هل الدراسة الجامعية مفيدة


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

كلما أخبرتُ صديقًا برغبتي في الالتحاق بعدد من الكليات يسألني: وهل الدراسة الجامعية مفيدة أصلا؟!

وأقول: نعم، مفيدة من عدة وجوه:

1- بطاقة الكلية يُتيح لي دخول مجاني لمكتبة الكلية والاطلاع على مراجعها وكثير من الكتب التي لا أجدها خارجها بسهولة.

2- بطاقة الكلية يُتيح لي الدخول إلى حرم الجامعة والتجول في كلياتها الأخرى بسهولة دون تضييقات في الدخول والخروج.

3- بطاقة الكلية يُتيح لي الاشتراك في المكتبة المركزية الخاصة بالجامعة كلها (كالمكتبة المركزية لجامعة القاهرة مثلا الي اشتركت فيها بـ 40 جنيه في السنة!)

4- بطاقة الكلية أتاح لي رعاية طبية تكفلت بمصاريف العلاج وإجراء عملية وعشرات التحاليل والأشعة في مستشفى الجامعة بسعر رمزي زهيد للغاية لم يتجاوز المئة جنيه حينها على ما أذكر رغم أني حُجزت في المستشفى 10 أيام تقريبًا، ولولاه لدفعت عشرات الآلاف بالخارج!

5- بطاقة الكلية يتيح لي خصم 50% على جميع إصدارات المركز القومي للترجمة!

6- بطاقة الكلية أتاح لي خصم خاص للطلبة باشتراك المترو، والفرق بين اشتراك الطلبة واشتراك الجمهور كبير جدًا!

7- بطاقة الكلية يتيح لي الدخول للكية ومجالسة أساتذة الكلية في ساعاتهم المكتبية، وإجراء حوارات أفيد بكثير من غالب محاضراتي، بل أترك الكثير من محاضراتي لأجلس هذه المجالس التي قد لا يتسنى لك أن تحظى بها مع هؤلاء الكرام خارج أسوار الكلية!

8- بطاقة الكلية يتيح لي شهادة معتمدة من الدولة مختومة بختم النسر أني من أهل هذا التخصص، فلن تسمع ساذجًا يريد أن يشغّب عليك بعبارات عبيطة من قبيل (إنت شهادتك كذا إيه الي يخليك تتكلم في كذا؟) على أساس إن الشهادة معيار للتخصص والفهم وكده!

فأديك بتسدّ أبواب المهاترات والمزايدات الفارغة. لو التخصص عندك بالشهادة، فخد يا سيدي شهادة مختومة أهي ونقّطنا بسكاتك واسمعني وناقش ما أقوله إن شئتَ!

9- لو مرضتَ ستذهب لدكتور ليس متخرجًا في كلية الطب؟ دائمًا ما أسأل هذا السؤال والجواب دائمًا: لا!

فأقول: لماذا؟! وهل كانت شهادة الكلية معيارًا للعلم؟! فيقول: لا! ولكن هي نقطة من ضمن نقاط كثيرة تزيدني ثقةً به، لأني لستُ من أهل التخصص لأحكم على صحة كلامه، فأستأنس بهذه العلامات والنقاط.

أقول: بالضبط، هو ذا، فإن كانت الشهادة من قبيل اكتساب الأدوات التي تُخاطِب بها الناس بما يعرفون وعلى قدر عقولهم، وتزيدهم ثقةً فيك وفيما تقول من الخير = فحيهلا، وفي هذا السياق أنصحك بسماع مقطع للشيخ سعيد الكملي على يوتيوب بعنوان (لماذا يلبس الشيخ سعيد الكملي الملابس الفاخرة؟!).

10- أحيانًا كثيرة يكون (تقديرك) بالكلية معيارًا من معايير القبول والرفض في بعض الوظائف والمنح الدراسية، هذا ليس بالضرورة لأنه معبّر عن مدى تحصيلك الدراسيّ، بقدر ما هو معبر عن مدى جديّتك والتزامك، وهذه قيمة عُليا عند من يريد أن يستثمر فيك، هو بالأساس لا يبحث عن عالِم، هو يبحث عن إنسان جاد يعرف قيمة وقته وقيمة الفرص التي أمامه، ويستطيع أن يُلزم نفسه بما يجب عليه، وهو لا يعرفك شخصيًا، فالتقدير أحد أهم المؤشرات على ذلك بالنسبة له.

11- شهادتك المختومة المعتمدة هنا، وياللمفارقة، هي معترف بها في كثير من دول العالم بالفعل، سواء أرأيتَ هذا حسنًا أم لا، لكنه يُسهّل عليك الكثير إن طلبت استكمال الدراسة في الخارج.

12- أجواء الكلية قد تُعرّفك على صحبة جميلة تشاركك الاهتمامات والهموم والأسئلة، وهذا أعظم ما يحتاج إليه الإنسان في هذا الزمان، وهو من أعظم الكنوز التي يخرج بها المرء من الحياة الجامعية.

13- كل ما سبق فوائد عظيمة لن تجد فيها كلمة تتعلق بـ (قاعة المحاضرات) والكتب المقررة والمنهج وخلافه، فقد تجد فيه فائدة، وقد لا تجد بل تجد هراء مزخرفًا وأناسا يحملون ألفات ودالات ولا يفقهون شيئًا لا في العلم ولا في الذوق والخُلق، كل هذا وارد في كل مكان، فلا يصرفنّك هذا -إن وجدتَه- عن الخير الذي تجده إن شاء الله لو تأملت وطلبتَه من مظانّه.

فإن زدتَ على هذه الفوائد فائدة تحصيل مقدمات ومفاتيح في علم ما، وتعلم أبجديات البحث العلمي فهو خير عظيم، وإلا فلا يخلو الأمر من فائدة على كل حال، وأنا أومن أن العبرة بالإنسان الفَطِن الذي يُحسن استغلال الفرص واستخلاص الفوائد من بين فرث ودم.

فمن يُزهّد الطلبة في الجامعة والحياة الجامعية بزعم حثّهم على تعلم المهارات الحياتية وخلافه قد ضيّق واسعًا لضيقِ أفقه لا غير، ولا يُلجأ إلى الترجيح إلا إذا تعذّر الجمع كما قال الفقهاء، والجمع بين التعليم النظامي والحُر غير متعذّر في كثير من الأحيان لو استعنّا بالله سبحانه، فلا تلتفت لمثل هذه الأقاويل، واجتهد في كل باب يُفتح لك، وسل الله فيه التوفيق والتفوق.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply