النهي عن السحر في الإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 




جاء الإسلام الحنيف ليدعو الإنسان أن يمارس أفعاله الطبيعية، وبالتالي كي يقطف ثمارا طبيعية من هذه الأفعال . أما إذا تحايل الإنسان على طبيعيته وطبيعية فطرته، فإنه يعيش في ازدواجية من أمره، ولا يحصد غير النتائج المزدوجة . في هذا المقام ننظر إلى نهي الإسلام الحنيف من اللجوء إلى السحرة الذين يحتالون على بعض الناس فيجعلونهم في دوامة من أمرهم .



فقد نظر البارئ المصور في أمر السحرة وخصهم بآيات مباركات من كتابه العزيز لما لخطورتهم في أهل الفطرة فقال جل شأنه في الساحر مبينا بطلان ما هو فيه، وعدم فلاحه في تقديم نفع أو مضرة للناس: / ولا يفلح الساحر حيث أتى / 1 . وفي هذا بيان إلهي بأن الفلاح لا يقع في يدَ ي ساحر . ثم بيّن - جل وعلا - أن أي مخلوق كائنا من كان لا يستطيع أن يؤذي أو ينفع إلا بما شاء وكتب الله وذلك في قوله الجلي بإذنه: / وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب من يشاء من عباده / 2 . وأصبح التصدي لهؤلاء جزءا من شغل النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم الذي رأى أنهم يفسدون على الناس عباداتهم، فحذر المؤمنين من اللجوء إلى أوكار السحرة، فقد روى جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن/ النشرة/ فقال: / هي من عمل الشيطان / والنشرة معناها فك السحر من المسحور، والله أعلم . وهذا الحديث بذاته يتضمن النهي من اللجوء إلى أهل السحر تحت أي ذريعة كانت، ومهما أوتي هذا الساحر من سمعة ومن ملكات فلاشيء يبرر لجوء إنسان مؤمن بكتاب الله إليه .



روى مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: / مَن آتى عرافا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين يوما / وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: / من آتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أ ُ نزل على محمد / .3 وعن عمران بن حصين قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: / ليس من من تطيَّر أو تُطيِّر، أو تَكهَّن أو تُكهِّن له، أو سَحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد / 4 . لم تكن هذه التوجيهات إلا لاجتناب الناس من حالات الابتزاز التي يتعرضون لها على أيدي السحرة، وهذا البيان الإلهي يعبر عن حرص الله جل شأنه على عباده من بعضهم البعض، فيقول الله لعباده : / وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم / . ونحن نمضي في صفحات الأحاديث النبوية المعطرة نرى التوجيه إلى الله في أمور الناس الشتى،، فوجّه النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته قائلا: مَن قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح / . وصح عنه - عليه الصلاة والسلام - قوله: / من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه / . وقال - صلى الله عليه وسلم -: / من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق . لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك / . وفي كل هذا يأتي خطاب الله - تبارك و تعالى - جليا إلى الناس بأنه هو الذي يزيح عنهم الكرب وهو الذي يحلل عقد ألسنتهم ويجعل لهم من لدنه وليا نصيرا: / وإمّا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم / .5 هذه أنوار إلهية مباركة تنير أمام الإنسان التائه السبيل إلى نور وسكينة وشفاء ربه، وكذلك تجنبه السحرة الذين في واقع الأمر يعتمدون في سحرهم على الشيطان والجن والشرك . وقد رأينا في بعض دروس الحافظ بن حجر - رحمه الله - أربعة أصناف من السحر هـــي:

1 الاستمالة والخداع، وهو النوع الوارد في قوله - تعالى - على لسان الكافرين: / بل نحن قوم مسحورون / 6 . وفي قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: / إن من البيان لسحرا / .



2 الشعوذة، وتدخل فيها التخييلات وخفة يد المشعوذ، وهو النوع المشار إليه في قصة موسى - عليه السلام - مع سحرة فرعون: / يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى 7 .



3 استخدام الشياطين في الإتيان بالخوارق: / وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر / .8



4 استخدام الطلاسم والأدعية الشركية ومخاطبة الكواكب .



إن الله - تبارك و تعالى - ينهى عن السحر حتى يحافظ الإنسان على سلوكه الطبيعي في أمور دنياه، وحتى يعتمد الله ثم على العمل والبذل والعطاء، لا على الكسل والتوكل والسحرة في أموره . فليس لنا إلا كتاب الله وسنة رسوله في كل أمر من أمور الدنيا .



ـــــــــــــــــــــ

المراجع:

1 - سورة طه، الآية 69

2 - سورة يونس، الآية 107

3 - رواه أبو داود وأخرجه أهل السنن الأربعة وصححه الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد) .

4 - رواه البزار بإسناد جيد

5 - سورة فصلت، الآية 36

6 - سورة الحجر، الآية 15

7 - سورة طه، الآية 66

8- سورة البقرة، الآية 102

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply