ومضات


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

سِيَرٌ: باتَ صداها عندنا 

  كصدى النَّوحِ على صدرِ القبورْ

لم تعدْ تُدركُها أنفسُنا 

  بعدما قيَّدها نيرُ الفتورْ

نتباكى ثمَّ نشكو أمرَنا 

  وعلى الجرحِ نغنِّي وندورْ

يالنا من أمَّةٍ أقعدَها 

  وهنُها الضَّالعُ في جسمِ الفجورْ

مالها لم تنتهضْ من كبوةٍ 

  كي ترى في ظلمةِ الأوجاعِ نورْ

***

***

كم لُدغْنا ، وجرى في عزِّنا 

  سَمُّ عارِ الذُّلِّ آلامًا وقهرَا

وشربْناها كؤوسًا أُترعتْ 

  علقمًـا ويل الذي قد  عبَّ مُـرَّا

وألفْنا زيفَها ، واستأنستْ 

  بالهوى أيامُنا مدًّا وجزرا

وانسلخْنا عن علانا عبثًـا 

  لسرابٍ بات للأوهامِ جسرا

ويكِ يا أُمَّتَنا فاعتبري 

  وارجعي للهِ تلقَيْ منه نصرا

***

***

مَن غدا في طلبِ العزِّ يجدْ 

  مركبَ المجدِ بشطآنِ القيمْ

فامخر اليمَّ ولا تخشَ به 

 صولةَ الموجِ ، وأثباجَ الظُّلَمْ

إنَّ في القلبِ مفاتيحَ الهدى

  فاتخذْها لاتخَفْ ليلَ القُحمْ

مسلمٌ أنتَ فهلاَّ غرستْ 

  كفُّكَ الأخرى أزاهيرَ الشِّيمْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فاستصرخي 

 في بنيكِ اليومَ أصحابَ الهممْ

***

***

ليس يشقى مَن أتى شرعتَنا 

  يطلبُ العيشَ بأفياءِ الأمانْ

كيف يشقى وهُدَى الله له 

  روضةٌ فاحَ جَناها بالحنانْ

لايغرَّنَّك فيهم بهرجٌ 

  تقرأُ الرَّيبَ عليه والهوانْ (1)

يُدركُ الضَّنكُ نواحيه التي 

  ماجَ في فدفدِها عصفُ الدُّخانْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فاستنطقي 

  صاحبَ العقلِ ، وموفورَ البيانْ

***

***

ليسَ بالأعزلِ مَن كان الإله 

  ربَّه العالِمَ ما يُخفي البشرْ

يدُه من قوةِ اللهِ الذي 

  مَلَكَ الأمرَ وآوى ونصرْ

مسلمٌ أنتَ ... وما أعطى الهدى 

  ليس تطويه الرَّزايا في العُصُرْ

فارمِ سهمَ الحقِّ من قوسِ التُّقى 

  تجد اللهَ لِمَنْ والاهُ بَرْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فاستبشري 

  سوف يأتيك الأبيُّ المنتظرْ

***

***

هاجَ بالكفرِ عدوٌّ ماكرٌ 

  بجيوشٍ وبفكرٍ وفتنْ

وأتانا بأسُه يرهبُنا 

  فبدا منقلبًا ظهرَ المجنْ

أَوَتَدْرُوْنَ متى خفنا العدا 

  ومتى ضعنا بديجورِ المحنْ !

إنَّه يومَ حنتْ أُمَّتُنا 

 رأسَها العالي لقانونِ الوَهَنْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فانتهضي 

 واصفعي الذُّلَّ وأسبابَ الفتنْْ

***

***

وُلِدَ المجدُ بأحضانِ الصَّهيلْ 

  يومَ كرَّتْ من مغانينا الخيولْ

يومَها ما آدنا طولُ السُّرَى 

  أو به غامَ من النقعِ السَّبيلْ (2)

مَن مضى للهِ في دعوته 

 

  لايبالي كيفَ ؟ أو: أين المقيلْ ؟

زادُه التَّمرُ ، ويانعمَ الجنى 

  لم يزلْ لابنِ الصَّحارى لاالشمول(3)

 

ويكِ يا أُمَّتَنا فاستأنسي 

 بشباب الحقِّ هبُّوا والكهولْ

***

***

جِذْلُ دوحِ العـزِّ في إسلامنا 

  لم يزلْ حيًّا كأنفاسِ الربيعْ

ماتهاوى صرحُه العالي ولا 

  أيبسَ الحقدُ محيَّاهُ البديعْ

وغدًا تزهرُ دنياهُ التي 

  لم يُغيِّبْ وجهَها الباهي الذُّبولْ

إنَّه الإسلامُ لايفنى ولم 

  يطوِ لفحُ الشَّرِّ مرماه المنيعْ

ويكِ يا أُمَّتنا فارتقبي 

  وجهَه السَّمحَ بصبحٍ لن يضيعْ

***

***

  بشذى الإسلامُ تحلو القيمُ 

  وتباهي بالمزايا الشِّيمُ

تبسمُ الدنيا على نفحتِه 

  فبه الخيرُ ، وفيه البلسمُ

عندما جاءَ توارى كدرٌ 

  وانطوى كرْبٌ ، وزالتْ ظُلَمُ

لم تزلْ تبكي على أيامه 

  مقلُ الدهرِ ، وتشكو الأُممُ

ويكِ يا أُمَّتَنا فاسعَيْ إلى 

  منهجِ الله ، وعودي لهُمُ

***

***

في يـدِ الصَّبرِ فأبشرْ فرجٌ 

  رفَّ رغمَ الهمِّ في ليلِ الأسى

وأتى اليسرُ بأنوارِ المنى 

  يدفعُ العسرَ الذي قد عسعسا

سحبٌ مثقلةٌ في أُفقِنا 

  لاترى بين دجاها مؤنسا

وبظلِّ الدينِ أمنٌ غامرٌ 

  فأْتِ لن ترجعَ منه مفلسا

ويكِ يا أُمَّتَنا فابتسمي 

  إن طغى خطبٌ عدا أو عبسا

***

***

ياشبابًا جُـرَّ من نزوتِه 

  اتَّقِ اللهَ بأيامِ الشَّبابْ

قبلَ أن تندمَ في شيخوخةٍ 

  وترى في عظمِها الواهي تبابْ

واغتنمْ فيه ربيعًا مغدقًا 

  وخذِ الزَّادَ الشَّهيَّ المستطابْ

 

لاتُضيِّعْهُ بأهواءٍ فما 

  لربيعِ العمرِ إنْ ولَّى إيابْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فاستصرخي 

  فيهم اليومَ المعالي والصَّوابْ

***

***

نحنُ مازلنا على قيدِ الونى 

  نتوارى أو يُوارينا الضياعْ

لانرى إلا سرابا خادعًا 

  فمشيناهُ انخفاضا و ارتفاعْ

فمتى نوقدُ في أضلعِنا 

  جذوةَ العزِّ اشتياقًا والتياعْ

وبدينِ اللهِ نمضي قوَّةً 

  نعصمُ الحقَّ بها من أن يُضاعْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فاستبسلي 

  واجعلي للعارِ أيَّامَ وداعْ

***

***

ليقيني بكَ ياربِّي أرى 

  فرحًـا بينَ يَدَيْ شجوي ابتسَمْ

وإذا فاضَ فؤادي بالأسى 

  وتمادى بينَ جنبيَّ الألمْ

والتوى ساقي على ساقي ولم 

  أستطعْ سعيًا على وَهْنِ القَدَمْ

كنتَ عوني وملاذي ، وأرى 

  هِمَّتي أعظمَ من كلِّ الهممْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فانتشلي 

  مجدَك السامي إلى أعلى القِممْ

***

***

ويكِ يا أُمَّتَنا أقلقنا 

 عاصفٌ بالويلِ في الناسِ نزلْ

وعرانا وعراهم شرُّه 

  أَوَمَا للعاصف الأعمى أجلْ!

مجتلانا لم يعُدْ ذا ألقٍ 

  في مراقي الفخرِ ، أو ظلِّ الأسلْ

وصياصينا بدتْ مكشوفةً 

  ليس فيها من كميٍّ أو بطلْ

ويكِ يا أُمَّتَنا فانتبهي 

  رفعةُ المجدِ تُنافي مَن غفِلْ

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

هوامش:

(1)البهرج: الباطل.

(2)آدنا: أتعبنا.

(3)الشمول: الخمر.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply