جلست يوما مع نصرانيا ـ في إحدى دول الخليج العربي ـ وسألته كيف تتصور النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فأشار إلى أعرابي عجوز مؤتزر..رث الثياب منحي الظهر... أسمر اللون... أغبر الشعر.. وقال: كهذا ولا تغضب.
وفي صورهم التي نشروها صوروا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - بصورة قريبة من هذا.
وما هكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان كل الكمال وجملة الجمال بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -.
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت * * * مثل النبي رسول الأمة الهادي
والآن أعرض على القارئ الكريم وصف الحبيب - صلى الله عليه وسلم -... أعني وصفه هيئته الخِلقية ليعلم كذب القوم في تصويرهم له. وقد جمعت هذا الوصف من كتب الحديث وشروحاتها.
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبيض شديد البياض، يقولون: أزهر، والأزهر هو الذي لا يشوب بياضه شيء، إذا ضحك أو غضب يظهر له عرق في جبينه.
واسع العينين... شديد سوادهما، أكحل، مقرون الحاجبين.
واسع الجبهة، إذا ضحك أو غضب يظهر له عرق في جبينه.
مستقيم الأنف، إذا رأيته من بعيد قلت أشنب ـ أي مرفوع الأنف ـ وما هو بأشنب.
أمسح الصدخين، في وجهه تدوير.
طويل العنق.. أبيضها كأنها الفضة.
شعره مرسل، إذا مشطة بيده يمتشط، يصل شعره إلى شحمة أذنيه من الجانبين، وإلى كتفه من الخلف، يفرقه من وسطه، شديد سواد الشعر.
ولحيته كثيفة سوداء تصل إلى صدره.
ليس بالطويل، ولا بالقصير.
قليل اللحم،
أمسح الصدر... واسع ما بين المنكبين.
طويل عظم الساق والرجلين، عظيم الكفين والقدمين.
لين الكف طيب الرائحة. - صلى الله عليه وسلم -.
يقول البراء بن عازب - رضي الله عنه -، رأيته في حلّة حمراء فما رأيت شيئا أحسن منه- صلى الله عليه وسلم -
رأته أعرابية عجوز في الصحراء وهو مطارد تتبعه قريش ومن معها يوم الهجرة فقالت في وصفه، وهي لا تعرفه، أبهى الناس وأجملهم من بعيد، وأحسنهم من قريب غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدا، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره محفود محشود، لا عابس ولا منفد.
أحسن منك لم تر قط عيني * * * وخير منك لم تلد النساء
خلقت مبرئا من كل عيب * * * كأنك قد خلقت كما تشاء
كان يمشي كأنما يتقلع من الأرض تقلعا، يركب الحمار ويركب الإبل ويركب البغل وأكثر ركوبه الخيل ـ كما يقول بن القيم في ذاد الميعاد ــ، ويلبس الإزار ويلبس القميص، ويعتجر بالعمامة ويرسل طرفيها بين كتفيه وأحيانا يرسل طرفيها على ظهره. ويلبس الحديد حين القتال فلا تبدوا منه إلا عيناه.
ويحمل السيف، يقاتل أشد القتال. وكان لا يقتل أحدا - صلى الله عليه وسلم - رحمة بعدوه، فهو القائل \" أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي \"
.. ويخطب على المنبر فيعلو صوته وتحمر عينياه، كأنه منذر حرب..
وكان - صلى الله عليه وسلم - أكرم الناس. يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. وكان لا يبقي عنده مالا... يتصدق بكل ما يأتيه.
هادئا كثير الصمت.
يصلي العشاء ويدخل بيته، يقضي الليل ساجدا وقائما...
\" إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه.... \"
فمن لي أن أرى منه محيا * * * يسر لرؤيته القلب الكئيب
فلي طرف لمرآه مشوق * * * ولي قلب لذكراه طروب
كان يربط على بطنه الحجر والحجرين من شدة الجوع، ويمر الهلال والهلالان ولا يوقد في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار، شهر وشهران ولا يطهى في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعام.
زكاه ربه فقال \" وإنك لعلى خلق عظيم \"... \" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك \". \" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم \"
عدوك مذموم بكل لسان * * * ولو كان من أعدائك القمران
ولله سر في علاك وإنما * * * كلام العدا ضرب من الهذيان
يقول أنس، خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع سنين فما قال لشيء فعلته لما فعلته، ولا لشيء تركته لما تركته.
وكان رسول الله أب لسبعة من الأبناء، وجد عنده أحفاد، واجتمع له من النساء ـ عند وفاته - صلى الله عليه وسلم - تسعة من النساء.
وهذا والله وحده حمل ينوء به كثير من أشداء الرجال.
هذا هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هذه بعض أوصافه وليست كما زعموا في صورهم.
لا تَعجَبَن لِحَسُـودٍ, راحَ يُنكِرُهَــا * * * تجاهُلا وَهـوَ عـينُ الحـاذِقِ الفَهِمِ
قد تُنكِرُ العينُ ضَوءَ الشمسِ مِن رَمَدٍ, * * * ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ المـاءِ مِن سَــقَمِ
اللهم احشرنا في زمرة نبيك- صلى الله عليه وسلم - .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد