بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وبعد:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره أهل الشرك والعناد ولقد هدانا الله بنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأخرجنا به من الظلمات إلى النور وآتانا ببركة رسالته ويمن سفارته خير الدنيا والآخرة وكان من ربه بالمنزلة العليا التي تقاصرت العقول والألسنة عن معرفتها ونعتها.
ولقد كفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - المستهزءين فقال الله - تعالى -:\"إن كفيناك المستهزءين\"(الحجر: 95) قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان (3/182): بين - تعالى -في هذه الآية الكريمة أنه كفى نبيه - صلى الله عليه وسلم - المستهزءين الذين كانوا يستهزئون به وهم قوم من قريش وذكر في مواضع أخر أنه كفاه غيرهم كقوله في أهل الكتاب: فسيكفيكهم الله. وقوله: أليس الله بكاف عبده. ا. هـ.
وقال - تعالى -:\"إن شانئك هو الأبتر\"(الكوثر: 3)
قال ابن كثير في تفسيره (8/504): إن مبغضك - يا محمد - ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره. ا. هـ.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قالº قدم كعب بن الأشرف مكة فقال له قريش: أنت سيدهم ألا ترى هذا المُصنبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدنة وأهل السقاية فقال: أنتم خير منه قال: فنزلت: إن شانئك هو الأبتر. رواه البزار وقال ابن كثير إسناد صحيح وذكره الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول (ص175).
وقال - تعالى -: \"إن الذين يؤذن الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً\"(الأحزاب: 57).
فهذه الآيات تبين ما للرسول من منزلة ومقام عظيم عند الله.
حكم سب النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستهزاء به من الكتاب والسنة وأقوال السلف:
إن سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاستهزاء به من نواقض الإيمان التي توجب الكفر ظاهراً وباطناً سواء استحل ذلك أو لم يستحله قال - تعالى -:\"ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم\"(التوبة: 64-65).
روى ابن أبي حاتم بإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء لا أرغب بطوناً ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء فقال رجل في المجلس: كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن قال عبد الله: فأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أبالله ورسوله كنتم تستهزئون.
قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند من أسباب النزول (ص78): الحديث رجاله رجال الصحيح إلا هشام بن سعد فلم يخرج له مسلم إلا في الشواهد كما في الميزان وأخرجه الطبري من طريقه وله شاهد بسند حسن عند ابن أبي حاتم من حديث كعب بن مالك.
قال ابن حزم عند هذه الآية في الفصل (4/244): فنص - تعالى -على أن الاستهزاء بالله - تعالى -أو بآياته أو برسول من رسله كفر مخرج من الإيمان ولم يقل - تعالى -في ذلك إني علمت أن في قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء ومن ادعى غير هذا فقد قول الله - تعالى -ما لم يقل وكذب على الله. ا. هـ.
ويدخل في هذه الآية الاستهزاء بالمتمسكين بهذا الدين في مظهرهم ومخبرهم وأن السخرية بهم من الأمور الموقعة في الكفر نسأل الله السلامة والعافية.
أما ما جاء من نصوص السنة في هذه المسألة فإليك يا أخي المسلم جملة من النصوص لنعلم خطر هذا الأمر.
- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أن أعمى كانت له أم ولد - أي غير مسلمة - تشتم النبي صلى الله عليه وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشتمه فأخذ المعول - وهو سيف قصير - فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم فلما أصبح ذُكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فجمع الناس فقال: انشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل - يعني يتحرك - حتى قعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها إبنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الا اشهدوا: إن دمها هدر. [رواه أبو داود وصحح إسناده الألباني في صحيح سنن أبي داود (3665)].
وقد بوب عليه أبو داود فقال: باب الحكم فيمن سب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا الحديث نص في أن الذمي وهو غير المسلم الذي صالحناه وأعطيناه الأمان إذا سب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتقض عهده وأنه يجب قتله.
قال أسحاق بن راهوية: إن أظهروا سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسُمع منهم ذلك أو تحقق عليهم قتلوا.
وكذلك نص الإمام أحمد على وجوب قتله وانتقاض عهده.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد