تأملات على ضفاف سورة الحجرات ( 8 )


بسم الله الرحمن الرحيم 

كان الحديث موصولا عن ذلك المقطع الذي يعتبر بحـــق وثيقة ودستورا للأمة المسلمة, وهو هام جدا, خاصة في هذا الزمن, وهو كيفيـــــــة التعامل مع الأخبار والأحداث والأنباء المنقولة سواء نقلا فرديا أو جماعيا, فقد ينقـــل لك احدهم خبرا وقد تستمع إلى خبر عبر وسيلة ناقلة. لذلك جعل للمسلم ضابطا شرعيا في التعامل مع هذه الأنباء سواء كان يخص فردا أو جماعة, وهو التريث والتثبت والتأكد من هوية هذا الناقل وهوية الخبر, وفي الآية ملمح رائع وهو الرفع من العقلية المسلمة في التحليل والاستنباط والتدقيق لمعرفة مدى صدق وواقعية الخبر, لأنه مع الأسف كثير من أفراد الأمة عندما يسمعون خبرا يلغون هذه الجارحة العظيمة التي منحت لهم من الخالق - سبحانه - وينساقون وراء الخبر المنقول دون التثبت او التروي, مع تعطيل منافذ التفكير عندهم, ولو تأمل الواحد منهم لوجد انه يملك خاصية التحليل والاستنباط. ( فتبينوا.. وفي قراءة فتثبتوا) ولا يخفى في هذا العصر أن السباق للخبر المعلن, والصراع اليوم صراع يدار حسب ما يبث من أنباء تصاغ فيها العقول المتلقية ليقبلوا بعد ذلك أي تصرف ينتج عن هذه الأنباء التي بثت عبر الأثير, ويكفيك دليلا ما تصنعه الآلة الإعلامية الغربية وخاصة الأمريكية منها لتبرر ما تريد عمله بعد ذلك. ومع الأسف المحرق للفؤاد نجد أن كثيرا من الحكومات الإسلامية تتيح المساحات الهائلة عبر إعلامها لتسويق ما يبثه الإعلام الغربي فتساهم _ عرفت أم لم تعرف _ في تجهيل الشعوب المسلمة وأبعادها عن الجرح الذي لازال ينزف من جسد الأمة لتقبل بعد ذلك هذه البربرية والهمجية الأمريكية على أنها حق, مع العلم أنها طغت على شريعة الغابة التي فيها القوي يسلب حياة الضعيف لمجرد انه أقوى منه ليس إلا, ( ولا ننسى ذلك الحوار الذي دار بين ذلك الأرنب و شبل ذلك الأسد الذي لم يعرف تفاصيل الحياة إلا ما تلقاه من والده وذلك عندما لحق بالأرنب فقال الأرنب: بعدما أجهده الركض والهرب ماذا تريد مني؟ فقال الشبل بكل صفاقة لابد أن آكلك. فقال الأرنب: ولكن لم اصنع لك شيئا لتنهي حياتي بهذه السهولة.؟ فقال الشبل: هكذا علمني أبي.؟ أن آكل من اقدر عليه, وأنا اقدر عليك فقال الأرنب: فقط لأنك أقوى مني وأنا أضعف منك تأكلني, فلم يجب الشبل..؟) ليبقى السؤال متروكا لعل الرئيس الأمريكي يجيب عليه, هل يحق للأقوى أن يحتل الأضعف وينهب ثرواته ويقتل أبنائه..؟؟ تأملوا الدم الفلسطيني, والدم الشيشاني, والدم الأفغاني. لتبرز لكم حكاية هذا الشبل مع الأرنب. أعود للحديث, وهو التريث بالتفكير الهادئ عندما تدلهم الخطوب ولا ننساق وراء الزوابع المهلكة, فلن تحيا أمة إلا إذا عرفت كيف تفكر ينفسها هي لتعرف مقدار ما تملك من قوة كامنة في ثنايا دينها التي لو استغلته بشكله الصحيح وكما أمر ربها - سبحانه - فذاك كفيل بان يجعلها تسود العالم اجمع كما كانت في صدر ها الأول..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply