علي بن أبي طالب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

أوصيكم أحبابي في الله ونفسي بتقوى اللهِ تعالى، فاتقوا اللهَ ربكم، وطوبى لمن كان لنفسه ناصحًا، واجتهد ليكون كل عملِهِ صالحًا، ولوجه اللهِ تبارك وتعالى خالصًا.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

معاشر المسلمين الكرام: لقد بعثَ اللهُ نبيَّهُ محمدًا ، واصطفاه على العالمين، واختار له أصحابًا كالنجومِ، هم بنص الحديث الصحيح خير القرون، وخير جيلٍ ظهر على وجه الأرض، ألا وإن التاريخ الإنساني كله لم يشهد رجالًا اشتدت بالله عزائمهم، وصدقت لله نواياهم، ونذروا حياتهم لمرضاته، كما شهد لأصَحابَ رسول الله ورضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين..

ونحن اليوم أيها الأحبة: أمام سيرة رجلٍ لا كالرجال، رجلٍ فذٍّ من أولئك الرجال الأبطال، رجلٍ عظيم القدر، كريمٍ الأصل، رفيعٍ المنزلة، شجاعٍ مِقدام، وبطلٍ هُمام، ذو ذكاءٍ لمّاح، وعبقريةٍ فائقة، وبديهةٍ حاضرة، رجلٍ مميز، أحبه الله عز وجل من فوق سبع سموات، وصرح النبي بحبه على الملأ، فأحبَّهُ المؤمنون جميعًا، كان آيةٍ في الشجاعة والفروسة، ما بارزًا أحدًا إلا هزمه، وما بارزهُ أحدٌ إلا هُزم، إنه الشهيد الذي قُتِل غدرًا، أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عمّ رسول الله ، وأخوه بالمؤاخاة، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم.. ولد رضي الله عنه قبل البعثة بعشر سنين، وتربى في حجر النبيّ وفي بيته، هو أول من أسلم من الصبيان، كان يلقب حيدرة، وكنّاه النبيّ أبا تراب. رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين، وزوج فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين الحسن والحسين، سيدَا شباب أهل الجنة.. وهو أول فدائي ضحى بنفسه من أجل الإسلام، فحين هاجر النبيّ من مكة إلى المدينة أمره أن يبيت على فراشه، وأجلَّه ثلاثة أيام ليؤدي الأمانات التي كانت عند النبيّ إلى أصحابها ثم يلحق به إلى المدينة، فهاجر ماشيًا وهو ابن ثلاث عشرة سنه..

شهد رضي الله عنه الغزوات والمشاهد كلها، إلا غزوة تبوك، فقد استخلفه النبي ، على المدينة، وقال له: "أَما تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى، غيرَ أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي"، والحديث في مسلم..

كان رضي الله عنه وأرضاه غزير العلم، بليغ اللسان، حاظر البديهة، بعيد النظر، قويَّ الشخصية، عازفًا عن الدنيا، قال عنه ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: *ما أخذتُ من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب*. وقال عنه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: *لم ينقل لأحدٍ من الصحابة من الفضائل ما نقل لعلي رضي الله عنه*..

وفي صحيح البخاري أن النبي قال له: "أنْتَ مِنِّي وأنا مِنْكَ"، وفي الحديث الصحيح أن النبي قال له: "لا يُحِبُّكَ إلَّا مُؤمنٌ، ولا يُبغِضُكَ إلَّا مُنافِقٌ"..

وفي صحيح البخاري ومسلم، أنه ما كانَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه اسْمٌ أحَبَّ إلَيْهِ مِن أبِي تُرَابٍ، وإنْ كانَ لَيَفْرَحُ به إذَا دُعِيَ بهَا، جَاءَ رَسولُ اللَّهِ بَيْتَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا في البَيْتِ، فَقَالَ: أيْنَ ابنُ عَمِّكِ فَقَالَتْ: كانَ بَيْنِي وبيْنَهُ شيءٌ، فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِندِي، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ لِإِنْسَانٍ: انْظُرْ أيْنَ هو فَجَاءَ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هو في المَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ وهو مُضْطَجِعٌ، قدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن شِقِّهِ فأصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسولُ اللَّهِ يَمْسَحُهُ عنْه وهو يقولُ: "قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ"..

وفي صحيح البخاري، أنَّ رَسولَ اللَّهِقالَ يَومَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ هذِه الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ علَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَه، ويُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، قالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ: أيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا علَى رَسولِ اللَّهِ ﷺ كُلُّهُمْ يَرْجُو أنْ يُعْطَاهَا، فَقالَ: أيْنَ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ؟ فقِيلَ: هو يا رَسولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قالَ: فأرْسَلُوا إلَيْهِ. فَأُتِيَ به فَبَصَقَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ في عَيْنَيْهِ ودَعَا له، فَبَرَأَ حتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ به وجَعٌ، فأعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقالَ عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حتَّى يَكونُوا مِثْلَنَا؟ فَقالَ: انْفُذْ علَى رِسْلِكَ حتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم مِن حَقِّ اللَّهِ فِيهِ؛ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ"..

وَفي صحيح مسلم، أن مَرْحَبٌ بطل اليهود وأميرهم، خَرَجَ بين الصفين فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ.. شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ.. إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ.. فَرد عليه عَلِيٌّ بقوله: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ.. كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ.. أُكِيلكمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ.. فلما تبارزا ضَرَبَه عليٌّ على رَأْسَه فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ.. ولقد أجاد ضرار بن ضمرة الكناني في وصف علي بن أبي طالب حينَ دخلَ على معاوية رضي الله عنه في خلافته، فقال له يا ضرار صف لي عليا، قال أو تعفيني من ذلك يا أمير المؤمنين، قال أقسمت عليك يا ضرار، قال أمَّا إذا أبيت فنعم، كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلًا، ويحكم عدلًا، يتفجرُ العلم من جوانبه، وتنطقُ الحكمة على لسانه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل وظلمته، يُعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، وكان والله غزير الدمعة، طويلُ الفكرة، يقلبُ كفه، ويخاطبُ نفسه، وكان فينا كأحدنا، يقربنا إذا أتيناه، ويُجيبنا إذا دعوناه، ونحنُ مع قربه منا وتقريبه إيانا، لا نبتديه لعظمته، ولا نكلمهُ لهيبته، فإن تبسمَ فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يُقدِّمُ أهل الدين، ويُحبُّ المساكين، لا يَطمعُ القويُّ في باطله، ولا يأيسُ الضعيفُ من عدله، فأشهدُ بالله لقد رأيتهُ في بعض مواقفه، وقد أرخى الليلُ سدوله، وغارت نجومه، يميلُ في محرابه، يتململُ كما يتململُ الملسوع، وهو قابضٌ على لحيته، ويبكي بكاءَ الوالدِ الحزين، فكأني أسمعه وهو يقول: يا ربنا يا ربنا، يتضرعُ إليه، ثم يقول للدنيا: يا دنيا! يا دنيا إليَّ تعرضت، أم لي تشوفت، هيهات هيهات، غُرّي غَيري، قد طلقتك ثلاثًا، لا رجعة لي فيك، عيشكُ حقير، ومجلسكُ يسير، وعمرك قصير، آهِ من بعد السفر، وقلة الزاد، ووحشة الطريق، قال فانهملت دموع معاوية على خديه حتى كفكفها بكمه، واختنق القوم جميعا بالبكاء، فقال معاوية رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك، فكيف جزعكم عليه يا ضرار، قال جزع من ذُبح ولدها في حجرها، فما تسكن حرارتها ولا ترقى دمعتها، ثم قام فخرج..

وفي صحيح البخاري أن أبا ذر رضي الله عنه كان يُقسم قسمًا إن هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، نزلت في الستة نفر الذين تبارزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة.. وفي البخاري أيضًا أن علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال عن تلك المبارزة: *أنَا أوَّلُ مَن يَجْثُو بيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَومَ القِيَامَةِ*..

وأما قصة قتاله ومبارزته لفارس العرب الأول عمرو بن عبد ود فهي قصةٌ مشهورة، ففي معركة الخندق، وبعد أن حاصر الْمُشْرِكُونَ المسلمين شَهْرًا، قام بعض فرسان قُرَيْشٍ ومِنْهُمْ عمرو بن عبد ود، فاختاروا مَكَانًا ضَيِّقًا مِنَ الْخَنْدَقِ، فَاقْتَحَمُوهُ، ثم دَعَوْا إلى الْمبارزة، وفي كتب السيرة أن عمرُو بنُ عبدِ وُدٍّ العامري نادَى يَومَ الخَندَقِ: مَن يُبارِزُ؟.. فقامَ عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وهو مُقَنَّع في الحَديدِ فقالَ: أنا لَها يا نَبِيَّ اللَّهِ. فقالَ: إنَّه عمرٌو، اجلِسْ.. ونادَى عمرٌو: ألا رَجُلٌ. وهو يُؤَنَبُهُم ويَقولُ: أينَ جَنَّتُكُمُ التى تَزعُمونَ أنَّه مَن قُتِلَ مِنكُم دَخَلَها، أفَلا يَبرُزُ إلَيَّ رَجُل، فقامَ عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقالَ: أنا يا رسولَ اللَّهِ. فقالَ: اجلِسْ. ثُمَّ نادَى الثَّالِثَةَ وذَكَرَ شِعرًا، فقامَ عليٌّ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ أنا. فقالَ : إنَّه عمرٌو، قال علي: وإِن كان عَمرًا. فقال الرسولُ اللهِ فأخرج له على بركة الله، فمَشَى إلَيه عليٌّ حَتَّى أتاه ووقف قبالته، فقالَ له عمرٌو: مَن أنتَ؟.. قال: أنا عليٌّ بن أبي طالب. قال عمرو: غَيرُكُ يا ابنَ أخِي، ألا أسَنُّ مِنكَ، فإِنِّى أكرَهُ أن أُهَريقَ دَمَكَ. فقالَ عليٌّ رضي الله عنه: لَكِنَى واللهِ ما أكرَهُ أن أُهَريقَ دَمَكَ. فغَضبَ عمرو فنَزَلَ وسَلَّ سَيفَه كأنَهّ شُعلَةُ نارٍ، ثُمَّ ضرب ساق فرسه فقطعها، ثم أقبَلَ نَحوَ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُغضبًا، واستَقبَلَه عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فتبارزا حتى ثارَ الغبار عَجَاجًا، ورسول الله يدعو حتى سمع التَّكبيرَ، فعَرَفَ أن عَليًّا قَد قَتَلَه.. ومع شجاعته هذه فهو القائل: *كُنا إذا احمرّ البأس، ولقي القومُ القومَ، اتقينا برسول الله ، فما يكون منا أحدٌ أدنى من القوم منه*.. رضي الله عنه وأرضاه..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}..

 

اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}..

معاشر المؤمنين الكرام: لما توفي رسول الله ، وبويع أبو بكر بالخلافة بايعه عليٌّ رضي الله عنهما، فكان من أقرب الناس له، يساعده ويعضده في إدارة الدولة وتصريف شؤونها، ولما توفي الصديق رضي الله عنه، وقف يرثيه متوجعًا، وقال: *رحمك الله يا أبا بكر، كنت والله أول القوم إسلامًا، وأخلصهم إيمانًا، وأشدَهم يقينًا، صدّقتَ رسول الله حين كذبه الناس، وواسيته حين بخلوا، وقمت معه حين قعدوا، كنت والله للإسلام حصنًا حصينا، وللكافرين ناكبًا، لم تَهِن حُجَتُك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك*..

وهكذا كان مع الخليفة الثاني عمر الفاروق، فقد كان أقرب الناس له، حتى زوجه بنته أم كلثوم. وكان عمر كثيرا ما يستخلفه على المدينة إذا غاب عنها، ولما قتل عمر رضي الله عنه نظر إليه علي رضي الله عنه وهو مُسجى في كفنه، وقال: *ما أحدٌ أحبَّ إلي من أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى*.. وهكذا كان مع عثمان رضي الله عنه.. حتى أنه لما جاءه خبر مقتله قال: *تبًّا لهم آخر الدهر*. وانكب عليه يبكي بكاءً شديدًا حتى ظنّ منْ هناك أنه سيلحقُ به..

هكذا كان رضي الله عنه وأرضاه مع الخلفاء جميعًا، يحبهم ويبجِلهم، ويسمي أبناءه بأسمائهم، ويعترف بفضلهم على رؤوس الأشهاد، وكان لهم نعم المعين يصدِّقهم بما يقولون، ويصْدُقُهم بقوله وفعاله، ويبذل لهم رأيه ومشورته الناصحة، ويقف معهم صفًا واحدًا..

ثم لما بويع بالخلافة عانى معاناة شدية، وكانت أيامه كلها أيام فتن شديدة، ومعارك دامية، ومع ذلك فقد كان رضي الله عنه شديدًا في الحق، مقيمًا للعدل، مجتهدًا في نصح الأمة، يولِّي الأخيار، ويحاسب المقصرين، زاهدا في الدنيا..

وكما كانت حياته جهادا، فقد كان موته رضي الله عنه استشهادا، حيث كمن له الشقي عبد الرحمن بن ملجم الخارجي قبل الفجر عند مسجد الكوفة، مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيّ ٌللصلاة، فَلَمَّا خَرَجَ رضي الله عنه جَعَلَ يُنادي النَّاسَ وَيَقُولُ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، فخرج ابْنُ مُلْجَمٍ من خلفه فَضَرَبَهُ بِسَّيْفٍ مسموم عَلَى رأسه، فَسَالَ دَمُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.. فكان استشهاده في شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة..

وجاء في الحديث الصحيح، قال رضي الله عنه: "سمِعْتُ الصادقَ المصدوقَ يقولُ: "إنَّكَ ستُضرَبُ ضَربةً هاهُنا، وضَربةً هاهُنا، وأشار إلى صُدْغَيْهِ، فيَسيلُ دمُها حتى تُخضَبَ لِحيَتُكَ، ويكونُ صاحِبُها أَشْقاها، كما كان عاقرُ النَّاقةِ أَشْقى ثَمُودَ".. فسلام الله عليك يا أبا الحسن، يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حيًا، ورضي الله عنك وأرضاك، وطاب ذكرك حيًا وميتًا..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمقالمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply