بطلان معرفة أوقات الصلاة بالحساب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

أما مسألة تحديد أوقات الصلوات الخمس وبالتالي وقت الصيام

فقد كثرت البحوث والمباحثات كذا الخلافيات في الأمة الإسلامية خاصة في الأواني الأخيرة في هذا الموضوع مما أدى إلى انشقاق صفوف المسلمين؛ وسبب ذلك هو اختلاف هذه النتائج التي تزعم إثبات الأوقات الخمسة وهذا الاختلاف متفرع عن اختلافهم في الدرجة التي يبنى عليها حساب الأوقات الخمسة.

وقبل كتابة هذه النتائج وقبل ترجيح إحدى الدرجة على الأخر ثم نشرها وإلزام المسلمين بها كان الواجب هو البحث عن مدى صحة هذا الحساب الفلكي في نظر الشريعة الإسلامية؛ وهذا هو موضوع بحثنا في هذه المناسبة ؛ وبالله التوفيق

ليعلم أن الشارع الحكيم قد علق أحكام الأوقات الخمسة بعلامات إنما تدرك بالرؤية العينية ؛ قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر) الأية وكلٌ من دلوك الشمس وغسق الليل والفجر إنما يدرك بالرؤية العيني ؛ وقال تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) الأية أي حتى يتبين لكم ضوء النهار من ظلام الليل ؛ وقوله تعالى (يتبين لكم) صريح في أنه يعرف بما يظهر للأبصار

ومنذ أن أوحى الله تبارك وتعالى هذه الأيات على رسوله صلى الله عليه وسلم لم يزل المسلمون يعرفون أوقات صلواتهم وصيامهم بالطريقة التي كلفهم الله بها أي الرؤية العينية؛ وقد مضى القرون الأولى الثلاثة على ذلك فلم يزل أمر المسلمين كذلك إلى نهاية القرن الرابع الهجري ـ تقريبًا ـ وقتَ أُريدَ استبدالُ هذه الطريقة بطريقة الحساب الفلكي. إنما يصعب تعيين من الذي أحدث طريقة القياس الحسابي لمعرفة الأوقات الخمسة ـ وإن كان لا يترتب على معرفته كبير فائدة ـ لكن في استطاعتنا أن نقول إنه أحد علماء الهيئة الذين تعلموا علم الفلك من منطق اليونان كما يأتي بيانه ؛ جدير بالمناسبة العلم بأن منذ ظهور هذه طريقة لم تزل الأمة الإسلامية تختلف شرقًا وغربًا أقول منذ ظهور طريقة الحساب إذ حتى مؤسسو هذه الطريقة اختلفوا حين أحدثوها ؛ فقد تحدث البيروني في"القانون المسعودي" له (1/63 إلى 67 ) و(2/948 و950) وهو من أوائل من أحدث هذه الطريقة عن هذا الموضوع وحكى ( 2/950 ) أن أسلافه قد اختلفوا في تحديد الدرجة التي يبنى عليها حساب الأوقات الخمسة مما يدل على أن مؤسسي ذاك الحساب اختلفوا حين أحدثوه؛

معلوم أن أول من أدخل المنطق اليوناني في الأمة الإسلامية هو الخليفة أبو جعفر المنصور لكن ليس بالذي أحدث طريقة القياس الحسابي لتحديد الأوقات الخمسة وإنما كان بدء ذلك بافتتاح مكتبة الخليفة هارون الرشيد التي كانت فرعًا من فروع "بيت الحكمة" ببغداد ؛ كانت هذه المكتبة مركزًا يجتمع فيه علماء الهيئة ليبحثوا وليتباحثوا وكان في متناولهم مكتبة ـ بطبيعة الحال ـ ومرصد فلكي ؛ وكانت الوظيفة الرئيسية لهذه المكتبة هي ترجمة كتب المنطق اليوناني إلى اللغة العربية ؛ الشاهد أن هذه المكتبة قد أخلفت علماء متخصصين في العلوم الفلكية فأرادت هذه النخبة من علماء الفلك أن يدخلوا هذه العلوم التي ورثوها من الحضارة اليونانية في الدين الإسلامي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛  فقد أدخلوها في ثلاث مسائل وهي :

الأولى: تحديد جهة القبلة؛

الثانية: معرفة الهلال الذي به يعلن دخول الشهر القمري؛

الثالثة: معرفة مواقيت الصلوات الخمس

يبدو أن أول من تنبه إلى أن هذه المسالك وبخاصة مسلك تحديد أوقات الصلوات الخمس بالحساب مخالفة للشريعة الإسلامية وبالتالي لا تثبت الأوقات الصحيحة هو الإمام الهمام شيخ الإسلام ابن تيميةـ إذ قال ـ رحمه الله تعالى ـ في "الرد على المنطقيين" المسمى أيضًا بــ" نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان" ( ص303 ـ ط. الريان ) ما نصه : «فنحن قد بينا أن شريعة الإسلام ومعرفتها ليست موقوفة على شيء يتعلم من غير المسلمين أصلا وإن كان طريقًا صحيحًا بل طريق الجبر والمقابلة فيها تطويل يغني الله عنه بغيره كما ذكرنا في المنطق ؛ وهكذا كل ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم مثل العلم بجهة القبلة والعلم بمواقيت الصلاة والعلم بطلوع الفجر والعلم بالهلال فكل هذا يمكن العلم به بالطرق المعروفة التي كان الصحابة التابعون لهم بإحسان يسلكونها ولا يحتاج معها إلى شيء آخر وإن كان كثير من الناس قد أحدثوا طرقًا أخر وكثير منهم يظن أنه لا يمكن المعرفة بالشريعة إلا بها وهذا من جهلهم» انتهى

لاحظ: قد رد ابن تيمية معرفة أوقات الصلاة عن طريق الحساب فيما سماه "رد على المنطقيين" و"رد على منطق اليونان" مما يدل على أن أصل طريقة الحساب لمعرفة أوقات الصلاة هو تأثير المسلمين بالمنطق اليوناني

ثم تبعه على هذه الإنكار الحافظ ابن رجب الحنبلي

إذ قال ـ رحمه الله ـ في "فتح الباري" له ( 2 / 295 ـ ط. ابن الجوزي ) : "فتبين أن ديننا لا يحتاج إلى حساب ولا كتاب كما يفعله أهل الكتاب من ضبط عباداتهم بمسير الشمس وحسبانابها وأن ديننا في ميقات الصيام معلق بما يرى بالبصر وهو رؤية الهلال فإن غم أكملنا عدة الشهر ولم نحتج إلى حساب.

وإنما علق بالشمس مقدار النهار الذي يجب الصيام فيه وهو متعلق بأمر مشاهد بالبصر أيضًا ؛ فأوله طلوع الفجر الثاني وهو مبدأ ظهور الشمس على وجه الأرض وآخره غروب الشمس.

كما علق بمسير الشمس أوقات الصلاة؛ فصلاة الفجر أول وقتها طلوع هذا الفجر وآخره طلوع الشمس؛ وأول وقت الظهر زوال الشمس وآخره مصير ظل كل شيء مثله وهو أول وقت العصر وآخره اصفرار الشمس أو غروبها وهو أول وقت المغرب وآخره غروب الشفق وهو أول وقت العشاء وآخره تصف الليل أو ثلثه ويمتد وقت أهل الأعذار إلى طلوع الفجر فهذا كله غير محتاج إلى حساب ولا كتاب." اتهى

وقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ كما في الشريط رقم ( 319 ) من سلسلة الهدى والنور: «المهم أن يتأكد المسلم من غروب الشمس بطريقة أو بأخرى وأقوى هذه الطرق هي الرؤية العينية وبعدها الخبر الصحيح ممن رأى الشمس ؛ أما الآن فلا شيء من ذلك إطلاقًا إلا التوقيت الفلكي وهذا التوقيت الفلكي كرؤية الهلال الفلكية كلاهما يخالف الشريعة الإسلامية فكما لا يجوز إثبات هلال رمضان بعلم الفلك إلا بالرؤية العينية كذلك لا يجوز إثبات الإفطار أو أي وقت من الأوقات الخمس إلا بالرؤية البصرية هذه ذلك حكم الله وتلك حدود الله فلا تعتدوها.» انتهى

ونحن في هذه المناسبة سنبين بطلان طريقة إثبات أوقات الصلوات الخمس بالحساب وذلك من أربعة أوجه

أولًا: تنوع سطح الكرة الأرضية

إن من البدهيات معرفة أن الكرة الأرضية ليست صلعة كما تُصورها خارطة أو رسم بياني في الغالب وإنما الكرة الأرضية مختلفة ومتنوعة بحيث فيها جبال وغير ذلك مما يجعل بعض الأماكن أعلى من بعض ؛ والأمر الذي نسيه أو تناسيه طريقة الحساب أن الوقت الذي تثبته لمسلمي بلدٍ مّا قد يكون أمامهم جبل فقد تغيب عنهم الشمس ـ مثلا ـ ولم تغب حسب النتائج أو العكس ؛ والشارع الحكيم يراعي تنوع سطح الأرض إذ علق الأحكام بما يظهر للأبصار ـ كما ذكر آنفًا ؛ فالشارع الحكيم لا يكلف المسلمين بتقدير العلامات وراء كل ما قد يغطيها ـ إن صح التعبير ـ وإنما يكلفهم بما يظهر لهم ؛ ونظير ذلك مسألة يوم الشك : ففي هذه الحالة المسلمون مكلفون بما يظهر لهم (إذا رأيتموه فصوموا) ولم يكلفوا بتقدير العلامة إذا غطاها شيء (فإن غم عليكم فأتموا العدة ثلاثين)؛

قال شيخ الإسلام ابن تيمية مبينًا أن اختلاف ارتفاع الأراضي له تأثير في الأحكام المتعلقة بالعلامات في "الرد على المنطقيين" (ص 309) : «لأن الرؤية أمر حسي لها أسباب متعددة من صفاء الهوى وكدره وارتفاع المنظر وانخفاضه وحدة البصر وكلاله ؛ فمن الناس من لا يراه ويراه من هو أحد بصرًا منه ويُرى من مكان عال ولا يرى من منخفض ويكون الجو صافيًا فيرى ويكون كدرًا فلا يرى.» انتهى

قلتُ: نعم إنما كان هذا الكلام في معرض إبطال طريقة الحساب لإثبات الهلال لكنه ينطبق تمام المطابقة على الحساب لمعرفة الأوقات الخمسة من باب أولى؛ والله أعلم

ثانيًا: لا يصح إثبات الأوقات الخمسة على مستوى مدينة

من المعلوم أن الجداول التي تحتوي على نتائج الحساب إنما تعطي أوقات تصلح لمدينة بأكمالها بل وضواحيها؛ وإن الشريعة الإسلامية قد علقت الأحكام بعلامات قد لا تتوفر على جميع سكان مدينة واحدة في آن واحد ؛ لنأخذ مثال (المغرب) لكي يدخل وقت المغرب يجب أن يغيب قرص الشمس بالكلية ؛ فمدينة كبيرة كالقاهرة أو الرياض أو اسطنبول لا تغيب الشمس عن جميع سكانها في نفس الحين فضلا عن سكان ضواحيها ؛ وكفى التجربة دليلا ولا دليل على أن الأحكام المتعلقة بالأوقات الخمسة تكون لسكان مدينة أو منطقة بأكمالها؛

قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في "السلسلة الصحيحة" ( 7 / 1303 ) : « وإن مما لا شك فيه أن هذه المواقيت تختلف باختلاف الأقاليم والبلاد ومواقعها في الأرض من حيث خطوط الطول والعرض من جهة ومن حيث انخفاضها وارتفاعها من جهة أخرى ؛ الأمر الذي يوجب على المؤذنين مراعتها والانتباه لها فمدينة كبيرة كالقاهرة مثلا يطلع الفجر في شرقها قبل مغربها وهكذا يقال في سائر الأوقات بل قد تكون البلدة ليست في اتساعها كالقاهرة كدمشق مثلا فمن كان في جبل قاسيون مثلا تختلف مواقيته عمن كان في وسطها أو في مسجدها مسجد بني أمية أو في الغوطة منها مثلا مع ذلك فأهلها جميعًا من كان في الأعلى أو الأدنى من مناطقها يصلون ويصومون ويفطرون على أذان مسجدها !» انتهى

ثالثًا: اختلاف الفصول له تأثير في إدراك العلامات

وإن مما فات عن أصحاب الحساب لمعرفة الأوقات الخمسة وهو أمر يثبته العلوم الحديثية أن اختلاف الفصول صيفًا وشتاءًا إلخ له تأثير في ظهور ومغيب شعاع الشمس أي العلامات التي بها يعرف الأحكام الشرعية وقد تنبه لذلك شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" ( 25 / 208 ) قائلا : «وسبب ذلك أنهم ضبطوا بالحساب ما لا يعلم بالحساب فأخطأوا طريق الصواب وقد بسطت الكلام على ذلك في غير هذا الموضع وبينت أن ما جاء به الشرع الصحيح هو الذي يوافقه العقل الصريح كما تكلمت على حد اليوم أيضًا وبينتُ أنه لا ينضبط بالحساب لأن اليوم يظهر بسبب الأبخرة المتصاعدة فمن أراد أن يأخذ حصة العشاء من حصة الفجر إنما يصح كلامه لو كان الموجب لظهور النور وخفائه مجرد محاذاة الأفق التي تعلم بالحساب أما إذا كان للأبخرة في ذلك تأثير والبخار يكون في الشتاء والأرض الرطبة أكثر مما في الصيف والأرض اليابسة كان ذلك لا ينضبط بالحساب فسدت طريقة القياس الحسابي ولهذا توجد حصة الفجر في زمان الشتاء أطول منها في وزمان الصيف والآخذ بمجرد القياس الحسابي يشكل عليه ذلك لأن حصة الفجر عنده تتبع النهار وهذا أيضًا مبسوط في موضعه ؛ والله سبحانه أعلم وصلى الله على محمد.» انتهى

قلتُ: يظهر أن الموضع الذي يشير إليه ابن تيمية وبسط فيه هذه المسألة هو ما حرره في "الرد على المنطقيين" ( ص311 ) فيراجع ؛ والله أعلم

رابعًا: الحس لا ينضبط بحساب

إذا تقرر ذلك أعني أن العلامات التي بها يعرف الأوقات الخمسة إنما تدرك بالرؤية أصالة أي بالحس فالحس لا يمكن ضبطه بحساب ؛ قال تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) الأية أي حتى يتبين لكم ضوء النهار من ظلام الليل كما مضى؛ فمن أراد أن يضبط ذلك بحساب هو كما لو قيل لنا "كلوا واشربوا حتى تشبعوا" ثم يأتينا نخبة من علماء الهيئة يريدون أن يضبطوا وقت الشبع بحساب فيقولون ـ مثلا ـ من يأكل خمس ملاعق من أرز فيشبع؛ ثم يختلف هؤلاء العلماء في تقدير الملعقة التي بها سيشبع المسلم... فكل يدرك أن مثل هذا الحساب لا يمكن أن يضبط وقت الشبع كما يضبطه الحس؛ الحس له دقة بها يدرك ما لا يدركه أيُّ حسابٍ فتبارك الله أحسن الخالقين؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الرد على المنطقيين" ما نصه: «فلما كانت أسباب الرؤية لا تنضبط بالحساب لم تمكن معرفة وقت الرؤية بالحساب ؛ ولهذا كان قدماء علماء الهيئة كبطلميوس صاحب "المجسطي" وغيره لم يتكلموا في ذلك بحرف وإنما تكلم فيه بعض المتأخرين مثل كوشيار الديلمي.» انتهى

طريقة الحساب لمعرفة الأوقات الخمسة كطريقة الحساب لمعرفة الهلال

وبالتالي القول في الحساب للأوقات الخمسة كالقول في الحساب للهلال

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الرد على المنطقيين" ( ص311 ) ما نصه : «واليوم يعرف بطلوع الفجر وهو النور الذي يظهر من جهة المشرق وهو أول نور الشمس المتصل الذي لا ينقطع بخلاف الفجر الأول فإنه تأتي بعده ظلمة والاعتبار في الشرع في الصلاة والصيام وغير ذلك بالثاني وهو يعرف بالحس والمشاهدة كما يعرف الهلال ؛ ويعرف بالقياس على ما قرب منه تقريبًا إذا عرف عند طلوعه مواضع الكواكب من السماء فيستدل في اليوم الثاني بذلك على وقت طلوعه.» انتهى

وقد مضى كلام للألباني بهذا المعنى تماما

أما محاولة التفريق بين الهلال والأوقات الخمسة كما حرره القرافي المالكي في "الفروق" له في القاعدة رقم (102) فلا وجه له إذ تحديد أوقات الصلوات بالحساب أدق وأصعب من تحديد الهلال فمن منع الاعتماد على الحساب لمعرفة الهلال كان لزامًا عليه أن يمنع الاعتماد على الحساب لمعرفة الأوقات الخمس وإلا تناقض تناقضًا ظاهرًا ؛ ولعلي أبسط كون كلام القرافي غير وجيه في مناسبة أخرى ـ إن شاء الله ـ.

وهذا كله لا يعني أننا ندعو إلى ترك الصلاة وراء كل من يعتمد على الحساب الفلكي لمعرفة الأوقات الخمسة وإنما قولنا ما يل إن الناس في هذه المسألة صنفان اثنان

أولهما: من كان مسؤولا على إقامة الصلاة والثاني من ليس له مسؤولية

أما الصنف الأول من كان له مسؤولية عليه أن يدع طريقة الحساب ويرجع إلى الرؤية العينية؛ وإن رأى أن في ذلك مشقة لأنه يجب عليه أن يحمل مسؤوليته وفق شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فإذا لا يقدر على أن يتحمل هذه المسؤولية فعليه أن يدعها لا أن يتأتى سبلا مخالفة للشريعة الإسلامية كي لا تشق عليه المسؤولية

وأما الصنف الثاني: من ليس له مسؤولية الأصل أن يعتصم بجماعة المسلمين وأن لا يفارقها بدعوى أن الحساب الذي حُرر به جدول هذه الجماعة ليس مبنيًا على (الدرجة) المعتبرة لدى القوم الفلاني؛ ومن يرد أن يعرف هل الجماعة التي يصلي معها تقيم الصلاة في وقتها فعليه أن يراقب بالرؤية العينية؛ وهنا سيقع في إحدى الحالتين الآتي ذكرهما

الحالة الأولى: تكون النتيجة أن الصلاة في وقتها ؛ ففي هذه الحالة لا إشكال

والحالة الثانية: تكون النتيجة أن الصلاة ليست في وقتها ؛ ويتفرع عن هذه الحالة حالتان اثنتان ـ أيضًا ، وهما

الأولى: أن الصلاة ليست في وقتها ولكن تقع في وقت العذر

مثاله: صلاة العشاء تقع قبل وقتها أي قبل مغيب الشفق الأحمر

في هذه الحالة يصلي مع هذه الجماعة وصلاته صحيحة! لماذا؟

لأن إذا وقع المسلم بين أمرين بين أن يصلي جماعة قبل وقت الصلاة الأصلي لكن في وقت العذر وبين أن يصلي مفردًا في وقتها فعليه أن يصلي جماعة في وقت العذر؛ ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" له وقد أفتى وفق ذلك الإمام الألباني للفلسطنيين إذ منعهم الدولة اليهودية من التجول في ساعة كانت بين صلاتي المغرب والعشاء وكانت فتواه أن صلوا العشاء جماعة عقب صلاة المغرب هذا خير من أن يصلي كلٌ في بيته مفردًا

الثانية: أن الصلاة ليست في وقتها الأصلي ولا في وقتها للعذر

مثاله: صلاة الصبح تقع قبل وقتها أي قبل طلوع الفجر الصادق

في هذه الحالة يصلي مع الجماعة ثم يعيد الصلاة في بيته؛ والدليل على ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه ( 648 ) من حديث أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة عن وقتها" قال: قلت: فما تأمرني ؟ قال "صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة"ه 

والله تعالى أعلم

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply