بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
١- (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) رواه البخاري ومسلم.
هذه الكلمة قالتها عائشة - رضي الله عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا ما، ولهذه الكلمة التي تقطر عذوبةً وحلاوةً شواهدُ قرآنية أخرى تدل على مكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ربه عز وجل.
٢- فما تخطئ عينُ قارئ القرآن تلك المواضع التي يعطي الله عز وجل نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما يتمنى، ومواضع أخرى يَصِل فيها الخطاب القرآني إلى أعماق نفسه - صلى الله عليه وسلم - فيراعي مشاعره، ويطيب خاطره، ويعزيه،.. وكل ذلك ما كان ليقع إلا لعلو شأنه صلى الله عليه وسلم.
٣- من ذلك ما جاء في قصة استقبال الكعبة، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يتوجه إلى الكعبة، وكانت القبلة حينها بيت المقدس، فكان يقلب طرفه في السماء، ونفسُه تهفو إلى استقبال الكعبة، فنزلت الآيات على ما يتمنى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها).
٤- ومن ذلك ما جاء في قصة تأخر الوحي، إذ قالت له امرأة مشركة: ما أرى ربك إلا قد تركك.
حتى وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفسه من تلك الكلمة ما وجد، فنزلت سورة كاملة تطيب خاطره، وتسكن نفسه صلى الله عليه وسلم..
٥- وكان أسلوب تلك السورة عجيبًا حقا، فقد أقسم الله له أنه ما هجره !، فقال جل في علاه (والضحى، والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما وقلى) ثم وعده (وللآخرة خير لك من الأولى) ثم زاده (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ثم جاء العتاب رقيقا لطيفًا إذ كيف يقع في نفسك ذلك؟
٦- فقال سبحانه: (ألم يجدك يتيما فآوى، ووجدك ضالا فهدى، ووجدك عائلا فأغنى..) وهذه العناية الربانية لا تكون لمن سيُترك يومًا ما..
اللهُ عوَّدك الجميلُ.. فقِس على ما قد مضى.
٧- ومن ذلك أيضا ما جاء في قصة النفر الذين استأنسوا بمجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأطالوا المكث فيه حتى تأذى النبي - صلى الله عليه وسلم - من طول مكثهم، ولشدة حيائه استحى أن يقول لهم: قوموا.. أو اخرجوا.
فنزلت آيات تأمر الصحابة - رضي الله عنهم - بعدم المكث عنده فوق الحاجة
٨- وكانت العلة بعد هذا الأمر هي قوله سبحانه: (إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم).
٩- ومن ذلك ما ينزل من الآيات عند حزنه - صلى الله عليه وسلم - وضيق صدره، فتكون تلك الآيات بلسمًا على قلبه - صلى الله عليه وسلم- إذ يقول له ربه: (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون).. (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون..).. إلخ.
١٠- وإن أردت مواضع هي ألطف وأدق في الدلالة على مكانته - صلى الله عليه وسلم - فتتبع مواضع العتاب التي هي مظان الشدة في الخطاب فتجد عامة تلك المواضع عذبة الأسلوب، حانية الخطاب..
١١- من تلك المواضع ما جاء في قصة إذنه - صلى الله عليه وسلم - للمنافقين، فنزل العتاب مفتتحًا بالعفو تطمينًا لقلبه - صلى الله عليه وسلم - فقال سبحانه: (عفا الله عنك لمَ أذنت لهم..)
١٢- ومن تلك المواضع أيضًا ما جاء في قصة إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن الأعمى لانشغاله بدعوة كفار قريش، فجاء العتاب مفتتحًا بعتاب الغائب إعلاء لشأنه - صلى الله عليه وسلم - فقال سبحانه: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى..) وهذا من أعذب المواضع في العتاب وأرقها.
١٣- وغير ذلك كثير، كثير.. ما تقرأ آية فيها ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وجدت فيها الإشارة إلى مكانته عند ربه سبحانه.
١٤- وإذا تدبرت تلك المواضع، ووقر في قلبك أنَّ الذي يخاطبه بهذا الأسلوب هو الله عز وجل تبين لك ما ينبغى على المسلم أن يحمله مِن إجلال وتوقير لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد