بسم الله الرحمن الرحيم
حديث (مَن أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَن شَيءٍ, فَصَدّقَهُ، لَم تُقبَل لَهُ صَلاَةُ أَربَعِينَ يومًا)
لفظة \"فصدقه \" في هذا الحديث لا تصح من جهتين:
من جهة الإسناد، و من جهة المتن،
أما من جهة الإسناد:
فلم يروها بهذا اللفظ ـ حسب اطلاعي ـ إلا الإمام أحمد في المسند 4/68، 5/380
و عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ـ عند ابن بطة في الإبانة ـ الإيمان 2/730 ـ
كلاهما عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن صفية عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -..وفيه (فصدقه بما يقول).
وعبد الرحمن هذا قال عنه ابن أبي حاتم: تكلموا فيه، وقال عن أبيه: شيخ.وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: حدث بأشياء لا يتابعه أحد عليها. وذكره ابن حبان في الثقات.
الجرح والتعديل5/283، سؤالات الحاكم ص128، والكامل4/319، والثقات 8/383.
وخالفهم:
1-محمدُ بن المثنى ـ صحيح مسلم (2230) والبيهقي في السنن 8/138ـ
2- وأبو بكر بن خلاد ـ حلية الأولياء 10/406 وتأريخ أصبهان 2/206 ـ
3- و صدقة بن الفضل ـ التأريخ الأوسط للبخاري 2/45، ـ
4- وعلي بن المديني ـ مسند الفاروق 1/198ـ [وإن كان لم يذكر المتن لكنه عطفه على متن ليس فيه اللفظة]
ولم يذكروا لفظة (فصدقه بما يقول).
ورواه صدقة أيضا ـ التأريخ الأوسط 2/45ـ
ويعقوب بن حميد ـ المعجم الكبير للطبرني 23/215:
عن عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر بمثله، وليس فيه لفظة (فصدقه بما يقول).
ورواه الدراوردي ـ التأريخ الأوسط 2/45 والطبراني في الأوسط 1402ـ
عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
وهذه الطريق لا تصح.
انظر: شرح العلل 2/811 والعلل لابن أبي حاتم 2/269.
ورواه الدراوردي ـ التأريخ الأوسط 2/45 والطبراني في الأوسط 9172 ـ أيضا:
عن أبي بكر بن نافع عن نافع عن صفية عن عمر.
وهذه الطريق أيضا لا تصح.
انظر: العلل لابن أبي حاتم 2/269، والطبراني في الأوسط 9172، ومسند الفاروق 1/198 وشرح العلل لابن رجب 2/811.
الخلاصة:
أن لفظة (فصدقه بما يقول) لم تأت إلا في رواية الإمام أحمد وعبد الرحمن الحارثي،
وخالفه فيها عن يحيى القطان أربعة:
صدقة بن الفضل، وأبو بكر بن خلاد، ومحمد بن المثنى، وعلي بن المديني، وهؤلاء كلهم ثقات.
وأيضا:
يعقوب بن حميد، وصدقة في روايتهما عن عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر به.
وبهذا يظهر ـ والله أعلم ـ أن زيادة (فصدقه) في هذا الحديث شاذة لا تصح، والله أعلم.
والله أعلم هل هذا الاختلاف من يحيى أو أن الوهم ممن دونه.
أما من جهة المتن:
فقد جاءت عدة أحاديث، وروايات عن عدد (1) من الصحابة تُبين أن من أتى عرافا.. فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ورواية أحمد وابن بطة فيها: أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوما فقط.
ثم مع مخالفتها أيضا لما في الأحاديث الأخرى هي مخالفة لظاهر القرآن، وهو أن المصدق للكهنة كافر باللهº لأنه مكذب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
والله أعلم.
---------
(1) أبو هريرة وابن مسعود وأنس وواثلة وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله وابن عمر..
انظرها في: مجمع الزوائد 5/118، والفتح 10/217، وقد تكلم على بعضها.