بسم الله الرحمن الرحيم
سأحدثكم عن رجل واحد (كان) يعيش بيننا أضرب به مثلاً من أجل شحن الهمم والعزائم، وأريد أن أقول عندما أحدثكم عن هذا العلم وعن هذا القدوة، فسأتحدث عن جانب واحد فقط وهو جانب حمله لهم الإسلام حتى يكون لنا عبرة وقدوة، ألا وهو:
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (- رحمه الله -).
أيها الأخوة، لو تحدثت وتحدثت لما وفيته حقه، ولكني سأقتصر على الجزء الذي أشرت إليه والذي يتعلق بحمله لهم الإسلام، وسأذكر لكم حقائق ووقائع تؤكد هذه الحقيقة وتبينها لعله يكون دافعا لنا، خذوا هذه الحقائق، خذوا هذه الدرر:
منذ عرفت الشيخ منذ أكثر من عشرين سنة لا أعرف أنه أخذ إجازة:
لا شهر في السنة ولا يوم أبدا، وكنت أتحدث في هذا الكلام في عدة مجالس أنني منذ عرفته في بداية التسعينات، أي التقيت معه لا أعرف أنه أخذ إجازة يوما واحد.
واذكر لكم حقيقة تبين هذا الأمر حيث ذهبت في عام 1391هـ إلى المدينة من أجل لقاء مع سماحته وكان معي أحد المشايخ.
ذهبنا بتوصية من أحد مشايخنا في الرياض - بارك الله في الجميع وفيكم - فجئنا إلى الشيخ بعد أن وصلنا المدينة ليلة الجمعة كهذه الليلة.
ثم بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي خرجنا ننتظر خروج الشيخ، فلما خرج قلنا يا سماحة الشيخ نحن جئنا من الرياض ومعنا لك رسالة ونريد أن نلتقي معك.
فقال لنا يا أبنائي هذا اليوم يوم الجمعة وهو مخصص للأولاد، فلعلكم تأتون غدا إلى الجامعة الإسلامية (عندما كان رئيسا للجامعة الإسلامية).
فقال له صاحبي يا فضيلة الشيخ نحن مسافرون وورائنا أعمال ودراسة، (وقد كنا طلاب في كلية الشريعة وقته)، فلعلك تستقبلنا هذا اليوم.
فقال إذا ائتوني ضحى في بيتي وسأحاول أن أقضي حاجتكم.
فقلت لأخي الشيخ الذي معي لا يليق أن نذهب إلى الشيخ هذا اليوم وقد خصصه لأولاده، فهو اليوم جالس مع أولاده ومع زوجاته وهو يوم جمعة.
فلو انتظرنا إلى الغد ونحن على خير، نصلي في المسجد النبوي والحمد لله والصلاة فيه بألف صلاة لعلنا ننتظر إلى الغد. قال لا نذهب استثمارا للوقت.
ذهبنا وكنت أقدم رجلا وأخر أخرى وأتصور أن الشيخ سيكون بين أولاده وننتزعه من بينهم، فلما وصلنا إلى بيته، طرقنا الباب وكان مفتوحا.
وكنت أنا الطارق حيث كان صاحبي ورفيقي كفيف البصر لا كفيف البصيرة، بل أنار الله بصيرته بكتاب الله - جل وعلا -.
كنت أطرق الباب فجاءنا رجل أعرابي من أهل المدينة وقال تطرقون بيت من؟
فخشيت أنني أخطأت، فقلت أليس هذا بيت الشيخ عبد العزيز ابن باز، فقال وهل بيت الشيخ عبد العزيز ابن باز يطرق؟
أدخلوا ودخل أمامنا.
فدخلنا فإذا الشيخ في مجلسه وإذا المجلس مكتظ بالناس.
سبحان الله، سبحان الله.
قدمنا للشيخ الكتاب فقال إذا تتغذون معنا، فقلنا خيرا إن شاء الله.
فلما صلينا قال لي صاحبي مرة أخرى لنذهب إلى الشيخ.
فقلت له يا أخي الكريم أخذنا عليه الضحى ولا نريد أن نأخذ عليه وقت الغذاء وعلى الأقل يتغداء مع أولاده.
قال سنذهب واختلفنا والخلاف شر. ولذلك تأخرنا على الشيخ وذهبنا في النهاية، فدخلنا المجلس ولم يشعر الشيخ بنا، وجلسنا وإذا المجلس مليء بالناس.
فإذا الشيخ يقول هل حظر فلان وفلان (يسمينا بأسمائنا)؟
قالوا نعم، قال أعطونا الغذاء.
إذا يا أحبتي الكرام هذا اليوم الذي قال لنا سماحة الشيخ أنه مخصص لأولاده، هكذا قضاه.
قبل رمضان كنت جالساً مع أحد الملازمين للشيخ فتحدثنا في هذه القضايا فإذا هو يقول لي إنني سمعت بأذني سماحة الشيخ يقول منذ أيام لأحد المشايخ:
منذ ثمان وخمسين سنة لم أخذ إجازة يوم واحد.
هذا يحمل هم ماذا؟ هم الدنيا؟!!
والله أنني منذ عرفت الشيخ وجلست معه ما سمعته يوما يتكلم بأمر من أمور الدنيا:
التي تتعلق بالبيع والشراء والتجارة أبدا، أبدا إلا إذا كانت في صالح المسلمين، أما أن يتكلم عن أسعار الأراضي، أو السيارات، أو البيوت، أو الوظائف لا يعرف فيها شيء.
أقول لكم منذ عشرين سنة لم أسمعه يوما واحدا يتكلم إلا في ما يخص أمور المسلمين، ويرضي ربه - جل وعلا - من ذكر وتسبيحا وقراءة قرآن وكلمات طيبة وحل مشاكل المسلمين.
هذا يحمل هم ماذا أيها الأخوة؟
سماحة الشيخ عبد العزيز (- رحمه الله -) وعمره فوق الثمانين سنة:
وكان لا ينام إلا بحدود أربع إلى خمس ساعات فقط.، والباقي عشرين ساعة كلها في ذكر الله وطاعته وعبادته وقضاء حوائج المسلمين، قال لنا أكثر من مرة أنه مستحق للتقاعد منذ سبعة عشر عاما بكامل الراتب، ولكن والله ما بقيت إلا من أجل أن أخدم المسلمين.
نعم أيها الأخوة هذه حقائق. حقائق أيها المسلمون.
قلت لكم هذا الرجل (كان) يعيش بيننا هذا همه ومع ذلك هل هو يفتر في عبادته؟
الذي أعرفه عن سماحة الشيخ أنه (لم يكن) يترك ورده من القرآن يوميا أبدا وخذوا هذه القصص:
يقول أحد كتّاب الشيخ، ذهبت أنا وإياه إلى مكة وجلست أقرأ عليه المعاملات بعد العشاء إلى حدود الساعة الحادية عشر ليلا.
فقال سماحة الشيخ بأدبه وتواضعه يبدو أننا تعبنا، الشيخ ما تعب، ولكن الذي تعب هو الموظف، فالشيخ بأدبه ما أراد أن يقول للموظف هل تعبت، فقال يبدو أننا تعبنا.
يقول الموظف فقلت له نعم يا شيخ.
قال إذا ننام، يقول فوضعت المعاملات وقام الشيخ يصلي.
يقول قمت فصليت ما كتب الله لي ثم نمت.
فاستيقظت بعد الثانية عشرة فإذا الشيخ يصلي، ثم استيقظت قبل الفجر فإذا الشيخ يصلي.
ويقول أحد إخوانه الذين جاءوا معه من الطائف إلى الرياض عن طريق البر، ولم صرنا في منتصف الليل بعد الساعة الثانية ليلا تقريبا قال الشيخ لمرافقيه:
يبدو أننا تعبنا وسهرنا، قفوا لننام في الطريق.
يقول فوقفنا فما لمست أقدامنا الأرض إلا ونمنا والجيد منا من استطاع أن يصلي ركعة أو ثلاث ركعات، وشرع الشيخ في الصلاة، فلما استيقظنا قبل صلاة الفجر فإذا الشيخ يصلي.
يحدثني أحد الملازمين للشيخ قبل أسبوعين فيقول ما ترك الشيخ كلمة بعد صلاة العصر إذا صلى في أي مسجد إلا وألقى كلمة حتى يوم الجمعة، ما تركها أبدا.
ندوة الجامع الكبير، إذا كان الشيخ في الرياض لا يترك حضور ندوة الجامع الكبير أبدا إلا لعارض صحي.
إذا يا إخوان، هذه حقائق ممن يحمل هم الإسلام.
وأختم الحديث عن حياته بقصة حدثني فيها أحد الموظفين بدار الإفتاء منذ عدة سنوات فيقول:
جاءت رسالة من الفلبين لسماحة الشيخ:
فإذا فيه امرأة تقول أن زوجي مسلم أخذوه النصارى فألقوه في بئر، فأصبح أطفالي يتامى، وأصبحت أرملة وليس لي أحد بعد الله - جل وعلا -.
وسألت من يمكن أن اكتب له في الأرض؟
قالوا لا يوجد إلا الشيخ عبد العزيز أبن باز، فآمل أن تساعدني.
كتب عليها الشيخ للجهات المسؤولة في دار الإفتاء لمساعدتها، فجاءته إجابة أن يا سماحة الشيخ لا يوجد بند من البنود عندنا لمساعدة امرأة وضع زوجها في البئر، فالبنود المالية محددة، فيقول الشيخ لكاتبه، أكتب مع التحية لأمين الصندوق أن أخصم من راتبي عشرة آلاف ريال وأرسله إلى هذه المرأة.
معذرة فالحديث عنه لا يمل، بقول لي أحد الزملاء في الجامعة:
وقد ذهب في دورة إلى دولة أفريقية، يقول جاءتنا عجوزا في وسط أفريقيا ثم سألتنا عبر المترجم من أين أنتم؟
قالوا لها إنهم من السعودية، فقالت بلغوا سلامي الشيخ عبد العزيز ابن باز.
عجوز في وسط أفريقيا، كيف عرفت الشيخ عبد العزيز أبن باز؟
لأنه يحمل همها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
الشيخ بن باز
-عبدالرحيم
12:46:47 2018-08-12