بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
اقرأ الآية}:اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{[الزمر: 23].
من اعجاز القران تشابه الآيات (الآيات تشبه بعضها البعض). بقراءة القران ستجد اية (واحدة) في موضع تشبهها اية في موضع اخر في نفس السورة أو في سورة اخرى على سبيل المثال الآية }يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{[لقمان: 16] تشبهها الآية}وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ{ [الأنبياء: 47]). وستجد في موضع اياتٍ (مجموعة من الايات) تشبهها ايات في موضع اخر على سبيل المثال الايتان:
}يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا{(175) [النساء: 174-175] تشبههما الايتان: }يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16){ [المائدة: 15-16]) ولا يُشتَرط أن تكون الآيات بنفس الترتيب في الموضعين فيمكن أن تكون الآيات في الموضع الاخر معكوسة الترتيب على سبيل المثال. وستجد ايضا في موضع اية (واحدة) تشبهها ايات (مجموعة من الايات) في موضع اخر على سبيل المثال الآية}:وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا{ [الإسراء: 101] تشببها الايتان}:وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ۖ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (13){[النمل: 12-13]).
تشابه الآيات ليس المراد منه فقط التأكيد على معنى أو معاني. فاذا تَدَبَّرتَ وجَمَعتَ الآية (أو الايات) مع ما يشبهها سترى وتتعلم أمورا لم تعرفها من قبل. اقرأ الآية}:يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{ [لقمان: 16]. لن تعلم معنى هذه الآية (يَقِيناً) حتى ترى الآية المشابهة لها. اقرأ الآية (المشابهة لها) }وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ{ [الأنبياء: 47]. بجمع الايتين ستعلم ان معنى الآية من سورة لقمان هو أن أعمال الانسان من حسنات وسيئات لا تضيع أبدا مهما صغرت (حتى لو كانت في وزن حبة من خردل أو أقل من ذلك). وهذا من ابداع واعجاز القران.
من خصائص القران الكريم التكرار الذي لا حصر له من الآيات التي تشبه بعضها البعض وتٌبَيِّنٌ بعضها البعض وتُصَدِّقُ بعضها البعض بلا تناقض (فايات القران مشابهة لبعضها البعض ومترابطة). اذا حاول أحد ان يكتب كتابا بمثل هذا الأسلوب فانه سيلقى صعوبة شديدة ثم سيعجز اخيرا. ولاحظ انك اذا سألت أحدا ان يَذكُرَ ويُبَيِّنَ لك أمرا (أو معلومة) بأكثر من طريقة فانه بعد مَرَّةٍ أو مَرَّات محدودة سيعجز ان يَذكُرَه ويُبَيِّنَه بطرق اخرى. واذا سألته أن يُبَيِّنَ لك أكثر من أمر كلًّا بأكثر من طريقة فانه سيكون في صدره حرج وضيق. فكَيفَ اذا طُلِبَ من كاتب أن يذكر ويبين كل أمر يكتبه بطرق عديدة مع مراعاة توافق وترابط كتاباته. أما اذا حاول أكثر من شخص الاشتراك في كتابة كتاب واحد بمثل الأسلوب المذكور أو حتى بغير هذا الأسلوب فانهم سيقعون في خلافات عديدة لتباين واختلاف درجة علمهم مع تَنَوُّع آراءهم. ولن يخلوا هذا الكتاب من التناقضات البَيِّنَة وغير البينة (خصوصا لو انقطع التواصل بين الكُتَّاب بموت أحدهم أو بغير ذلك). أما القران فيذكر ويُبَيِّنُ كل أمر بطرق عديدة لا حصر للتكرار فيه وكل اياته تُصَدِّقُ بعضها البعض بلا تناقض،اقرأ الآية:
}أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا{[النساء: 82]). تأمل كيف يقف المخلوق عاجزا أمام خاصية واحدة فقط من خصائص القران. فلا يكون أبدا لأحد من الخلق أن يكتب مثل القران.
اقرأ الآية}:هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{[آل عمران: 7].
الآيات المحكمات هي الآيات واضحة المعنى التي لا تَحتَمِلُ الا وجها واحدا فلا يكون في هذه الآيات لَبْسٌ على أحد ولا يمكن تحريفها وهذه الآيات هي أصل القران (وأغلب اياته). الآيات المتشابهات هي الآيات التي تحتمل وجوهاً ويشتبه ويلتبس معناها على كثير من الناس وهذه الآيات هي التي يسعى وراءها الذين في قلوبهم زيغ (بُعد عن الحق) ليُحَرِّفوها.
لاحظ أنه ليس المراد بالآيات المتشابهات (في الآية 7 من سورة آل عمران أعلاه) الآيات التي تتشابه مع بعضها البعض (أي أنَّ الآية تشبه الاخرى). فالآيات المتشابهات جَمْع (صيغة الجمع) الآية المتشابهة وهي الآية التي تحتمل اكثر من وجه وشَبَه. تَنَبَّه لهذا الأمر. ولاحظ أن كل ايات القران محكمة اقرأ الآية}:الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ{[هود: 1]) وأن الإشتباه واللَّبْس بالنسبة للايات المتشابهات يكون فقط (نِسبِياً) على أذهان بعض الخلق. اقرأ الآية}:قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ{[البقرة: 70] وفيها مثال على كيفية الإشتباه في نص }إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا{. وننبه على أن الإحكام والإشتباه بالنسبة للايات المحكمات والمتشابهات (في الآية 7 من سورة آل عمران) كُلًّا منهما مرتبط برؤية وإدراك الناس والخلق. فالآيات المحكمات يرى إحكامها كل الخلق (فهي محكمة عند كل الخلق) والآيات المتشابهات (بعضها أو كلها) يرى إحكامها بعض الخلق (فهي محكمة عندهم ومتشابهات عند الذين لم يروا الإحكام بعد). ولَعَلَّ أفضل مثال لتوضيح معنى ما ذكرنا الانسان يريد الشيء فيجده مباشرة أمامه (فذلك مَثَل الآيات المحكمات) ويريد الشيء فلا يجده مباشرة (وذلك مَثَل الآيات المتشابهات) حتى يبحث ويعثر عليه اخيرا ويرى انه كان أمامه (وذلك مَثَل الآيات المتشابهات ورؤية أنها محكمة).
الآيات المتشابهات يكون إحكامها في نصها والآيات المشابهة لها والحديث (كُلٍّ من هذا أو بعضه). بِتَدَبُّر نص الآيات (وما فيها من دلائل) وجمع الآيات مع ما يشابهها وتأمل الأحاديث تذهب وتزول الوجوه والشبهات فلا يبقى الا وجه واحد وهو الوجه الصحيح المقصود. وهكذا يُرَى الإحكام. والله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي الناس لمعرفة ورؤية الإحكام. من أمثلة الآيات المتشابهات الآية (المتشابهة) 16 من سورة لقمان المذكورة في أعلى الموضوع (فكثير ممن يقرأ هذه الآية لأول مرة يشتبه ويلتبس عليه المعنى). لاحظ اننا علمنا معناها بجمعها مع الآية المشابهة لها.
اقرأ الآية}:اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{ [الزمر: 23] مرة اخرى. هذه الآية كما ذكرنا هي في تشابه الايات. فايات القران (محكماتٍ ومتشابهاتٍ) تشبه بعضها البعض. فالآيات المحكمات لها ايات تشبهها والآيات المتشابهات لها ايات تشبهها. ونُؤَكِّدُ على هذا لكيلا يحصل خَلطٌ بين نص }كِتَابًا مُّتَشَابِهًا{ ونص }وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ{. فنص}كِتَابًا مُّتَشَابِهًا{ هو في كل ايات القران (محكماتٍ ومتشابهاتٍ). رُوِيَ عن قتادة (رحمه الله) أنه قال في نص}كِتَابًا مُّتَشَابِهًا{ أن الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف. والعرب كانوا قديما يستعملون الاحرف للدلالة على الكلمات. ومثال على ذلك ما قال الشاعر “قلنا لها قفي لنا فقالت قاف”. ويعني بقوله “قالت قاف” انها قالت وقَفْت. فالشاعر استخدم “قاف” (حرف “ق”) لِيَدُلَّ على كلمة “وقَفْت”.
ايات الأحرف المقطعة هي من الآيات المتشابهات والتي لها ايات تشبهها. الاحرف المقطعة في ايات الأحرف المقطعة تَدُلُّ على الآيات المشابهة لايات الأحرف المقطعة (عن طريق تشابه الأحرف) والتي توضح المراد بالأحرف. فايات الاحرف المقطعة تدل على الآيات المشابهة لها. كما ذكرنا القران فيه الحرف يشبه الحرف وهكذا ايات الأحرف المقطعة. اذا أراد أحد أن يعلم المراد باية الأحرف المقطعة }كهيعص{ على سبيل المثال فانه عليه أن يبحث في الآيات التي تحتوي على أحرف الآية }كهيعص{ (اي كاف وهاء وياء وعين وصاد). وليست كل اية تحتوي على أحرف الآية المقطعة مشابهة لاية الأحرف المقطعة (ولذا قلنا في الجملة السابقة “يبحث في الايات” بدلا من يبحث عن الايات).
ايات الأحرف المقطعة على نوعين. الآيات المُكَوَّنَةُ من أحرف مقطعة فقط مثل}:كهيعص{ [مريم: 1] والآيات المُكَوَّنَةُ من أحرف مقطعة (أو حرف) وكلمات (في نفس الاية) مثل}:ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ{ [ق: 1]. ايات الأحرف المقطعة من النوع الأول يَعْتَمِدُ فيها التشابه على الأحرف المقطعة في اية الأحرف المقطعة. فالبحث عن الآيات المشابهة لاية الأحرف المقطعة من النوع الأول يَتَطَلَّب العثور على الآيات التي تحتوي على الأحرف المقطعة من اية الأحرف المقطعة. وايات الأحرف المقطعة من النوع الثاني يَعْتَمِدُ فيها التشابه على الأحرف المقطعة في اية الأحرف المقطعة (كالنوع الأول) وايضا الكلمات. والبحث عن الآيات المشابهة لاية الأحرف المقطعة من النوع الثاني التي توضح المراد بالأحرف المقطعة يَتَطَلَّب العثور على الآيات التي تحتوي على الحرف أو الأحرف المقطعة من اية الأحرف المقطعة وتتشابه (أي تتشابه الآيات التي عُثِرَ عليها) كلاميا مع اية الأحرف المقطعة (وذكرنا امثلة على التشابه الكلامي في الفقرة الأولى من الموضوع). ولأن ايات الأحرف المقطعة من النوع الثاني تحتوي على كلمات مع الأحرف فان الآيات المشابهة لها لا تقتصر على الآيات المشابهة التي تتشابه حرفيا وكلاميا (مَعًا) بل تشمل الآيات التي تتشابه كلاميا (فقط). فالآيات المشابهة التي تتشابه حرفيا وكلاميا مع ايات الأحرف المقطعة من النوع الثاني تكون مشابهة تشابها كُلِّيًا (وهي الاساس لانها توضح المراد بالأحرف المقطعة) والآيات التي تتشابه كلاميا (فقط) تكون مشابهة تشابها جزئيا.
ذكرنا في الفقرة السابقة أن البحث عن الآيات المشابهة لاية الأحرف المقطعة من النوع الأول يَتَطَلَّب العثور على الآيات التي تحتوي على الأحرف المقطعة من اية الأحرف المقطعة وأن البحث عن الآيات المشابهة لاية الأحرف المقطعة من النوع الثاني التي توضح المراد بالأحرف المقطعة يَتَطَلَّب العثور على الآيات التي تحتوي على الحرف أو الأحرف المقطعة من اية الأحرف المقطعة وتتشابه كلاميا مع اية الأحرف المقطعة. بعد العثور على الآيات يجب النظر الى سياق كل اية من هذه الآيات (التي عُثِرَ عليها) وسياق اية الأحرف المقطعة. للتوضيح عندما نقول سياق الآية نقصد الآيات التي فيها هذه الآية أي الآية وما يسبقها وما يليها من ايات (وننبه على ان ايات القران كلها متصلة حتى الآيات التي هي في نهاية سورة تكون متصلة بايات السورة التي تليها). اذا توافقت وتماشت الآية (أو الايات) من الآيات التي عُثِرَ عليها مع سياق اية الأحرف المقطعة فانها بذلك تكون من الآيات المشابهة لاية الأحرف المقطعة (التي توضح المراد بالأحرف المقطعة). ونرى التوافق والتماشي في تشابه هذه الآية مع ايات من سياق اية الأحرف المقطعة أو تشابه ايات من سياق هذه الآية مع ايات من سياق اية الأحرف المقطعة.
اقرأ الآية}:هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{[آل عمران: 7] ثم تَدَبَّر نص}:وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ{.
الآية تُعَلِّمُنا أن الآيات التي يُحَرِّفُها ويجادل فيها الذين في قلوبهم زيغ هي الآيات المتشابهات. ولقد جادل الذين في قلوبهم زيغ في ايات الأحرف المقطعة وتكلموا فيها كلاما كثيرا بجهل. ومن هذا نرى أن ايات الأحرف المقطعة من الآيات المتشابهات. وَنُنَبِّهُ على أن الذين في قلوبهم زيغ (في هذه الاية) هم على نوعين. الذين يجادلون بالباطل لِيَلبِسُوا على المسلمين دينهم ابتغاء فتنة المسلمين (يريدون ان يثيروا الريبة والشك عند المسلمين ليُضلوهم) والذين يَتَأَوَّلون الآيات المتشابهات على أهوائهم (وما يريدون) من أهل الفرق الضالة. ولقد تكلم النوعين في ايات الأحرف المقطعة لكن أكثر من تكلم فيها النوع الأول.
اقرأ الآية}:هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{[آل عمران: 7].
تَدَبَّر النص}:وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ{. الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم تفسير الآيات المتشابهات والمراد بها (والآيات كلامه هو سبحانه). فالله سبحانه وتعالى هو مصدر وأساس هذا العلم. لذا لا يستطيع أحد أن يعلم تفسير الآيات المتشابهات والمراد بها إلا بإذنه سبحانه.
تدبر نص}:وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ{ في الآية 255 من سورة البقرة. فالله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي من يشاء الى معرفة تفسير ومعاني الآيات المتشابهات والمراد بها (ويهدي أيضا بالذين هداهم غيرهم الى معرفة ذلك باذنه سبحانه وتعالى ولو شاء الله سبحانه ما هدى مِنَّا أحدا فما علمنا من ذلك شيء). ولا يكون هذا الهدى أبدا للذين في قلوبهم زيغ (حتى يذهب ذلك الزيغ من قلوبهم).
اقرأ الايتين}:هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8){[آل عمران: 7-8].
تَدَبَّر النص}:وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{. عندما ذَكَرَت الآية 7 من سورة آل عمران الذين في قلوبهم زيغ الذين يَتَّبِعُونَ ويسعون وراء الآيات المتشابهات ليحرفوها ويجادلوا فيها بالباطل بجهل (بغير علم) ذَكَرَت الآية مَن هم عكسهم وهم الذين أوتوا العلم. تأمل النص}:وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{ مرة اخرى. لَمَّا ذَكَرَت الآية 7 من سورة آل عمران الآيات المتشابهات ذَكَرَت ودَلَّت على السَبَب (أو الشيء) الذي يؤدي (باذن الله سبحانه وتعالى) الى معرفة المراد بالآيات المتشابهات وهو التَفَكُّر (ومنه التَدَبُّر). ووصفت الآية المتفكرين بانهم اصحاب العقول السليمة. والذين أوتوا العلم هم أصحاب العقول السليمة المُتَفَكِّرين المُتَدَبِّرين الذين هداهم ويهديهم الله سبحانه وتعالى لمعرفة المراد بالآيات المتشابهات (ومعرفة غير ذلك من الحقائق).
تَدَبَّر النص}:رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا{ (في الآية 8 من سورة آل عمران). الله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي مَن يشاء الى ما يشاء ويؤتي العلم مَن يشاء من عباده. ممكن ان يُؤتى العبد العلم والهدى ثم لا يؤدي حقهما فيؤخذا منه فيضل ويصبح من الذين في قلوبهم زيغ (المذكورين في الآية 7 من سورة آل عمران). لذا يجب على العبد أن يؤدي حق النعم وأن يدعوا الله سبحانه وتعالى أن يثبته على الهدى (كما في الدعاء المذكور في الآية 8 من سورة آل عمران ونصها}:رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ.{
اقرأ الآية 18 من سورة الزمر ونصها}:الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ{[الزمر: 18] وهي من الآيات المشابهة للايتين 7 و8 من سورة آل عمران ونصهما:
}هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {(8). ولاحظ اشتراك الايتين 18 من سورة الزمر و7 من سورة آل عمران في لفظ }فَيَتَّبِعُونَ{ (ولن تجد هذا اللفظ في ايات اخرى) ونص}أُولُو الْأَلْبَابِ{. ولاحظ ايضا ذِكر هدى الله سبحانه وتعالى في الايتين 18 من سورة الزمر و8 من سورة آل عمران. تدبر الآيات المذكورة. لَمَّا ذَكرت الآية 7 من سورة آل عمران الذين في قلوبهم زيغ وما يتبعونه ذكرت الآية 18 من سورة الزمر الذين أوتوا العلم وما يتبعونه. فالذين في قلوبهم زيغ يَتَّبِعُونَ الآيات المتشابهات ليحرفوها. أما الذين أوتوا العلم أصحاب العقول السليمة الذين هداهم الله سبحانه وتعالى يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (تدبر نص الآية 18 من سورة الزمر). ولمعرفة المراد بلفظ }أَحْسَنَهُ{ اقرأ الآية 23 من سورة الزمر ونصها}:اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{[الزمر: 23] وسترى في نص}اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ{ أن أحسن القول أو أحسن الحديث هو القران المتشابه الايات. ومن هذا نرى أن الذين أوتوا العلم أصحاب العقول السليمة الذين هداهم الله سبحانه وتعالى يَتَّبِعُونَ القران المتشابه الآيات (بكل اياته محكمات ومتشابهات) مُتَتَبِّعون لتشابه الآيات فَهُم يبحثون في تشابه الآيات (يبحثون عن الآيات المشابهة للاية ويجمعون الآيات مع ما يشببها من ايات). وذكرت الآية 23 من سورة الزمر تشابه الآيات لِتَدُلَّ على أن البحث في تشابه الآيات جزء من التفكر الذي يؤدي (باذن الله سبحانه وتعالى) الى معرفة المراد بالآيات المتشابهات. تأمل كيف يعلمنا ويَدُلُّنا القران بسهولة ويسر على كل شيء. وأردنا أن نذكر (لمن أراد الاستزادة) أن الايتين 54 و55 من سورة الزمر ونصهما}وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55){ من الآيات المشابهة للايتين 17 و18 من سورة الزمر ونصهما:
}وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ .{(18)
اقرأ الآية 23 من سورة الزمر ونصها}:اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{مرة اخرى. الذين أوتوا العلم أصحاب العقول السليمة الذين هداهم الله سبحانه وتعالى (ولاحظ أن الآية ذكرت هدى الله سبحانه وأن الله سبحانه يهدي من يشاء) عندما يبحثون عن الآيات المشابهة لاية من الآيات المتشابهات ويَرَونَ اعجاز القران في ان الآيات المشابهة لهذه الآية توضح معناها والمراد بها فانهم يشعرون بقشعريرة في جلودهم (خصوصا في أسفل الرأس عند القفا وتشبه هذه القشعريرة قشعريرة الاحساس بالبرد) ويستشعرون هذا الاعجاز في قلوبهم ثم تلين جلودهم وتعود كما كانت (لاحظ أنه عند القشعريرة يقسوا الجلد ويشتد) وتلين قلوبهم فلا تكون مثل قلوب القاسية قلوبهم (لاحظ أن الآية التي تسبق الآية 23 من سورة الزمر ونصها}أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{ ذكرت القاسية قلوبهم). وننبه على أن الشعور المذكور لا يحدث فقط عند رؤية الاعجاز في الآيات المتشابهات بل يحدث عند رؤية كل اعجاز في القران.
اقرأ الآية}:هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{[آل عمران: 7]. تدبر نص}:وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ{. الذين أوتوا العلم على درجات متفاوتة على حسب ما أوتوا من العلم. وأعلاهم درجات الراسخون في العلم. الرسوخ معناه الثبوت. فيقال رسخت المعلومة أي ثبتت المعلومة واستقرت فلا يوجد بعد الثبوت حاجة لسؤال أو استفسار فالمعلومة أصبحت من علم اليقين. والراسخون في العلم هم الثابتون في العلم المتمكنون منه الذين استقر العلم في قلوبهم. لقد ذكرنا أن الذين أوتوا العلم هم الذين هداهم ويهديهم الله سبحانه وتعالى لمعرفة المراد بالآيات المتشابهات. فالله سبحانه وتعالى هو الذي يؤتيهم العلم ويجعلهم يَرَونَ إحكام الآيات المتشابهات. وعندما يرى ويعاين الذين أوتوا العلم إحكام الآية المتشابهة (من الآيات المتشابهات) بعد الأخرى فانهم يعلمون يقينا أن القران هو الحق من ربهم فيؤمنون به ويزيدهم ايمانا وبهذا العلم اليقين يكونون من الراسخين في العلم الذين لا يستطيع الشيطان أن يلقي في قلوبهم الشك (وهذه النقطة مرتبطة بالآيات 51 الى 54 من سورة الحج التي هي في الآيات المتشابهات وسيتم شرح هذه الآيات في موضوع اخر إن شاء الله سبحانه وتعالى). القران هو الحق من الله سبحانه وتعالى فالقران لا يمكن أن يكون فيه باطل ولا يقبل الشك (فهو يَرُد ويبطل الشبهات ويهدي الى اليقين) وذلك لأنه من عند الله سبحانه وتعالى العالم بكل شيء. والراسخون في العلم علموا يقينا أن القران هو الحق من الله سبحانه وتعالى برؤية ومعاينة إحكام الآيات المتشابهات. ويرتبط العلم اليقين بأن القران هو الحق من الله سبحانه وتعالى برؤية ومعاينة إحكام الآيات المتشابهات لأن الآيات المتشابهات هي فقط التي يشتبه معناها على الناس (أما الآيات المحكمات معروف معناها عند كل الناس) فإذا عُلِمَ يقينا إحكام الآيات المتشابهات عُلِمَ يقينا ان ايات القران (محكمات ومشابهات) محكمة وبِعِلم ذلك يُعلم ان القران هو الحق الذي لا يكون به باطل والذي لا يمكن ان يكون به باطل هو فقط الذي يكون من عند الله سبحانه وتعالى. اما الذي فيه باطل هو من عند البشر. وننبه على أنه لا يُشترط للعلم اليقين بأن القران هو الحق من الله سبحانه وتعالى أن يرى ويعاين الذي أوتي العلم إحكام جميع الآيات المتشابهات بل لَمَّا يرى ويعاين الذي أوتي العلم إحكام الآية المتشابهة بعد الاخرى يصل الى العلم اليقين ويصبح من الراسخين في العلم وعندما يرى أية متشابهة لا يعرف المراد بها (بَعدُ) يعلم يقينا أنها محكمة (من قبل معاينة الإحكام) مثل الآيات المتشابهات التي علم إحكامها من قبل (فهو يقول في نفسه هذه الآية مثل الآيات الاخرى).
اقرأ الايتين}هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8){ [آل عمران: 7-8] مرة أخرى. تدبر نص}:وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا{. الراسخون في العلم علموا يقينا أن القران هو الحق من ربهم وامنوا به وعلموا يقينا أن كلا من الآيات المحكمات والمتشابهات (محكمة) من عند ربهم لذلك هم يقولون في الآية 7 من سورة آل عمران}آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا{. تدبر نص }رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا{. الله سبحانه وتعالى هدى ويهدي الراسخين في العلم الى معرفة المراد بالآيات المتشابهات ورؤية إحكامها وغير ذلك فهم يقولون}:رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ{. اختلف المفسرون في تفسير نص}وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا{. وذلك سببه اشتباه نص}وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ{ عليهم (ولقد ذكرنا معنى النص). فمن المفسرين من يَقِفُون عند لفظ الجلالة }اللَّهُ{ ويفسرون الآية بان الله سبحانه وتعالى هو فقط الذي يعلم التأويل ويفسرون التأويل إِما بتفسير الآيات المتشابهات او بحقيقة الأشياء وما تؤول اليه الأمور (أي أن الله سبحانه وتعالى هو فقط الذي يعلم ما تؤؤل اليه الأمور). ومن المفسرين من يعطفون نص}الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ{على لفظ الجلالة وبذلك يكون المعنى أن تأويل الآيات المتشابهات يعلمه الله سبحانه وتعالى ويعلمه الراسخون في العلم. والأصح أن نص}الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ{ غير معطوف على لفظ الجلالة لكن المعنى في العطف (أن الراسخين في العلم يعلمون التأويل أيضا) هو ما تقتضيه وتَدُلُّ عليه الايتان 7 و8 من سورة آل عمران (وذلك في قول الراسخين في العلم }آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا{ و }رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا{).
الله سبحانه وتعالى جعل لنا القران سهلا يسيرا (اقرأ الآية}وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{[القمر: 22]) ونرى ذلك في ما ذكرنا. وايات الأحرف المقطعة }حم (1) عسق (2){ مثال على ذلك ايضا. فيسهل معرفة المراد بالآية }عسق{ حتى بدون معرفةٍ مسبقةٍ بما ذكرنا في ايات الأحرف المقطعة. فعند قراءة الآية حرفا بحرف (عين سين قاف) يُفَكِّرُ القارئ بالعين (التي يرى بها) والسن (من الأسنان) واذا كان عالما بايات القران سَيَتَذَكَّر الآية 45 من سورة المائدة ونصها}وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{. وهذه الآية (45 من سورة المائدة) والآية التي تسبقها من الآيات المشابهة للايتين }حم (1) عسق (2){. وأيضا من التيسير في القران أن الأحرف المقطعة المفردة }ن{ و }ص{ و }ق{ (التي لا تصاحبها أحرف مقطعة أخرى) ليست في ايات مستقلة بذاتها (مثل }كهيعص{ في اية مستقلة) بل معها كلمات في نفس الايات.
ايات الأحرف المقطعة من ادلة حفظ القران. فلو طَرَأَ تغيير على الأحرف المقطعة من تبديل أو اضافة (وهذا لا يحدث ابدا) فذلك قد يؤدي الى عدم العثور على الآيات المشابهة لايات الأحرف المقطعة. على سبيل المثال اية الأحرف المقطعة }كهيعص{ لو بُدِّلَ فيها حرف الصاد بحرف السين أو تَمَّت اضافة حرف السين للاية فبذلك لا نستطيع العثور على الآية المشابهة ل}كهيعص{ (لأننا نعتمد على تشابه الأحرف). تأمل ايات الأحرف المقطعة }حم (1) عسق (2){. لاحظ أن هنالك فصل بين الآية }حم{ والآية }عسق{فهما ايتان. ولولا أن ذلك الفصل حُفِظ لبحثنا فقط في الآيات التي تحتوي على احرف }حم عسق{ في اية واحدة ولضاعت علينا الآيات (المشابهة) التي فيها }حم{في اية و }عسق{ في اية اخرى.
اقرأ الآية }وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{[البقرة: 23]. في هذه الآية تَحَدِّي للكفار أن يأتوا بسورة مثل سور القران. والمشركون العرب في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم مع فصاحتهم لم يقدروا على هذا التَحَدِّي. ومن حاول منهم جاء بنصوص ركيكة جدا مع استعارة (أو بالأصح سرقة) أوزان ايات القران (فلم يستطيعوا حتى ان يأتوا بأوزانٍ من عندهم). وجاء مِن بعدهم في العصر الحديث مَن جادلوا بالباطل في القران وظنوا انهم قادرون على التحدي (وهم جاهلون باللغة العربية). وجادلوا بجهل وقالوا أن الأحرف المقطعة أحرف عشوائية لا مغزى لها. ثم لَمَّا كتبوا ما كتبوا غَلَبُوا من قبلهم في ركاكة الأسلوب وكانت أحرفهم التي كتبوها (تقليدا للأحرف المقطعة) بلا فائدة ولا نفع. ويظهر مِن بعد ذلك اعجاز ايات الأحرف المقطعة. فيرى الناس جهل الكفار الذين جادلوا بالباطل في ما لا يعلمون. وتصبح أقوالهم وكتاباتهم دليلا (لا يُمحَى خصوصا في زمن المعلومات) عليهم وعلى جهلهم. وهذا مصير المعاجزين المجادلين بالباطل أنه يكون لهم الخزي والعار.
يمكن الوصول باستخدام الذاكرة (ذاكرة الانسان) الى بعض الآيات المشابهة لاية (أو بعض ايات) لمن يحفظ القران أو مَن يكثر مِن قراءته أو سماعه. لكن باستخدام اجهزة الحاسب (بأنواعها المختلفة) تكون عملية البحث أسهل وأسرع وأشمل. فاجهزة الحاسب تسهل العثور على الآيات المشابهة لايات الأحرف المقطعة. لاحظ انه جاءنا العلم بايات الأحرف المقطعة (المراد بها) في الزمن المناسب لهذا العلم. وننبه على انه في كل زمان تُكشف لنا أمور ومعجزات في القران لم نعرفها من قبل.
الله سبحانه وتعالى جعل الآيات المتشابهات متشابهاتٍ بارادته سبحانه لتكون فتنة واستدراجا وضلالا وعذابا للذين في قلوبهم زيغ (الذين يسعون وراء هذه الآيات ليحرفوها) ولتكون إِعجازا وهدى ونورا وزيادة في الايمان لغيرهم. لاحظ أن التعامل مع الآيات المتشابهات يَتَطَلَّب تحريك العقل بالتَدَبُّر الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به في كِتَابِه. اقرأ الآية}كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ{[ص: 29] (لاحظ تشابه هذه الآية مع الآية 7 من سورة آل عمران ونصها}هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ{).
فلنستعرض بعض ايات الأحرف المقطعة مع الآيات المشابهة لها:
أ. الآية }كهيعص{ في سورة مريم.
الآية }كهيعص{ [مريم: 1] تشبهها الآية }وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ{[الأنبياء: 105] (والآية 105 من سورة الأنبياء هي في وراثة عباد الله الصالحين الأرض). اقرأ سورة مريم (وفيها اية }كهيعص{) وتأمل الآيات 2 الى 57. تبدأ سورة مريم بالايتين }كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2){ ويَلِي ذلك أخبار وقصص أنبياء وبعد ذلك يأتي تكرار نص}وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ{ في خمس ايات (16 ونصها }وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا{ و41 ونصها }وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا{ و51 ونصها}وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ ۚ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا{ و54 ونصها}وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا{ و56 ونصها }وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا{) يَلِي كل اية من هذه الآيات أخبار وقصص أنبياء ايضا (الى الآية 57). وهذا التكرار يدل على وجود وجه ارتباط بين الايات. بجمع الآية 105 من سورة الانبياء مع الآية 1 من سورة مريم والآيات 2 الى 57 من سورة مريم يتبين لنا أن الآيات 2 الى 57 (وتقارب ثلثي ايات السورة) هي في وراثة عباد الله (سبحانه وتعالى) الصالحين الأرض (والأنبياء عليهم السلام أفضل عباد الله الصالحين). فالآية 105 من سورة الانبياء تدلنا على أن الآيات 2 الى 57 هي في وراثة عباد الله (سبحانه وتعالى) الصالحين الأرض. وبقراءة بقية ايات سورة مريم نرى أن سورة مريم هي في الوراثة (بشكل عام) وخصوصا وراثة عباد الله (سبحانه وتعالى) الصالحين الأرض. واقرأ موضوع اية الأحرف المقطعة }كهيعص{ لمعرفة المزيد.
ب. الآية }ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ{ في سورة ص.
الآية }ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ{[ص: 1] تشبهها الآيات الخمس:}وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا{[الإسراء: 41] و}وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا{ [الإسراء: 89] و}وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا{[الكهف: 54] و}وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا{ [طه: 113] و }وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا{[الفرقان: 50]. واقرأ موضوع اية الأحرف المقطعة }ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ{ لمعرفة المزيد.
ت. الايتان }حم (1) عسق (2){ في سورة الشورى.
لقد ذكرنا في الموضوع ايتين (ويُحتمل وُجُود ايات أخرى) من الآيات المشابهة للايتين }حم (1) عسق (2){ وهما}إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45){[المائدة: 44-45]. وسيتم نشر موضوع ايات الأحرف المقطعة}حم (1) عسق (2){(في المستقبل) عند الإنتهاء من كتابته إن شاء الله سبحانه وتعالى.
لقد ناقشنا موضوع الآيات المتشابهات هنا وسنقوم (باذن الله سبحانه وتعالى) بشرح الآيات المرتبطة بهذا الموضوع التي لم نذكرها أو نشرحها (ومنها الآيات 51 الى 54 من سورة الحج) في موضوع اخر. وأردنا أخيرا أن ننبه على أمرين.
أولا: هنالك من يُسَمِّي الآيات التي تتشابه مع بعضها البعض بالآيات المتشابهات ولا نقصد أنهم يفسرون الآيات المتشابهات في الآية 7 من سورة آل عمران بذلك (خَطَأً) إنما هم لديهم معنيان للايات المتشابهات بدلا من معنى واحد. ومع أن المعنى الاخر الذي لديهم يَصِح فانه يُفَضَّل الابتعاد عنه لتفادي خلط ولبس الأمور على الناس.
ثانيا: لكل شيء قواعد وقوانين وَبِحَصر الآيات المشابهة لايات الأحرف المقطعة سيزيد علمنا بايات الأحرف المقطعة. وهنالك أمور غير معروفة الان. على سبيل المثال هل طريقة نطق الأحرف المقطعة تقتصر على الوزن الصوتي أم لها دلالات على بعض الأمور. وهل ايات الأحرف المقطعة المكررة (مثل }طسم{ وذكرت مرتين) لها ارتباط مع بعضها البعض.
الملاحظات:
إذا وجدت في ما يلي نَصًّا بين علامات الإقتباس (اي نَصًّا بين “”) فهذا تعليق على نص في الموضوع. فاعثر على النص في الموضوع ثم اقرأ الملاحظة. واذا وجدت نصا بدون هذه العلامات فهذا عبارة عن إضافات عامة للموضوع.
-1“وستجد في موضع اياتٍ (مجموعة من الايات) تشبهها ايات في موضع اخر.”
بالنسبة لتشابه الآيات مع الآيات اذا تأملت السياقين (سياق الآية الاولى مع سياق الآية الثانية) يُمكن ان ترى جميع أو بعض أوجه التشابه المذكورة في الفقرة الأولى من الموضوع (تشابه الآية مع الآية وتشابه الآية مع الآيات وتشابه الآيات مع الايات) فعلى سبيل المثال اذا تأملت سياقين يُمكن ان ترى اية واحدة (في السياق الأول) تقابلها (وتشبهها) اية (في السياق الثاني) ثم من بعد ذلك تجد ايضا اية تقابلها اية وبتأمل سياقين أخريين ترى اية تقابلها اية ثم من بعد ذلك تجد ايات تقابلها ايات.
-2الأحرف دليل على أنه لا يستطيع أن يقدر (أو يتمكن) أحد حتى على حرف واحد من القران الكريم إلا بإذن الله سبحانه وتعالى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد