مقدمة في اللسانيات والصوتيات القضائية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذا المقال مقتطفات من هذا الكتاب، الذي قال عنه مؤلفه الدكتور سعد محمد عبدالغفار، الأستاذ المساعد بقسم اللغة بكلية الآداب جامعة الوادي الجديد، صدر الكتاب عن دار النابغة للطباعة والنشر والتوزيع.
هذه مقدمة في اللسانيات والصوتيات القضائية يمكن أن نعتبرها محاولة أولية للتأليف في اللسانيات والصوتيات القضائية باللغة العربية.

ويعد الكتاب محاولة أولية للتأليف في اللِّسانيَّات والصَّوتيَّات القضَائيَّة باللُّغة العربيَّة في العالم العربي، حيث يُعنَى الكتاب بتلمس الأطر النظرية لموضوع هذا العلم الجديد على عالمنا العربي، مع عرض لمجموعة من القضايا التي مثلت فيها اللغة أدلة جنائية استندت إليها جهات التحقيق في إصدار أحكامها.

والكتاب موجه بالدرجة الأولى لطلاب برنامج الصوتيات واللغويات القضائية، والمعنيين بالشأن القضائي في كليات الحقوق والشرطة، حيث يؤكد الكتاب على ضرورة التوسع في تدريس هذا التخصص النادر في جامعاتنا العربية؛ لتخريج جيل من الخبراء في علم اللُّغة القضَائي، يستطيعون كتابة تقارير -من خلال امتلاكهم لمجموعة من العلوم والمعارف ذات الصلة بعلم اللغة، وعلم الجريمة، والقانون- تسهم في تكوين الرَّأي والحُكم القضَائي في القضَايا التي تمثل فيها الوثائق اللغوية أدلة اتهام أو أدلة براءة.

اللسانيات القضائية :اللغة بوصفها دليلًا :

- قد تكون دليلًا لا سيما إذا تعلق الدليل اللغوي بالتعريف والتنكير، أو بالتشابه الصوتي، أو المعنى الصرفي المتعلق ببنية الكلمات، أو المعنى المعجمي.

- اللغة هي وسيلة التعبير عن إرادة المنظم والقاضي.

- التسبيب والتعليل يهدف إلى حد كبير إلى الإقناع وهذا الهدف لا يتأتى إلا من خلال اللغة.

- المنطق يشكل في معظم الأحيان وسيلة إقناع في مضمون الحكم القضائي، وهذا المنطق إذا لم تكن وسيلته اللغة السليمة فلن يؤدي مهمته بنجاح!(١٣-٦٧).

تحليل الخطاب القضائي :

- يُطلق على الخطاب الذي يُنتج في الجلسة القضائية التي تحدد زمانيًا ومكانيًا من قِبل هيئات مختصة، وهو خطاب وظيفي يبتغي تحقيق العدالة.

- لا يعد حديث القضاة والمحققين القانونيين خطابًا قضائيًا قانونيًا إلا إذا أُنتج في سياق تواصلي محدد، مثل قاعات المحاكم.

- هل يمكن أن يكون للغة دور في إنتاج السلطة القضائية؟ إذا كان الخطيب حائزًا للسلطة في حال الخطاب القضائي فإنه يظل بحاجة إلى الاستعانة بتقنيات الحجاج اللغوي والبلاغي في بناء خطابه؛ لأنه خطاب حجاجي إلى حد بعيد.

- المرافعة القضائية صناعة يجب امتلاك أدواتها، وينبغي للخطيب أن يسأل نفسه هذين السؤالين قبل إعداد الخطاب القانوني:ماذا أريد أن أقول؟ وكيف أقول ما أريد؟ (٦٨-٨١).

استراتيجية السؤال في الخطاب القضائي :

- لا بد للمشتغلين بالخطاب القضائي والقانوني أن يكونوا على دراية بطريقة بناء أسلوب السؤال بوصفه ممارسة لغوية واستراتيجية خطابيّة واعية بأهدافها يمكن أن يعوّل عليها في تحقيق مقاصد الخطاب وغاياته.

- لا بد للمشتغلين بالخطاب القضائي والقانوني من الإلمام بطرق بناء أسلوب السؤال التي تحقق أهداف ومقاصد خطابهم، فعليهم أن يحددوا :لماذا يسألون؟ وكيف يسألون؟

- إذا كان مقصد الخطاب تقرير الخصم بالواقعة المنسوبة إليه فعليه أن يكون استفهامه تقريريًا بحيث يكون كالتالي:
همزة الاستفهام + حرف النفي + المستفهَم عنه = التقرير والإثبات.

- وتستعمل همزة الاستفهام لطلب التصديق؛ أي للاستفهام عن حقيقة نسبة قول أو فعل أو صفة إلى شخص ما، بحيث يكون كالتالي:
همزة الاستفهام + الفعل المستفَهم عنه = الاستفهام عن حقيقة نسبة قول أو فعل إلى شخص ما
.(٨٢-٩٦).

الحِجاج في الخطاب القضائي :

- تتجاوز اللغة في الخطاب القضائي في سياقات كثيرة الوظيفة التبليغية إلى الوظيفة الحِجاجية الإقناعية، إذ أن التتابعات الحجاجية الممكنة في الخطاب مرتبطة بالبنية اللغوية للأقوال وليس بالمضمون الإخباري فقط.

- يمثل الإقناع العقلي للخطاب القضائي وإقامة الحجج أحد أشكال النفوذ الذي تمارسه السلطة القضائية ومظهرًا من مظاهر نجاحها، بوصفه نوعًا من الاتصال الإيجابي بالمتلقي، يبتعد عن ممارسة العنف الإقناعي أو الإقناع القسري -إن صح التعبير-.

- المحامون عندما يستخدمون اللغة المستعملة في المحاكم فإنهم ينشدون الإقناع، حيث يقدمون أنفسهم بوصفهم مدافعين عن المتنازعين، أو قضاة يحاولون بآرائهم إقناع المخاطبين أن القانون قد تم تطبيقه تطبيقًا صحيحًا، فيستعملون سلطتهم في المحكمة عن طريق التحكم في تفكير الآخرين وآرائهم.

- تكثر المراوغة والمغالطة في الاستجوابات القضائية والقانونية، وتظهر هذه المراوغات اللغوية بجلاء عندما تكون الأسئلة الموجهة إليهم قد صُنعت من أجل أن تكون الإجابة عليها بكلمة واحدة (نعم) أو (لا)، ويكون ذلك غالبًا باستخدام حرفي السؤال (هل، والهمزة).(٩٧-١٢٠).

صناعة الحجة في الخطاب القضائي:

- المرافعة لغة البيان الذي يكون له تأثيره في القاضي، وهي مناجاة العقل والقلب ولكل منها أدواته، فلا بد من امتلاك أدواتها حتى تؤثر في المخاطبين.

- الإلمام بمصطلحات الخطابين القضائي والقانوني أمر حتم ولازم للمشتغلين بهما؛ لأنه قبيح في المرافعة مثلًا أن نفتقر إلى ألفاظ ومصطلحات القانون، فلكل صناعة ألفاظها وطريقتها في الصياغة.

- ينبغي أن يكون الخطاب القضائي فصيحًا، ويعد وضوح الصياغة اللغوية شرط أساسي في نجاحه.(١٢١-١٣٢).

في علم اللهجات :

- إجراء تحليل لغوي موثوق للهجة المتحدث يساعد في تحديد جنسية الشخص المتحدث.

- في كثير من الحالات تكفي عينة من الأدلة اللغوية لفتح قضية جنائية ضد مشتبه به، مثل:لهجته الشخصية أو استخدامه لنوع من الكلمات والعبارات أو لتركيب لغوي معين يتكرر لديه بصورة خاصة.

- لا بد للمشتغلين بالقضاء والقانون من إلمام بلهجات لغتهم ومعانيها، لا سيما اللهجات المحلية في المنطقة التي يمارس فيها مهام وظيفته؛ لما قد يتعلق بهما من أمور يستند إليها في تفسير الخطأ في ارتكاب بعض الأقوال والأفعال.(١٣٣-١٨٨).

الصوتيات القضائية:التعرف على الشخصية عن طريق بصمة الصوت:

- يمثل الصوت في الحقل القضائي أحد الركائز الأساسية في حل كثير من ألغاز وإشكاليات بعض القضايا؛ لأنه قد يكون هو الدليل الوحيد في تحديد هوية المشتبه به! كما أنه يمثل أحد الأدلة الداعمة والمعززة.

- من الأمور المهمة في تحليل المكالمات الطارئة وفق آليات اللسانيات الجنائية :ارتفاع الصوت وانخفاضه، نبرة الصوت ونغمته، المدى الصوتي.

- يمكن لعلماء الصوتيات الجنائية أن يحددوا من خلال صوت المتحدث عمره وصحته ومستواه التعليمي ولهجته الإقليمية.(٢٢٩-٢٣٧).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply