أحكام الأضحية


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن للأضحية أحكامٌ تتعلق بها، وقد تناولت الحديث في هذه الرسالة عن تعريف الأضحية ومشروعيتها، وحُكْمُها، وحكمتها، و الأنعام التي تكون منها، وسنها، وما لا يجزئ من الأضاحي، والأضحية عن الغائب، والاشتراك في الأضحية الواحدة، وذبح الأضاحي عن الأموات، وما يتجنبه صاحب الأضحية، ووقت ذبحها، والتوكيل في ذبحها والتصرف فيها، وما يُقالُ عند ذبحها، وأجرة الجزار، وتقسيم لحوم الأضاحي، وإطعام غير المسلمين منها.

 أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به طلاب العِلْم.

تعريف الأضحية:

الأضحية: اسمٌ لما يذبحه المسلمُ من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة تقربًا إلى الله تعالى.

(فقه السنة للسيد سابق جـ4 صـ176)

وقال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ: «سُميت الأضحية بهذا الاسم لأنها تفعلُ في الضحى، وهو ارتفاع النهار ».

(مسلم بشرح النووي جـ7 صـ127)

مشروعية الأضحية :

شُرعت الأضحية في السَّنَةِ الثانية مِن هجرة النبي كما شُرعت الزكاة وصلاة العيدين في نفس العام .

(الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي جـ3 صـ594 )

وثبتت مشروعية الأضحية بالكتاب والسُّنة والإجماع .

(المغني لابن قدامة جـ13 صـ360)

أما الكتاب: فقول الله سبحانه: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر : 2)

وقوله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) (الحج : 36)

وأما السُّنة: فقد روى مسلمٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.

(مسلم  حديث 1966)

وأما الإجماع: فقد أجمعَ علماءُ المسلمين قديماً وحديثاً على مشروعية الأضحية .

حكْم الأضحية:

الأضحية سُنَّةٌ مؤكدةٌ، يُكره تركها لمن يقدر عليها.

(المجموع للنووي جـ8 صـ385)

(المغني لابن قدامة جـ13 صـ360 )

روى مسلمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ »

(مسلم ـ كتاب الأضاحي ـ حديث 41)

فائدة هامة :

في هذا الحديث عَلَّقَ النبيُّ الأضحية بالإرادة، والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب.

روى عبد الرزاق عن أبي مسعود الأنصاري قال: «إني لأدعُ الأضحية وإني لموسر، مخافة أن يرى جيراني أنه حتمٌ عليَّ. »

(إسناده صحيح) ( مصنف عبد الرزاق جـ4 صـ383)

روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء أواجبة الضحية على الناس قال لا وقد ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(إسناده صحيح) (مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 380)

روى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب أنه قال لرجل ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن تركته فليس عليك .

(إسناده صحيح) (مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 380)

قَالَ الإمام مَالِكُ بن أنس ـ رحمه الله ـ : الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا.

(موطأ مالك جـ 1 كتاب الضحايا صـ 388)

قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في تعليقه  على حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ " في هذا الحديث دلالة على أن الضحية ليست بواجبة لقوله صلى الله عليه وسلم: «وأراد أحدُكم أن يضحي».

(الأم للشافعي جـ2 صـ322 )

(سنن البيقهي جـ1 كتاب الضحايا صـ388 )

قال الإمام الترمذيُّ ـ رحمه الله ـ : الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ .

(سنن الترمذي جـ 4صـ 78)

الحكمة من الأضحية :

إن للأضحية حِكماً كثيرة يمكن إجمالها فيما يلي :

(1) التقرب إلى الله تعالى بها .

قال سبحانه: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر: 2)

وقال عز وجل : (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ) ( الأنعام : 162 : 163 )

والنسك هنا هو الذبح تقرباً إليه سبحانه وتعالى .

(2) إحياء سُّنة خليل الرحمن , إبراهيم عليه السلام .

(3) التوسعة على الأهل يوم العيد وإشاعة الرحمة بين الفقراء والمساكين, لتسود الألفة والمودة جميع المسلمين .

(4) شكر الله تعالى على نعمه العظيمة وعلى ما سخره لنا من بهيمة الأنعام .

(منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ243)

قال تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *  لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) ( الحج : 36 : 37 )

فضل الأضحية:

روى عبد الرزاق عن الثوري عن ليث عن طاووس قال ما أنفق الرجل من نفقة أعظم أجرا من دم يهراق في هذا اليوم يعني يوم النحر إلا رحم يصلها.

(إسناده صحيح) (مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 386)

روى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال: لأن أضحي بشاة أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم.

(إسناده صحيح) (مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 388)

الأنعام التي تكون منها الأضحية:

اتفق أهل العلم أن الأضحية لا تصح إلا من الإبل والبقر، ومنها الجاموس، والغنم ومنها الماعز، بسائر أنواعها، فيشمل الذكر والأنثى، والخصي والفحل، ولا تجزئ غير هذه الأنواع، لأنه لم ينقل أحدٌ مِن العلماء عن النبي ولا عن الصحابة، التضحية بغير هذه الأنواع من الأنعام، ولأن الأضحية عبادة تتعلق بالحيوان، فتختص بهذه الأنواع المذكورة فقط.

(الفقه الإسلامي للزحيلي جـ3 صـ611)

يقول الله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) ( الحج : 34 )

أفضل الأضاحي:

إن أفضل ما يضحي به المسلم هو: (الإبل ثم البقر ثم الغنم ثم الاشتراك في الإبل ثم الاشتراك في البقر).

(المغني لابن قدامة جـ13 صـ366)

قال البخاريُّ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ قَالَ: كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ .

(البخاري ـ كتاب الأضاحي ـ باب 7)

روى عبد الرزاق عن عروة بن الزبير قال: لا يهدي أحدكم لله ما يستحي أن يهدي لكريمه الله أكرم الكرماء وأحق من اختير له.

(إسناده صحيح)(مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 386)

سِنُّ الأضحية عند الذبح:

يُجْزئ من الضأن ما له ستة أشهر ودخل في السابع، ومن الماعز ما له سَنَة كاملة ودخل في الثانية، ومن البقر ما له سَنَتان كاملتان ودخل في الثالثة، ومن الإبل ما له خمس سنين ودخل في السادسة، يستوي في ذلك الذكر والأنثى، ولا يجزئ أقل من ذلك.

( الاستذكار جـ15 صـ154 )( المغني لابن قدامة جـ13 صـ368 : صـ369 )

يجب على المسلم الذي يريد أن يُضحي ويحرص على اتباع السُّنة أن يتأكد من سِن الأضحية عند شرائها وذلك بسؤال أهل الخبرة في هذا الأمر .

روى مسلمٌ عَنْ جَابِرٍ بنِ عبدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ). (مسلم حديث 1963)

التضحية بالخَصِيّ من الأنعام:

يجوز أن تكون الأضحية بالخصي من الإبل أو البقر أو الغنم.

روى ابنُ ماجه عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (حديث صحيح)(صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2531)

موجوءين: أي: خصيين.

(لسان العرب لابن منظور جـ6 صـ4766)

الخِصاء: إذهاب عضو غير مستطاب، يَطيبُ اللحم بذهابه ويكثر ويسمن.

(المغني لابن قدامة جـ13 صـ371)

قال الخطابيُّ ـ رحمه الله ـ : في هذا الحديث دليلٌ على أن الخصي في الضحايا غير مكروه, وقد كرهه بعض أهل العلم لنقص العضو, وهذا النقص ليس بعيب لأن الخصاء , يجعل  اللحم طيباً وينفي منه الزهومة وسوء  الرائحة .

(معالم السنن للخطابي جـ2 صـ197 )

(فتح الباري لابن حجر جـ10 صـ12 )

ما لا يُجزئ من الأضاحي:

روى أبو داودَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ فَقَالَ: أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ فَقَالَ الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى (لَيْسَ لَهَا مُخٌّ).

(حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث 2431)

قال ابنُ عبد البر ـ رحمه الله ـ: أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع عليها لا أعلم خلافاً  بين العلماء فيها ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها، فإذا كانت العلة في ذلك قائمة آلا ترى أن العوراء إذا لم تجز في الضحايا فالعمياء أحرى ألا تجوز وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أحرى ألا تجوز وكذلك ما كان مثل ذلك كله .

(الاستذكار لابن عبد البر جـ 15صـ 124)

يجب أن يكون من المعلوم أن الله عز وجل طيب لا يقبلُ إلا طيباً, ولذا فإن من شروط الأضحية أن تكون سليمة من العيوب التي تنقص اللحم, فلا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى الله تعالى بأضحية بها عيوب، فلا تجزئ العمياء ولا العوراء ولا المريضة التي لا يُرجى بُرؤُها ولا العرجاء, الظاهر عرجها, ولا الجدَّاء, وهي التي يبس ضرعها, ولا العجفاء وهي التي ذهب مخها من شدة ضعفها, ولا العضباء وهي التي ذهب أذنها أو قرنها , ولا مقطوعة الإلية .

(المغني لابن قدامة جـ13 صـ369 : صـ371)

العيوب اليسيرة في الأضحية:

قال الخطابي ـ رحمه الله ـ عند شرحه لحديث «أربع لا تجوز في الأضاحي» في هذا الحديث دليلٌ على أن العيب الخفيف في الضحايا معفو عنه، ألا تراه يقول: بينٌ عورها، بينٌ مرضها، بينٌ ظلعها، فالقليل غيرُ بينٍ، فكان معفوًا عنه».

(معالم السنن للخطابي جـ2 صـ199)

ولاة أمور المسلمين و الأضاحي :

يُستحبُ لولاة أمور المسلمين في حال السعة ووفرة الموارد الاقتصادية للبلاد , إعطاء رعاياهم ما تيسر من الإبل أو البقر أو الغنم ليضحوا به في أعيادهم , لأن هذا العمل يؤدي إلى زيادة الترابط والمودة بين ولاة الأمور ورعاياهم في كل مكان وزمان .

روى الشيخانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ فَبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ضَحِّ بِهِ أَنْتَ .

(البخاري كتاب الأضاحي حديث 5555 / مسلم حديث 1965)

العتود: من أولاد الماعز , وهو ما قوي ورعى وبلغ سنة كاملة .

(مسلم بشرح النووي جـ7 صـ133)

(فتح الباري لابن حجر جـ10 صـ14)

الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته:

يجب أن نعلم أولا أن أهل بيت الرجل هم من تلزمه النفقة عليهم، قليلاً كانوا أو كثيرًا، والأضحية بالشاة الواحدة تجزئ عنهم جميعًا.

(مجموع فتاوى ابن تيمية جـ23صـ164)

روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَحَاضَتْ بِسَرِفَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ مَا لَكِ أَنَفِسْتِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَلَمَّا كُنَّا بِمِنًى أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَزْوَاجِهِ بِالْبَقَرِ .

(البخاري حديث 5548)

قال ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ :

وقوله ضحى النبي عن أزواجه بالبقر ظاهر في أن الذبح المذكور كان على سبيل الأضحية .ثم قال رحمه الله: واستدل به الجمهور على أن ضحية الرجل تجزي عنه وعن أهل بيته .

(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 10صـ 8)

قال القرطبي ـ رحمه الله ـ: لم ينقل أن النبي أمر كل واحدة من نسائه بأضحية مع تكرار سني الضحايا ومع تعددهن والعادة تقضي بنقل ذلك لو وقع كما نُقِلَ غير ذلك من الجزئيات .

(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 10صـ 8)

روى ابنُ ماجه عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(حديث صحيح)(صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2531)

روى الترمذيُّ عّنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ كَيْفَ كَانَتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَتْ كَمَا تَرَى .

(حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث 1261)

روى عبد الرزاق عن عكرمة أن أبا هريرة كان يذبح الشاة يقول أهله وعنا؟ فيقول: وعنكم.

(إسناده صحيح)(مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 384)

الأضحية عن الجنين:

روى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ .

(موطأ مالك جـ 1 كتاب الضحايا ـ حديث 13)

الأضحية عن الغائب:

روى عبد الرزاق عن معمر قال: سألت الزهري: أنضحي عن الغائب؟ فقال لا بأس به .

 (إسناده صحيح)(مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 382)

الاشتراك في الأضحية الواحدة:

يجوز للمسلم أن يشترك في الأضحية مع غيره إذا كانت من الإبل أو البقر، فيجزئ البعير الواحد أو البقرة الواحدة عن سبعة أفراد.

(المغني لابن قدامة جـ13 ص392)

روى مسلمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.

(مسلم حديث 1318)

ذبح الأضاحي عن الأموات:

يجوز ذبح الأضاحي عن الأموات ويصل الثواب إليهم، إن شاء الله، لأن الأضحية نوع من الصدقات، والصدقة تصح عن الميت وتنفعه.

روى ابنُ ماجه عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(حديث صحيح)(صحيح ابن ماجه للألباني حديث 2531)

قال الإمام الترمذيُّ ـ رحمه الله ـ : رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُضَحَّى عَنْ الْمَيِّتِ.

(سنن الترمذي جـ 4 صـ 71)      

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :

تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا يَجُوزُ الْحَجُّ عَنْهُ وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ وَيُضَحَّى عَنْهُ فِي الْبَيْتِ وَلَا يُذْبَحُ عِنْدَ الْقَبْرِ أُضْحِيَّةً وَلَا غَيْرَهَا .

(فتاوى ابن تيمية جـ 26صـ 306)

قال محمد شمس الحق العظيم آبادي ـ رحمه الله ـ :

 الثابت عن النبي أنه كان يضحي عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ وعن نفسه وأهل بيته ولا يخفى أن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ كان كثير منهم موجوداً زمن النبي وكثير منهم توفوا في عهده فالأموات والأحياء كلهم من أمته دخلوا في أضحية النبي .والكبش الواحد كما كان للأحياء من أمته كذلك للأموات من أمته بلا تفرقة.

(عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ 7صـ 384)

ما يتجنبه صاحب الأضحية:

روى مسلمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ .

(مسلم حديث 1977)

 النهي في هذا الحديث يشمل شعر الرأس والشارب والإبط والعانة.

الحكمة من عدم قص الشعر و الأظافر:

قال ابنُ عثيمين ـ رحمه الله ـ: الحكمة من عدم قص الشعر و الأظافر أن الله سبحانه وتعالى برحمته لما خص الحجاج بالهدي، وجعل لنسك الحج محرمات ومحظورات، وهذه المحظورات إذا تركها الإنسان لله أثيب عليها، والذين لم يحرموا بحج ولا عمرة شرع لهم أن يضحوا في مقابل الهدي، وشرع لهم أن يتجنبوا الأخذ من الشعور والأظفار والبشرة لأن المحرم لا يأخذ من شعره شيئاً، يعني لا يترفه، فهؤلاء ـ أيضاً ـ مثله، وهذا من عدل الله ـ عزّ وجل ـ وحكمته، كما أن المؤذن يثاب على الأذان، وغير المؤذن يثاب على المتابعة، فشرع له أن يتابع.

(الشرح الممتع لابن عثيمين جـ 7 صـ 529)

وقت ذبح الأضحية:

يبدأ وقت الأضحية بعد الانتهاء من صلاة العيد أو مرور وقت بمقدار الانتهاء من صلاة العيد ويمتد الذبح ليلاً ونهارًا حتى آخر أيام التشريق الثلاثة.

(الاستذكار جـ15 صـ198/ المجموع للنووي جـ8 صـ391:389)

التحذير من ذبح الأضاحي قبل صلاة العيد:

لا يجوز ذبح الأضحية قبل صلاة العيد أو قبل مرور وقت بمقدار صلاة العيد.

(سبل السلام للصنعاني جـ4 صـ533)

روى البخاريُّ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ .

(البخاري حديث965)

روى مسلمٌ عن جُنْدَبَ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ:شَهِدْتُ الْأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعْدُ أَنْ صَلَّى وَفَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَرَى لَحْمَ أَضَاحِيَّ قَدْ ذُبِحَتْ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَقَالَ: (مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ نُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ.)

(مسلم حديث 1960)

التوكيل في ذبح الأضحية والتصرف فيها:

من السُّنة أن يقوم صاحب الأضحية بذبحها بنفسه.

روى الشيخانِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ .

(البخاري حديث5564/مسلم حديث 1966)

ويجوز لصاحب الأضحية أن يُنيب غيره في ذبحها والتصرف فيها بلا حرج، ولا خلاف بين أهل العلم في جواز التوكيل وذلك لأن النبي نحر بيده ثلاثًا وستين بدنة ثم أعطى السكين لعلي بن أبي طالب فنحر الباقي وكان النبي قد أهدى مائة بدنة في حجة الوداع.

(البخاري حديث 1718/ مسلم حديث 1218)

توجيه الأضحية إلى القبلة:

يُستحبُ عند ذبح الأضحية أن تُوَجَّهَ تجاه القبلة.

روى مالكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ بِيَدِهِ يَصُفُّهُنَّ قِيَامًا وَيُوَجِّهُهُنَّ إِلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ .

(موطأ مالك جـ 1 كتاب الحج ـ باب 46 ـ حديث 145)

روى عبد الرزاق عن نافع أن ابن عمر كان يكره أن يأكل ذبيحة ذبحه لغير القبلة.

(إسناده صحيح)(مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 489)

روى عبد الرزاق عن ابن سيرين قال: كان يُستحبُ أن تُوَجَّهَ الذبيحة إلى القبلة

(إسناده صحيح)(مصنف عبد الرزاق جـ 4صـ 489)

ما يقال عند ذبح الأضحية:

من السُّنة عند ذبح الأضاحي أن يقول صاحب الأضحية ـ أو نائبه باسم الله والله أكبر، اللهم تقبَّل مِن فلان ويذكر اسمه، ويذكر الوكيل اسم مَن أنابه، وآل فلان ويُذكر اسم صاحب الأضحية.

(مسلم حديث 1967)

أجرة الجزَّار:

يجب على صاحب الأضحية أو مَن ينوب عنه أن يُعطي الجزَّار أجرة عمله من عنده، ولا يجوز أن يعطيه أجرته من لحم الأضحية أو يعطيه جلدها بدلا من الأجرة لأن النبي نهى عن ذلك.

روى مسلمٌ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا قَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا.

(مسلم حديث 1317)

فائدة هامة:

يجوز لصاحب الأضحية أن يُعطي الجزَّار شيئًا من لحم الأضحية على سبيل الهدية أو الصدقة، ولا حرج في ذلك، لأنه مستحقٌ للأخذ منها كغيره مِن الناس، بل هو أولى لأنه باشرها وتاقت نفسه إليها.

(المغني جـ13 صـ 382:381/ فتح الباري جـ3 صـ651:650)

تقسيم لحوم الأضاحي:

يُستحبُ أن تُقَسَّمَ الأضحية ثلاثة أقسام: فيأكل أهل البيت ويدخرون ثلث الأضحية، ويتصدقون بثلث على الفقراء والمساكين ويُهدون لأصدقائهم الثلث الباقي.

(الاستذكار جـ15 صـ173/ المغني جـ13 صـ379)

روى مسلمٌ عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (عن لحوم الأضاحي): « كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا ».

(مسلم حديث 1791)

وقفات هامة مع الأضحية:

1 ـ إذا عَيَّن المسلم أضحية، فولدت، فولدها تابع لها وحكمه حكمها، سواء كان حملا قبل التعيين أو حدث بعده.

(الأم للشافعي جـ2 صـ224/ المغني جـ13صـ375)

2 ـ إذا أوجب المسلم على نفسه أضحية سليمة من العيوب ثم أصابها عيب يمنع الإجزاء بتضحيتها، من غير إهمال منه، ذبحها وأجزأته ولا شيء عليه.

(الأم للشافعي جـ2 صـ225/ المغني جـ13صـ377:373)

3 ـ إذا أوجب شخص على نفسه أضحية معينة ثم أصابها تلف أو سُرقت أو ضلت بإهمال منه وجب عليه أن يذبح مثلها أو يكون عليه قيمتها يوم أتلفها، وأما إذا حدث ذلك بغير تفريط منه فلا شيء عليه، فإن عادت إليه الأضحية التي سرقت ذبحها سواء في زمن الذبح أو بعده.

(الأم جـ2 صـ225/ المغني جـ13 صـ373)

4 ـ يجوز لصاحب الأضحية إذا عينها أن يستبدلها بأفضل منها وليس بأقل منها.

(المغني جـ13 صـ384)

5 ـ لا يجوز بيع شيء من الأضحية، لا لحمها ولا جلدها ولا صوفها، واجبة كانت أو تطوعًا، لأنها تعينت بالذبح وقد جعلها صاحبها لله تعالى، ويجوز الانتفاع بجلدها وصوفها أو التصدق به.

(الأم جـ2 ص224/ المغني جـ13 صـ383:382 )

6 ـ مَنْ عيَّن أضحية ثم مات قبل ذبحها، وجب على ورثته ذبحها، ولا يجوز بيعها والتصدق بثمنها، ولا يجوز بيعها لسداد دَيْنه لأن دَيْن الله أحق بالقضاء.

(المغني جـ13 صـ 378)

7 ـ من نذر أضحية نذرًا مطلقًا (أي غير مقيد، كأن يقول: نذرت هذه الأضحية لله تعالى) ثم ذبحها، فله أن يأكل منها وأهل بيته ولا حرج في ذلك لأن نذر الأضحية محمول على المعهود، والمعهود من الأضحية ذبحها والأكل منها.

(المغني جـ13صـ391)

قال ابنُ عثيمين ـ رحمه الله ـ: الأضحية يُأكلُ منها، سواء كانت واجبة بالنذر أو غير واجبة.

(الشرح الممتع لابن عثيمين جـ 7صـ 526)

8 ـ من أوجب على نفسه أضحية ثم لم يذبحها حتى خرج وقت الذبح، وجب عليه ذبحها في أقرب وقت ويصنع بها ما يصنع بالمذبوحة في وقتها.

(المغني جـ13 صـ387)

9 ـ الأضحية أفضل من التصدق بثمنها لأن نَفْس الذبح وإراقة الدم هو المقصود، وهو عبادة مقرونة بالصلاة كما قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر : 2)

وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ )

(الأنعام : 162 : 163)

ولأن النبي ضحى وكذلك الخلفاء من بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل من الأضحية لعدلوا إليها.

(المدونة جـ2 صـ70/ المجموع جـ8 صـ425/ المغني جـ13 صـ361)

إطعام غير المسلمين من الأضاحي :

يجوز إطعام غير المسلمين من لحوم الأضاحي لفقرهم أو لقرابتهم أو لجوارهم أو تأليفاً لقلوبهم , بشرط أن لا يكونوا محاربين لنا , وذلك لأن النسك إنما هو في ذبح الأضحية تقرباً إلى الله تبارك وتعالى, وكذلك الحكم في صدقات التطوع وذلك لعموم قوله تعالى : (لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة : 8)

ولأن النبي أَمَرَ أسماءَ بنت أبي بكر الصديق أن تَصِلَ أمها بالمال , وكانت أمها مشركة في فترة الهدنة التي كانت بين النبي وأهل مكة . روى الشيخانِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ:قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ.

(البخاري حديث 2620 / مسلم حديث 1003)

أما الصدقات الواجبة كالزكاة وكفارة اليمين فلا يجوز إعطاؤها لغير المسلمين .

(المغني لابن قدامة جـ13 صـ381 )

(فتاوى اللجنة الدائمة جـ11 صـ424 )

نبينا يضحي عن من لم يضح من أمته:

روى أبو داودَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ وَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي .

(حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث 2436)

وصدق الله العظيم القائل في كتابه العزيز : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ( التوبة : 128 : 129 )

وختاماً :

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به المسلمين .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply