التوبة


           

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى:

الحمد لله، العزيز الغفار، يسبح بحمده السماوات والأرض ومن فيهن من طير وشجر وأحجار. أحمده - سبحانه - وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما زال لسانه يلهج بالذكر والتسبيح والاستغفار، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، الطيبين الأطهار، ومن سار على نهجهم فانتظم في سلك المستغفرين بالأسحار وسلم تسليما. أما بعد،

 فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، إذ بها النجاة، والسؤدد، وأمرتم بها في غير ما آية من كتاب ربكم، وفي غير ما حديث من أحاديث نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، بل لم يأت نبي إلى قومه إلا وأمرهم بها، كما قال نوح وهود وصالح ولوط وشعيب - عليهم السلام - كل يقول لقومه: فاتقوا الله وأطيعون.

 أيها المسلمون: إنما خلق الله الخلق لعبادته، الجامعة لمحبته، والخضوع له مع الذل له وطاعته. لأجل هذا خلقت السموات والأرض، فلم تخلق عبثا، ولا سدى أو باطلا. وخلق الإنسان ضعيفا، محتاجا لعون الله، مفتقرا لتوفيقه وهدايته صراطه المستقيم، و جبل على كثرة الزلل، ونقصان العمل، فلما كان ذلك كذلك فتح له باب التوبة لا يحول بينه وبين الدخول فيه أحد، ولا يحتاج فيه إلى واسطة أو معين، سوى الواحد الأحد. وجعل الله - تعالى - للتوبة إليه شرفا عظيما، ومقاما عاليا، فلا يوفق للتوبة إلا من أراد الله به خيرا. والعبد محتاج إلى التوبة كل وقت وحين، محتاج إليها في أول طريق الهداية، وأوسطه، وتنتهي به الحياة وهو مفتقر إلى التوبة. وقف متأملا قول الحق- تبارك وتعالى -: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. فإن المخاطب في هذه الآية هم المؤمنون، الذين استقر الإيمان في قلوبهم، وهم الذين هاجروا وصبروا، والذين آووا ونصروا، تخاطب المؤمنين المجاهدين، وتجعل الفلاح مرجوا للتائبين. وقسم - سبحانه - عباده إلى قسمين، تائب وظالم، فقال - جل وعلا -: ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. وحق لكل من لم يتب إلى مولاه أن يرى نفسه على حقيقتها، ويتعرف على ظلمها وعدوانها، فلا ريب أنه بها جاهل، وعما ينتظرها من مصير غافل، جاهل بربه، وبحق ربه، وجاهل بنفسه، وبعيب نفسه، غافل عن أعماله، وسيء أعماله. وإلا فدونك أحب الناس إلى الله، وأتقاهم له، وأخشاهم له، وأعبدهم له، وأقربهم منه، فاستمع إلى قوله، وانظر إلى حاله، فقد كان أصحابه - رضي الله عنهم - يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم يقول: رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم. مئة مرة. أخرجه الترمذي، وصححه الألباني. وهو الذي أمرنا فقال: يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فوالله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. أخرجاه. أيها المسلمون: إن الهلاك كل الهلاك أن يسهل الله لعبده أن يرتكب ذنبا، ويخلي بينه وبينه، فهذا هو حقيقة الخذلان، فإن الخذلان أن يكل الله عبده إلى نفسه. ولا يفرح العبد بمعصية الله إلا بقدر جهله بعظمة من عصاه. وجهله بسوء عاقبة ما جناه، فإن فرح بمعصيته كان ضرر فرحه أشد عليه من معصيته، وليتهم إيمانه، وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان قلبه حيا لأحس بالوخز، ولتألم، ولكن ما لجرح بميت إيلام. إذ لا بد للقلب الحي أن يتدارك أمره بالتوبة النصوح قبل أن يلقى خالقه ومولاه. وحقيقة التوبة ندم وإقلاع وعزيمة. ويضاف إليها حقيقة غائبة عن أعين الغافلين، بعيدة عن فهم الغارقين، تترجمها دموع المستغفرين، وتدركها دقات قلوب الخائفين، الذين تابوا خوفا من عظمة ذي الجلال، وفرقا من بطش الكبير المتعال، لم يتب تائبهم راحة من عناء تحصيل الذنوب، ولا خوفا من افتضاح العيوب، ولا محافظة على جاه أو منصب، أو سعيا لمنزلة أو مكانة، ولا لأن نار الشهوة في قلبه قد خمدت، وأركانَه عن ممارسة الذنب قد ضعفت، بل تاب خوفا من الله، ورغبة فيما عند الله، وتعظيما لحرماته، وسعيا لمرضاته. ولا يركن إلى توبته فتطمئن نفسه بها، بل يظل خائفا يترقب، وجلا يتوقى ويتحسب، جاعلا علامة قبول توبته هطل عينيه، فإذا جمدت عينه ولم تجد بدمعها توجس خيفة أن لم تقبل توبته، وإن استمرت غفلته، وزادت سيئاته فهذه علامة أخرى على رد توبته عليه، فإذا جادت عينه بالدمع هطلا، وصحب الخوفُ من الله قلبَه، غير آمن مكر الله، وتقطع ندما وحسرة فحري بتوبته أن تكون قد قبلت. قال سفيان بن عيينة في قوله - تعالى -: لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم. قال: تقطعها التوبة. قال ابن القيم: ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانخلاعه، وهذا هو تقطعه، وهذا حقيقة التوبةº لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه، وخوفا من سوء عاقبته، فمن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفا، تقطع في الآخرة إذا حقت الحقائق، وعاين ثواب المطيعين، وعقاب العاصين، فلا بد من تقطع القلب، إما في الدنيا، وإما في الآخرة. وقال - رحمه الله -: ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضا: كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء، ولا تكون لغير المذنب، لا تحصل بجوع، ولا رياضة، ولا حب مجرد، وإنما هي أمر وراء هذا كله، تكسر القلب بين يدي الرب كسرة كاملة، قد أحاطت به من جميع جهاته، وألقته بين يدي ربه طريحا ذليلا خاشعا.

 عباد الله: قد يغفل العابدون، ويستهين المخبتون، مع تنزههم من قاذورات المعاصي، وبعدهم عن نجاسات الذنوب، قد يغفلون عن ما هو أكبر من ذنوب العاصين، وكبائر المذنبين، وهو ما قد يخطر في قلوبهم من ازدراء أهل الكبائر واحتقارهم، فتعظم في قلوبهم طاعاتهم، وتعلو في نفوسهم عباداتهم، فيمنون بها على الخالق العظيم، والمنان الكريم، فبأعمالهم يعجبون، وبما قدموا يفرحون، على عكس الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. فنسوا، أو غفلوا عن قوله - جل وعلا -: أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. فمن هنا كانت التوبة ملازمة للتائب مهما كانت منزلته، ومهما علت مكانته، فالمنة لله وحده، هو الذي يوفق من يشاء لطاعته، ويخلي بين من شاء من عباده وبين معصيته، فلا يقل الخطر الذي يترقب العاصين، عن ذلك الخطر المتربص بالمعجَبين، المدلين على الله، فليعاجل كل منهم منيته بتوبة نصوح. معاشر المسلمين: إن كثيرا من الناس اليوم يشكون ضنكا في معيشتهم، وقسوة في قلوبهم، وجمودا في أعينهم، وغربة بين أحبابهم، وكم أعياهم الدواء، وهو بين أيدهم، فكل من نسي الله أنساه نفسه، كيف يصفو عيش من أعرض عن الله، واتبع هواه، وكان أمره فرطا؟ يأمره بسؤاله فيعرض، ويعطيه من غير سؤال فيرفض، بل هو دائم الشكوى منه، يشكوه وهو البر الرحيم، إلى من لا يرحمه، بل يشمت به ويفرح بمصابه!! ينعم عليه بالصحة والعافية فيستعملها في المعصية، وينعم عليه بالمال، فيغدق عليه العطايا، فيقابل ذلك بأن لا ينفق منه في سبيله، ولكن ينفقه على كل ما يسخطه. فهو في عافيته فرح فخور، وفي بلائه يئوس كفور. يدعوه الغني إلى بابه هلم فادخل، فلا يقف له عند باب، ويفتح له فلا يلج، ومع كل هذا الإعراض من ذلك الفقير عن هذا الغني فإنه لم يؤيسه من رحمته، فمتى عاد إليه قبله، ليلا أو نهارا، بل يقول الغني، الحميد، الكبير المتعال يقول: ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا! ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا! وإذا أقبل إلي يمشي، أقبلت إليه أهرول. أخرجه مسلم. ويقول- تبارك وتعالى -مخاطبا كل مذنب: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله، يجد الله غفورا رحيما. ويخاطب المسرفين في الذنوب، بلغت ذنوبهم ما بلغت، فيقول لهم: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم. عباد الله: لقد وصف ربنا - جل وعلا - نفسه تقدست نفسه، بأنه الغفار، والغفور، وذو المغفرة، وغافر الذنب قابل التوب، قال - جل وعلا -: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعملا صالحا ثم اهتدى. فهو الرحيم الغفور، ذو مغفرة للناس على ظلمهم، وهو الحليم الشكور. ولما كان ربنا كذلك فقد أمرنا أن نستغفره، وأن نتوب إليه، ليغفر لنا، وليتوب علينا، وفتح بابا ما أوسعه ليتوب المسيء، وليستغفر المذنب، ففي كل ليلة ينزل - جل وعلا -، إلى سماء الدنيا بعد أن يذهب ثلثا الليل، فيقول: هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه. وذلك كل ليلة. وثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة، متفق عليه من حديث أنس - رضي الله عنه -. وعند مسلم: لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح. فتأمل يا عبد الله كيف يفرح مولاك وسيدك بتوبتك، وهو الغني عنك، وأنت الفقير إليه، فيفتح لك كل باب، ويدعوك من كل ناحية، لتقبل، ولتتوب إليه. أي كرم أعظم من هذا الكرم، الغني، ملك الملوك، يناديك: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة. وعند مسلم من حديث أبي ذر - رضي الله عنه-: يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم. وعند ابن ماجة: أن الله- تبارك وتعالى -يقول: يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيته فسلوني المغفرة أغفر لكم، ومن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة واستغفرني بقدرتي غفرت له. ووصف - سبحانه - عباده المتقين فقال عنهم: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. وامتن على من أشرك به، وزعم أنه ثالث ثلاثة فقال لهم فاتحا لهم باب الرجاء: أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه.

 وقال لمن قتل أولياءه وعذبهم فيه، وأحرقهم بالنار: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا. فما أسعدنا بربنا.

عباد الله: أين أولو الألباب، أين العقلاء، أين المسلمون، بل أين المذنبون، أين الخاطئون من رب هذه رحمته، وهذه مغفرته، وهذا كرمه، وهذا جوده، وهم عنه معرضون، ولنفحاته لا يتعرضون، وما زال يحثهم ويدعوهم: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. فعجبا لهذا الإنسان يعبد غير خالقه، ويأمل الرزق عند من لا يرزقه، يتحبب إليه مولاه بالنعم، ويبارزه بالمعاصي! فلله الحمد كم أفاض على خلقه من نعمة، حين كتب على نفسه الرحمة. ولله الحمد على قوله: إن الله يحب التوابين. فيقع المرء في المعصية، فيتوب فيكون محبوبا إلى مولاه، مقربا منه. وصدق - صلى الله عليه وسلم - حين قال: لله أرحم بعباده من الوالدة بولدها. أخرجه البخاري. إذا تيقنت من هذا فتأمل سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. فاطرح عبد الله، بين يدي مولاك، فهو أرحم بك من أمك التي ولدتك، فر إليه، واهرب من عدوك وعدوه إليه، وألق بنفسك طريحا ببابه، لائذا بجنابه، ممرغا خدك على أعتابه، باكيا بين يديه، متملقا بذلتك إليه، فهو معاذك، وبه ملاذك، وإليه معادك، فتب إليه توبة تمحو عجراتك وبجراتك، وتغفر ذنوبك وسيئاتك، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به، ويستغفرون للذين آمنوا، ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، إنك أنت العزيز الحكيم، وقهم السيئات، ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته، وذلك هو الفوز العظيم. بارك الله لي ولكم... الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشانه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلم تسليما. أما بعد، فتقوى الله - تعالى - هي وصية الله للأولين والآخرين: ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله. وهي وصية الحبيب - صلى الله عليه وسلم - لأمته، كما في حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه -: قالوا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله. أيها المسلمون: مازال المتقون يلهجون بالتوبة والاستغفار، في كل وقت وحين، ولكنهم في وقت تنزل الرحمة يكثرون من ذلك، فهم متهمون لأنفسهم مهما كانت حسناتهم، ومهما بلغت أعمالهم، الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار. فمع صدقتهم وصبرهم وبذلهم يلهجون بالاستغفار من ذنوبهم، كأن طاعتهم ذنوب، لما يرون فيها من عجز وتقصير. فما بالكم بنا، نحن المذنبون، نحن المسيئون، نحن الجريؤن، نحن المصرون، أحاطت بنا الذنوب من كل مكان، في السماء وفي الأرض، في الشارع وفي البيت، وقل ما استغفرنا، وقل ما تبنا، فإلى الله المشتكى، وهو المستعان. يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله، يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين، يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود. يا قوم استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا. وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا. أوليس لنا بالصالحين أسوة؟ أوليس لنا بأشرف خلق الله قدوة؟ هاهما أبوانا - عليهما السلام - يناجيان ربهما بعد أن أذنبا، وعصيا فيقولان: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، وها هو أول الرسل وأحد أولي العزم منهم يناجي ربه فيقول: رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات، والكليم - عليه السلام - يناجي ربه فيقول: رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي، ويتمنى المغفرة خليله - عليه السلام - فيقول: والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. وذكر داود - عليه السلام - ذنبه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب، وابنه سليمان - عليه السلام - بعد فتنته بالجياد يقول مناجيا: رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب. بل يمتن بها على الحبيب، - صلى الله عليه وسلم -: إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. ويؤمر - عليه الصلاة والسلام - فيقال له: واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات، معاشر المسلمين: لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار. واستغفروا الله إن الله غفور رحيم. وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبنا، ورحمتك أرجى عندنا من أعمالنا، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وأنت تغفر الذنوب جميعا فاغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه. وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر،...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply