الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
بسم الله الرحمن الرحيم
حفظ النسب من مقاصد الشرع الشريف ، و قد تنوعت طرقه في إثبات الأنساب ، و حمايتها من عوامل الضياع و الادعاء . و قد تنوعت وسائل الناس في حفظ الأنساب ، فهناك من اعتمد على الروايات ، و هناك من نحت اسمه منسوباً إلى قبيلته على أحجار المقابر و غيرها ، و هناك من ذكر المآثر و الأجداد العظام في قصائد الشعر ، و هناك من كتب و صنف في أنساب قومه ، و من بين تلك الوسائل : وسيلة صنع \" شجرة النسب \" ، فما هي \" شجرة النسب \" ؟ و ما معنى \" الشجرة \" في الاصطلاح ؟ و من أول من صنع الشجرة ؟ و ما آدابها و أحكامها ؟
هذه الرسالة المختصرة تجيب عن شيء من تلك التساؤلات ، و يحاول مؤلفها من خلال جملها التأصيل لمصطلح \" شجرة النسب \" .
و قد كانت الرسالة على النحو الآتي :
- الأصل اللغوي .
- المعاني الاصطلاحية للفظ \" الشجرة \" .
- الشجرة و ما يرادفها عند النسابين .
- أولية التشجير في النسب لمن ؟
- التشجير صنعة لها آداب .
ـ آداب و أحكام في صنع الشجرة .
ـ خطوات عمل الشجرة .
- الفروق بين المبسوط و المشجر في النسب .
- حكم العمل بالشجرات ؟
و الله تعالى من وراء القصد .
- الأصل اللغوي :
جاء في القران الكريم :\" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم .. \" . و قوله :\" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة .. \" ، و قوله :\" و لا تقربا هذه الشجرة .. \" ، و غير ذلك من المواضع .
قال ابن فارس :\" الشين و الجيم و الراء أصلان متداخلان ، يقرب بعضهما من بعض ، و لا يخلو معناهما من تداخل الشيء بعضه في بعض ، و من علو في شيء و ارتفاع \" أهـ[1] .
و قد ورد في \" السنة \" ما يدل على تمثيل النبي صلى الله عليه وعلى آله و سلم للإنسان بالخط على الأرض ، ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : خطَّ النبي صلى الله عليه و على آله و سلم خطَّاً مربعاً ، و خطَّ خطَّاً في الوسط خارجاً منه ، و خط خططاً صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط ، وقال :\" هذا الإنسان ، و هذا أجله محيط به - أو : قد أحاط به - ، و هذا الذي هو خارج أمله ، و هذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، و إن أخطأه هذا نهشه هذا \" [2].
و ورد في \"السنة المطهرة\" أيضاً ما يدل على تشبيه الإنسان ببعض أنواع الشجر ، فورد تمثيل المؤمن بـ\"النخلة \" ، و \" خامة الزرع \" ، و ورد تمثيل الكافر و المنافق بـ\"شجرة الأرز \" ، و \" الريحان \" ، و غير ذلك من الآثار .
و ذكر أحمد تيمور في \" معجم الألفاظ العامية \" أن العامة ، تقول للشجرة \" :\" سجرة ، و لكنها تطلق الشجرة على الحشيش كناية ، و يقولون : فلانٌ بيشجَّر ، أي : يدخن الحشيش º كأنهم جعلوه اسماً بالغلبة \" [3].
قلت : فكأن هذا هو أصل استعمال العامة الآن للفظ :\" السجارة \" في :\" لفائف الدخان الخبيث \" .
- المعاني الاصطلاحية للفظ \" الشجرة \" :
توارد جمعٌ من أرباب الفنون و المعارف على استخدام هذا اللفظ و ما يقاربه ، ليدللوا به على معانٍ, تخصهم . من أولئكم : معاشر النسابين ، و الشعراء ، و الصوفية ، والأطباء .
و الاستعمال عندهم لمصطلح \" شجرة النسب \" على النحو الآتي :
1_ مفهوم \" الشجرة \" ، و \" المشجر \" عند النسابين .
تقدم أن \" ش ج ر \" أصلان متداخلان يدلان على : تداخل ، و ارتفاع . و من هنا حكى بعضهم أن مأخذ \" التشجير \" مأخوذ من :\" السبط \" ، و هو :\" ضربٌ من الشجر ، فجعل الأب الذي يجمعهم كالشجر الذي يتفرع عنه الأغصان الكثيرة ، ولذلك ينقش شكل الشجر في الأنساب \" ، قاله ابن فندق البيهقي [4].
و مع أن الشجرة تستخدم في ألفاظ و كلام النسابين كثيراً ، إلا أنني لم أعثر على من عرفها تعريفاً اصطلاحياً ، فكأنهم اكتفوا بما هو متقرر من معناها اللغوي . و يمكن للمرء أن يقول \" شجرة النسب \" : ورقة مفردة في نسب قوم ما دون غيرهم ، منسوبين إلى رجل واحد ، فرعت أنسابهم من أعلى أو أسفل على هيئة شجرة أو ما يشبهها ، يتبين من النظر فيها اسم كل فرد و عقبه ، و كيفية اتصال نسبه بذلك الرجل .
و قد يطلق على \" الشجرة \" أنها :\" كتاب \" ، كما وقع في كلام أبي حامد الغزالي في \" فضائح الباطنية \"[5] ، و كما في \" اللباب \"[6] لابن الأثير ، حيث نصَّا على :\" كتاب الشجرة \" ، لما ذكرا نسب إسماعيل بن جعفر ، و ربما قصدا \" المشجر \" ، لأنه على هيئة كتاب ، و سيأتي الحديث عنه بعد قليل .
و قال بعضهم : إن طريقة أهل الشام و الحجاز في كتابة الشجرة من أعلى إلى أسفل ، و أهل العراق بالعكس [7]. و المعروف من عادة أهل الحجاز في شجراتهم القديمة و الحديثة أنها من أسفل إلى أعلى . و قد اطلعت على بعض الشجرات الحديثة لأهل فلسطين و غيرها من بلاد الشام ، فرأيتها من أعلى إلى أسفل ، فيبدو أن هذا من عادة أهل الشام فحسب ، على أنها مخالفة للأصل اللغوي لمادة \" شجر \" ، إذ الشجر ينبت من أسفل إلى أعلى لا العكس .
تنبيه : المقصود من الشجرة عند معاشر النسابين وصل الأسماء من أسفل إلى أعلى بـ :\" بـــن \" ، ثم يذكرون الأسماء ، هذا هو المتبادر ، و هو الذي يوجد في شجرات النسابة ، كشجرة أبي قناع ، و شجرات الزبيدي و غيرهما ، و لا يرسمون أوراق الشجر مجردة ، و يضعون فيها الأسماء ، كما هي عادة كثير من العصريين ، فهذا خلاف عمل المتقدمين ، و الأولى متابعة من تقدم ، فإن إثبات لفظ \" بن \" من سنن العرب ، و تركها من عادة العجم ، فلا ينبغي تركها في كتابة الأنساب .
و بسبر كلام متقدمي النسابين نجد ألفاظاً مقاربة للفظ \" الشجرة \" ، و هي تحتاج إلى تبيين و توضيح لضرورة ضبط الاصطلاح . فمن ذلك :
1. جريدة النسب : كقولهم – مثلاً - في جرائد العلوية[8] : \" جريدة الري \" ، و \" جريدة نسابور \" ، و \" جريدة طبرستان \" ، و \" جريدة أصفهان \" ، و \" جريدة الكوفة العتيقة \" [9] ، و \" جريدة البصرة العتيقة \"[10] ، و \" جريدة شيراز \"[11] ، و \"جريدة بغداد\"[12] . و استعمل هذا اللفظ حتى أصبح للحمام :\" دفاتر بأنسابها ، كأنساب العرب \" . و قد بالغ العبيديون القرامطة في العناية بالحمام حتى :\" أفردوا له ديواناً و جرائد بالأنساب \" .
و هذه الجرد يحتمل أن تكون على هيئة \" الديوان \" - إذا اعتبرنا الأصل اللغوي لمادة \" جرد \" - فهي إثبات مجرد لأسماء من ينتسب إلى فلان و أسماء آبائهم كما في \" ديوان الجند \" ، و \" ديوان عمر \" ، و نحو ذلك . و في كلام بعضهم ما يشير إلى أن هناك فرقاً بين \" الجريدة \" ، و \" الشجرة \"[13] . وهذا هو المناسب لمعنى مادة \" جرد \" ، فإنَّ \" الجيم والراء و الدال أصلٌ واحد ، و هو بدو ظاهر الشيء حيث لا يستره ساتر .. \" [14] ، فتكون \" جريدة النسب \" إذاً كالديوان الذي تسجل فيه الأسماء ظاهرة ، فتعرف من أولها ، فلا تحتاج إلى نظر خاص ، كما يحصل لمن ينظر في \" الشجرة \" ، فإنه يحتاج أن ينظر في الأصول و البطون و يتابع تسلسلها لمعرفة مكان شخص ما فيها .
و لهذا قد يذكر النسابون في \" جرائدهم \" بعض أسماء من لا يتحققون أمره ، لكنهم لا يثبتونه في \" المشجرات \"[15] .
و قد يسمي بعض النسابة مشجراتهم بديوان النسب ، و هم إنما يعنون \" الشجرة \" ، و لكن هذا قليل فيهم ، و لم أجده إلا لأبي القاسم علي بن الحسن بن محمد بن علي بن أبي جعفر محمد بن علي المرتضى ، فإنه ألف مشجرة سماها :\" ديوان النسب \" ، نقله ابن عنبة عن ابن معية في \" عمدة الطالب \" [16].
2. مُشَجَّر النسب : يحلى باللام أحياناً ، فيقال : \" المشجر في النسب \" . و هو إما أن يكون تأليفه ابتداءً على هيئة مشجر ، أو أن يعمد أحد النسابين إلى كتاب مبسوط في النسب ، فيشجره [17] .
و جرت العادة عندهم أن يكون – المشجر - على هيئة كتاب ، حتى ربما وصل إلى مجلدات ، يتصل الخط فيها ، في أعلى أول صفحة بالصفحات التي تليها حتى يصل إلى آخر الكتاب . قال ابن الطقطقي :\" المشجر الضابط فيه أن يكون بـ:\" ابن \" متصلة بالنون كيف تقلبت بها الحال في جهاتها الست[18] º وربما امتدت الخطة الواحدة في مجلدات كثيرة فما سلم اتصالها بالنون فليس بضائر اختلاف أحوالها ، ... \" . أهـ .
3. المبسوط . و هو كتاب منثور في النسب . كنسب قريش للزبيري ، و نسب ابن الكلبي ، و جمهرة النسب لابن حزم ، و عمدة الطالب لابن عنبة ، و أمثال ذلك . و سيأتي الفرق بينه و بين المشجر.
و قد انتفع بطريقة التشجير هذه ، فألَّفَ الشيخ أحمد أبو الخير المكي مشجراً سماه :\" مشجر الأسانيد \" ، قال الكتاني عنه : \" ذكر فيه أسانيد الكتب الستة والموطأ و مسند الدارمي والشمائل ، وتنوع أسانيده لابن حجر و الحجار وابن البخاري والدمياطي والتنوخي والبلقيني و ابن الجزري و غيرهم من كبار المسندين ، وهو مشجر عجيب على نسق غريب جعله دوائر ، و كل دائرة يكتب فيها اسم راوٍ, ، و يصلها بأخرى يكتب داخلها اسم الراوي عنه ، وهكذا إلى اسم جامعه الشيخ أحمد أبي الخير ، وهو عندي بخط جامعه ، و هبنيه بمكة المكرمة ، جزاه الله خيراً ، أرويه عنه \" . أهـ[19] .
و كانت من طرائق الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله إبان تدريسه للحديث في \" الجامعة الاسلامية \" كتابته للأسانيد و المتابعات و بيان الطرق على هيئة التشجير .
2_ المشجر عند الشعراء :
تطلق كلمة :\" المشجر \" [20] ، ويراد بها تشجير أبيات الشعر ، وهو أن يُقَطِّعَ أحرفَ اسمٍ, ما على أوائل كل بيت من القصيدة ، فإذا جمعت هذه الأحرف خرج لك منها الاسم المراد . و قد كثر استعماله عند المتأخرين من الأدباء والشعراء ، كما هو مبثوث في كتب التراجم للقرون المتأخرة كالحادي عشر والثاني عشر .
3_ لفظ \" الشجرة \" ، و \" المشجر \" عند الصوفية :
تطلق لفظة \" الشجرة \" في كتب الصوفية و تصانيفهم بمعنى خاص لا يوجد عند غيرهم . و خلاصة اصطلاحهم في هذا اللفظ تعود إلى مفهوم \" الحقيقة المحمدية \" ، و معنى \" الانسان الكامل \" ، و هي بهذا المعنى من آثار الباطنية ، و زنادقة الصوفية . و قد قالوا في تعريف \" الشجرة \" ، هي : \" الانسان الكامل ، مدبر هيكل الجسم الكلي ، فإنه جامع الحقيقة ، منتشر الدقائق إلى كل شيء ، فهو شجرة وسطية ، لا شرقية وُجُوبية ، و لا غربية إمكانية ، بل أمرٌ بين الأمرين ، أصلها ثابتٌ في الأرض السفلى ، و فرعها في السموات العلى ، أبعاضها الجسمية عروقها ، و حقائقها الروحانية فروعها ، والتجلي الذاتي المخصوص بأحدية جمع حقيقتها الناتج فيها بسر :\" إني أنا الله رب العالمين \" ثمرتها . كذا في \" الجرجاني \" \" [21]. و هو كلامٌ أقرب إلى الإلغاز منه للتعريف .
و لهذا يشيع عندهم هذا الاسم في التصانيف ، فلابن عربي ـ صاحب وحدة الوجود ـ : \" شجرة الكون \" ، و \" شجرة الوجود و البحر المورود \" ، و \" الشجرة النعمانية \"[22] . و لمحمد بن يوسف بن سعادة المرسي المتوفى سنة 565 :\" شجرة الوهم المترقية إلى ذروة الفهم \" º و لا بن فتحون \" شجرة الحكمة \" .
و إذا أمكن إدراك ذلك ، أمكن فهم سبب استعمال بعض الناس لمصطلح \" شجرة النسب \" في قراءة الحظ و متابعة النصيب ، زعموا ، و هو من آثار و بلايا المتصوفة .
4 - مصطلح \" شجرة النسب \" عند الأطباء .
جدَّ عند أهل الطب في الزمن الحديث استعمال مصطلح \" شجرة النسب \" ، و هي من نوازل العصر ، و يقصدون بها متابعة أمراض الدم و الوراثة ، و يمكنهم ذلك من تتبع \" الأنماط الجينية \" . و توجد مجالات كثيرة عندهم لاستخدامه ، من أهمها : المجال الجنائي ، و مجال إثبات النسب [23].
- أولية التشجير في النسب :
ذكر بعض النسابين أنَّ الإمام الشافعي هو أول من وضع المشجر في النسب ، ويحكون حكاية غريبة دلالة الصنعة عليها ظاهرة أنه أهدى كتاباً إلى هارون الرشيد ، وعلى أوله ما صورته :\" أهديت إليك يا ابن سيد البطحاء شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وأنا أشفع إليك في ضعفاء الحاج من ركب الريح و مصع الرشيح ، وكتبه محمد بن إدريس \" [24] .
و الظاهر أن هذه القصة مفتعلة على الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، و لقياه بهارون الرشيد قد افتعل حولها كثير من القصص المكذوبة ، فلتكن هذه نغمة في ذلك الطنبور .
و قد نقل الهمداني في \" الإكليل \" أن دغفل السدوسي النسابة[25] (توفي سنة 65هـ وقيل : 70هـ ) كان له \" كتاب التشجير \" [26]. و من المشهور أن الإمام محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري (58 - 124 هـ) كان معه كتاب فيه نسب قومه . و الظاهر أنه على جهة البسط كما يدل عليه صنيع الزبيري في النقل عنه في مقدمة \" نسب قريش \" [27] ، والله أعلم .
والظاهر أنَّ أولية التشجير في النسب لا تنسب لأحد ، و لهذا قال ابن الطقطقي :\" فأما المشجر :
فلم أدر من ألقى عليه رداءه و لكنه قد سلَّ من ماجد محض
قلت ذلك لأني لا أعرف من وضعه و اخترعه \" . أهـ [28].
- التشجير صنعة لها آداب :
الأصل جواز عمل الشجرات و المشجرات في النسب بأسماء بني آدم ، لأدلة منها :
1- أن الأصل هو الإباحة .
2- اندراجه ضمن حفظ الضرورات الخمس التي منها حفظ النسب .
و يشترط لعملها شروط و آداب ، ستأتي عند \" آداب وضع الشجرات \" .
قال ابن الطقطقي في :\" كتاب الأصيلي في الأنساب \" : \" والتشجيرُ صنعةٌ مستقلة ، مهر فيها قومٌ ، وتخلف آخرون[29] . فمن الحذاق فيها الشريف قثم ابن طلحة الزينبي[30] النسابة ، كان فاضلاً يكتب خطاً جيداً º قال : \" شجرت المبسوط ، و بسطت المشجر \" ، و ذلك هو النهاية في ملك رقاب هذا الفن . و من حذاق المشجرين : عبدالحميد الأول بن عبدالله بن أسامة النسابة الكوفي ، كتب خطاً أحسن من خط العذار ، وشجر تشجيراً أحسن من الأشجار ، حفت بأنواع الثمار .
و من حذاقهم ابن عبدالسميع الخطيب النسابة ، صنف الكتاب الحاوي لأنساب الناس ، مشجراً في مجلدات ، يتجاوز العشرة على قلب النصف º قرأتُ بخطه رقعة كتبها إلى بعض الخلفاء يقول فيها :\" وقد جمع العبد من المشجرات والأنساب والأخبار ما لاينهض به جمل بازل \" …
[و] المشجر الضابط فيه أن يكون بـ:\" ابن \" متصلة بالنون كيف تقلبت بها الحال في جهاتها الست º وربما امتدت الخطة الواحدة في مجلدات كثيرة فما سلم اتصالها بالنون فليس بضائر اختلاف أحوالها ، ولا يجوز تراكب الخطط … \" . أهـ [31].
وقال في صفات المشجر :\" و من صفاته المستحسنة : أن يكون جيد الخط ، فإنَّ التشجير لا يليق به إلا الخط الحسن \" [32].
و هناك فرق بين الاعتناء بالنسب و بين العلم بالنسب ، فليس كل من اعتنى بالنسب ، و لو لخاصة أهله ، يقبل كلامه فيهم ، بل لابد أن يكون ذلك الاعتناء مما يوجب العلم بالنسب بالوسائل الشرعية . و قديماً قيل في بعضهم إنه كان جمَّاعاً للنسب ، و لكنه :\" لا يحسن التشجير \" [33]. و قال جمال الدين ابن عنبة لما تعرض لذكر الشريف أبي المظفر محمد الشاعر النسابة الحسيني :\" … وقفت له على مشجرة ألفها لنقيب النقباء قطب الدين محمد الشيرازي الرسي المعروف بـ:\" أبي زرعة \" ، فوجدت فيها أغلاطاً فاحشة ، و خطأً منكراً ، لا يغلط بمثله عالم .
و ذلك مثل أنه نقل عن كتاب \" المجدي \" لأبي الحسن علي بن محمد العمري: أنَّ عيسى الأزرق الرومي العريضي أولد اثنا عشر ولداً ذكوراً لم يعقبوا . ثم جزم على أن النقيب عيسى الأزرق بن محمد العريضي منقرض لا عقب له . و لاشك أن الذي نقله عن المجدي صحيح ، ولكن العمري ذكر هناك في عقب هذا الكلام بعد أن ذكر الاثنى عشر غير المعقبين وعددهم ، [ عدَّ] بعدهم الجماعة الذين أعقبوا من بني عيسى النقيب ، و ليت شعري كيف لم يطالع الكلام إلى آخره ، ويسلم من الطعن في قبيلة كثيرة من العلويين بمجرد الخطأ ! والعجب أنه يزعم أنه قرأ \" المجدي \" على النقيب الطاهر رضي الدين علي بن علي ابن الطاوس الحسني ، وكيف يشذ عنه ما هو مسطور في كتاب قرأه ؟ بل كيف يتجرأ مسلم على مثل هذا ، و ينفي قبيلة عظيمة من آل أبي طالب ؟ \" أهـ[34] .
إذا علمت ذلك ، فكن على خبر أننا في زمن سوء ، تروج فيه ثقافة الاستهلاك ، و منها استهلاك الأنساب ، حتى ترى شجرات الأنساب تباع و تشترى ، و ترى التحول عن الأنساب و التجول في أعمدتها من علامات العصر ، فقد فتح الباب على مصراعيه ، و أصبحت صناعة شجرات النسب تجارة رابحة . فمن مواقع ( الانترنت ) التي تعرض حبالها لمن يبحث عن أصله إلى الأقراص المدمجة التي يسرت على مجهولي النسب و مقطوعيه بناء شجرات النسب الضخمة . و ما أحرى هؤلاء أن يؤخذ على أيديهم ، فإن المحافظة على الأنساب من ضرورات الشرع .
آداب و أحكام في صنع الشجرات :
ينبغي أن يكون من آداب كتابة \" الشجرات \" :
1. إخلاص النية لله عز و جل في هذا العمل ، فإنما الأعمال بالنيات . و قديماً قال السلف :\" كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل \" . و من كان حظه و مقصوده من كتابة الأنساب غير وجه الله تعالى لم ينتفع بعلمه و بما كتب .
2. تسمية الشجرة بوضع عنوان يدل عليها .
3. ما في الشجرة خبر و ليس رواية ، فيجب فيه الصدق و الصحة ، و إلا كان كذباً .
4. عدم التفريع لنسب غيره في نسب قبيلته ، لأن هذا مدعاة للاختلاف ، و ليس هو راوٍ, ههنا بل هو مخبر .
5. كتابة اسم جامعها كاملاً بيناً واضحاً ، فإن كان أكثر من واحد ، نص على عمل كل واحد منهم فيها ، و لا يساق ذكرهم على جهة الإجمال .
6. كتابة بدء سنة الجمع و التحرير .
7. التشجير لا يليق به إلا الخط الحسن و المداد الواضح .
8. وصل الأسماء فيها بـ:\" بن \" º لأن هذا من سنة العرب ، و هو مما دل عليه الشرع ، و تركها من عادة الأعاجم . و قد درجت كثير من الشجرات الحديثة على إهمال هذا المعنى .
9. ذكر اسم كاتب الشجرة إن لم يكن هو جامعها .
10.ضرورة نظر الجامع لها في كتابة الكاتب و تصحيح ما يشكل عليه أو يغلط فيه . و قد وقع بسبب إهمال هذا الأمر تحريف في الأسماء أو زيادة أو نقصان في الأعمدة ، و من أقوالهم المشهورة :\" أسماء الناس لا يدخلها القياس \" .
11.نص النسابة على عدم جواز تراكب خطوط التشجير ، لأنه مدعاة للالتباس .
12. ذكر تاريخ طبع الشجرة ، و بيان رقم الطبعة .
13. بيان المصادر التي اعتمد عليها في جمعها ، فإن كانت مخطوطة نص عليها و عينها ، و إن كانت مطبوعة دل القاريء عليها ، و إن كانت شهادات استفاضة أو روايات و أخبار ، أو وثائق أو مصادر تأريخية وجغرافية أو كتابة على حجج وقف أو عقود بيوع و شراء أو صكوك و عقود نكاح ، أو كتابة و نقش على حجارة ، يبين ذلك كله ، بالإحالة عليه في هامش الشجرة .
14. لا يجوز تغيير ما في الشجرات الصحيحة القديمة في الشجرات الحديثة .
15. الزيادة في الشجرة القديمة الصحيحة إن كانت بغير خط الأصل ، فلا قيمة لها إلا عند واضعها .
16. لا يزاد على الشجرة الصحيحة إلا بدليل .
17. لا يقبل إدعاء الزيادة في الشجرات الصحيحة إلا بدليل .
18. ليست مصادر جمع النسب على درجة سواء ، فمنها ما هو شرعي رباني ، و منها ما هو نفساني شيطاني ، و منها ما هو بين ذلك .
19.إقرار كل \" خامس \" أو بطن بما فيها من أنسابهم إقراراً شرعياً ، خاصة إذا كبرت بطون و فخوذ القبيلة . و يجعل هذا في خاتمة و حاشية الشجرة .
20. تجنب التعبير بالألقاب القبيحة ، اللهم إلا أن يكون المرء لا يعرف إلا بها ، فلا بأس من ذكرها حينئذ ، و ليس هذا من الغيبة . فإن كانت هناك مفسدة من وضعها ، كتحرج بعض الذرية مثلا ، فالأولى تركها .
21. ذكر مصطلحات النسابين فيها ، كقولهم : درج ، و انقرض ، و نحو ذلك .
22. لا يستحسن تبديل مصطلحات النسابين بذكر بعض الرموز و الاشارات التي لا تعرف إلا عند صاحب الشجرة ، فالمحافظة على الاصطلاح مما يعصم به العلم ، و النسب من جملة العلوم ، فمن جهله يتعلمه .
23. يستحب تعيين ما يدل على مواضع الديار و السكنى خاصة إذا انتشر العقب جداً ، لفائدته في عدم الالتباس مع طول الزمن .
24. ذكر سني الولادة و الوفاة تحت كل اسم لما فيه من الفائدة .
25. الإشهاد عليها من قبل العدول من أهل المعرفة بالنسب .
26.توثيقها و تسجيلها في دوائر الحفظ و الوثائق .
27.العادة محكمة في كتابة أسماء النساء في الشجرات .
28.كتابتها على هيئة البسط لمزيد الحفظ و الاحتياط .
29.الأولى عدم تدبيجها بالآيات القرانية و الأحاديث النبوية ، لئلا يؤدي إلى الامتهان و الابتذال . فإن كان فاعلاً ، فليلتزم في الحديث الصحة ، و ليخرج من رواه ، و من صححه ، إذ العناية بذلك أهم من العناية بالنسب ، و إلا كتب عليه وزر الكذب على النبي صلى الله عليه و على آله و سلم .
30.لا بأس من تعليقها على جدران المجالس ، لأنه من التحديث بنعمة الله ، و من تعليم أهل البيت و الأقارب و الصغار النسب ، و إشاعة النسب ، و هذا أمر مشروع º فإن جرَّت إلى محاذير شرعية كالفخر أو العجب أو العصبية ، فالمتعين المنع و التحريم .
31. لا يجوز وضع الصور فيها .
32. لا بأس من استخدام الوسائل الحديثة في حفظ الأنساب كبرامج الحاسب الآلي المعدة في صنع شجرات العائلة .
33.وضع الشجرة و صنعها فرع من العلم بالنسب ، و العلم به شعبة من شعب علم الحديث ، و قديماً قالوا :\" علم الحديث لا يحبه إلا الذكور \" ، فلابد من كبر نفس من يعاني علم النسب ، و عدم ضجره من أول الطريق ، فيجب الصبر على ما يواجه فيه حتى يفتح الله له أو يعذر من نفسه .
خطوات عمل \" الشجرة \" :
أولاً : جمع المعلومات التي تحتاجها \" الشجرة \" ، كالأجداد و الآباء الأقربين و معرفة وجه الصلة فيما بينهم ، و فرز أعمدة النسب . و هي معرفة مجردة بالأخبار . و من ذلك معرفة أحوال و عادات من يجمع أنسابهم ، و كيفية جريان الأسماء و الألقاب عندهم ، و نحو ذلك ، فإن هذا مما يعين في وضع الشجرة . و هذا يحتاج إلى وقت طويل ، و إلى مرنة عند الجامع للنسب ، يحصل بهما الاطمئنان إلى ما يورده من معلومات و أخبار .
ثانياً : الاعتماد على الطرق الشرعية و الوسائل الموضوعية في إثبات الصلة بين تلك المعلومات . و هذا أيضاً يحتاج إلى وقت طويل في التحليل و المقارنة . و قد دل الشرع و العقل على عدد من القواعد المهمة في هذا الباب تحتاج إلى جمع و تأصيل .
ثالثاً : توثيقها و حفظها عند الجهات المعتبرة .
- الفروق بين المشجرات و المبسوطات في النسب :
قال في الأصيلي :\" الفروق الظاهرة بينهما كثيرة ، وإنما الفرق المهم[35]هو أن المشجر يبتدأ فيه بالبطن الأسفل ثم يترقى أباً فأب إلى البطن الأعلى . والمبسوط : يبتدأ فيه بالبطن الأعلى ثم ينحط ابناً فابناً إلى البطن الأسفل . وخلاصة ذلك أن المشجر مقدم فيه الابن على الأب º والمبسوط عكسه ، يقدم فيه الأب على الابن \" . أهـ[36] .
وقد سبق أن عرفنا المبسوط أنه كتاب منثور مثل: كتاب \"نسب قريش\" للزبيري وكتاب \"جمهرة النسب\" لابن حزم.
أما المشجر فهو مثل: كتاب \"الأصيلي في أنساب الطالبيين\" لابن الطقطقي المخطوط المشجر لا المطبوع اليوم بتحقيق الرجائي، و كتاب\" روضة الألباب وتحفة الأحباب المعروف بمشجر أبي علامة\".
و من الفروق الظاهرة بين المشجر والمبسوط :
- أن القراءة في المبسوط أيسر منها في المشجر ، و أدعى للحفظ . و لذلك لمَّا طلب الفخر الرازي من إسماعيل المروزي الحسيني أن يصنف له كتاباً في أنساب الطالبية فضَّلَ أن يكون على هيئة المبسوط لا التشجير ، و قال له :\" المشجر لا ينضبط بالحفظ ، و أنا أريد شيئاً أحفظه ، … \" [37].
و بالجملة ، فمن كان متعوداً على كتب العلم والقراءة فيها ، يَسُرَ عليه أمرُ المبسوط بخلاف المشجر ، ومن لم يعرف من القراءة في النسب إلا ما في المشجرات ، يسر عليه أمرها .
- التصنيف في المبسوط أيسر منه في \" المشجر\" ، ولهذا كثرت تصانيف الناس فيه . و الناس اليوم على الضد من هذا !!
- كثرة فوائد المبسوط ، وذلك لأن الكتابة فيه على سنن التصنيف والترتيب ، فتجد ما يطرقه النسابة متسلسلاً ، يورد البطون من أعلى إلى أسفل ، ويذكر الألقاب والوقائع والأشعار ، و تواريخ الولادة والوفاة ، وهو في فسحة و سعة ، وذلك بخلاف المشجر ، فكم من ورقة ضاقت على نساب حجبت دفعاً لشبهة ، أو تقريراً لوجه غمز وطعن ببطلان نسب و نكارته ، أوربما فوتت ذكر سنة ولادة أو وفاة يحتاجها المتأخر في بحث أو مقارنة .
- ومن الفروق بينهما أن المشجر توضع فيه رموز لعلامات الطعن و القدح ونحو ذلك ، و تكتب أحياناً بالحمرة أو السواد ، بينما المبسوط لا تذكر فيه الرموز ، ولكنهم يحكون الحال في أثناء النسب ، و ربما رمزوا ببعض الاصطلاحات ، فكتبوا في المشجر والمبسوط :\" في صح \" [38].
- بقاء المبسوط و تعميره أكثر من المشجر . و هي مسألة نسبية .
- الوضع والزيادة في الشجرات أسهل و أيسر من المبسوطات .
ما حكم العمل بما في \" الشجرات \" ؟
ورد إلى الشيخ علي بن عمر العرشان اليمني سؤال هو : هل يجوز اعتماد القاضي و المفتي و الشاهد على كتب الشجرة المحررة المعتبرة إذا كان من صنفها من الثقات أم لا ؟؟ أجاب بقوله :\" نعم يجوز للحاكم الحكم بما فيها ، و للمفتي أن يعتمد عليها إذا حصل بها العلم ، و كذلك للشاهد أن يشهد بما فيها إذا حصل بها الجزم ، من غير أن يسند ذلك إليها ، كالاستفاضة \" . أهـ [39].
و للشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بلفقيه فتوى في \" حكم الشجرة والحكم بها والاعتماد عليها \" . و قد ذكر عمر بن سالم العطاس في رسالته في أنساب باعلوي المطبوعة سنة 1317 أن الشيخ عبدالله بلفقيه أفتى و أجاب عنها ، وأن العلم إذا تحقق بها كان للإنسان أن يشهد بما فيها [40].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] معجم مقاييس اللغة ( ص 549 ) تحقيق : شهاب الدين أبو عمرو .
[2] صحيح البخاري ( رقم 6417 ) الفتح ( 11 / 235-236 ) .
[3] 0 انظر : معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية ( 4 / 179 ) .
[4] لباب الألباب ، لابن فندق البيهقي (1/199 ) .
[5] فضائح الباطنية 12 .
[6] اللباب 1 / 59 .
[7] جريدة الرياض عدد رقم 12565 بتاريخ 10/9 /1423 (( مقابلة مع أحد النسابين من حمص )) .
[8] انظر : لباب الألباب ، لابن فندق البيهقي ( 2/720-721 ) .
[9] المجدي للعمري ( 168 ) .
[10] المجدي 168-169 .
[11] عمدة الطالب
[12] عمدة الطالب لابن عنبة 315 .
[13] انظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، للطهراني ( 5/ 97 ) .
[14] معجم مقاييس اللغة ( ص 213 ) .
[15] انظر : عمدة الطالب ص 222 . ط: الكمالية .
[16] انظر : ص 300 . و يوجد كتاب قريب من هذا العنوان من مقتنيات ابن الطاوس الحسني .
[17] من عجائب المشتغلة بالنسب في هذا الزمان تشجيرهم لأعمدة النسب ، ثم يسمون ذلك بـ:\" مبسوط النسب \" ؟!! انظر : طبعة \" عمدة الطالب \" بتصوير يوسف جمل الليل ( ص45 -50 ، 59 ) .
[18] على سطح الكتاب لا توجد ست جهات ، بل الجهات الأربع و ما بينها .
[19] فهرس الفهارس للكتاني ( 2 / 588- 589 ) .
[20] كشاف اصطلاح الفنون (2/ 732 ) للتهانوي . و فيه أيضاً : \" المشجر : المطير بالياء المثناة التحتانية \" .
[21] كشاف اصطلاح الفنون ( 2/ 732 ) .
[22] موجود بمكتبة جاريت ( رقم 2103 ) ضمن مجموع . نسخت سنة 684 . تقع في 43 ورقة .و انظر : برن ، ليدن ( 1904 م ) . ( كذا في فهرس جاريت ) . و انظر أيضاً : برلين ( 5 /4214 ) ، و القاهرة VII صفحة 552 . .
[23] البصمة الوراثية و مدى مشروعية استخدامها في النسب و الجناية ، للشيخ عمر بن محمد السبيل رحمه الله تعالى ، ( ص 14 ) .
[24] انظر : الأصيلي في الأنساب لابن الطقطقي ، المخطوط ( ص4-5 ) ، والمطبوع ( ص31 ) .
[25] انظر : الأعلام (2/340) ، و طبقات النسابين لبكر أبو زيد (24-25) .
[26] الإكليل (158) .
[27] انظر : نسب قريش (ص3 ) .
[28] الأصيلي المطبوع (31) .
[29] قلت : إذا كان يقول هذا في أهل زمانه ، فمابالك بأهل هذا الزمان ؟؟
[30] في المخطوط :\" الزيدي \" ، و الصواب ما أثبته ، وهو الشريف النقيب قثم بن طلحة الزينبي العباسي ، والله أعلم .
[31] الأصيلي لابن الطقطقي ، مخطوط ( 4 ) . ما بين القوسين زيادة ليتسق الكلام .
[32] الأصيلي (43 ) المطبوع .
[33] المجدي 180 .
[34] عمدة الطالب ( ص 428 ) ط: الكمالية .
[35] في المخطوط كلمة ليست واضحة ، ولعل ما أثبته هو الصواب ، والله أعلم .
[36] الأصيلي ، مخطوط (ص 5 ) .
[37] معجم الأدباء لياقوت الحموي (6/149) .
[38] الأصيلي المطبوع (41-42) .
[39] انظر : رسالة العطاس في أنساب با علوي ( ص 13 ) .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد