بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ينتشر هنا وهناك، أن ينكر بعضهم، تحسر الناس على فراق رمضان، وتعبيرهم، بجبر الكسر على فراق الشهر.
وفيه مقدمات:
الأصل في أقوال الناس وتصرفاتهم الحلّ والإباحة لا المنع بل ولا الكراهة.
أن وجود التقصير مع فضل الشهر، وجُود المنعم، ما يوجب كسرا للقلوب الحيّة سواء انبعثت به الألسن أو طوته الضمائر .
أن حصول النعمة بتمام الشهر وإكمال العدة لا يدفع المسألة فالجهة منفكة، وما المانع أن يفرح بالتمام، والكسر حاصل؟!!!
أن ما يمرّ على قلوب الصالحين، من مقامات التعبد، أولا قد لا يستطاع دفعه، وثانيا أنه لا يُحصر ويُضيق، إن هذا المقام في الأصل إيماني تشهد له النصوص (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) والنصوص كثيرة.
قال ابن القيم: *ما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور! وما أدنى النصر والرحمة! وما أنفع هذا المشهد له وأجداه عليه! وذرة من هذا أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال من المدلين المعجبين بأعمالهم*، وقال أيضا: *أحب القلوب إلى الله سبحانه قلب قد تمكنت منه هذه الكَسرة، وملكته هذه الذلة، فهو ناكس الرأس بين يدي ربه، لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا من الله، قيل لبعض العارفين: أيسجد القلب؟ قال: نعم يسجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء، فهذا سجود القلب*.
أن خروج رمضان يعني إغلاق أبواب الجنة فلو لم يكن حظ العبد من الكسر إلا هذا النظر وسح الدموع لكان كسرا(سلفيا) وقد انهمرت دموع أعظم رجلين -بعد النبي- في الأمة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لما هيجتهما أم أيمن رضي الله عنها وذكرت لهما الوفاة النبوية، وانقطاع خبر السماء فبكيا فشهر أغلقت بعده أبواب السماء والجنة والرحمة أفلا يحصل له كسر!!!
أن هذه الحال ليست جديدة بل هي للعباد والصلحاء من قديم الدهر ومن أبسط المراجع، ما ذكره ابن رجب في لطائف المعارف في آخر شهر الصوم وذكر نقولا باذخة وأشعارا في ذلك عن الصلحاء والاولياء، فلا جديد، والكتاب تدارسه العلماء ولا أعلم أن أحدا استنكر على مؤلفه هذا الموضع، بل تدارسوه وتفهموه، ولم يكن هذا بالأحاجي والألغاز، وابن رجب مكانه في العلم والرسوخ والزهد والإمامة لا يخفى -وإن نسب إلى تصوف- فما ضرّه وهو ما حاد عن الجادة.
وقال مالك في موطئه ٣٦١٥ أنه بلغه: أن عيسى بن مريم كان يقول: *ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية*.. اهـ
وجه الانتزاع أنه لا ينبغي الإزراء على الناس، وجعل هذه من همة النفس بل الذي ينبغي هضم النفس والإزراء عليها، والمسامحة مع الناس، وترك التنقيب عن أفعالهم فنفس الإنسان معدن كل بلاء والشغل بها وتأديبها أولى
أخيرًا.. هذه بعض النظرات في إنكار الزفرات فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.. وكلامي لا مفهوم له، ولا أقصد أحدا بعينه، فأنا أقصد المقالة حسب والله يتولى الصالحين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد