قصتي مع المنصرة دورين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تحدثت إحدى الصحف الأجنبية عن منظمة تنصيرية بريطانية تتخصص في تنصير المسلمين دون غيرهم، يعمل أفرادها تحت غطاء التعليم والطب وغيرها من المهن- ولا سيما في الأقطار التي تمنع التنصير فيها-. المنظمة البريطانية واسمها «فرونتييرز» لديها 600 بعثة في 40 بلداً إسلامياً يعملون في خفاء ويتلقون دورات تدريبية قبل إيفادهم إلى تلك البلدان.


ماكشفت عنه الصحيفة يمثل توجهاً جديداً للكنائس اعتمد منذ مؤتمر كلورادو عام 1978 الذي خصلبحث وسائل تنصير المسلمين وإنشاء «كنيسة خاصة للمتنصرين من ذوي الخلفية الإسلامية، لاتمانع من تمسك المسلم المتنصر بجزء من ثقافته الأولى» كما جاء في وثائق ذلك المؤتمر.

ولم تكن منطقة الخليج بعيدة عن هذا السعي المحموم لتنصير المسلمين، بل إن التنصير تحت أقنعة النشاطات الأخرى استهدف بالدرجة الأولى تلك المنطقة. مؤشرات هذا النشاط يمكن رصدها في الاحتفالات التي تجري بأعياد النصارى، وفي الرسائل البريدية التي تحمل دعايات نصرانية، وأخيراً في تنصر عدد من الأشخاص- نادراً مايعلن عنهم لأسباب اجتماعية أو سياسية- وفي الكويت كان إعلان تنصر حسين قمبر قبل أكثر من 5 سنوات مؤشراً بأن جهود التنصير في الخليج بدأت تؤتي ثمارها. وفي القصة التي تعرضها السطور القادمة كشف للمخبوء من هذه الجهود.

اسمه وليد العويّس، كان في العشرين من عمره عندما امتدت إليه أيد ناعمة تسحبه إلى حظيرة النصرانية مستغلة ظرفاً إنسانياً قاسياً مر به. لندع وليد يكمل القصة:

توفيت والدتي محروقة بالنار في العراق، فاتصلت بي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالكويت وقالوا:تفضل عندنا في الجابرية، وسلموني خطابا من العراق فتحته فوجدت بداخله شهادة وفاة والدتي وإفادةبأنها دفنت في العراق، بعد أن ماتت لأسباب مجهولة، بكيت كثيراً واسترجعت ذكرياتي مع أمي التي ربتني منذ كان عمري أربع سنوات بعد وفاة والدي.

ورحت أصرخ: لماذا ماتت أمي؟ هدأوا من روعي. واتصلت بأحد إخواني وقلت له: تعال خذني، ولما جاء قالت له امرأة من العاملين باللجنة: يبدو أن زميلك حساس جداً. فأجابها: نعم لأنه تربى في كنف أمه وهو حزين عليها، فقالت: أرجو أن تبلغني عن حالته أولاً بأول. بعد أربعة أيام اتصلت بي تلك المرأة وقالت: أنا دورين- وهي أرمينية لبنانية الأصل سويسرية الجنسية- «ممكن أشوفك» قلت: لماذا؟ قالت: أنت الآن تحتاج إلى رعاية وتأهيل، ونريد الاطمئنان عليك. فأتيت إليها وكانت الساعة الثانية ظهراً، فقالت لي: مارأيك لو نأخذ الغداء في الخارج. وبعد الغداء قالت: أنا عندي بيت لوحدي فما رأيك لو أتيت معي. فذهبت معها. وجلسنا نتحدث أحاديث متنوعة وليست ذات أهمية. وقد امتد بنا الوقت إلى الساعة 10 ليلاً. لم أصل العصر والمغرب والعشاء فسألتني: لماذا لم تصل وأنت مسلم؟ فقلت: أصلي لمن؟ فوالدتي توفيت ووالدي توفي ولم يعد هناك من أدعو له!

فقالت: هل أنت صادق؟ أجبت: نعم.

بعد ذلك رجعت للبيت. بعدها بثلاثة أيام اتصلت مرة أخرى وقالت: أود رؤيتك. وطلبت مني شهاداتي المدرسية وقالت: أنا أعرف أنك إنسان متفوق. فأعطيتها شهاداتي المدرسية. ثم قامت هي وأعطتني كتاباً وقالت: أود منك أن تقرأه، ثم تخبرني عن مدى فهمك له.

أخذت الكتاب وقرأته وبعد أربعة أيام أعطيتها الكتاب وقلت: هل تودين سؤالي عن شيء. قالت: لا. كان الكتاب عن النصرانية، وتلك كانت بداية جذبي إلى النصرانية. سعت إلى تجاوز العلاقة الرسمية، واتصلت بي يوماً وقالت أنا تعبانة، وأريد الذهاب إلى الكنيسة حتى أصلي. فقلت: لماذا لانذهب سوياً ثم تصلين، وبعدها نذهب لنتغدى سوياً. قالت: أخاف أن أطيل عليك. فقلت: لا، ليس عندي أي مشكلة، فأنا جاهز.
في الطريق إلى الكنيسة كانت حزينة ومهمومة. وبعد ساعة جاءتني بعدما صلّت فإذا بها إنسانة ثانية مرحة وتضحك وتتحدث معي. فقلت لها: ما الذي غيرك؟ قالت: كأني دخلت عالماً آخر تتوحد فيه المشاعر وتحس بروحانية عجيبة. قلت: معقولة لهذه الدرجة. قالت: أنت إذا دخلت سوف تشعر بمثل ذلك الشعور.

فقلت لها: الحقيقة لم أشعر بمثل ذلك الشعور من قبل، فقالت: إذا أردت ذلك فادخل الكنيسة بعد أن تنزع ثوبك وتلبس البنطال والقميص.

بعد أسبوعين من هذه الواقعة لبست البنطال والقميص ودخلت الكنيسة معها. وجاءتني بسلسال عليه الصليب وعليه خرز كرستال. وقالت: كل واحدة من هذه الخرز عليها آية من آيات الإنجيل المقدس. وعلمتني كيف أردد آيات الإنجيل داخل الكنيسة.

 

كم كانت الفترة مابين تسلمك للمظروف ودخولك للكنيسة ؟


-
أربعة شهور، وقد كنت مشدوداً إلى تلك المرأة، فهي جميلة جداً وخارقة وشعلة نشاط، إذ تخرج من الساعة الثامنة صباحاً وتعود العاشرة مساء.

المهم أنني دخلت الكنيسة ورأيت نساء جميلات ولاأعرف هل كانت هذه الحركة منها مقصودة أم لا.


هل كان هناك استقبال خاص بك في الكنيسة؟


-نعم فقد كان ذلك مريباً، إذ قابلت القسيس وسلمت عليه وانحنيت له ووضع يده على رأسي ثم قام يتمتم بفمه، ثم رفعت رأسي فابتسم، بعدها جلسنا على كراسي في الكنيسة وكانوا يرددون كلاماً في عيد الفصح.

بعد ذلك قالت لي: قف وادخل غرفة فإذا كانت لك خطيئة تحدث مع القسيس وأخبره، حتى يسأل لك الرب. فقمت ودخلت وكنت أشعر أنني مذنب فشكوت ذلك للقسيس. وقلت له: اسأل الرب هل هو راضٍ, عني. فقام القسيس ولم يلبث دقيقتين ثم قال: لقد سألت الرب وهو غافر لك فعش حياتك.
بعدما خرجت من الكنيسة طلبت مني أن نعيش مع بعضنا. حيث كنت أعيش في شقة مستقلة وهي تعيش لوحدها. وقالت: اختر هل تعيش معي أم أعيش معك. فقلت لها: أنا أعيش معك أفضل. وقد مكنها ذلك من دراسة حياتي كلها: الأشياء التي أحبها وأكرهها والكتب التي أقرؤها وغير ذلك.
واكتشفت بعد ذلك أنها كتبت تقريراً عني يصل حجمه إلى ألف وسبعمائة وأربع وثلاثين صفحة. هذه الخطوة مكنتها مني تماماً وسيطرت عليّ فكرياً ووجدانياً وعقلياً وأحكمت خيوطها حولي بدقة.
*
خلال هذه الفترة أين كان أصدقاؤك وأقربائك؟
-
أنا لست اجتماعياً ولا أرتبط بأحد ولا أميل إلى العلاقات. لقد عشت حياتي في طفولتي وحيداً وانطوائياً جداً وهذا مامكن هذه الفتاة مني.


كيف كانت حياتك في عملك؟


-
كنت موفقاً في عملي (مدير علاقات عامة) ورؤسائي يثنون على أدائي وجديتي، وكانت نقطة ضعفي الوحيدة وفاة والدتي التي زلزلت كياني.


كيف كانت علاقتك في منزل تلك الفتاة؟


-كان بالنسبة لي الأم والأخت وكل شيء. وكان يقيم معها خادمتان متزوجتان، ورغم أنني عشت معها في بيت واحد إلا أنني لم أتزوجها. سافرت معها سفرات خارجية إلى كوبنهاجن والدنمارك وجنيف.
وأثناء سفري كنّا نزور كنائس في باريس وامستردام وبرلين وغيرها من المدن الغربية. أعطتني في برلين نسخة الإنجيل الذي لم يحرف في معتقدهم.


في هذه الفترة هل اطلع أحد من أهلك على هذه التغيرات في حياتك؟


-
أبداً. فقد كنت أعيش في محيط اجتماعي شعاره: أنا عليّ همي وأنت عليك همك. وقد عشت معها حوالي تسعة شهور، وفي إحدى السفرات إلى جنيف أقنعتني بوشم الصليب على كتفي وقلب مريم العذراء على ذراعي، فقد كانت تريد أن تترك أثراً لايمحى في جسدي واستمرت العلاقة حتى فاتحتني في الزواج. بعد أن تأكدت أنها سيطرت عليّ تماماً وأني أراها أمامي في كل لحظة.
قلت لها: لم لا؟ أنا موافق.

فقالت: أنا لاأستطيع أن أدخل في دينك ولابد أن تتنصر تنصراً كاملاً وتقرٌّ ببطلان هذا الدين الإسلامي والقرآن حتى يمكن أن نتزوج.

فقلت: وبعد هذا؟. قالت: نتزوج.

كانت متعصبة جداً جداً لدينها. وكانت تقول لي: انظر إلى هؤلاء المسلمين وأحوالهم لقد ولى زمن صلاح الدين ولا يغرك هؤلاء الكلاب الذين على المنابر يعوون بلا فعل!

فقلت لها: حسناً، سوف نذهب سوياً إلى جنيف ونهاجر ونتزوج هناك. ولكن قبل ذلك أريد أن أذهب إلى أخي في السعودية. حتى أقابله وأسلم عليه لأنني سوف أهاجر من غير رجعة.
فقالت: لماذا لايأتي أخوك إلى هنا؟

قلت: لاعليك، مجرد يومين ثم أعود. طلبت مني أن أحمل معي دائماً مسجلا وأستمع إلى شريط حتى لا أتأثر بما أسمعه عن الإسلام.

جئت إلى الرياض. وقابلني أحد الأئمة واسمه عبدالعزيز الهديان. وكان يعلم أني قدمت من الكويت. فسألني: بودنا أن ندعوك على الغداء بعد صلاة الظهر. فقلت. بعد صلاة الظهر! أنا لاأصلي.
فقال: لماذا؟ ألست مسلماً؟

.قلت: لا.

قال: أتمزح؟

فقلت له: هل أعرفك حتى أمزح معك؟

فقال: هل لك ديانة ثانية.

فقلت: الرسول قال لكم دينكم ولي دين! (هذه آية وليست حديثاً(

فقال: إن شاء الله تكون تمزح.

فقلت له: انظر إليّ وعرضت عليه صليباً كنت أعلقه على صدري. لقد هربت من هناك لأبتعد عنك وأشكالك. فابتعد عني.

عاملني الشيخ بهدوء وحكمة بالغين وعرض عليّ هو والشيخ محمد العنزي القيام برحلة ستعجبني وقال لي: إذا «عجبك عجبك» وإذا ماعجبك أرجعناك إلى المكان الذي تريده. خرجنا من الرياض ووجدت نفسي في الميقات لأول مرة في حياتي فأنا لم أحج ولم أعتمر من قبل.

قالوا لي: هذا الميقات. والمسلم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. والآن والداك توفيا ولم يبق لهما إلا أنت تدعو لهما. فاختر مصيرك وحدد وجهتك إلى الجنة أم إلى النار.

كان هناك رجل في الميقات ومعه طفلان سأله أحدهما: هل نحن ذاهبون لنصلي كي نرى الله؟ تأثرت بهذا الكلام واستصغرت نفسي أمام ذلك الطفل.

قال لي أحد المشايخ. لابد أن تكسر الصليب الذي معك وتذهب معنا إلى الحرم.

قمت ولبست الإحرام وصليت في الميقات ثم دخلنا مكة. وبمجرد ماوضعت رجلي في صحن الكعبة التي رأيتها لأول مرة رحت أبكي كأنني طفل خرج من بطن أمه. وفي هذه الأثناء أغلقت عينيّ فإذا بأمي أمامي لابسة لباساً أخضراً ومعها كتاب وتقول لي: هذا ياولدي هذا كتابك الذي أريدك أن تحمله معك في هذه الدنيا. الآن أرحت قلبي وأنا تحت التراب.

كانت هذه نقطة الإفاقة وعودة الوعي بالنسبة لي. عدت إلى الرياض وأنا في غاية السعادة بعد أن رجعت إلى طريق الهداية.

واتصلت بي دورين ذات مرة. وقالت بالإنجليزية: هالو.

فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فقالت: ماذا تقول.

قلت: وما الذي تريدين أن أقوله أنا أحييك بتحية الإسلام لأنني مسلم، وقد كنت أعمى فأبصرت. وعرفت الطريق. ومنذ ذلك الحين (1993) لم أرجع إلى الكويت وعرفت أن هذه المنصرة ظلت تعمل في الكويت المصدر تحت غطاء منظمة الصليب الأحمر الدولية حتى عام 1998

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply