن مرجعه إلي أن نفي السماع قد ورد وذلك مثل اعتراف الراوي نفسه أنه لم يسمع ممن روي عنه وأتي الشيخ بأمثلة علي ذلك وذكر ان الجواب علي ذلك الإعتراض أن هذا قد يتهيأ في بعض النصوص فعلا فيها نفي للسماع ولكن هذا لا يتهيأ في كل النصوص .

الوجه الثاني :

عند سؤال الأئمة عن سماع راو من آخر وإجابتهم بأنه لم يسمع منه فإنهم يقيمون الدليل علي ذلك ويذكرون سببا له مثل أن يكون الراوي من بلد ومن روي عنه من بلد آخر او أن الراوي يدخل واسطة بينه و بين من روي عنه في بعض الأحاديث و لو كانوا يشترطون العلم بالسماع لاكتفوا بذكر أن السماع لم يرد أو لم يثبت و لم يحتاجوا لذكر دليل آخر .

وأجاب الشيخ إبراهيم اللاحم علي ذلك الإعترض بأنهم قد يفعلوا ذلك لسببين :

السبب الأول: وجود قرينة تدل علي عدم السماع أقوي في نفي السماع من عدم وجودها فذكر القرائن يزيد و يؤكد ترجيح عدم السماع .

السبب الثاني: وجود أخطاء كثيرة في التصريح بالتحديث ولذلك يلزم البحث عن القرائن التي تنفي السماع و ذكرها لبيان تلك الأخطاء .

الوجه الثالث:

جاء عن النقاد نصوص كثيرة فيها إثبات السماع بالقرائن ولا ذكر فيها للتصريح بالتحديث و يدل ذلك علي أن التصريح بالتحديث دليل من الأدلة وليس الإعتماد عليه وحده

وأجاب الشيخ علي هذا الإعتراض بأن ما ذكر في أجوبة النقاد وقد يفهم منه أنه إثبات للسماع ليس كذلك ولكن استخدام تلك القرائن يتم لأمرين :

الأول: تقريب إمكان السماع, فقد يستفاد منه عند الوقوف علي تصريح بالتحديث وأيضا للتفريق بينه وبين ما لا يحتمل فيه الإتصال.

ومثال لذلك نقله الشيخ عن ابن رجب في كتابه (شرح علل الترمذي) :

قال الشيخ إبراهيم اللاحم : ((وحمل عليه أيضا (يقصد ابن رجب) قول أحمد حين سئل عن أبي ريحانة هل سمع من سفينة؟ فقال: "ينبغي, هو قديم, قد سمع من ابن عمر"

قال ابن رجب: "لم يقل إن حديثه عن سفينة صحيح متصل, إنما قال: هو قديم, ينبغي أن يكون سمع منه, وهذا تقريب لإمكان سماعه, وليس في كلامه أكثر من هذا").

الثاني: استخدام هذه القرائن لتأكيد صحة تصريح بالتحديث قد ورد, و ليس الحكم مبنيا عليها وحدها .

2-              ذم الأئمة للتدليس وكان أشدهم في ذلك شعبة بن الحجاج .

3-              وقوع التدليس من عدد من كبار الأئمة مثل: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة .

4-              هناك ثلاثة صور للإرسال (رواية الراوي عمن لم يسمع منه) :

الأولي: أن يكون لم يدرك زمانه .

الثانية: أن يكون أدرك زمانه و عاصره لكنه لم يسمع منه .

الثالثة: أن يكون لقيه وسمع منه في الجملة و لكن هذا الحديث بعينه أو تلك الأحاديث لم يسمعها منه .

والثالثة تدليس بالإتفاق والأولي الجمهور علي أنها ليست من التدليس ولكن أدخلها البعض في التدليس وذكر ابن عبد البر في (التمهيد) أن قوما -ولم يسمهم- ذهبوا إلي أنها تدليس وذكر الشيخ إبراهيم اللاحم أن ممن سماها تدليس ابن حبان في بعض النصوص عنه وكذلك الذهبي, و يتبقي الصورة الثانية وهي محل الدراسة في الصفحات التالية .

 

فوائد الصفحات من (181 إلى 240) :

1-              إرسال الراوي عمن عاصره و لم يسمع منه تعد من التدليس عند كثير من الأئمة المتقدمين و اعتبرها بعضهم أقبح من صورة التدليس الأولي و هي تحديث الراوي عمن سمع منه بشيء لم يسمعه منه , بينما اعتبرها الحافظ ابن حجر ليست تدليسا و سماها إرسال خفي .

2-              يرى الشيخ إبراهيم اللاحم أن المدلس الذي يرتكب أحد صورتي التدليس يعامل علي أنه مدلس بشكل عام و يطبق عليه أحكام التدليس للصورتين , فبالنسبة لصورة التدليس الأولي و هي الراوية عمن سمع منه ما لم يسمعه منه يطبق عليه أحكامها التي سيتكلم عنها الشيخ في مبحث تالي , و بالنسبة للصورة الثانية و هي رواية الراوي عمن عاصره و لم يسمع منه فيطلب منه بالإتفاق أن يصرح بالتحديث و لا يكفيه إمكان اللقاء الذي يكتفي به مسلم من غير المدلس .

ولكن خالف الشيخ في ذلك شيوخ آخرون يرون أن من يرتكب صورة التدليس الثانية (تحديث الراوي عمن عاصره و لم يسمع منه) و من أمثلتهم الحسن البصري إذا ثبت سماعه ممن روي عنه فلا يعامل بعد ذلك مثل المدلس الذي يدلس النوع الأول , فلا يطلب منه التصريح بالسماع في كل حديث .

وذكر الشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله سببين لذلك التعميم :

الأول: من العسير جدا بالنسبة للمعروفين بالتدليس إثبات أن ذلك المدلس لا يرتكب سوي التدليس الذي هو الرواية عن معاصر لم يسمع منه .

الثاني: كلام الأئمة في حكم رواية المدلس ليس فيه التفصيل المذكور فمن ذكر منهم حكم رواية المدلس ذكره بإطلاق و لم يفرق بين تدليس و تدليس .

3-              لا يصح وصف الراوي بالتدليس و إن جاءت صورته عنه ما لم يصفه بذلك أحد من أئمة النقد و عليه فإن كثيرا ممن جمعهم المتأخرون الذين صنفوا في التدليس ليسوا بمدلسين و ذكر الشيخ أسبابا لذلك .

4-              كلام أئمة النقد في وصفهم الرواة بالتدليس لا ينبغي قصره علي لفظ التدليس , بل كل كلام لهم يفهم منه ارتكاب الراوي للتدليس فهو مفيد لذلك .

5-              بعض الرواة الذين وصفهم أئمة النقد بالتدليس لم يذكرهم المتأخرون الذين جمعوا أسماء المدلسين , و نحتاج لتضافر الجهود للوقوف علي كلام النقاد .

6-              رمي الناقد للراوي بأنه دلس حديثا ليس معناه وصفه بالتدليس , فقد يقع ذلك من الرواة علي سبيل الندرة أو عند الضرورة .

 

فوائد الصفحات من (241 إلي 300) :

1-  إجماع المحدثين علي قبول رواية المدلس إذا كان ثقة و صرح بالتحديث .

2-  كون التدليس غير مؤثر في عدالة الراوي و في قبول روايته إذا صرح بالتحديث لا يعني ذلك أنه لا تأثير للتدليس مطلقا علي روايات الراوي بصفة عامة فالتدليس له تأثير و تختلف درجته بحسب إكثار الراوي من التدليس و إقلاله منه , و بحسب نوع التدليس الذي يرتكبه و الرواة الذين يسقطهم و أهم ذلك حفظ الراوي و ضبطه .

3-  وجوب التأكد من صحة تصريح المدلس بالتحديث و ثبوت ذلك التصريح عنه و يرجع ذلك إلي أربعة اسباب :

1-              تعمد بعض المدلسين إخفاء تدليسهم بسلوك طرق من أجل ذلك , فقد يصرحون بالتحديث مع أنهم قد دلسوا , إذ لم يسمعوا ذلك ممن رووا عنه و من أمثلة ذلك :

تدليس القطع و هو أن يقول المدلس : حدثنا , ثم يسكت قليلا ينوي القطع , ثم يقول : فلان عن فلان , و هو لم يسمعه منه .

وكذلك تدليس العطف و هو أن يصرح المدلس بالتحديث عن شيخ له قد سمع منه الحديث ثم يعطف عليه شيخا آخر له لم يسمعه منه .

2-              أخطاء المدلسين أنفسهم فيخطيء المدلس و يصرح بالتحديث ظنا منه أنه مما سمعه و لا يكون الواقع كذلك .

3-              ارتكاب بعض المدلسين لما يعرف بتدليس التسوية حيث لا يسقط فيه شيخه الذي حدثه و يروي عنه بصيغة صريحة في السماع و لكن يسقط راويا من وسط الإسناد و يجعل الرواية بين من دون المسقط و من فوقه بصيغة (عن) .

4-              أخطاء الرواة الذين هم دون المدلس في الإسناد بقلب ما رواه المدلس من صيغة محتملة للإتصال و الإنقطاع أو صريحة في الإنقطاع إلي صيغة صريحة في الإتصال و يلتحق بها كذلك أخطاء النساخ بالنسبة للمخطوطات و أخطاء الطباعة بالنسبة للمطبوعات و هذا كثير جدا .

 

فوائد الصفحات من 301 إلى 360 :

1-              مذاهب العلماء في قبول رواية المدلس إذا روي بصيغة محتملة للسماع مثل: (عن) أو (قال) :

1-              رواية المدلس بهذه الصيغة محمولة علي الإتصال إذا كان المدلس ثقة إلا إذا ثبت تدليس المدلس في رواية بعينها فيحكم بانقطاع تلك الرواية .

2-              رواية المدلس بهذه الصيغة محمول علي الإنقطاع أبدا و يستوي في ذلك المكثر من التدليس و المقل منه و حتي لو دلس مرة واحدة أخذ هذا الحكم .

3-              التفريق بين المقل من التدليس و بين المكثر منه فالمقل روايته بهذه الصيغة المحتملة محمولة علي الإتصال و المكثر روايته محمولة علي الإنقطاع .

ورجح الشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله المذهب الثالث .

2-              اعتبار الراوي مقل أو مكثر من التدليس من المسائل العسيرة بالنسبة للباحث المتأخر , و يجب الرجوع فيها إلي كلام أئمة النقد فإذا جاء عن عدد منهم وصف راو بالتدليس عرفنا أنهم قصدوا شهرته بذلك و إكثاره من التدليس .

3-              إذا نسب الأئمة راويا من الرواة إلي التدليس عن بعض شيوخه و سكتوا عن الباقين , فقد ذهب بعض الباحثين إلي أنه يقتصر علي من رموه بالتدليس عنه , و أما من عداه فحكمه فيه حكم غير المدلس .

ونبه الشيخ حفظه الله إلي أنهم قد يذكرون تدليس الراوي عن شيخ معين له لقوته فيه و شهرته بالرواية عنه , و لا يعني ذلك بالضرورة اقتصار تدليسه علي ذلك الشيخ , إلا إذا ذكر الناقد أن ذلك المدلس لا يدلس إلا عمن ذكر فيكون تدليسه حينها مقتصر عليه.

4-              المدلس الذي يقوم بتدليس التسوية يعامل بنفس مبدأ القلة و الكثرة .

5-              إذا دلت القرائن علي تدليس المدلس لحديث معين رواه بالعنعنة فيجب أن يكون الحكم في هذه الرواية هو الإنقطاع علي جميع الأقوال و من القرائن التي تستعمل لترجيح وقوع التدليس : أن تأتي رواية أخري صحيحة يرويها المدلس عن شيخه بواسطة سواء سماه أو أبهمه أو قال : بلغني عنه أو نبئت عنه , و نحو ذلك , و مثله في تدليس التسوية : إذا جاءت رواية أخري عن المدلس فيها هذه الزيادة في وسط الإسناد .

 

فوائد الصفحات من (361 إلى 420) :

1-              من القرائن التي يترجح بها وقوع التدليس في رواية المدلس إضافة إلي ما سبق :

- ان يكون في متن الحديث أو إسناده نكارة و شذوذ , و عند ذلك يلجأ الأئمة إلي التعليل بالتدليس و غرضهم من ذلك تبرئة المدلس الثقة و جعل العهدة علي من أسقطه .

- أن يخالف المدلس غيره في الإسناد أو المتن , فيستدل بهذا علي أنه دلسه و يبرأ هو من نسبة الخطأ إليه .

2-              يلجأ النقاد أحيانا إلي تعليل الإسناد بالتدليس من غير مدلس و ذلك في حالات معينة مثل شدة نكارة الحديث و ذلك لتبرئة الراوي الثقة الغير مدلس من تحمل عهدة ما رواه من أحاديث منكرة و قد يكون هذا التدليس خطأ غير مقصود من ذلك الراوي أو وقع الإسقاط ممن بعده , و ليس كل راو أعل حديثه بالتدليس يصح اعتباره من المدلسين .

3-              يري الشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله أن استدلال بعض الباحثين بعدة أحاديث أخرجها البخاري في صحيحه لم يرد السماع فيها بين رواتها علي أن البخاري لا يشترط العلم بالسماع مثل مسلم استدلال غير صحيح و أجاب عن هذه الاحاديث بأن إخراج البخاري لها يعد نزولا عن شرطه المتمثل في العلم بالسماع و لا دلالة في ذلك علي أنه لا يشترط هذا الشرط , و ذكر الشيخ أن البخاري أخرج أحاديث الإنقطاع فيها ظاهر نزولا منه عن شرطه أيضا , و ينزل البخاري عن شرطه في بعض الأحيان لعدة أسباب :

- في بعض حالات الإنقطاع الظاهر مثل ذكر التابعي لقصة وقعت للصحابي مع الرسول صلي الله عليه و سلم دون أن يسندها للصحابي و هذا مرسل غير متصل بالإجماع , فيخرج البخاري مثل هذه الأحاديث و يتسامح فيها إذا كان التابعي معروف بالرواية عن الصحابي صاحب القصة , فيكون في الغالب قد أخذها منه مع وجود دلائل أخري مثل وجد طرق أخري للقصة أو لأصلها في صحيح البخاري أو خارجه , أو يكون الحديث المرسل ليس من أحاديث الأحكام .

- أن يكون الحديث الذي نزل فيه عن شرطه موقوف من قول الصحابي و هذا ليس من اصل كتابه الذي هو المرفوع إلي النبي صلي الله عليه و سلم فيتسامح البخاري في مثل هذه الأحاديث .

- أن يكون للحديث الذي نزل فيه عن شرطه شواهد أو متابعات .

- أن يكون الحديث الذي نزل فيه عن شرطه من أحاديث الترغيب و ليس من أحاديث الأحكام التي يتشدد فيها , مثل حديث (خيركم من تعلم القرآن و علمه) فهو في الترغيب في تعليم القرآن و من رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه و لم يرد سماعه منه , و ذكر الشيخ كذلك أن في سياق الحديث ما يدل علي أن أبا عبد الرحمن السلمي أخذه عمن يثق به فإنه عمل به و من أجله مكث يعلم القرآن من عهد عثمان إلي زمن الحجاج .

4-              ذكر الشيخ أن الإمام مسلم أخرج أيضا أحاديث نزل فيها عن شرطه في الإتصال .

5-              ذكر الشيخ قاعدة و هي أن الإسناد المعنعن بين راويين , إذا جاء بزيادة راو بينهما , فالحكم للزيادة حتي و إن كان السماع ثابتا بينهما , فأما إذا كان السماع غير ثابت فذلك أدل علي الإنقطاع .

6-              ذكر الشيخ أن الحكم في الأحاديث التي لم يعلم السماع فيها أنها غير متصلة و لا يعني ذلك أنها تطرح فهناك درجات للإتصال و درجات للإنقطاع , فقد تعضد غيرها و يعضدها غيرها , و يحتج بها مع أدلة أخري و قد يحتج بها استقلالا من يري العمل بما فيه ضعف غير شديد إذا لم يكن في الباب ما يدفعه , أو لسبب آخر .

7-              الإتصال درجات و أعلاها : إجماع الأئمة علي ثبوت سماع الراوي ممن روي عنه و اشتهاره بالأخذ عنه و استفاضة ذلك , و أقل من هذه الدرجة من ثبت سماعه عند الأئمة بحديث واحد صرح فيه بالتحديث , و دون ذلك من جري بين الأئمة خلاف في سماعه ممن روي عنه و إن ترجح ثبوت السماع .

وهكذا, ويستفاد من تلك الدرجات عند التعارض و الحاجة إلي الترجيح .

8-              الإنقطاع أيضا درجات , فرواية راو عن شخص لم يدركه ليست في الإنقطاع كرواية راو عن شخص قد أدركه , و رواية راو عن شخص أدركه و لكن لا يمكن سماعه منه ليست كرواية راو عن شخص أدركه و أمكن سماعه منه و لكن لم يثبت سماعه , و هكذا .

 

فوائد الصفحات الأخيرة من الكتاب من (421 إلى 466) :

 

1-              بعض المصطلحات في الإتصال و الإنقطاع :

1-              التوقيف: معناه سؤال الراوي لشيخه عن أمر ما في روايته, وأكثر ما يستخدم في مطالبة الراوي لشيخه أن يصرح له بالتحديث, فإذا فعل فقد وقف ,وإلا قالوا : لم يقف .

2-              التصحيح: ويريدون به إتصال الإسناد بالسماع , فيقولون : سألت فلانا أن يصحح لي هذه الأحاديث فصححها , يعني صرح بالتحديث فيها , أو لم يصححها يعني أبي ذلك .

3-              الخبر: يطلق الخبر و يراد به متن الحديث و جمعه أخبار و هذا كثير , و يطلق و يراد به التصريح بالسماع , فإذا قالوا : قد ذكر الخبر فيه , فمعناه أنه صرح بالتحديث , أو : لم يذكر الخبر , يعني لم يصرح بالتحديث .

4-              الألفاظ : تطلق هذه الكلمة و يراد بها ألفاظ متن الحديث , و تطلق و يراد بها الصيغ الصريحة في السماع .

5-              حديثه يهوي : يعني أن أحاديثه مراسيل , و هو مصطلح نادر جدا .

6-              أحاديث بتر : يعني مراسيل , و البتر هو القطع .

7-              الإلزاق : و معناه أن الراوي لم يسمع الحديث ممن رواه عنه .

2-              ألفاظ الباحثين في الحكم على الإسناد تنقسم إلي ثلاثة أقسام :

القسم الأول: وصف للإسناد اكثر منه حكما عليه , مثل أن يقول الباحث : رجاله ثقات , و إسناده متصل , فهو بذلك لم يحكم على الإسناد بشيء , لا بصحة و لا بضعف , و إنما وصف الإسناد بأن رجاله ثقات , و أن إسناده متصل . و نحو ذلك من الألفاظ التي يوصف بها الإسناد .

القسم الثاني: ألفاظ يقصد بها بيان درجة الإسناد مثل أن يقول الباحث: إسناده صحيح أو حسن أو ضعيف , أو نحو ذلك من الألفاظ .

القسم الثالث: ألفاظ مقارنة الأسانيد التي يدرسونها بأسانيد الصحيحين , مثل قولهم: هذا الإسناد على شرط الشيخين , أو على شرط البخاري , أو على شرط مسلم , أو هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ...الخ .

3-              ذكر الشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله خطأ التوسع في الحكم الجازم علي الأسانيد منفردة و شرح أسباب خطورة ذلك , و طالب بتدريب الطلبة و الباحثين علي الحكم الكامل على الأحاديث .

4-              أحسن ما قيل في المقصود بشرط الشيخين أن يكون الإسناد موجودا بتمامه و على صفته في الكتابين , أو في أحدهما إن كان الكلام في شرطه , يضاف إلى ذلك

اشتراط خلو الحديث من الشذوذ و العلة .

5-              بعض الأوجه التي يمكن من خلالها أن يتطرق الخلل إلى دعوى أن الحديث على شرط الشيخين أو أحدهما:

أولا: أن يوجد راو في الإسناد أو أكثر لم يخرج له الشيخان , و حينئذ فلا يكون الإسناد على شرطهما و لا على شرط واحد منهما , و هذا الخلل كثيرا ما يقع للحاكم في المستدرك .

ثانيا: أن يوجد في الإسناد راو قد أخرج له مسلم عن راو آخر قد أخرج له البخاري أو العكس , فلا يصح أن يقال عن هذا الإسناد إنه على شرط الشيخين .

ثالثا: أن يوجد فى الإسناد راو قد أخرج له البخاري و مسلم , و شيخه في هذا الإسناد قد أخرجا له أيضا , لكن لم يخرجا لهما على الإجتماع , بل أخرجا لكل واحد من هذين الراويين منفردا عن الآخر .

رابعا: أن يوجد راو في الإسناد قد أخرج له الشيخان أو أحدهما مقرونا بغيره , أو في المتابعات و الشواهد لا في الأصول , بمعنى أنهما لم يعتمدا عليه .

خامسا: أن يوجد راو في الإسناد متكلم فيه , و قد أخرج له البخاري و مسلم أو احدهما في الأصول محتجا به , و يكون الشيخان قد أخذا صحيح حديثه و تركا ما أخطأ فيه , فلا يكون الإسناد الموجود فيه هذا الراوي و هو خارج الصحيحين على شرط الشيخين .

سادسا: (و هو أدقها) : أن يكون الإسناد ظاهرا على شرط الشيخين , بمعنى أنه لم يتطرق الخلل إليه من جهة الأمور الخمسة السابقة , فلأول وهلة يظن أنه على شرطهما , لكن بعد التفتيش و جمع طرق الحديث يتبين أن له علة من أجلها ترك الشيخان أو أحدهما تخريج الحديث , فلا يصح حينئذ أن يدعى أنه علي شرطهما , أو على شرط واحد منهما .

انتهى..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply