{يَا أَيٌّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ, وَاحِدَةٍ, وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيباً}.
وقال تعالى: مِنهَا خَلَقنَاكُم وَفِيهَا نُعِيدُكُم وَمِنهَا نُخرِجُكُم تَارَةً أُخرَى}. وقال تعالى: {وَإِذ قُلنَا لِلمَلاَئِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبلِيسَ قَالَ أَأَسجُدُ لِمَن خَلَقتَ طِيناً. قَالَ أَرَأَيتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمتَ عَلَيَّ لَئِن أَخَّرتَنِي إِلَى يَومِ القِيَامَةِ لأَحتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً.قَالَ اذهَب فَمَن تَبِعَكَ مِنهُم فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُم جَزَاءً مَوفُوراً. وَاستَفزِز مَن استَطَعتَ مِنهُم بِصَوتِكَ وَأَجلِب عَلَيهِم بِخَيلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكهُم فِي الأَموَالِ وَالأَولَادِ وَعِدهُم وَمَا يَعِدُهُم الشّيطان إِلاَّ غُرُوراً. إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً}. وقال تعالى: {وَإِذ قُلنَا لِلمَلاَئِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبلِيسَ كَانَ مِن الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِيَاءَ مِن دُونِي وَهُم لَكُم عَدُوُّ بِئسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً}. وقال تعالى: فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن، وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير، ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان.
فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلاً لهم: {أَتَجعَلُ فِيهَا مَن يُفسِدُ فِيهَا وَيَسفِكُ الدِّمَاءَ}.
{وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}} أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء.
{وَمَا كُنتُم تَكتُمُونَ} المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكثير والخيرية على آدم عليه السلام. قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسٌّدِّي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير. وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتاده: {وَإِذ قُلنَا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبلِيسَ أَبَى وَاستَكبَرَ} هذا إكرام عظيم من الله لآدم حين خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال: مُحَمد بن سِيرِين: أول من قاس إبليس، وما عُبدت الشمس والقمر إلا بالمقايس رواهما ابن جرير.
ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلاً بالنص كان فاسد الاعتبار. ثم هو فاسد في نفسه، فإن الطين أنفع وخير من النار، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد