بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من أعظم النعم وأفضل المنح أن يوفق العبد لطاعة الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الله لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه وهو طاعته وطاعة رسوله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه.
فطوبى لمن وفقه الله لطاعته وعبادته، وأعانه على ذلك، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الله سبحانه إذا أراد توفيق عبد وهدايته، أعانه ووفقه لطاعته، فكان ذلك فضلًا منه، وإذا أراد خذلان عبدٍ وكله إلى نفسه، وخلى بينه وبينها، فأغواه الشيطان لغفلته عن ذكر الله، ﴿ وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف:28]وكان ذلك عدلًا منه
فلنجاهد أنفسنا لنكون من الطائعين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الطائع قليل والمعاند كثير.
فالعبد لا ينفعه إلا طاعة ربه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما ينفع العبد هو: طاعة الله، وعبادته، إذ النافع له هو طاعة الله، ولا شيء أنفع له من ذلك.
للسلف أقوال في الطاعة والعبادة، يسّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
- العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة
- العبادة هي الغاية التي خلق الله لها العباد، من جهة أمر الله ومحبته ورضاه، كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56] وبها أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وهي اسم يجمع كمال الحب لله ونهايته، وكمال الذّلّ ونهايته، فالحب الخلي عن ذل، والذّلّ الخلي عن حب لا يكون عبادة، وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين، ولهذا كانت العبادة لا تصلح إلا لله. وهي وإن كانت منفعتها للعبد، والله غني عن العالمين، فهي له من جهة محبته لها، ورضاه بها.
· التقصير في الطاعة:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: لا تنظر إلى تقصيرك باعتبار زمانك، فإنك إن فعلت فقد تُعجب بنفسك، أنك قد ترى كلَّ من حولك أقل منك في عبادة الله، لكن انظر إلى تقصيرك بالنسبة لمن سبقك، انظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم وحال الصحابة رضي الله عنهم، عمر بن الخطاب لما سمع القارئ يقرأ : ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ*مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ ﴾ [سورة الطور/7-8] مرض حتى صار يُعاد من خوفه من الله عز وجل، ونحن تمرُّ على قلوبنا هذه وكأنها قطعة ثلج لا يهتم بها الإنسان...ونحن إذا نظرنا إلى حال الصحابة وحال التابعين وجدنا أن بيننا وبينهم كما بين الثرى والثريا، وعرفنا تقصيرنا تمامًا.
· استيعاب أكثر الوقت في الطاعة:
قال الإمام الغزالي رحمه الله: من أراد...أن تترجح كفة حسناته، وتثقل موازين خيراته فليستوعب في الطاعة أكثر أوقاته، فإن خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا فأمره مخطر، ولكن الرجا غير منقطع، والعفو من كرم الله منتظر، فعسى الله تعالى أن يغفر له بجوده وكرمه.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
- قوله علية الصلاة والسلام: ((لن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) المعنى: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز، وانقطع فيغلب. قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع.
- الأخذ بالتشديد في العبادة يُفضي إلى الملل القاطع لأصلها، وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلًا، وترك التنفل يُفضي إلى البطالة، وعدم النشاط إلى العبادة، وخير الأمور الوسط.
- من أجهد نفسه في شيء من العبادة خشي عليه أن يملّ فيفضي إلى تركه.
- الاقتصاد في العبادة وترك التعمق فيها لأن ذلك أنشط، والقلب به أشد انشراحًا
** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: أنتم متى تكلفتم من العبادة ما لا تطيقون، لحقكم الملل، وأدرككم الضعف والسآمة، وانقطع عملكم، فانقطع عنكم الثواب لانقطاع العمل، يحضهم صلى الله عليه وسلم على القليل الدائم ويخبرهم أن النفوس لا تحتمل الإسراف عليها
** قال الإمام النووي رحمه الله: فيه الحث على القصد في العبادة، وأنه ينبغي للإنسان أن لا يحتمل من العبادة إلا ما يطيق الدوام عليه، ثم يحافظ عليه
· الموت قبل إتمام العبادة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن بطال: من شرع في عمل طاعة ثم حال بينه وبين إتمامه الموت رُجي له أن يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل.
· رؤية الطاعات والرضا بها:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
- رضا العبد بطاعته دليل على حسن ظنه بنفسه، وجهله بحقوق العبودية، وعدم علمه بما يستحقُّه الربُّ جلَّ جلالُه ويليق أن يعامل به.
- الرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها...وأرباب العزائم والبصائر أشدُ ما يكونون استغفارًا عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام بها كما يليق بجلاله وكبريائه.
- الله سبحانه إذا أراد بعبده خيرًا أنساه رؤية طاعاته، ورفعها من قلبه ولسانه،...فعلامةُ السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره، وسيئاتهُ نصبَ عينيه، وعلامة الشقاوة أن يجعل حسناته نصب عينيه، وسيئاته خلف ظهره.
· إخفاء الطاعة:
** قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: الإنسان قد يخفي...الطاعة فتظهر عليه ويتحدث الناس بها، وبأكثر منها، حتى إنهم لا يعرفون له ذنبًا، ولا يذكرونه إلا بالمحاسن ليعلم أن هناك ربًا لا يضيعُ عمل عامل.... وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه أو تأباه، وتذمه أو تمدحه، وفق ما يتحقق بينه وبين الله تعالى فإنه يكفيه كل هم، ويدفع عنه كل شر.
** قال الإمام النووي رحمه الله: استحباب إخفاء الأعمال الصالحة، وما يكابده العبد من المشاق في طاعة الله تعالى، ولا يظهر شيئًا من ذلك إلا لمصلحة، مثل بيان حكم ذلك الشيء، والتنبيه على الاقتداء به فيه، ونحو ذلك، وعلى هذا يحمل ما وجد للسلف من الأخبار بذلك.
· إظهار العبادة في بعض المواضع:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
- الجهر بالعبادة قد يكون في بعض المواضع أفضل من الإسرار، وهو عند التعليم، وإيقاظ الغافل، ونحو ذلك.
- العمل الصالح...قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة.
· علامة قبول الطاعة:
** قال الحافظ ابن رجب: علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية، ما أحسن الحسنة بعد الحسنة، وما أقبح السيئة بعد الحسنة، ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة. سلوا الله الثبات إلى الممات، وتعوذوا من الحور بعد الكور كان الإمام أحمد يدعو ويقول: اللهم أعزني بطاعتك، ولا تذلني بمعصيتك.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: قد تكون هناك علامات لمن تقبل الله منهم من الحُجَّاج والصائمين والمتصدِّقين والمصلِّين، وهي انشراح الصدر، وسرور القلب، ونور الوجه، فإن للطاعات علامات تظهر على بدن صاحبها، بل هي ظاهره وباطنه أيضًا، وذكر بعض السلف أن من علامات قبول الحسنة : أن يُوفَّق الإنسان لحسنة بعدها، فإن توفيق الله إياه لحسنة بعدها يدل على أن الله عز وجل قبل عمله الأول، ومنَّ عليه بعمل آخر يرضي به عنه.
- جاء في الحديث: ((من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن))،هذا شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام: أن الإنسان إذا فعل الحسنة وسُرَّ بذلك وفرح وانشرح صدره.
· أثر الطاعة في الدنيا والآخرة:
** قال أبو الدرداء رضي الله عنه:
-إن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، وإذا أحبه الله حببه إلى خلقه.
- اعمل عملًا صالحًا قبل الغزو، فإنما تقاتلون الناس بأعمالكم.
** قال أبو سليمان الدارني: أهل الطاعة في طاعتهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم.
** عن يحيى بن أبي كثير قال: كان يقال: ما أكرم العبادُ أنفسهم بمثل طاعة الله، ولا أهان العباد أنفسهم بمثل معصية الله.
** قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: من أراد عزًا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
-الإنسان إذا كان مقيمًا على طاعة الله باطنًا وظاهرًا...فهو في جنة الدنيا.
- المسلم الصادق إذا عبد الله بما شُرِعَ، فتحَ الله عليه أنوار الهداية في مدة قريبة.
- الطاعة سبب النعمة. -الطاعة عاقبتها سعادة الدنيا والآخرة.
- الله يعطي من أطاعه قوة في قلبه وبدنه يكون بها قادرًا على ما لا يقدر عليه غيره.
- العمل الصالح مثل صلاة أقبل عليها بقلبه ووجهه وأخلص فيها وراقب، وفَقِه ما بُنيت عليه من الكلمات الطيبات والأعمال الصالحة، يعقبه في عاجل أمره نور في قلبه، وانشراح في صدره، وطمأنينة في نفسه...وتثبيت في يقينه، وقوة في عقله.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
-جعل الله تعالى للحسنات والطاعات آثارًا محبوبة لذيذة طيبة، لذتها فوق لذة المعصية بأضعاف مضاعفة، لا نسبة لها إليها.
- آثار الحسنات والسيئات في القلوب والأبدان والأموال أمر مشهود في العالم، لا ينكره ذو عقل سليم...وشهود العبد هذا في نفسه وفي غيره وتأمله ومطالعته مما يقوى إيمانه بما جاءت به الرسل، وبالثواب والعقاب.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ما استجلب العبد من الله ما يحب، واستدفع منه ما يكره، بأعظم من اشتغاله بطاعة الله، وعبادته، وذكره، وهو حقيقة الإيمان، فإن الله يدفع عن الذين آمنوا.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: المتوجه إلى ربه يُعان، فلا يسرع إليه النصب، والجوع، بخلاف المتوجه إلى غيره.
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
- الطاعات تصلح بها الأخلاق، والأعمال، والأرزاق، وأحوال الدنيا، والآخرة.
-من سبق في الدنيا إلى الخيرات، فهو السابق في الآخرة إلى الجنات، فالسابقون أعلى درجة، والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل، من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، وعمرة، وجهاد، ونفع متعد وقاصر.
- في الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشهيات، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ﴾ إلى أن قال: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾
- متى عرف العبد ما في الطاعات من صلاح القلوب، وزيادة الإيمان، واستكمال الفضائل، وما تثمره من الخيرات والكرامات، وما في المحرمات من الضرر والرذائل، وما توجبه من العقوبات المتنوعة، وعلم ما في أقدار الله من البركة، وما لمن قام بوظيفته فيها من الأجور، هان عليه الصبر على جميع ذلك
-السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
- كل خير يوجد في الدنيا والآخرة فإنه من آثار عبادة الله وتقواه.
- مما أمر الله به الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج التي من فوائدها: انشراح الصدر ونوره، وزوال همومه وغمومه، ونشاط البدن وخفته، ونور الوجه، وسعة الرزق، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفي الزكاة والصدقة ووجوه الإحسان: زكاة النفس، وتطهيرها، وزوال الوسخ والدرن عنها، ودفع حاجة أخيه المسلم وزيادة بركة ماله ونماؤه، مع ما في هذه الأعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه، ومن حصول رضاه الذي هو أكبر من كل شيءٍ، وزوال سخطه.
وما ذكره الله في كتابه من الأعمال كلها، كالجهاد، والصلاة، والصوم، والحج، وبقية الأعمال، والإحسان إلى الخلق، فإنها وإن كان المقصود الأعظم منها نيل رضى الله، وقربه، وثوابه، والإحسان إلى عبيده، فإن فيها صحة للأبدان، وتمرينًا لها، ورياضة، وراحة للنفس، وفرحًا للقلب، وأسرار خاصة تحفظ الصحة، وتنميها، وتزيل عنها المؤذيات، وبالجملة فإن جميع الشرائع ترجع إلى صلاح القلوب والأرواح، والأخلاق، والأبدان، والأموال، والدنيا والآخرة، والله أعلم.
** قال الشيح سعد بن ناصر الشثري: الإثم سبب من أسباب ضيق الصدر، وقلقه واضطرابه، مما يدل على أن الطاعة سبب للطمأنينة.
· من وسائل الثبات على الطاعة:
قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: من وسائل الثبات على طاعة الله: الصدق في محبته سبحانه، وسؤال ربك أن يثبتك على طاعة الله، والابتعاد عن أسباب الشر وأهله، وعليك بمرافقة الصالحين.
· فوائد الاجتماع للعبادات:
قال العلامة السعدي رحمه الله: شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع، كالصلوات الخمس، والجمعة، والأعياد، ومشاعر الحج، والاجتماع لذكر الله، والعلم النافع، لما في الاجتماع من الاختلاط الذي يوجب التوادد والتواصل، وزوال التقاطع، والأحقاد بينهم، ومراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير، وحصول التنافس في الخيرات، واقتداء بعضهم ببعض، وتعليم بعضهم بعضًا، وتعلم بعضهم من بعض، وكذلك حصول الأجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد، إلى غير ذلك من الحكم.
· تعليق القلب بعمل طاعة في المستقبل:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من سعى في شيء وقلبه معلق أنه يعمل كذا وكذا من الخيرات إذا امتد به الزمن وامتدت به الحياة، فإن الله عز وجل كريم يعطى عباده بغير حساب ويجزل لهم الثواب ومن رحمته وكرمه بعباده المؤمنين أن العبد إذا كان قلبه معلقًا بشيءٍ في المستقبل أن يعمله من الطاعات متى حان الأوان فإنه يؤتيه ذلك.
· أفضل العبادة:
قال قاسم الجوعي: أفضل العبادة مُكابدة الليل.
· السرور بالله جل جلاله يزيد من الطاعات:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: السرور بالله وقربه وقرة العين به تبعث على الازدياد من طاعته وتحثُّ على السير إليه.
· مراعاة نشاط النفس عند فعل الطاعة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: مُراعاة نشاط النفوس لفعل الطاعة.
· خطورة العبادة بدون علم:
قال ضرار بن عمرو: إن قومًا تركوا العلم، ومجالسة أهل العلم، صلوا وصاموا، حتى بلي جلد أبدانهم على عمه، وخالفوا السنة فهلكوا، والذي لا إله غيره، ما عمل عامل قط على جهل، إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح.
· من أسباب لذة العبادة وحلاوتها:
سئل العلامة العثيمين: ما أسباب تحصيل لذة العبادة التي كان يجدها أمثالُ ابن تيمية رحمه الله؟ فأجاب: ذلك فضل الله سبحانه وتعالى يُؤتيه من يشاء وله أسباب: منها: كثرة قراءة القرآن، فإن كثرة قراءة القرآن تُلين القلب، قال ابن عبدالقوي رحمه الله:
وواظب على درس القرآن فإنهُ يُلين قلبًا قاسـيًا مثل جلمـد
ومنها: أن يكون الإنسان قلبه دائمًا متعلقًا بالله مٌعرضًا عما سواه، مُتجنبًا للقيل والقال، وكثرة السؤال،
ومنها: أن يحضر قلبه عند العبادة بحيث لا يفكرُ ولا يوسوسُ، بل يكون قلبه حاضرًا يتأمل ما يقول وما يفعل من عبادة الله عز وجل.
وقال رحمه الله: إذا شعر الإنسان بأنه مفتقر لربه فسيجد حلاوة العبادة
· إيثار طاعة الله ورسوله على كل حبيب وقريب:
قال الإمام النووي رحمه الله: وجوب إيثار طاعة الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، على مودة الصديق، والقريب، وغيرهما.
· الطاعة في أول النهار وآخره:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترفع آخر النهار، فمن كان حينئذ في طاعته بورك في رزقه، وفي عمله.
· العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعبد:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: جميع أوامر الشرع ونواهيه حكمة، ولا حاجة أن نعرف العلة، لأننا نعلم أن الله حكيم، وأنه ما شرعه إلا لحكمة، وما موقفنا من الأوامر والنواهي إلا أن نقول : ( سمعنا وأطعنا )، فإن تيسير لنا معرفة الحكمة فهذه منة من الله عز وجل، ومساعدة ومعونة من الله، حتى يطمئن القلب ويقوى الإيمان، وإن لم تتبين فالمؤمن يكفيه أن هذا حكم الله عز وجل ولذلك ربما تكون العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعبد، لأن الشيء إذا علمت علته قد يكون عقلك يأمرك به لكن إذا كنت لا تعرف العلة فإن تذلُّلك لله به وعبادتك إياه أبلغ في التذلل.
· العبادة بالشرع والاتباع لا بالهوى والابتداع:
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: ينبغي للإنسان أن يكون عنده فقه في دين الله، وأن يتبع ما جاء عن السلف...وألا يعبد الله بالهوى وإنما يعبده بالهُدى، فاعبد الله بالهدى لا بالهوى، ولو أننا قُلنا: إن الإنسان يعبد الله بالهوى، لكان أولئك أصحاب الطرق الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه لكانوا على صواب، و لاختلف الناس فيما بينهم في دين الله، ولكن إذا قلنا: العبادةُ موقوفة على ما جاء به الشرع فحينئذ نتَّحد ويكون عملنا واحد.
· الاعتداء في العبادة:
قال العلامة ابن باز رحمه الله: الاعتداء في العبادة تارة يكون بالرياء فيها، وتارة يكون بالابتداع لعدم مشروعيتها، وتارة بالزيادة فيها، وتارة بالنقص فيها.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: التعب بالطاعة ممزوج بالحسن، مثمر للذة، فإذا ثقلت على النفس ففكر في انقطاع تعبها وبقاء حسنها ولذته، ووازن بين الأمرين، وآثر الراجح على المرجوح.
· اقتران العبادة بالإخلاص والتقوى:
قال العلامة السعدي رحمه الله: العبادات إن لم يقترن بها الإخلاص، وتقوى الله، كانت كالقشر الذي لا لُبَّ فيه، والجسد الذي لا روح فيه.
· العمل المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة:
** قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: ما أقدر المكلف أن يجعل جميع حركاته طاعات لله! كالنفقة على عياله، وأكل الطعام قصدًا إحياء نفسه، وتقويتها على طاعة الله.
ولو قصد قاصد بنومه تقليل معاصيه، أو تنفير نفسه عن شرّ اليقظة، لكان في نومه طائعًا. فاجتهد أن تجعل جميع أفعالك طاعات، حتى اللذات، ونيل الشهوات.
** قال الإمام النووي رحمه الله: المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة ويثاب عليه...وذلك كالأكل بنية التقوى على طاعة الله، والنوم للاستراحة ليقوم إلى العبادة نشيطًا، والاستمتاع بزوجته وجاريته ليكف نفسه وبصره عن الحرام وليقضي حقها وليحصل ولدًا صالحًا.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة.
· تمام العبادة وكمالها:
قال العلامة السعدي رحمه الله: تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله. بل كلما ازداد العبد معرفة بربه كانت عبادته أكمل.
· الاجتهاد في العبادة بعد الفراغ من الأشغال:
قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ﴾ أي: إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعقوه، فاجتهد في العبادة والدعاء....ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا، وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره، فتكون من الخاسرين.
· العبادة في آخر العمر:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: استحباب تكثير العبادة في آخر العمر.
** قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: المبادرة إلى الطاعات من علامات التوفيق.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: المرء إذا لاحت له فرصة في الطاعة فحقه أن يبادر إليها، ولا يسوف بها لئلا يحرمها.
· الأوقات التي يكون البدن فيها أروح للعبادة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أول الليل...وآخر الليل...هذه الأوقات...أروح ما يكون فيها البدن للعبادة.
· المداومة على الطاعة وإن قلت:
** قال الإمام النووي رحمه الله: العمل...قليله الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان القليل الدائم خيرًا من الكثير المنقطع، لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والاقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على المنقطع الكثير
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: المداومة على العبادة وإن قلت، أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت، فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع غالبًا.
· من أسباب كثرة ثواب العبادة:
** قال الإمام النووي رحمه الله: الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب أو النفقة، والمراد النصب الذي لا يذمه الشرع، وكذا النفقة.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الثواب في العبادة يكثر بكثرة النصب أو النفقة، والمراد النصب الذي لا يذمه الشرع، وكذا النفقة، قاله النووي. وقال ابن الجوزي: ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت، كما يزيد بحضور القلب، وبخلوص القصد.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: العبادة الشاقة على النفس، لها فضل ومزية، ليست لغيرها، وكلما عظمت المشقة عظم الأجر.
· احتمال الأذى في طاعة الله:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من احتمل الهوان والأذى في طاعة الله على الكرامة والعز في معصية الله، كما فعل يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء والصالحين، كانت العاقبة له في الدنيا والآخرة، وكان ما حصل من الأذى قد انقلب نعيمًا وسرورًا.
· أهل الطاعة أهل النعمة المطلقة:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لو عرف أهل طاعة الله أنهم هم المُنعم عليهم في الحقيقة، وأن لله عليهم من الشكر أضعاف ما على غيرهم، وإن توسدوا التراب ومضغوا الحصى، فهم أهل النعمة المطلقة، وأن من خلى الله بينه وبين معاصيه فقد سقط من عينه وهان عليه، وأن ذلك ليس من كرامته على ربه، وإن وسع الله عليه في الدنيا ومدَّ له من أسبابها، فإنهم أهلُ الابتلاء على الحقيقة.
· الرياء في الطاعات:
** قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: قال بعض أهل العلم: تجيء الطاعات معاصي، يعني الرياء فيها حين العمل، والإعجاب بعد عملها.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
-آفة العبادة الرياء.
- أجمع المسلمون على أن مجرد أعمال البدن بدون عمل القلب لا يكون عبادة ولا طاعة لله، وأن كل عمل لا يُرادُ به وجه الله فليس هو عبادة له.
· الجمع بين التجارة والعبادة:
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: كنت تاجرًا قبل المبعث، فلما جاء الإسلام جمعت بين التجارة والعبادة، فلم يجتمعا، فتركت التجارة، ولزمت العبادة.
· المواظبة على العبادة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمراتها، كان ذلك أدعى له إلى المواظبة عليها، استبقاء للنعمة، واستزادة لها بالشكر عليها.
· استشعار امتثال أمر الله عند أداء العبادة:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: مطلوب منا عندما نفعل العبادات أن نستشعر بأننا نقوم بها امتثالًا لأمر الله تعالى، لأن شعور الإنسان عندما يفعل العبادة بأنه يفعلها امتثالًا لأمر الله تعالى فإن هذا مما يزيد في إيمانه ويجد لها لذة وهذه هي نية المعمول له
إذا استشعر الإنسان عند فعل العبادة أنه يفعلها امتثالًا لأمر الله فإنه يجد لها لذةً وأثرًا طيبًا.
· ما يستعان به على الطاعة فهو طاعة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل ما يستعان به على الطاعة فهو طاعة، وإن كان من جنس المباح.
· العبادة في أوقات الغفلة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: العبادة في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها.
· تيسير العبادات المؤدية لأبواب الجنة:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيسبغُ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخُلُ من أيها شاء ) [أخرجه مسلم] ومعنى فتح أبواب الجنة الثمانية: أنه تيسير له أعمال هذه الأبواب. فتيسر له الصلاة، والصيام، والصدقة، والجهاد، وغير ذلك من الأبواب.
وفي الختام فقد كان السلف يجتهدون في العبادة والطاعة مع الخوف والوجل. قال الإمام الغزالي رحمه الله: كان الناس في الاعصار الأول يواظبون على العبادات، ويؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، يخافون على أنفسهم، وهم طول الليل والنهار في طاعة الله، يبالغون في التقوى، والحذر من الشبهات والشهوات، ويبكون على أنفسهم في الخلوات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد