احترام الزوج وطاعته سبيل لدخول الجنة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

حرص علماء المسلمين على استقرار الأسرة وحث كل طرف على احترام الآخر وأدائه حقوقه، إلا أن ميزان الأسرة حصل فيه انحراف بتمرد النساء مع موجات الدعوات التي تميل للنساء والمعادية للرجال. وهذا سبب كتابة المقال تذكيرا للمؤمنات بواجباتهن التي يؤجرن عليها وتحذيرا من التقصير في الواجبات الزوجية المتوعد على تركها بعذاب السعير.

ومما استوقفني من كلام الفقهاء؛ ما في كتاب *الدر المختار* في الفقه الحنفي من عبارة تستحق الوقوف وهي قوله: ‏(وَيُكْرَهُ أَنْ تَدْعُوالْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِاسْمِهِ).

وسبب ذلك أن مناداة الزوج باسمه المجرد إهانة في بعض البيئات مثل الشام؛ ويفضلون الكنى مثل: يا أبا فلان أويابن عمي أويا سيدي ونحوها.

والأصل في أدب الشرع أن ينادى الإنسان بأحب الأسماء إليه، مثل مخاطبته بكنيته التي يحبها، وأما تلقيب الشخص بقلب يكرهه: فلا يحل فعله، وهو من التنابز المنهي عنه في الشرع، قال الشاعر: أكنيه حين أناديه لأكرمه... ولا ألقبه والسوأة اللقب قال ابن القيم رحمه الله: الفرق بين الاسم والكنية واللقب: هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعوبها: فإنها تفترق في أمرٍ آخر، وهو : أن الاسم إما أن يُفهم مدحًا، أوذمًّا، أولا يفهم واحدًا منهما، فإن أفهم ذلك فهو : اللقب، وغالب استعماله في الذم، ولهذا قال الله تعالى: }ولا تنابزوا بالألقاب{ الحجرات/ 11، ولا خلاف في تحريم تلقيب الإنسان بما يكرهه، سواء كان فيه، أولم يكن، وأما إذا عُرف بذلك واشتهر به، كالأعمش، والأشتر، والأصم، والأعرج: فقد اضطرد استعماله على ألسنة أهل العلم، قديمًا، وحديثًا، وسهَّل فيه الإمام أحمد. قال أبوداود في *مسائله*: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الرجل يكون له اللقب لا يُعرف إلا به، ولا يكرهه، قال: أليس يقال سليمان الأعمش، وحميد الطويل؟ كأنه لا يرى به بأسًا. قال أبوداود: سألت أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه، قلت: كان أحمد يكره أن يقول *الأعمش*، قال الفضيل: يزعمون كان يقول *سليمان*. وإما إن لا يُفهم مدحًا، ولا ذمًّا، فإن صُدِّر بـ *أب*، و*أم*: فهو  الكنية، كأبي فلان، وأم فلان. وإن لم يُصدر بذلك: فهو الاسم، كزيد، وعمرو، وهذا هو الذي كانت تعرفه العرب، وعليه مدار مخاطباتهم، وأما فلان الدين، وعز الدين، وعز الدولة، وبهاء الدولة: فإنهم لم يكونوا يعرفون ذلك، وإنما أتى هذا من قبَل العجم. *تحفة المودود بأحكام المولود* (ص 135، 136).

وقال الحافظ العلائي رحمه الله: والحاصل أن الألقاب على ثلاثة أقسام: قسم منها لا يُشْعِرُ بذمٍّ، ولا نقص، ولا يَكره صاحبُه تسميته به: فلا ريب في جوازه كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أصَدَقَ  ذو اليدين؟" فقد تقدم أن هذا الصحابي رضي الله عنه كانت يداه طويلتين، وأنه يحتمل أن يكون ذلك كناية عن طولهما بالبذل، والعمل، وأيًّا ما كان: فليس ذلك مما يقتضي ذمًّا، ولا نقصًا.

وثانيهما: يُشعر بتنقص المسمَّى به، وذمِّه، وليس ذلك بوصف خَلْقي: فلا ريب في تحريم ذلك ؛ لدلالة الآية الكريمة، ولا يزول التحريم برضى المسمَّى به بذلك، كما لا يرتفع تحريم القذف، والكذب برضى المقول فيه بذلك، واستدعائه من قائله. وثالثها: ما يشعر بوصف خَلقي، كالأعمش، والأعرج، والأصم، والأشل، والأثرم، وأشباه ذلك، فما غلب منه على صاحبه حتى صار كالعلَم له، بحيث أنه ينفك عنه قصد التنقص عند الإطلاق غالبًا: فليس بمحرم، ولعل إجماع أهل الحديث قديمًا وحديثًا على استعمال مثل ذلك، ولا يضر كون المقول فيه يكرهه ؛ لأن القائل لذلك لم يقصد تنقصه، وإنما قصد تعريفه، فجاز هذا للحاجة كما جاز جرح الرواة وذكر مثالبهم للحاجة إليه، وما كان غير غالب على صاحبه، ولا يُقصد به العلمية، والتعريف له: فلا يسمى لقبًا، ولكنه إذا عُلم رضى المقول فيه بذلك، ولم يقصد تنقصه بهذا الوصف: لم يحرم، ومتى وُجد أحد هذين: كان حرامًا، والله أعلم. *نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد* (ص 420 – 421).

وطاعة الزوج من احترامه، وهو سبب لدخول الجنة لما روى ابن حبان عن أبي هريرة قال: قال : "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شائت" وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 660.

ولعظم حق الزوج نبه النبي لذلك في ما رواه وروى ابن ماجه (1853) عن عبد الله بن أبي أوفى: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبيقال: "ما هذا يا معاذ قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك فقال رسول الله ﷺ: فلا تفعلوا فإني لوكنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولوسألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه" والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه. ومعنى القتب: رحل صغير يوضع على البعير.

وبمقدار رضى الزوج أوسخطه تكون مكانة الزوجة من حيث الثواب والعقاب لما رواه أحمد (19025) والحاكم عن الحصين بن محصن: أن عمة له أتت النبي في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي ﷺ: "أذات زوج أنت؟ قالت نعم قال: كيف أنت له؟ قالت ما آلوه (أي لا أقصّر في حقه) إلا ما عجزت عنه. قال: فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك" أي هو سبب دخولك الجنّة إن قمت بحقّه، وسبب دخولك النار عن قصّرت في ذلك. والحديث جود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم 1933.

وإذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الأبوين، قدمت طاعة الزوج، قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يإذن لها. شرح منتهى الإرادات 3/47 وفي الإنصاف (8/362): (لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارةٍ ونحوها. بل طاعة زوجها أحق).

وقد ورد في ذلك حديث عن النبي وهو ما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سألت رسول الله ﷺ أي الناس أعظم حقا على المرأة؟ قال: زوجها. قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟ قال: أمه". حسنه المنذري وضعفه الألباني في *ضعيف الترغيب والترهيب *(1212).

إن للزوج مكانة عظيمة القدر في الأسرة، قال تعالى: }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا{ النساء/34.

وبعض الزوجات تهجر فراش زوجها عقوبة له، وهجران فراش الزوج كبيرة لحديث أبي هريرة عنه قال: "إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ".أخرجه البخاري (3237)، ومسلم (1436).وفي لفظ لمسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُوامْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا".

ويحرم على الزوجة صوم النفل دون إذن زوجها، قال النبي : "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تإذن في بيته إلا بإذنه" رواه البخاري (4899) قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث: (فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما، وصلاح أسرتهما، ونحوذلك من الحقوق والواجبات) آداب الزفاف ص 282.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply