بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين , وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبع سنته واقتفى أثره إلى يوم الدين , أما بعد:
فهذه أخي المسلم كلماتٌ مختصرةٌ في مبحث من مباحث العقيدة, وهو جدٌّ مهم , ونظراً لكثرة ما يقع فيه بعض الناس من أخطاء لفظية عقدية لا يتنبهون لها تمسُ جوهر الدين ولُبِّه, وتخدش كمال التوحيد وجنابه, فقد رأيت أن أفردَ فيه هذا المبحث المختصر من كلام العلماء - رحمهم الله - لتَعٌّم الفائدة والنفع بإذن الله, وموضوعنا هو حكم قول المخلوق لمخلوقٍ, مثله:\"ما شاء الله وشئت – أو لو لا الله وأنت\"أو ما أشبه ذلك من الألفاظ الشائعة المخالفة للشرع, وقبل الشروع في المقصد (هناك لبسٌ أو إشكال قد يَرد على بعض الناس) وهو قول كثيرٍ, منهم عندما تأتي وتُنكر عليه وتنهاه عن هذه الألفاظ وغيرها
وهي التي يسميها العلماء بـ(شرك الألفاظ) فإنهم يجادلون بالباطل والفهم الخاطئ, وعلى الرغم من أنهم يقعون في الشرك اللفظي فإنهم يستهينون به مستصغرين له, فيقول بعضهم: (أنا لم أقصدها بقلبي وإنما فقط هو لفظٌ باللسان, ونيتي سليمة) ولا يحاولون ترك ما هم عليه من شرك الألفاظ, وهذا جرمه عند الله عظيم, قال - تعالى -: ((إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم )) [النور].
بل إن الكثيرين منهم يحتجون على الناصحين لهم في ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات), ويظنون أنهم بذلك معذورون, فيقال لهم: الحديث صحيح وهو في أصح الكتب بعد كتاب الله - تعالى -: (صحيحي البخاري ومسلم) ولكن خطأٌ فهمكم له, فإن القائل لهذا الحديث - صلى الله عليه وسلم - هو نفسه الذي قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه الترمذي, وهو أيضاً - صلى الله عليه وسلم - الذي قال للرجل الذي قال له: ما شاء الله وشئت, فقال له - صلى الله عليه وسلم -: (جعلت لله نداً؟! ما شاء الله وحده) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني, وفي رواية للإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس - رضي الله عنه -أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما شاء الله وشئت) فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وجعلتني لله عدلاً, بل ما شاء الله وحده). وفي رواية من حديث قُتيلة - رضي الله عنها -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بأن يُقال: (ما شاء الله, ثم شئت) رواه النسائي, وبهذا يتبين أنه لا حجة لمن نُصح في ذلك, وأصر واستمر بدعوى حُسن النية أو أنه مؤمن بقلبه, وهذه الدعوى تحتاج إلى إثبات وبرهان في تحقيقها إذ كان ادعاء يجب له بيّنة كما قال القائل: ـ
والدعاوى إن لم تُقيموا عليها *** بينــاتٍ, أبنــاؤهــا أدعيــــاءُ
وما أجمل ما قيل!
تعصي الإله وأنت تٌظهر حُبَّه *** هذا لعمري في القياس بديعُ
لـو كـان حُـبٌّك صـادقاً لأطعتـه *** إن المحـبَّ لمـن يـُحـِبٌّ مُطيعُ
وأفضل من ذلك وأجل قول الله - عز وجل -: ((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)) [البقرة آية 11].
فإليك أخي المسلم الكـريم حكم هذه المسألة من هدي النبوة, وعـلى لسانِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -, في قصة اليهودي فعن قُتيلة ـ رضي الله عنها ـ أنَّ يهودِيَّاً أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تنددون وإنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون والكعبة – فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولـوا: (ورب الكعبة)، ويقولوا: (ما شاء الله ثم شئت) رواه النسائي وصححه الألباني. فانظر رحمك الله إلى هذا اليهودي, فرغم شركه وكفره بالله, عرف أنَّ هذا شركٌ وقال الذي قاله تنقصاً لهذه الأُمة, ولتواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل هذه الملاحظة وأقَرَّه عليها, وأمَرَ أُمَّتَهُ إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: (ورب الكعبة) بدلاً من (والكعبة) وأن يقـولوا (ما شاء الله ثم شئت) بدلاً من (ما شاء الله وشئت), وعن ابن عباس رضي الله عنهما, قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما شاء الله وشئت)، قال: (أجعلت لله نداً؟! ما شاء الله وحده) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني, فانظر إلى عظيم غضبه - صلى الله عليه وسلم - من تلك المقولة. قال شيخنا العلامة صالح الفوزان في كتابه القيم [إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد]: (النِدٌّ هو الشبيه والمثيل والنظير، يعني أجعلتني شبيهاً لله ومثيلاً لله وشريكاً له في هذا اللفظ، فأمره أن يدع كلمة الشرك وهي (ما شاء الله وشئت) وأن يلزم كلمة التوحيد وهي (ما شاء الله وحده) وإذا قال: (ما شاء الله ثم شئت) فهذا بيانٌ للجائز، فلا تعارض بين الحديثين, وهذا من سد الطرق الموصلة إلى الشرك فإنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرك ونهى عن الطرق التي توصل إليه) أ.هـ (2/233) بتصرف يسير.
وقال - حفظه الله - في شرحه لحديث قتيله المتقدم, في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (قولوا: ورب الكعبة) (وربُ الكعبة هو الله - سبحانه و تعالى -، والكعبة: بيت الله، فلا يُحلف بالكعبة، وإنما يُحلف برب الكعبة، هذا هو البديل الصحيح الخالي من الشرك. وإذا كان الحلف بالكعبة شركاً ومنهياً عنه، فكيف بالحلف بغيرها؟ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان) رواه أبو داود, هذا هو اللفظ الصحيح: أن تأتي بـ (ثم) بدل (الواو)، لأن (الواو) للتشريك بين الخالق والمخلوق في المشيئة، أما (ثم) فإنها للترتيب حيث جعلت مشيئة المخلوق بعد مشيئة بعد مشيئة الخالق، لأن المخلوق لا يشاء إلا إذا شاء الله - سبحانه و تعالى -، فمشيئتُه تابعة لمشيئة الله وليست مستقلة، فهذا هو الفرق ما بين اللفظتين: لفظة: (ما شاء الله وشاء فلان) وبين: (ما شاء الله ثم شاء فلان)، فلفظة (ما شاء الله وشاء فلان) شـرك, ولفظة: (ما شاء الله ثم شاء فلان، توحيد) أ.هـ (2/232). وهذا ظاهرٌ بَيِّن لكل من أنار الله بصيرته وشرح صدره. فأفرد الله بالعبادة وانقاد لأمره بالتوحيد والسمع والطاعة, فلو تأمل المتأمل عند قوله: ما شاء الله وشئت, أو بإذن الله وإذنك, أو لو لا الله وأنت, وما شابهها من الألفاظ لعلم الفرق بين قولها وقول (ثمَّ) إذ إنّ (ثمَّ) تفيد الترتيب والفصل وتفيد التقديم والتأخير, فعند قولك: دخل زيدٌ ثم عمرو, فهذا يفيد أن زيداً هو الذي دخل أولاً وأن عمراً تبعه في الدخول, فأصبح زيد هو المتقدم وعمرو هو المتأخر، وأما قولك دخل زيدٌ وعمرو فهذه تفيد المساواة والمشاركة في الفعل, وهل هذا يليقُ في حق الله, - تعالى - وتقدس؟ ((سبحان ربك رب العزة عما يصفون)) [الصافات:180] يتفضل فيخلق ويرزق, ويُعطي ويمنع, ويُعافي ويَبتَلي, ويُحيي ويُميت, ويَرحم من يشاء ويعذب من يشاء ((وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)) [الأنعام: 18] ((ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير)) [الشورى 11] وبعد هذا وفي قرون التمدّن المزعومة والتي يدعونها عصوراً للثقافة والمعرفة والحضارة يساوون مشيئته - سبحانه - بمشيئة خلقه فيقولون: ما شاء الله وشئت, ويساوون فضله بفضل غيره فيقولون: لو لا الله وأنت, قال - تعالى -: ((أيشركون مالا يَخلق شيئاً وهم يُخلَقُون. ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون)) [الأعراف 191-192] وقال - سبحانه و تعالى -: ((ما لكم لا ترجون لله وقاراً)) [نوح 13] وقال جلت عظمته: ((وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه، - سبحانه و تعالى - عما يشركون)) [الزمر 67].
ما يستفاد من هذه المسألة:
(1) أن تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره بلفظ يقتضي مساواته للخالق يكون شركاً، فإن كان يعتقد المساواة بقلبه فهذا شركٌ أكبر، وإن كان لا يعتقدُ المساواة بقلبه ولكن وقع في هذا الشرك اللفظي فيكون شركاً أصغر، وإذا كان هذا شركاً، فكيف بمن يجعل حق الخالق - سبحانه - للرسول - صلى الله عليه وسلم -، من نذرٍ, وذبحٍ, واستغاثة وطلبٍ, للمدد وغيره, لا شك أن هذا أشد كفراً وأعظمَ شركاً. قاله الشيخ العثيمين - رحمه الله - بمعناه في القول المفيد (2/231)].
(2) قال الشيخ صالح الفوزان في إعانة المستفيد: (اليهود على ضلالهم يفهمون الشرك، وبعض علماء هذه الأمة لا يفهمون الشرك, ولذلك يرون جواز عبادة الأضرحة والقبور، ولا يستنكرونها، ويقولون: هذا من التوسل بالصالحين، وليس شركاً، وهذا بدل على محبة الصالحين. ويُحبذون هذا الشيء، يرون أنه ليس بشرك، مع أنه شركُ مخرجٌ من الملة (إذا لم يعتقد المساواة), وبعض المنتسبين إلى العلم من هذه الأمة لا يُنكرون الشرك المُخرج من الملة الذي يَعُجٌّ الآن في العالم الإسلامي بعبادة غير الله، ففيه أن بعض اليهود أفهم من بعض العلماء المنتسبين إلى الإسلام، نسأل الله العافية والسلامة) أ.هـ
(3) في قصة اليهودي دليل على قبول الحق ممن جاء به ولو كان عدواً أو مُغرضاً، وهذا لا يُعَدٌّ عيباً في الصالح إذا ذُكِّر بالله ولو كان المذُكِر فاسقاً أو كافراً، وهذا هو كريم خُلُق الأنبياء وتابعيهم من الصالحين إلى يوم الدين, أنهم لا يردٌّون الحق ممن جاء به كائناً من كان, وما قصة أبي هريرة مع الشيطان كما في البخاري في حديث: (صدقك وهو كذوب) من ذلك ببعيد.
(4) التوجيه بأن ينبغي على العالم أو الواعظ إذا مَنَعَ من شئ أو نهى عنه أن يوجه إلى البديل الصالح ـ إن وجد ـ، لأن النبي صلى الله عليه سلم وجه بأن يقال: (ورب الكعبة) بدلاً من (والكعبة) وأن يقال: (ما شاء الله، ثم شئت) بدلاً من (شاء الله وشئت) فمن أفتى بتحريم شئ أو نهى عنه وله بديل صالح فإنه يوجه إليه كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. [انظر معناه في إعانة المستفيد (2/234).
(5) (إنكار المُنكر وإن كان في أمر يتعلق بالمُنكِر، لقوله - صلى الله عليه وسلم - (جعلتني لله نداً؟!) مع أن من قال ذلك إنما قاله تعظيماً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك لم يدعه النبي - صلى الله عليه وسلم - دون إنكارٍ, عليه.
وعـلى هذا إذا انحنى لك شخص عند السـلام، فالواجب عليك الإنكار).أ.هـ بنحوه من [القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ العثيمين - رحمه الله -(2/231)].
(6) ويستفاد أيضاً أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقته للحاجة وبالأخص فيما يتعلق بأمور العقيدة, ولذلك بادر - صلى الله عليه وسلم - بالإنكار على القائل: (ما شاء الله وشئت) فقال له: (جعلت لله نداً؟!) وأمره بالتبديل فقال: (بل ما شاء الله وحده).
(7) ومما يستفاد في هذا الباب ما أورده الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهـاب - رحمه الله - في كتاب (التوحيد) في\"المسائل\"فقال: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (جعلت لله نداً)، قال - رحمه الله -: – (فكيف بمن قال: مالي من ألوذ به سواك … - والبيتين بعده؟! قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح: (يشير - رحمه الله -إلى أبيات للبوصيري في البردة – القصيدة المشهورة -، يقول فيها:
يا أكرَمَ الخَلقِ مَالِي مَن ألوذ به *** سـواك عندَ حُلولِ الحَادث العَمِمِ
إن لـم تَكُن آخذاً يَوم المعَادِ يدي *** عـفواً وإلا فَـقَلَ يا زَلَّةَ القـدَمِ
فــإنَّ مِن جـودِكَ الدٌّنيَا وصَرَّتِهَا *** ومِن عُـلومِكَ عِلمُ اللوحِ والقَلَمِ
وهذا غاية الكفر والغلو، فلم يجعل لله شيئاً، والنبي - صلى الله عليه وسلم - شَرَفُهُ بكونه عبد الله ورسوله. لا لمجرد كونه محمد بن عبد الله)أ.هـ (القول المفيد 2/236/237).
ومن العجب أن بعضهم ((استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله)) [المجادلة: 19] فأخذوا يترنمون بهذه الأبيات الشركية ويحسبون أنهم مسلمون!.
(8) إذا كان قول (ما شاء الله وشئت) شركاً, فيكون في حالات شركاً أصغر, وفي حالات أكبر كما في الفائدة (الأُولى) فما بالك بمن يتسمى (بعبد النبي) - صلى الله عليه وسلم -، وما بالك بمن يحلفون بغير الله وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه الترمذي، وما بالك بمن يذبحون لغير الله, وهذا هو الشرك الأكبر والكفر الصُراح بعينه, قال - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله من ذبح لغير الله) رواه مسلم.
(9) أن البعض من جهلة المسلمين ـ هدانا الله وإياهم ـ يقولون في أشعارهم أو مقالاتهم: لو لا كذا, أو لو لا المدير الفلاني ما نجحت الدائرة, ولو لا الدكتور فلان ما شُفيت, ولو لا الموظف فلان لما أنجزت معاملتي, وهذه كلها من ضروب الجهل والضلال مما لا يخفى على من وهبه الله أدنى قدر من الإدراك والفهم. والواجب علينا أن نتقي الله - تعالى - جميعاً ونعترف له بالفضل فهو سبحانه أهل الفضل والثناء والمجد وألا ننساه, وقد حذر الله - تعالى - عباده المؤمنين من أن ينسوه فقال عز من قائل ((ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)) [الحشر 19]. وقال - تعالى -: ((وأما بنعمة ربك فحدث)) [الضحى 11]. وقال - تعالى -: ((فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون)) [البقرة 152].
وأنظر إلى ما قاله ربك - عز وجل - في الحديث القدسي الذي يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه تبارك و تعالى -.. إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: (هل تدرون ماذا قال ربكم؟!) قالوا: الله ورسوله أعلم قال: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته, فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا, فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب) متفق عليه، ولك أن تعجب من مشركي الأبراج الذين جمعوا خليطاً من الكُفريات وذلك بادعائهم الغيب وتكهنهم في ذلك، ونسبتهم تصريف أحوال العباد في زماننا من خير وشر إلى هذه الأبراج, فيزعمون أن من كان كذا فسيحصل له كذا, ومن كان برجه كذا فسينال كذا.... إلخ, وهذا مثل الكفر الذي جاء في الحديث القدسي (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر....).
(10) وما يستفاد في هذا الباب أيضاً غيرة الله - سبحانه و تعالى - من أن تنتهك محارمه, قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تبارك و تعالى - يغار, وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله) متفق عليه واللفظ للبخاري. فإن الله - عز وجل - لا يرض أن يُشرك معه في عبادته أحدٌ ســواه لا ملكٌ مُقرّب, ولا نبيٌ مُرسل, فما بالك بمن هم دون الأنبياء والملائكة, بل إنه - عز وجل - خاطب نبيه وعبده ومصطفاه وخيرته من خلفه - صلى الله عليه وسلم - محذراً إياه من الشركِ ومبيناً أنه يُحبط العمل, فقال عز من قائل: ((ولقد أُوحِيَ إليك وإلى الذين من قبلك لَئِن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بلِ اللهَ فاعبد وكن من الشاكرين *)) [الزمر آية 65 – 66] فبين - عز وجل - في هذه الآية الكريمة أنه حذر خاتم أنبيائه ورسله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وجميع من سبقه ممن أوحى إليهم من الأنبياء والرسل وهم صفوة الخلق ونهاهم عن الشرك وأمرهم بإفراده - تعالى - وحده لا شريك له بالعبادة ولزوم التوحيد الخالص.
وأخيراً أُذكِّر نفسي وإخواني المسلمين, بوجوب مراقبة الله - تعالى - في جميع ما نتلفظ به ونفعله (وخاصةً في الألفاظ المتعلقة بأمور الاعتقاد, المخالفة للشرع التي تُغضب الجبار - سبحانه و تعالى -). وإليك أخي المسلم الكريم وأختي المسلمة الكريمة هذا التحذير من النبي صلى الله علية وسلم إلى المتهاونين والمتساهلين بإطلاق الألفاظ والعبارات المخالفة للشرع المطهِّر, فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب) متفق عليه. وعن أبي عبد الرحمن بلال بن الحارث المُزَني - رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله - تعالى - ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت, يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
فانظر رحمك الله إلى عظيم ثواب الكلمة الصالحة ونفعها, وانظر إلى ضرر الكلمة التي تُغضب الله وشُؤمِها ((فاعتبروا يا أولي الأبصار)) [آية 2 الحشر].
هذا, والله أسأل أن يوفقنا وجميع إخواننا المسلمين إلى النية الصالحة, والقول الصالح, والعمل الصالح, وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا, وأن يلهمنا رشدنا، إن ربي سميع الدعاء, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ومن تبع سنته إلى يوم الدين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد