دستور الإسلام : حول وضع الحاكم عدالته .. وكفاءته


بسم الله الرحمن الرحيم

 
 جاء في الموسوعة الفقهية باختصار: \"الإمام.مصدر أم القوم.. وأم بهم، إذا تقدمهم وصار لهم إماماً.

وفي الاصطلاح: \"رئاسة عامة في الدين والدنيا.. خلافة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - \" وقد عرفها ابن خلدون بقوله: هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي، في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، ثم فسر هذا التعريف بقوله: فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين والدنيا (مقدمة ابن خلدون).

ولقد وضح من هذه المقدمة، مدى أهمية هذا الأمر في حياة جميع المسلمين، فالإمام يقود شعبه إلى الله، ويقرر بعد الشورى مصير الأمة، ويرسم مع أهل الحل والعقد خطوط مستقبلها، وعلاقاتها بغيرها من الأمم، وعلاقة بعضها ببعض، كل ذلك في إطار الإسلام، ومن خلال الحب والأخوة، ولذلك وجب على العلماء والمفكرين والغيورين على مستقبل الأمة أن يكونوا دائماً بطانة خير وصدق للحاكم ويعينوه على المضي على الصراط المستقيم فيسعد ويسعد أمته.

الحاكم أيضاً في الإسلام:

هو العين الساهرة، والقائم على تحقيق العدل، ودعم الاستقرار.. يقبل النصيحة ويعمل بها بل يطلبها من أهلها ويحرص على تنفيذها.

قال رجل لسيدنا عمر بن الخطاب: اتق الله، فقال أحد الجلوس: أتقول هذا لأمير المؤمنين، فقال عمر: \"دعه فليقلها، فلا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها\".

لقد وضع الفقهاء الشروط الواجب توافرها فيمن يتولى هذا المنصب الخطير..

الشرط الأول: الإسلام:

فالدولة الإسلامية لا يتولى أمرها إلا مسلم، وهذا أمر متفق عليه، فالإسلام شرط في جواز الشهادة، وصحة الولاية قال الله - تعالى -: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (141) (النساء). خاصة والإمام هو الذي يرعى مصالح المسلمين، وهي أعظم السبيل، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه.

الشرط الثاني من الشروط المجمع عليها بين العلماء والفقهاء، أن يكون رجلاً \"الذكورة\":

جاء في الموسوعة الفقهية: \"فلا تصح إمارة النساء، للحديث \"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة\" أخرجه البخاري. ولأن هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة، وأعباء جسيمة، تتنافى مع طبيعة المرأة، وقوة طاقتها فيتولى الإمام قيادة الجيش، ويشارك بنفسه فى القتال أحياناً (راجع الموسوعة الفقهية).

الشرط الثالث: التكليف:

ويشمل العقل والبلوغ، فلا تصح إمامة الصبي أو المجنون، لأنهما في ولاية غيرهما، فلا يليان أمر المسلمين.. جاء في الأثر: \"نعوذ بالله من إمارة الصبيان\".

الشرط الرابع: الكفاية:

وهي القدرة على تسيير أمور الدولة الداخلية والخارجية، والقيام على المصالح العامة، وأن تكون لديه الحنكة في الأمور السياسية في السلم وفي الحرب، وأن يكون قادراً على تحقيق التوازن الاجتماعي بين طبقات الأمة، وتحقيق الأمن والاستقرار.

الشرط الخامس: العدالة:

وصف الحاكم بأنه عادل، ويحقق العدل بين أفراد شعبه، ضرورة شرعية، لأن قيادة الأمة ورعاية أمورها، تنفيذاً لأوامر الله، وتوجيهات الحق - سبحانه وتعالى - هي العدل، وتظهر هذه الصفة من خلال سيرته بين الناس، ومن خلال تعامله معهم.

الشرط السادس: سلامة السمع والبصر واليدين والرجلين،

فيرى جمهور الفقهاء أنه \"لا تصح إمامة الأعمى والأصم، ومقطوع اليدين والرجلين ابتداء، ويعزل إذا طرأت عليه لأنه غير قادر على القيام بمصالح المسلمين ويخرج عن أهلية الإمامة إذا طرأت عليه\".

من أين لك هذا؟ وهذا مبدأ قانوني وشرعي، من أين لك هذا؟ وهذا المبدأ شامل لجميع أفراد الأجهزة المختلفة، وكبار رجال الدولة، والإسلام لا يتهاون في مبدأ المحاسبة، وقد كان عمر بن الخطاب يسائل الولاة دائماً، إذا بدا عليهم مظاهر الثراء.

ولقد وقف عمر بن الخطاب يوماً يخطب المسلمين، فقال له رجل: لا سمع ولا طاعة، فسأله عمر: لم؟ قال: لأن كل واحد منا أصاب قميصاً واحداً وأراك تلبس أكثر من قميص، فقال عمر: قم يا عبدالله بن عمر، وأخبرهم، فقال لقد رأيت أبى رجلاً طوالاً لا يكفيه قميص واحد، فتبرعت له بقميصي، فقال الرجل: الآن نسمع ونطيع يا عمر\".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply