• مكانته في الإسلام:
1- حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الشديد له:
روى البخاري عَن أَبِي سَعِيدٍ, الخُدرِيِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبدًا بَينَ الدٌّنيَا وَبَينَ مَا عِندَهُ فَاختَارَ مَا عِندَ اللَّهِ فَبَكَى أَبُو بَكرٍ, الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - فَقُلتُ فِي نَفسِي مَا يُبكِي هَذَا الشَّيخَ إِن يَكُن اللَّهُ خَيَّرَ عَبدًا بَينَ الدٌّنيَا وَبَينَ مَا عِندَهُ فَاختَارَ مَا عِندَ اللَّهِ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ العَبدَ وَكَانَ أَبُو بَكرٍ, أَعلَمَنَا قَالَ يَا أَبَا بَكرٍ, لَا تَبكِ إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكرٍ, وَلَو كُنتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتِي لَاتَّخَذتُ أَبَا بَكرٍ, وَلَكِن أُخُوَّةُ الإِسلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبقَيَنَّ فِي المَسجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابُ أَبِي بَكرٍ,.
وروى الترمذي وقوى سنده الألباني في المشكاة عَن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ قَالَ: \"أَبُو بَكرٍ, سَيِّدُنَا وَخَيرُنَا وَأَحَبٌّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - \".
2- صلاته بالناس نيابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
روى أبو داود عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ زَمعَةَ قَالَ لَمَّا استُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا عِندَهُ فِي نَفَرٍ, مِن المُسلِمِينَ دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا مَن يُصَلِّي لِلنَّاسِ فَخَرَجَ عَبدُ اللَّهِ بنُ زَمعَةَ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ وَكَانَ أَبُو بَكرٍ, غَائِبًا فَقُلتُ يَا عُمَرُ قُم فَصَلِّ بِالنَّاسِ فَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَوتَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مُجهِرًا قَالَ فَأَينَ أَبُو بَكرٍ, يَأبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالمُسلِمُونَ يَأبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالمُسلِمُونَ فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكرٍ, فَجَاءَ بَعدَ أَن صَلَّى عُمَرُ تِلكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ\"..
2- غضب الرسول لغضبه:
روى البخاري عَن أَبِي الدَّردَاءِ - رضي الله عنه – قَالَ: \"كُنتُ جَالِسًا عِندَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذ أَقبَلَ أَبُو بَكرٍ, آخِذًا بِطَرَفِ ثَوبِهِ حَتَّى أَبدَى عَن رُكبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَّا صَاحِبُكُم فَقَد غَامَرَ فَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَينِي وَبَينَ ابنِ الخَطَّابِ شَيءٌ فَأَسرَعتُ إِلَيهِ ثُمَّ نَدِمتُ فَسَأَلتُهُ أَن يَغفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقبَلتُ إِلَيكَ فَقَالَ يَغفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكرٍ, ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنزِلَ أَبِي بَكرٍ, فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكرٍ, فَقَالُوا لَا فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشفَقَ أَبُو بَكرٍ, فَجَثَا عَلَى رُكبَتَيهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنتُ أَظلَمَ مَرَّتَينِ فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيكُم فَقُلتُم كَذَبتَ وَقَالَ أَبُو بَكرٍ, صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَهَل أَنتُم تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَينِ فَمَا أُوذِيَ بَعدَهَا\".
وروى الإمام أحمد عن ربيعة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: \"كان بَينِي وَبَينَ أَبِي بَكرٍ, كَلَامٌ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, كَلِمَةً كَرِهَهَا وَنَدِمَ فَقَالَ لِي يَا رَبِيعَةُ رُدَّ عَلَيَّ مِثلَهَا حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا قَالَ قُلتُ لَا أَفعَلُ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, لَتَقُولَنَّ أَو لَأَستَعدِيَنَّ عَلَيكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلتُ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ, قَالَ وَرَفَضَ الأَرضَ وَانطَلَقَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَانطَلَقتُ أَتلُوهُ فَجَاءَ نَاسٌ مِن أَسلَمَ فَقَالُوا لِي رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكرٍ, فِي أَيِّ شَيءٍ, يَستَعدِي عَلَيكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قَالَ لَكَ مَا قَالَ فَقُلتُ أَتَدرُونَ مَا هَذَا؟ هَذَا أَبُو بَكرٍ, الصِّدِّيقُ هَذَا ثَانِيَ اثنَينِ وَهَذَا ذُو شَيبَةِ المُسلِمِينَ إِيَّاكُم لَا يَلتَفِتُ فَيَرَاكُم تَنصُرُونِي عَلَيهِ فَيَغضَبَ فَيَأتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَغضَبَ لِغَضَبِهِ فَيَغضَبَ اللَّهُ - عز وجل - لِغَضَبِهِمَا فَيُهلِكَ رَبِيعَةَ. قَالُوا مَا تَأمُرُنَا قَالَ ارجِعُوا قَالَ فَانطَلَقَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبِعتُهُ وَحدِي حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ الحَدِيثَ كَمَا كَانَ فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأسَهُ فَقَالَ يَا رَبِيعَةُ مَا لَكَ وَلِلصِّدِّيقِ قُلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ كَذَا كَانَ كَذَا قَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهَهَا فَقَالَ لِي قُل كَمَا قُلتُ حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا فَأَبَيتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجَل فَلَا تَرُدَّ عَلَيهِ وَلَكِن قُل غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكرٍ, فَقُلتُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكرٍ, قَالَ الحَسَنُ فَوَلَّى أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - وَهُوَ يَبكِي\"..
من صفات أبي بكر رضي الله عنه:
1- ورعه وخوفه الشديد من ربه- تبارك وتعالى -:
== روى مالك في الموطأ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكرٍ, الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَه غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, إِنَّ هَذَا أَورَدَنِي المَوَارِدَ.
== وروى البخاري عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت كَانَ لِأَبِي بَكرٍ, غُلَامٌ يُخرِجُ لَهُ الخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكرٍ, يَأكُلُ مِن خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَومًا بِشَيءٍ, فَأَكَلَ مِنهُ أَبُو بَكرٍ, فَقَالَ لَهُ الغُلَامُ أَتَدرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, وَمَا هُوَ قَالَ كُنتُ تَكَهَّنتُ لِإِنسَانٍ, فِي الجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحسِنُ الكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلتَ مِنهُ فَأَدخَلَ أَبُو بَكرٍ, يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيءٍ, فِي بَطنِهِ) وجاء في بعض الروايات أنه قال (والله لو لم تخرج إلا مع روحي لأخرجتها إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به).
روى الحاكم في المستدرك وصححه عن زيد بن أرقم قال كنا مع أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فدعا بشراب فأتي بماء وعسل فلما أدناه من فيه بكى وبكى حتى أبكى أصحابه فسكتوا وما سكت ثم عاد فبكى حتى ظنوا أنهم لن يقدروا على مسألته قال ثم مسح عينيه فقالوا يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أبكاك قال كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيته يدفع عن نفسه شيئا ولم أر معه أحدا فقلت يا رسول الله ما الذي تدفع عن نفسك قال هذه الدنيا مثلت لي فقلت لها إليك عني ثم رجعت فقالت إن أفلت مني فلن ينفلت مني مَن بَعدَك.
وجاء عند ابن أبي شيبة في المصنف عن الضحاك بن مزاحم قال رأى أبو بكر الصديق طيرا واقعا على شجرة فقال طوبى لك يا طير والله لوددت أني كنت مثلك تقع على الشجرة وتأكل من الثمر ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب الطريق مر علي جمل فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم أخرجني بعرا ولم أكن بشرا).
2- تحمل الأذى في سبيل الدعوة والدفاع عنها:
جاء في مسند البزار عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: \"أيها الناس أخبروني بأشجع الناس قالوا أو قال قلنا أنت يا أمير المؤمنين قال أما أني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه ولكن أخبروني بأشجع الناس قالوا لا نعلم فمن؟ قال أبو بكر - رضي الله عنه - أنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا يهوى إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منه إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه فهذا أشجع الناس فقال علي ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذته قريش فهذا يجأه وهذا يتلتله وهم يقولون أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا قال فو الله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجاء هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ ثم رفع عليُّ بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلّت لحيتُه، ثم قال أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر فسكت القوم فقال ألا تجيبوني فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون ذاك رجل كتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه\".
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية عن عائشة قالت: \"لما اجتمع أصحاب النبي وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور فقال يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله جالس فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضربا شديدا ووطئ أبو بكر وضرب ضربا شديدا ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه وجاء بنو تيم يتعادون فاجلت المشركين عن أبي بكر وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب فتكلم آخر النهار فقال ما فعل رسول الله فمسوا منه بالسنتهم وعذلوه ثم قاموا وقالوا لامه أم الخير أنظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه فلما خلت به الحت عليه وجعل يقول ما فعل رسول الله فقالت والله مالي علم بصاحبك فقال اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله فقالت ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك قالت نعم فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنفا فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم قال فما فعل رسول الله قالت هذه أمك تسمع قال فلا شيء عليك منها قالت سالم صالح قال أين هو قالت في دار ابن الأرقم قال فان لله علي أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله فامهلتا حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله قال فأكب عليه رسول الله فقبله وأكب عليه المسلمون ورق له رسول الله رقة شديدة فقال أبو بكر بأبي وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار قال فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله فأسلمت\".
3- اليقين والتصديق بما قال الله ورسوله:
روى الحاكم في المستدرك عن عائشة قالت: \"لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر فقالوا هل لك في صاحبك يزعم أنه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس فقال أو قال ذلك قالوا نعم قال لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا فتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح قال نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق\"..
ومن يقينه بما قال الله ورسوله تصديقه بالمغيبات وكأنه يراها، فقد روى الإمام أحمد عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَن الكَوثَرِ فَقَالَ هُوَ نَهَرٌ أَعطَانِيهِ اللَّهُ - عز وجل - فِي الجَنَّةِ تُرَابُهُ المِسكُ مَاؤُهُ أَبيَضُ مِن اللَّبَنِ وَأَحلَى مِن العَسَلِ تَرِدُهُ طَيرٌ أَعنَاقُهَا مِثلُ أَعنَاقِ الجُزُرِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكرٍ, يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ فَقَالَ أَكَلَتُهَا أَنعَمُ مِنهَا)..
4- حبه الشديد للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك:
فرحه بصحبة الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الهجرة:
أخرج البخاري في الصحيح عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت لَقَلَّ يَومٌ كَانَ يَأتِي عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا يَأتِي فِيهِ بَيتَ أَبِي بَكرٍ, أَحَدَ طَرَفَي النَّهَارِ فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الخُرُوجِ إِلَى المَدِينَةِ لَم يَرُعنَا إِلَّا وَقَد أَتَانَا ظُهرًا فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكرٍ, فَقَالَ مَا جَاءَنَا النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمرٍ, حَدَثَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيهِ قَالَ لِأَبِي بَكرٍ, أَخرِج مَن عِندَكَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا هُمَا ابنَتَايَ يَعنِي عَائِشَةَ وَأَسمَاءَ قَالَ أَشَعَرتَ أَنَّهُ قَد أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ قَالَ الصٌّحبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الصٌّحبَةَ (زَادَ اِبن إِسحَاق فِي رِوَايَته \" قَالَت عَائِشَة: فَرَأَيت أَبَا بَكر يَبكِي، وَمَا كُنت أَحسَب أَنَّ أَحَدًا يَبكِي مِن الفَرَح) \"..
خوفه على أن يصاب الرسول بأذى:
فقد ذكر الحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن محمد بن سيرين قال ذُكر رجال على عهد عمر - رضي الله عنه - فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر - رضي الله عنهما - قال فبلغ ذلك عمر - رضي الله عنه - فقال والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر وليوم من أبي بكر خير من آل عمر لقد خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي فقال يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر مكانك يا رسول الله حتى أستبرى ء لك الغار فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة فقال مكانك يا رسول الله حتى أستبرى ء الحجرة فدخل واستبرى ء ثم قال انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر).
5- حرصه على الطاعات بشتى صنوفها:
قال علي - رضي الله عنه - كما في مجمع الزوائد: \" والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا أبو بكر إليه \"..
وروى مسلم عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَن أَصبَحَ مِنكُم اليَومَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - أَنَا قَالَ فَمَن تَبِعَ مِنكُم اليَومَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكرٍ,: أَنَا قَالَ فَمَن أَطعَمَ مِنكُم اليَومَ مِسكِينًا قَالَ أَبُو بَكرٍ,: أَنَا قَالَ فَمَن عَادَ مِنكُم اليَومَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكرٍ,: أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - \" مَا اجتَمَعنَ فِي امرِئٍ, إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ\".
وقال عمر - رضي الله عنه - كما عند أبي داود وحسنه الألباني: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما. قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أبقيت لأهلك قلت مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله. قلت والله لا أسبقه إلى شيء أبدا.
وفي صحيح ابن خزيمة عن عمر - رضي الله عنه - قال: \"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يسمر عند أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وخرجنا معه فإذا رجل قائم يصلي في المسجد فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع قراءته فلما كدنا أن نعرف الرجل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة بن أم عبد قال ثم جلس الرجل يدعو فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول سل تعطه مرتين قال فقال عمر فقلت والله لأغدون إليه فلأبشرنه قال فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره ولا والله ما سابقته إلى خير قط إلا سبقني\"..
وجاء في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَن أَنفَقَ زَوجَينِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِن أَبوَابِ الجَنَّةِ يَا عَبدَ اللَّهِ هَذَا خَيرٌ فَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلَاةِ وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَن دُعِيَ مِن تِلكَ الأَبوَابِ مِن ضَرُورَةٍ, فَهَل يُدعَى أَحَدٌ مِن تِلكَ الأَبوَابِ كُلِّهَا قَالَ نَعَم وَأَرجُو أَن تَكُونَ مِنهُم\".
وروى البيهقي في سننه: (أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام ويزيد راكب وأبوبكر - رضي الله عنه - يمشي فقال له يزيد يا خليفة رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل أنا فأمشي معك قال لا أركب ولا تنزل إنني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله).
6- ثباته في المحن والشدائد، ومن ذلك:
في موت الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
روى البخاري عن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخبَرَتهُ قَالَت أَقبَلَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - عَلَى فَرَسِهِ مِن مَسكَنِهِ بِالسٌّنحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ المَسجِدَ فَلَم يُكَلِّم النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رضي الله عنها - فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسَجًّى بِبُردِ حِبَرَةٍ, فَكَشَفَ عَن وَجهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ بِأَبِي أَنتَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا يَجمَعُ اللَّهُ عَلَيكَ مَوتَتَينِ أَمَّا المَوتَةُ الَّتِي كُتِبَت عَلَيكَ فَقَد مُتَّهَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَأَخبَرَنِي ابنُ عَبَّاسٍ, - رضي الله عنهما - أَنَّ أَبَا بَكرٍ, - رضي الله عنه - خَرَجَ وَعُمَرُ - رضي الله عنه - يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجلِس فَأَبَى فَقَالَ اجلِس فَأَبَى فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - فَمَالَ إِلَيهِ النَّاسُ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَمَّا بَعدُ فَمَن كَانَ مِنكُم يَعبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَد مَاتَ وَمَن كَانَ يَعبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيُّ لَا يَمُوتُ قَالَ اللَّهُ - تعالى -وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرٌّسُلُ إِلَى الشَّاكِرِينَ) قال ونشج الناس يبكون. وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَم يَكُونُوا يَعلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه - فَتَلَقَّاهَا مِنهُ النَّاسُ فَمَا يُسمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يَتلُوهَا قال عمر: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعتُ أَبَا بَكرٍ, تَلَاهَا فَعَقِرتُ حَتَّى مَا تُقِلٌّنِي رِجلَايَ وَحَتَّى أَهوَيتُ إِلَى الأَرضِ حِينَ سَمِعتُهُ تَلَاهَا عَلِمتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَد مَاتَ).
موقفه يوم السقيفة:
روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: اجتَمَعَت الأَنصَارُ إِلَى سَعدِ بنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنكُم أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيهِم أَبُو بَكرٍ, وَعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيدَةَ بنُ الجَرَّاحِ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسكَتَهُ أَبُو بَكرٍ, وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَد هَيَّأتُ كَلَامًا قَد أَعجَبَنِي خَشِيتُ أَن لَا يَبلُغَهُ أَبُو بَكرٍ, ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكرٍ, فَتَكَلَّمَ أَبلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ نَحنُ الأُمَرَاءُ وَأَنتُم الوُزَرَاءُ فَقَالَ حُبَابُ بنُ المُنذِرِ لَا وَاللَّهِ لَا نَفعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنكُم أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, لَا وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنتُم الوُزَرَاءُ هُم أَوسَطُ العَرَبِ دَارًا وَأَعرَبُهُم أَحسَابًا (وفي رواية في غير البخاري مما قال في خطبته تلك: \" وَكُنَّا مَعشَر المُهَاجِرِينَ أَوَّل النَّاس إِسلَامًا وَنَحنُ عَشِيرَته وَأَقَارِبه وَذَوُو رَحِمه، وَلَن تَصلُح العَرَب إِلَّا بِرَجُلٍ, مِن قُرَيش، فَالنَّاس لِقُرَيشٍ, تَبَع، وَأَنتُم إِخوَاننَا فِي كِتَاب اللَّه، وَشُرَكَاؤُنَا فِي دِين اللَّه، وَأَحَبّ النَّاس إِلَينَا، وَأَنتُم أَحَقّ النَّاس بِالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّه، وَالتَّسلِيم لِفَضِيلَةِ إِخوَانكُم، وَأَن لَا تَحسُدُوهُم عَلَى خَير \" فَبَايِعُوا عُمَرَ أَو أَبَا عُبَيدَةَ بنَ الجَرَّاحِ فَقَالَ عُمَرُ بَل نُبَايِعُكَ أَنتَ فَأَنتَ سَيِّدُنَا وَخَيرُنَا وَأَحَبٌّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ).
في حرب الردة:
روى البخاري في صحيحه عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاستُخلِفَ أَبُو بَكرٍ, بَعدَهُ وَكَفَرَ مَن كَفَرَ مِن العَرَبِ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكرٍ, كَيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -) أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَن قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ (جاء في بعض الروايات أن أبا بكر قال لعمر: يا ابن الخطاب أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام؟ ) وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بَينَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ المَالِ وَاللَّهِ لَو مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدٌّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلتُهُم عَلَى مَنعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيتُ اللَّهَ قَد شَرَحَ صَدرَ أَبِي بَكرٍ, لِلقِتَالِ فَعَرَفتُ أَنَّهُ الحَقٌّ.
إذا تذكرتَ شجوا من أخي ثقة *** فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
التاليَ الثانيَ المحمود مشهدُه *** وأولَ الناس طُرّا صدّق الرسلا
والثاني اثنين في الغار المُنِيفِ وقد *** طافَ العدو به إذ صعّد الجبلا
وكان حِبَّ رسول الله قد علموا *** من البريّة لم يعدِل به رجلا
خيرُ البرية أتقاها وأرأفُها *** بعد النبي وأوفاها بما حملا
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،،
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد