أنا راضية والحمد لله


 

بسم الله الرحمن الرحيم 

هذه المرأة تزوجت، وانتظرت أكثر من عشرين عاماً، تنتظر على إثر ذالك ريحانةً لقلبها, تنتظر مولوداً يشنف سمعها بلفظ الأمومة، ولكن لم يقدر الله - تعالى - لها من ذالك الزوج أولاداً طلبت الانفصال عن هذا الزوج مع حبها الشديد له لكن عاطفة الأمومة لديها سيالة انفصلت عن زوجها وتزوجت بآخر فوهبها المنعم المتفضل بعد طول مدةٍ, مولوداً ذكرا وفي أثناء حملها، طلقها هذا الرجل، فوضعت حينها قرة عينها بعد طول ترقب وانتظار وحينها تقدم لها الكثير من الخطاب ولكنها رفضتهم جميعاً لتربي ولدها، عكفت على تربيته لقد علقت فيه آمالها، ورأت فيه بهجة الدنيا وزينتها انصرفت إلى خدمته في ليلها ونهارها، غذته بصحتها، ونمته بهزالها وقوته بضعفها، كانت تخاف عليه من رقة النسيم، وطنين الذباب كانت تؤثره على نفسها بالغذاء والراحة، أصبح هذا الولد قلبها النابض تعيش معه وتأكل معه، وتشرب معه، تؤنسه، تمازحه، تنتظره وتودعه حين يذهب في المجالس وبين الأقارب يحلوا لها الحديث بطرائفه ونوادره تهب البشائر والأعطيات لكل من يبشرها بنجاحه أو قدومه من سفره ولما لا وهو وحيدها وثمرة فؤادها تعد الأيام والشهور لترى فلذة كبدها يكبر رويداً رويدا.

كبر ذالك الطفل، وأصبح شاباً يافعا، واستوى عوده، واشتد عظمه كانت تقف أمامه مزهوة شامخة، كانت تجاهد على إعانته على الطاعة كيف لا، وهي كما تقول الأخت: عرفت منذ الصغر بطول قيامها وتهجدها لا تدخل مجلساً إلا وتذكر الله وتنهى فيه عن فحش القول أو البذاءة, وهي مع ذالك من أهل الصلاة والصدقة لطالما تاقت نفسها أن تسمع صوت وحيدها يؤم المصلين في المسجد الحرام لكم تمنت أن يجعل الله له شأن يعز به دينه .

لقد كانت كثيراً ما تختلي بنفسها في أوقات الإجابة تدع ربها وكم كان اسمه يسيطر على دعائها، لا تنامُ إلا بعد أن ينام ثم تقوم مرة أخرى وتدخل عليه لتعيد غطاءه، وتصلح حاله تفعل ذلك في الليلة الواحدة أكثر من مرة، الله أكبر مبلغ الحنانِ ومنتهاه، أحسبُ أنكم تقولون كفى فقد أبلغتِ في الوصف والثناء، لستِ والله بمبالغة، فهذه حالها مع ولدها عزمت على تزويجه، لترى ولده وحفيدها، بدأت تبحث له عن عروس ثم سعت إلى تقسيم منزلها إلى قسمين، العلوي له، والسفلي لها دخلت عليه في يوم من الأيام كالعادة، نادته لم يرد عليها خفق قلبها، رفعت يده فسقطت من يدها، هزته بقوة، لم يتحرك بادرت بالاتصال على قريب لها، حضر على عجل، فحمله إلى المستشفى أحست أن في الأمر شيئا، لكنها على أمل، فماذا عملت لقد كان من أمرها عجبا!! توضأت ثم يممت شطر سجادتها وسألت ربها أن يختار لها الخيرة المباركة، وصلت وبعد سويعات، وإذا وحيدها قد مات، نعم، بعد أربعين سنة عشرون سنة ترقبه، وأخرى مثلها تربيه، ضاع ذلك في لحظة واحدة وما كان منها حينما بلغها الخبر، إلا أن قالت: وحيدي مات ثم استرجعت، ثم رددت كثيرا الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله تقولها بثبات وصبر، لم تندب ولم تصرخ، ولم تشق جيباً أو تلطم خدا هذه هي ثمرة الإيمان تظهر في أشد المواقف وأصعبها وأحلكها,كان وقع الصدمة شديداً على كل من عرف بعض قريباتها يبكين أمامها ليس لفقد الولد، ولكن رأفةً بحالها كانت تنهاهن بحزم وهدوء، وتقول بلهجتها: ما هذا الخبال ربي أعطاني إياه، أنا راضية والحمد لله أنها لم تكن في ديني الله أكبر، لقد ضربت أروع الأمثلة في الصبر والرضا إلا أن بعض النفوس الضعيفة، من اللاتي يجهلن التسليم والرضا بالقدر لم يستوعبن موقفها، فمن قائلة: لعلها أصيبت بحالة نفسية ومن قائلةٍ,: هي ذاهلة ولم تستوعب بعدُ وفاته وفي تلك الليلة التي مات فيها فلذة كبدها، حان وقت طعام العشاء فكان من أمرها عجبا، امتنع الكثير عن تناوله أما هي فقد مدت يدها إلى الطعام وهي تقول: والله ليس لي رغبة فيه ولكني مددتُ يدي رضا بقضاء الله وقدره الله أكبر، ما أعظم موقفها، لقد كانت تشعر بالحرقة، لكن على سجادتها بين يدي ربها تناجيه وتدعو لوليدها نعم، فقدت فلذة كبدها، لكنها في الوقت نفسه المؤمنة الراضية لقد حول صبرها ورضاها مع حسن ظنها بالله - تعالى - حول هذه المحنة إلى منحة حينها يكون لها حسن العقبى في الدارين بإذن الله \".

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply