الاكتشافات الغربية في التراث الإسلامي


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

‏من الظواهر التي تستحق الدراسة وإلقاء الضوء: دعوى الاكتشافات الغربيَّة في التراث الإسلامي، والتي يتبين من معظمها، إن لم يكن كلها مما يصح منها،أنها مسبوقة ومعروفة ومُقَرَّرَة في التراث الإسلامي نفسه، ولا جديدة فيها حتى تسمه بالاكتشاف!

‏ولعل أكتفي هنا بضرب مثالين سريعين: الأول وهو دعوى زائفة بتأثير الفلسفة المشائيَّة، وخصوصًا السيناويَّة، في اعتقاد ابن تيميَّة، وأنَّ هذا الاكتشاف -(discovery) كما وصفه الباحث رودريجو آدم- لعب في بيانه الباحث الغربي جون هوفر دورًا رائدًا.

‏والحقيقة أنَّ هذه المزاعم الزائف، أو بالأحرى التهم، كانت معروفة وقديمة في زمن ابن تيميَّة من قِبَلِ خصومه وممن جاء بعدهم، ومن بعض المعاصرين في القرن العشرين، الذين فصلوا في تلك التهمة، وقد ذكر بعضهم رودريجو، وفاته بعضهم الآخر.

‏المثال الثاني: دعوى مضحكة وسخيفة، لباحثة غربيَّة، تدعي التخصص في ابن قيم الجوزيَّة، قالت في بحثٍ لها قبل سنوات قليلة، أنَّها هي أول من اكتشف شخصية (الجبري) الذي ينقل عنه ابن القيم في كتابه (شفاء العليل)، وأنَّه هو ابن خطيب الري= فخر الدين الرازي، العالم الأشعري!

‏وقلتُ إنها دعوى مضحكة وسخيفة لسببين: (1): أن ابن قيم الجوزية نفسه نص وذكر اسمه في كتابه مرارًا. (2): أن الباحثين يعلمون ذلك كمعلومة دارجة لا تحتاج لتنبيه، وذكروا ذلك في أبحاثهم قبلها بسنوات طويلة، ومنها على سبيل المثال: في رسالتي الماجستير عن ابن قيم الجوزية وكتابه (شفاء العليل).

‏وبمشيئة الله، لعلي أخصص جملة من المقالات نقديَّة عن الموضوع الأخير بالتفصيل، وعن نماذج من تحقيقات المستشرقين الغربيين للتراث العربي ومدى فهمهم للنصوص، ومقدرتهم على التحقيق العلمي، كما خصصت مقالاً عن بعض نماذج الترجمات العربيَّة للمترجمين العرب عن الكتب الأجنبية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply