صناعة الفتوى وفقه الأقليات ( 15-21 )


بسم الله الرحمن الرحيم 

جمع الزكاة من المسلمين المقيمين في الغرب.

السؤال: هل يجوز لنا أن نجمع الزكاة من المسلمين المقيمين في هذه البلاد ثم نقوم بعد ذلك بتوزيعها على المستحقين في صورة دفعات تستمر لسنة كاملة وليس دفعة واحدة في حالة معرفتنا أنه قد ينفد المال الذي يصل إلى المستحق ثم يحتاج ولا يجد من يعاونه أو أنه يحتاج إلى هذا المال في مواسم معينة؟

الجواب:

نعم يجوز جمع أموال الزكاة وحبسها لتعطى إلى الفقراء على شكل دفعات بحسب ما يتناسب مع حاجاتهم حتى المزكي نفسه يمكنه أن يفعل ذلك إذا رأى مصلحة الفقير فيه لكن عليه أن يعزل ذلك المال من سائر ماله وأن لا ينتفع به انتفاعاً خاصا.

 

ماذا أفعل بالفوائد الربوية غير المقصودة؟

السؤال: أنا طالب كنت أدرس منذ سنتين في بريطانيا وكنت أتقاضى منحة دراسية من بلدي عن طريق أحد البنوك وكما تعلمون فإن البنوك تعطي فائدة بسيطة ولم أقم في ذلك الوقت بخصم هذه الفائدة من أموالي لأني لم أكن أعرف قيمتها بالضبط ولا كيفية خصمها حيث إنها لم تكن ذات قيمة ثابتة ولقد قمت بالتصرف في كل مالي تقريباً عدا القليل الذي ما يزال بحسابي بالبنك.

والسؤال هو: هل يجوز لي خصم هذه الفائدة الآن وكيف يمكنني أن أفعل ذلك؟ وهل يمكنني تقدير قيمة الفائدة وبالتالي خصمها من المال بالعملة المحلية لبلدي؟

والسؤال الثاني: بخصوص المال المتبقي في حسابي حوالي 1000دولار أمريكي منذ سنتين وهو ثابت القيمة هل يجوز لي أن أستخرج الزكاة على هذا المال كلما مر عليه الحول مع العلم بأني أدخر هذا المال لدفع رسوم دخول الامتحانات في بريطانيا في المستقبل.

الجواب:

بالنسبة إلي التصرف بالفائدة فاجتهد في طلب معرفتها عن طريق حسابك في البنك فإن تعسر عليك ذلك فلا بأس أن تقدرها بالتقريب والظن وتحتاط في ذلك التقدير بما تحسب أن ذمتك قد برئت به ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وحين تحدد مبلغ الفائدة فيجب عليك صرفها للفقراء ولا تنتفع بها لنفسك.

أما ما سألت عنه بخصوص الزكاة على المبلغ المذكور فإن نصاب المال هو ما يعادل 85 غراماً من الذهب الخالص والذي يعلن عنه عادة في الصحف وأسواق المال فإذا بلغ مالك قيمة النصاب المذكور ومرت عليه في حسابك سنة وجبت عليك فيه الزكاة والظاهر من السؤال أنه لا زكاة عليك حيث إن المبلغ المدخر مرصود لحوائجك الأصلية.

 

بناء المساجد بتبرعات غير المسلمين

السؤال: بعض الأغنياء ممن لا تخلو أموالهم من شبهة إذا تبرعوا لبناء مسجد كلاً أو بعضاً فما هو الحكم الشرعي في قبول ذلك منهم؟ ولو تبرعت جمعية أو جهة أخرى من غير المسلمين لصالح بناء المسجد فهل يقبل منهم ذلك؟

 

الجواب:

نعم يجوز قبول التبرع من الأفراد أو المؤسسات أو الحكومات مسلمة كانت أو غير مسلمة حتى ولو غلب على ظننا أنها أموال غير مشروعة من وجهة النظر الإسلامية، إلا إذا كانت محرمة العين مثل الخمر والخنزير وذلك لأن قبول التبرع منهم بمنزلة قبول الهدية، إذ التبرع نوع منها، هذا عند جمهور الفقهاء وعندما تنتقل هذه التبرعات إلينا يصبح من الواجب أن تخضع للأحكام الشرعية.

وفي حالة حصول التبرع من غير المسلمين يستثنى من القبول حالتان:

الأولى: ما إذا كان هذا التبرع يؤدي إلى إضعاف ولاء المسلم للإسلام وأهله.

الثانية: ما إذا كان هذا التبرع مشروطاً بما يضر بمصالح المسلمين. (الدورة الثانية)

تعليق:

قلت: قد نص شراح خليل على كراهة الصلاة في المسجد المبني بالمال الحرام.

 

بطاقة الفيزا

السؤال: إن بعض البنوك تصدر بطاقات ائتمان مثل الفيزا VISAبحيث يشتري حامل البطاقة بواسطتها من الأسواق ما يريد وفي آخر الشهر يرسل البنك إلى حامل بطاقة فيزا VISA كشف حساب ليسدد ما عليه خلال خمسين يوماً فإذا سدد قبل نهاية الخمسين يوماً فإنه لا يدفع سوى ما صرفه فعلا دون أي فائدة ربوية وإذا تأخر عن الخمسين يوماً فإن البنك يقوم بتحميله فوائد ربوية عن المدة التي تأخرها.

ومعظم المسلمين في الغرب يحملون هذه البطاقات ويشترون بواسطتها ويسددون قبل نهاية المدة المتاحة وبذلك لا يستحق عليهم أي فوائد ربوية.

والإيجابيات لحامل بطاقة فيزا VISA أنه لا يحمل نقوداً تتعرض للضياع أو السرقة في بلد إقامته أو سفره، ويشتري بواسطتها من معظم دول العالم دون الحاجة لتصريف العملة وهي قرض حسن لمدة 50يوماً.

والإيجابيات للبنك الذي يصدر بطاقة فيزا VISA هي أن يأخذ من البائع الذي اشترى منه حامل بطاقة الفيزا VISA نسبة 2% من قيمة المشتريات ويأخذ فوائد ربوية من حاملي بطاقة فيزا الذين لا يسددون حسابهم خلال الخمسين يوماً.

وهناك عرض من أحد البنوك لإصدار بطاقة الفيزا باسم الهيئة الخيرية بحيث يظهر اسم الهيئة مكان اسم البنك وبذلك تظهر الهيئة كمصدرة لهذه البطاقة. وإدارياً لا تقوم الهيئة بأي جهد مطلقاً. فالبنك يقوم بكل ذلك.

والإيجابيات للهيئة الخيرية هي أنها تحصل على نسبة كأرباح من البنك كلما استعمل حامل البطاقة بطاقته فيزا ولا تتحمل الهيئة الخيرية أو حامل بطاقة الفيزا أي مصروفات تجاه هذا المشروع. وكل ما هو مطلوب من الهيئة الخيرية هو تزويد هذا البنك بعناوين متبرعي الهيئة ليرغبهم باقتناء بطاقة فيزا ومن الممكن أن توزع الهيئة حملاتها البريدية عن طريق البريد الصادر من البنك شهرياً لحملة البطاقات وبذلك توفر أجور البريد وعلى حامل بطاقة الفيزا توقيع اتفاقية مع البنك تشير أحد بنوده إلى أن حامل البطاقة عليه دفع فوائد ربوية إذا مضت مدة خمسين يوماً الممنوحة له ولم يسدد حسابه قبل نهاية تلك المدة.

والسؤال هو: هل يجوز لهذه الهيئة الخيرية أن تكون وكيلا عن بنك بتسويق بطاقات فيزا وذلك مقابل فرصة لدعم المشاريع الخيرية من ذلك البنك؟

 

الجواب:

في عدد من البلاد الإسلامية قامت المصارف الإسلامية بإصدار بطاقة فيزا شرعية خالية من الشبهات بعيدة عن الفوائد كما في بيت التمويل الكويتي ومصرف قطر الإسلامي وبنك قطر الدولي الإسلامي وشركة الراجحي بالسعودية وغيرهما من المؤسسات المالية الإسلامية.

وهذه لا حرج في استخدامها بعد أن أجازتها هيئات الرقابة الشرعية في تلك البنوك.

ولكن يبقى السؤال عن وضع هذه البطاقات خارج العالم الإسلامي وفي البلاد التي لا توجد فيها بنوك إسلامية: ما حكم هذه البطاقات؟

والذي عليه الفتوى من أكثر علماء العصر فيما نعلم هو: إجازة استخدامها للحاجة الماسة إليها مع لزوم تسديد الحساب المطلوب قبل نهاية المدة الممنوحة له حتى لا تترتب عليه فوائد التأخير فيدخل في إثم مؤكل الربا. وهو الذي جرى عليه تعامل عامة المسلمين في بلاد الغرب من غير نكير عليهم من أحد يعتد به.

ويشترط فيمن يستخدم هذه البطاقة أن لا يستخدمها إذا لم يكن له رصيد في حسابه.

وإذا كانت الفتوى المعتمدة هي جواز استخدام هذه البطاقات للأفراد فلا مانع أن تقوم بعض الهيئات الخيرية الإسلامية بالوكالة عن البنك بتسويق هذه البطاقات بين متبرعيها وأن تصدر هذه البطاقات باسمها بحيث تظهر الهيئة كأنها المصدرة لهذه البطاقة ما دامت لا تتحمل الفوائد ولا يترتب عليها أية مسؤولية في ذلك ولا تتحمل أي مصروفات تجاه هذا المشروع.

وستحصل الهيئة على نسبة مئوية بوصفها أرباحاً من البنك كلما استعمل حامل البطاقة بطاقته. فالبنك يستفيد لنفسه ويفيد الهيئة بإعطائها نسبة معينة من ربحه.

ويشترط فيمن يستخدم هذه البطاقة أن لا يسحب بها أموالا نقدية إذا لم يكن في حسابه ما يغطيها. (الدورة الأولى)

 

العمل في محلات تبيع لحم الجنزير

السؤال: أنا مسلم أعمل في ما يعرف بمحلات الماكدونالدز وهي محلات تبيع الأطعمة والمأكولات الخفيفة وفي الواقع فإن هذا المحل يبيع لحوم الخنزير وكما تعلمون فإنه ليس من السهل أن يجد المرء عملا آخر يقتات منه وذلك بسبب ضعف المرتبات علماً بأن لدي زوجة على وشك أن تضع مولوداً وأنا الوحيد الذي أعمل من أجل أن أعولها.

كذلك أود أن أشير إلى أن المحل يبيع مأكولات أخرى مثل السندوتشات المحشوة بالبيض أو البيرجر فهل يتوجب علي أن أترك هذه الوظيفة وأبحث عن غيرها؟

 

الجواب:

إن الله - عز وجل - حرم أكل لحم الخنزير بنصوص قطعية صريحة في كتابه أما بيعه فإنه مما ثبت في السنة تحريمه فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة: \" إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام\". (متفق عليه البخاري رقم 2121 ومسلم1581)

فالأصل في هذا العمل المقترن ببيع الخنزير تحريمه بنص حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالواجب عليك أن تبحث عن سبب آخر للرزق فإن لم تجد عملاً حلالاً ولا مصدراً طيباً لكسب رزقك فإن كان لا يضر بك أن تطلب من المسؤولين عن العمل أن يعفوك من بيع الخنزير فيجب عليك أن تفعل ذلك أو تطلب من عامل آخر غير مسلم ممن يعمل معك أن يكفيك هذا الأمر وتعمل أنت فيما سوى ذلك من الأعمال التي ليس فيها حرمة فإن تعسر عليك كل ذلك فلا بأس باستمرارك في العمل الحالي إذا لم يكن عندك من الدخل ما يقوم بكفايتك مع بذل الوسع في الحصول على عمل آخر يخلو من الحرام.

 

بيع الخمر الخنزير لأجل كسب العملاء

السؤال: أخ مسلم قام بفتح مطعم في هذا البلد ويطلب الجواب عن المسائل التالية:

1- رأى الإقبال على الشراء من مطعمه ضعيفاً وذلك لأنه لا يبيع الخمر أو المشروبات المحرمة شرعاً فهل يجوز له أن يبيع الخمور أو بعض المشروبات المحرمة شرعاً ثم يتصدق بثمنها دون أن يمس منه شيئاً؟

2- بعض الزبائن يطلبون منه أن يؤجر لهم المحل لعمل بعض الحفلات وهم يحضرون معهم الخمور ولكنهم لا يستعملون أي أدوات من المطعم وصاحب المطعم لا يشاركهم في حفلاتهم فهل يجوز له ذلك؟

3- سمعنا أن هناك نوعاً من البير \"ماء الشعير\" تباع في بعض الدول الإسلامية وهي لا تحتوي على الكحول كما يشاع فهل يجوز لنا أن نشربها؟ وهل يجوز بيعها في المطعم المذكور؟

 

الجواب:

1- لا يجوز له أن يبيع الخمور وما هو محرم من الأطعمة أو الأشربة حتى مع عدم انتفاعه بأرباحها وتصدقه بها وعليه أن يتقي الله - تعالى -في كسب رزقه \"وَمَن يَتَّقِ ?للَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجاً وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لاَ يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى ?للَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ\" [الطلاق2-3].

ويعلم أن البركة في الحلال وإن قل في نظره والحرام ممحوق البركة لا خير فيه والمؤاخذة عليه باقية على مكتسبه إلا أن يغفر له الله ويرحمه.

 

تعليق:

قلت: مسألة بيع الخمر لغير المسلمين في دار غير المسلمين جائزة عند أبي حنيفة وكذلك بيع الخنزير وغيره فليراجع في هذا الكتاب.

 

2- لا مانع من تأجير المحل للغرض المذكور وبالصفة المذكورة وليس صاحب المحل مسؤولاً عما يفعلونه ضمن إجارتهم إنما هو مسؤول عن نفس عملية التأجير فما دامت خلت من الحرام في نفسها فهي جائزة.

تعليق:

قلت: هذا هو مذهب الشافعي خلافاً لمالك وأحمد.

 

3- كل مشروب لا يسكر فهو حلال فحيث أن هذا النوع من الشراب المسمى في السؤال لا يسكر لخلوه من مادة الإسكار فهو حلال وإن سمي باسم قبيح جرت العادة بإطلاقه على المسكرات فإن العبرة بالمسميات لا بالأسماء وما جاز شربه جاز بيعه. (الدورة الثانية)

 

مضاربة فاسدة!

السؤال: لي مبلغ من المال أعطيته لتاجر ليدخله إلى رأس ماله كي يتاجر به فيستفيد هو وأستفيد أنا كذلك. وأنا والذي نفسي بيده لا أرضى بالربا ولا أحبه وما نويته وما خطر لي على بال. وقد طلبت من هذا التاجر أن نتفق على نسبة في الربح والخسارة فأبى بحجة أن ذلك سيشق عليه بمعنى أنه سيضطر إلى إجراء حسابات وحسابات وهو لا يريد ذلك وأنا أظن أن هناك سبباً آخر لم يصارحني به وهو أنه لا يريد أن يطلعني على أشياء أخرى على سبيل المثال: كم هو ربحه الحقيقي وربما تكون هناك أسباب أخرى.

وخلاصة الأمر: فقد أكد لي هذا التاجر أن ماله سيربح ومن أجل أن يريح نفسه من الحسابات وغير ذلك فقد قرر أن يعطيني 10% سنوياً.

فقلت له أخشى أن يكون هذا ربا فأكد لي أن هذا ليس ربا لأن المال يربح أكثر من ذلك وهو إنما يريد أن يعطيني هذه النسبة كما ذكرت ليريح نفسه من عناء الحسابات فما هو الحكم الشرعي في هذه الحال؟

بالنسبة لي إذا كان المال يربح أكثر من 10% فأنا أسامح هذا التاجر بما هو فوق ذلك وأرضى بـ10% لأنها أفضل من أن يكون المال في درج طاولتي أو في حسابي في البنك.

وإذا كان ربح المال أقل من 10% أو أن المال سيخسر فإني سأستحلف هذا التاجر بالله أن يصدقني القول فإن قال لي إن المال ربح أقل من 10% أو خسر فإني سأخذ قدر ما ربح المال فقط بمعنى أني سأشاركه الربح وإن كان قد خسر المال فسوف أشاركه الخسارة.

أفتوني إخواني جزاكم الله خيراً في فعلي هذا هل هو مطابق للشرع أم لا؟ وإن كان هذا لا يرضي الشرع فكيف يمكنني أن استثمر مالي بما يرضى الشرع الحنيف؟

 

الجواب:

نيتك طيبة في حرصك على عدم أخذ الربا لكن العقد مضاربة فاسدة وذلك للجهالة في النسبة عند الاتفاق لذا يجب تصحيح ذلك العقد بتحديد نسبة صريحة في العقد فإذا تعذر عليك تصحيحه فلا يجوز أن تحدده إذا انتهت مدته كذلك لا يجب عليك أن تستحلف شريكك على الربح أو الخسارة وإنما يكفيك أن تطلب منه أن يخبرك بالخسارة عند وقوعها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply