دلائل صلاح القلب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرُّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(89)[الشعراء:88-89].

ويقول العلامة السعدي في تفسيره: والقلب السليم معناه: الذي سلم من الشرك والشك، ومحبة الشر، والإصرار على البدعة والذنوب، ويلزم من سلامته مما ذكر ؛ اتصافه بأضدادها من الإخلاص، والعلم، واليقين، ومحبة الخير، وتزيينه في قلبه، وأن تكون إرادته ومحبته، تابعة لمحبة الله، وهواه تابعًا لما جاء عن الله.

أهمية صلاح القلب:

القلب والأعمال محل نظر الكبير المتعال:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُم ".(1)

انتفاع العبد يوم القيامة بسلامة قلبه دون أعراض الدنيا: 

قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89))[الشعراء:88-89].

وعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ:"يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ:"يَا مُعَاذُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلاَثًا، قَالَ:"مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ"، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ:"إِذًا يَتَّكِلُوا" وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا. (2) 

دلائل صلاح القلب: 

ارتباط صلاح الجوارح بصلاح القلب: 

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ".(3)

التحلي بصدق اللسان وطهارة القلب من الغل والبغي والغل والحسد:

 قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10))[الحشر:10].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ"، قَالُوا:صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: "هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ"(4)

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَفَعَهُ قَالَ: "إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا"(5)

وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"(6) 

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إلى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، ... "الحديث. (7)

وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَبِعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ. قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ (8)"

وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله عقب الحديث في *الفتاوى* (10/ 119): وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار، فقال: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ (9))[الحشر:59]أي: مما أوتي إخوانهم المهاجرون، قال المفسرون: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً) ؛ أي: حسدًا وغيظًا مما أوتي المهاجرون.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: »لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ» (9)

من علامات سلامة القلب:

 إخلاص العمل لله:

والنصح لأئمة المسلمين:

ولزوم جماعتهم:

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرًَا سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ"، زَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، " ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنُّصْحُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ "(10)

اجتماع الخوف والرجاء في القلب السليم:

قال تعالى: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53))[الزمر:53 ].

وقال تعالى: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99))[الأعراف:97-99 ].

وقال تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90))[الأنبياء: 89-90].

وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ: "كَيْفَ تَجِدُكَ؟، قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ ".(11)

صاحب القلب السلبم لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كانوا من أقرب الناس إليه:

لقوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22))[المجادلة:22].

ما جاء من إنكار صاحب القلب السليم للفتن من الشبهات والشهوات:

قال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8))[الحجرات:7-8].

وعن حُذَيْفَة: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخر أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ".(12)

وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ" (13).

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ" (14).

اتصاف صاحب القلب السليم برقة القلب ولين الفؤاد وخلق الرحمة:

مما لاريب فيه أن خلق الرحمة من أعمال القلوب التى تنقاد لها الجوارح تبعًا لذلك، والدليل على ذلك ؛ قوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ] {آل عمران: 165].

وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ "(15).    

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ:"يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ"، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ (16)".

ولذا تأمل قول الصحابي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ"(17).

ولذا أبتعثه الله رحمة للعالمين، لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107))[الأنبياء: 107].

وقال تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)[الأنعام:124].

ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق عند الله تعالى، وأعظم رسول إلى بني أدم، فهو سيد المرسلين وخاتم النبيين كما صح عنه بأبي هو وأمي: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ (18)".

وقال ابن القيم رحمه الله: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاءكم أهل اليمن أرق قلوبًا؛ وألين أفئدة (19)".

ففرق بينهما ووصف القلب بالرقة والأفئدة باللين، وتأمل وصف النبي القلب بالرقة التي هي ضد القساوة والغلظة ؛ والفؤاد باللين الذي هو ضد اليبس والقسوة فإذا اجتمع لين الفؤاد إلى رقة القلب حصل من ذلك الرحمة، والشفقة، والإحسان، ومعرفة الحق وقبوله، فإن اللين موجب للقبول والفهم ؛ والرأفة تقتضي الرحمة والشفقة، وهذا هو العلم والرحمة، وبهما كمال الإنسان وربنا وسع كل شيء رحمة وعلمًا. (20)

ما جاء من تأثر أصحاب القلوب السليمة بالموعظة:

قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120))[هود:120].

وقال تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37))[ق:36-37].

وقال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46))[الحج:46].

وعَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا أَوْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا. قَالَ: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ (21) ".

ما جاء من اطمئنان ووجل صاحب القلب السليم بذكر الله:

لقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28))[الرعد:28].

وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)) [الأنفال:2-4].

وقال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23))[الزمر:23].

أهمية القلب السليم لتدبر القرآن الكريم:

لقوله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82))[النساء:82].

وقال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أم عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24))[محمد:24].

وقال تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37))[ق:36-37].

وعَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ" يَعْنِي: يَبْكِي. (22)

وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: (أم خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أم هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أم خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أم عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أم هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37))[الطور 35 -37] قَالَ: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ." (23)

صاحب القلب السليم غني النفس والقلب:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ (24)".

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ" (25). وفي رواية: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا، فَصَبَرَ عَلَيْهِ" (26).

وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إلى الإِسْلَامِ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا، وَقَنَعَ" (27).

وعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ".(28)

وعنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِنَّ اللهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ، كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَافُونَ عَلَيْهِ".(29)

وعَنْ سَهْلٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا (30)".

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا ذَرٍّ، انْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ  قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا. قَالَ: قَالَ لِي:انْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَخْلَاقٌ، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:لَهَذَا عِنْدَ اللهِ أَخْيَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلِ هَذَا" (31)

وعن عَمْرُو بْنُ تَغْلِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ،فَكَأَنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنِّي أُعْطِي قَوْمًا أَخَافُ ظَلَعَهُمْ وَجَزَعَهُمْ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إلى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الخَيْرِ وَالغِنَى، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ" فَقَالَ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُمْرَ النَّعَمِ. (32)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ عَنْ سِتِّ خِصَالٍ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهَا لَهُ خَالِصَةً، وَالسَّابِعَةُ لَمْ يَكُنْ مُوسَى يُحِبُّهَا، قَالَ: يَا رَبِّ، أَيُّ عِبَادِكَ أَتْقَى؟، قَالَ: الَّذِي يَذْكُرُ وَلَا يَنْسَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَهْدَى؟، قَالَ: الَّذِي يَتَّبِعُ الْهُدَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَحْكُمُ؟، قَالَ: الَّذِي يَحْكُمُ لِلنَّاسِ كَمَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَعْلَمُ؟، قَالَ: عَالِمٌ لَا يَشْبَعُ مِنَ الْعِلْمِ، يَجْمَعُ عِلْمَ النَّاسِ إلى عِلْمِهِ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَعَزُّ؟، قَالَ: الَّذِي إِذَا قَدَرَ غَفَرَ، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَغْنَى؟، قَالَ: الَّذِي يَرْضَى بِمَا يُؤْتَى، قَالَ: فَأَيُّ عِبَادِكَ أَفْقَرُ؟، قَالَ: صَاحِبٌ مَنْقُوصٌ (1) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْغِنَى عَنْ ظَهْرٍ، إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، جَعَلَ غِنَاهُ فِي نَفْسِهِ، وَتُقَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ شَرًّا، جَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ"(33).

ما جاء من رضا صاحب القلب السليم بقضاء الله وقدره:

وشكره على النعماء وصبره على الضراء: 

قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بإذن اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11))[التغابن: 11].

وَقَالَ عَلْقَمَةُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)[التغابن: 11] (هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ).(34)

ويقول ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بإذن اللَّهِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِأَمْرِ اللَّهِ، يَعْنِي: عَنْ قَدَرِهِ (3) وَمَشِيئَتِهِ. (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[التغابن: 11]أَيْ: وَمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَعَلِمَ أَنَّهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ وَاسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللَّهِ، هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ، وعَوَّضه عَمَّا فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا هُدى فِي قَلْبِهِ، وَيَقِينًا صَادِقًا، وَقَدْ يُخْلِفُ عَلَيْهِ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُيَعْنِي: يَهْدِ قَلْبَهُ لِلْيَقِينِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي ظِبْيان قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَلْقَمَةَ فَقُرِئَ عِنْدَهُ هَذِهِ الْآيَةُ: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ، فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّان: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُيَعْنِي: يَسْتَرْجِعُ، يَقُولُ: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (156)[الْبَقَرَةِ: 156].

وعَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (35).

وفي رواية: "عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ، لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ، إِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاء صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاء شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ." 

صاحب القلب السليم ملازم للتوبة والاستغفار بعد الذنب:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ، صُقِلَ قَلْبُهُ، ... "الحديث. (36)

وعن عَوْن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "دَاوُوا الذُّنُوبَ بِالتَّوْبَةِ، وَلَرُبَّ تَائِبٍ دَعَتْهُ تَوْبَتُهُ إلى الْجَنَّةِ حتى أَوْفَدَتْهُ عَلَيْهَا"، وَقَالَ:"قَلْبُ الْمَرْءِ التَّائِبِ بِمَنْزِلَةِ الزُّجَاجَةِ يُؤَثِّرُ فِيهَا جَمِيعُ مَا أَصَابَهَا، فَالْمَوْعِظَةُ إلى قُلُوبِهِمْ سَرِيعَةٌ، وَهُمْ إلى الرِّقَةِ أَقْرَبُ." (37)

وقَالَ: "جَرَائِمُ التَّوَّابِينَ مَنْصُوبَةٌ بِالنَّدَامَةِ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، لَا تَقَرُّ لِلتَّائِبِ بِالدُّنْيَا عَيْنٌ، كُلَّمَا ذَكَرَ مَا اجْتَرَحَ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: التَّائِبُ أَسْرَعُ دَمْعَةً، وَأَرَقُّ قَلْبًا (38)".

وقَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:"جَالِسُوا التَّوَّابِينَ، فَإِنَّهُمْ أَرَقُّ شَيْءٍ أَفْئِدَةً (39)".

صاحب القلب السليم مشفق من الفتن:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إلى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخر يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخر"، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَهْوَى إلى أُذُنَيْهِ، وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ:"سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي"، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا، وَاللهُ يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29))[النساء: 29] قَالَ: فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: "أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ." .(40)

وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ مِنْهُ؛ مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَالِ، فَلْيَنًْا مِنْهُ مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَالِ، فَلْيَنًْا مِنْهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَلَا يَزَالُ بِهِ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبَهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ (41)".

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ." (42)

وفي رواية: قَالَ:جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ: يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ." (43) 

وعن أبي سعيدِ الخدريِّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ أن يكون خيرُ مالِ المُسلِم غنمًا يتْبَعُ بِها شَعَفَ الجِبَالِ ومواقعَ القطرِ، يفِرُّ بِدينه مِنَ الفِتن" (44).

وعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: ايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ، وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا". (45)

العلاقة بين مسألة حمل الأمانة والقلب:

قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72))[الأحزاب: 72].

وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا: "أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ" وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: "يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ، وَلاَ أُبَالِي أَيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَوْمَ: فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلاَنًا وَفُلاَنًا (46)."

قوله: "إن الأمانة" قال السندي: قيل: المراد بها التكاليف والعهد المأخوذ المذكور في قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ) الآية [الأحزاب: 72] وهي عين الإيمان، بدليل آخر الحديث: "وما في قلبه حبة خردل من إيمان" والأقرب حملها على ظاهرها بدليل قوله: "ويصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة" وأما وضع الأمانة موضعها فهو لتفخيم شأنها لحديث: "لا دين لمن لا أمانة له".

*في جذر* بفتح جيم أو كسرها وسكون ذال معجمة: الأصل. ولعلَّ المراد الجِبلَّة والخِلقة، وقيل: الوسط، والمراد بالرجال الناس مطلقًا، ونزول الأمانة في قلوبهم أنها جُبلَت مستعدةً لها، ثم لما استحكمت تلك الصِّفة بالقرآن والسنَّة صارت كأنهم عُلِّموها منهما.

وقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ: الْأَمَانَةُ فِي الْحَدِيثِ هِيَ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ فى قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَوَهِيَ عَيْنُ الْإِيمَانِ فَإِذَا اسْتَمْكَنَتِ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِ الْعَبْدِ قَامَ حِينَئِذٍ بِأَدَاءِ التَّكَالِيفِ وَاغْتَنَمَ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَجَدَّ فِي إِقَامَتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ما جاء من الدعاء بهداية القلب وتصريفه إلى طاعة الله وثباته على دينه :

عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، اهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسَلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي".(47)

وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ".(48)

وعن النَّوَّاس بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ"وَكَانَ يَقُولُ:"يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَخْفِضُهُ وَيَرْفَعُهُ ".(49)

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ:"نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ (50)".

ما جاء من الاستعاذة من شر القلب:

عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ أَبِيهِ شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِكَفِّي، فَقَالَ: "قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي " يَعْنِي فَرْجَهُ" (51).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

1- مسلم 34 - (2564)، وأحمد (10960)، وابن ماجة (4143)، وابن حبان (394).

2-البخاري (128، ومسلم 53 - (32)، وأحمد (22003).

3-البخاري (52)، ومسلم107 - (1599)، وأحمد (18374)، وابن ماجة (3984)، وابن حبان (3984)

4-صحيح: رواه ابن ماجة (4216)وصححه الألباني في " الصحيحة" (948).

5-حسن: رواه أحمد (11908)، والترمذي (2407)وحسنه الألباني وشعيب الأرنؤوط.

6-البخاري (13)، ومسلم71 - (45).

7-مسلم 46 - (1844)، وأحمد (6503)، والنسائي (4191)، وابن ماجة (3956)، وابن حبان (5961).

8-صحيح: رواه أحمد (12697).

9-رواه البخاري تعليقًا في باب " قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ" (10/1)

10-صحيح:رواه أحمد (21590)، وابن ماجة (230)، وابن حبان (680)وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط.

11-حسن: رواه الترمذي (983)، وابن ماجة (4261)، والنسائي في " الكبرى" (10834)، والبيهقي في" الشعب" (970)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3383، المشكاة: 1612وحسنه الألباني.

12-رواه مسلم231 - (144)، وأحمد (23440)

 13- مسلم (78) - (49)

14-مسلم 80  (50).

 15-البخاري (5998)، ومسلم 64 - (2317)، وأحمد (24291)، وابن ماجة (3665)، وابن حبان (5595) 

16-البخاري (1303) واللفظ له، ومسلم62  (2315).

17-موقوف حسن: أخرجه أحمد (3600)، والطيالسي في " مسنده " (ص23)، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (2/100) وحسنه الألباني في " الضعيفة " (533) 

18-مسلم 3- (2278)، وأبو داود (4673)عن أبي هريرة رضي الله عنه، والترمذي (3148)، وابن ماجة (4308)عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. 

"أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ"قال الهروي: السيد هو الذي يفوق قومه في الخير.

وقال غيره: هو الذي يُفزع إليه في النوائب والشدائد، فيقوم بأمرهم، ويتحمل عنهم مكارههم، ويدافع عنهم.

 19-رواه البخاري (4388)ولفظه:"أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا"، ومسلم (84 - (52)ولفظه "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً"، وأحمد (7432)عن أبي هريرة، وعن عقبة بن عامر بلفظه رواه أحمد (17406)وحسن سنده شعيب الأرنؤوط، وحسن إسناده الألباني في " الصحيحة " (1775)، و" صحيح الجامع" (2530).

قال الخطابي: قوله:"هم أرق أفئدة، وألين قلوبًا"، أي لأن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رق نفذ القول، وخلص إلى ما وراءه. وإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل. وإذا كان القلب لينًا، علق كل ما يصادفه. اهـ. "فتح الباري".

20-التبيان لأقسام القرآن " للإمام ابن القيم- رحمه الله -ط. دار الكتب العلمية (ص236-237).

21-رواه أحمد (17144)، وأبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجة (43)، وابن حبان (5) وصححه الألباني.

22-صحيح: رواه النسائي (1214)وصححه الألباني.

23-البخاري (4854).

24-البخاري (6446)، ومسلم120- (1051)، وأحمد (7316)، والترمذي (4137)، وابن ماجة (4137)، وابن حبان (679). 

25-مسلم 125 - (1054)، وأحمد (6572)، والترمذي (2348)، وابن ماجة (4138)

26-رواه ابن حبان (670)وحسنه الألباني. 

27-رواه أحمد (23944)، والترمذي (2349)، وابن حبان (705)وصححه الألباني في" الصحيحة" (1506).

28-رواه أحمد (23625)وصححه الألباني في" الصحيحة" (813)، و" صحيح الجامع" (139).

29-رواه أحمد (23626)وصححه الألباني. 

30-البخاري (5091)، وابن ماجة (4120)، وابن حبان (4120).

31-صحيح: رواه أحمد (21395) إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن حبان (685).

32-رواه البخاري (7535)، وأحمد (20672)

33-رواه ابن حبان (6217)وحسنه الألباني وشعيب الأونؤوط، وانظر " الصحيحة" (3350).

34-البخاري معلقًا (6/155)"سورة التغابن".

35-رواه مسلم 64 - (2999)، وأحمد (18934)، وابن حبان (2896).

36-حسن:رواه أحمد في " المسند (7952)، وابن ماجة (4244)، وابن حبان (4244، 2787.

37-كتاب التوبة "لابن أبي الدنيا (182).

38-كتاب التوبة لابن أبي الدنيا (185).

 39-كتاب التوبة "لابن أبي الدنيا (144).

40-مسلم 46 - (1844)، وأحمد (6503)، والنسائي (4191)، وابن ماجة (3956)، وابن حبان (5961).

41-صحيح: رواه أحمد (19875)، وأبو داود (4319).

42-البخاري (2786)، مسلم 122 - (1888)، وأحمد (11322)، والترمذي (1660)، والنسائي (3105)، وابن ماجة (3978)، وابن حبان (4599).

43-البخاري (6494)، وأحمد (11125). 

44-البخاري (19)، وأحمد (11542)، وأبو داود (4267)، والنسائي (5036)، وابن ماجة (3980)، وابن حبان (5958).

45-صحيح: رواه أبو داود (4263) وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط.

46-البخاري (7086)، ومسلم230- (143)، وأحمد (23255)، والترمذي (2179)، وابن ماجة (4053)، وابن حبان (6762) تُرفَع الأمانة عن القلوب عقوبةً على الذنوب، حتى إذا استيقظوا لم يجدوا قلوبهم على ما كانت عليه، ويبقى أثر تلك الأمانة مثل الوكت فيها.

47-صحيح: رواه أحمد (1997)، وأبو داود (1510)، والترمذي (3551)، وابن ماجة (3830)، وابن حبان (947)وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط.

48-مسلم (2654)، وأحمد (6569)، وابن حبان (902).

49-صحيح: رواه أحمد في " المسند" (17630) وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

50-صحيح: رواه أحمد في " المسند" (12107)، الترمذي (2140)، وابن ماجة (3834) وصححه الألباني.

51-رواه أحمد (15541)، وأبو داود (5455)، والترمذي (3492)، والنسائي (5444)وصححه الألباني.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply