شخصيات إسلامية ( شكيب أرسلان أمير البيان )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

شكيب أرسلان.. رائد من رواد الإصلاح والنهضة في عالمنا العربي والإسلامي. ولد يوم الاثنين 25 من ديسمبر 1896م بمنطقة الشويفات في لبنان لأسرة عريقة، ودرس بمعهد الحكمة وأتقن مع العربية التركية والفرنسية والألمانية والإنجليزية.

وفي شبابه أدركته حرفة الأدب فنظم الشعر، وكتب المقالات، وطبع ديواناً بعنوان (الباكورة) وهو في الثامنة عشرة من عمره، ولكنه سرعان ما انصرف إلى النثر بمختلف فنونه، فحقق بعض كتب التراث وترجم رواية «آخر بني سراج» عن الفرنسية، وألف عدداً من الكتب عن الإسلام وحضارته منها:

(لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم) و(الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية) و(الارتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف). كما كتب هوامش وتعليقات مستفيضة على ترجمة كتاب: (حاضر العالم الإسلامي) لمؤلفه الأميريكي (ستوارد) وترجمة عجاج نويهض.

وفي هذه الكتب وغيرها تميز أسلوب شكيب أرسلان بالرصانة والوضوح حتى سمي (أميرالبيان) كما سمي (كاتب الإسلام).

أصدر في برلين مجلة عربية باسم لواء (الإسلام ورأس المؤتمر الإسلامي في أوروبا)، كما ساهم في تأسيس المعهد الإسلامي في برلين عام 1927، كما أسس مجلة شهرية بالفرنسية باسم الأمة العربية عام1930م.

كان شكيب أرسلان صريحاً يعترف بالواقع المزري المتمثل بالشقاق بين المسلمين فيقول:

«إني لأجد هذا الشقاق في كل أمة ولا يخلو منه مكان، وقد وقع بين الصليبيين أنفسهم ولكن إن كان الشقاق عاماً فلا شك في أن تسعة أعشاره هي عند المسلمين والعشر الواحد عند سائر الأمم بأجمعها، وأفسح لأكتبن كتاباً وأسميه الفوضى الإسلامية وما جنته على المسلمين والوحدة الإسلامية».

وقد وفى الرجل بعهده فكتب كتابه: (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟)، وقد ذكر رشيد رضا سبب تأليف شكيب أرسلان لهذا الكتاب فقال: كتب إلي تلميذي المرشد الشيخ محمد بسيوني عمران إمام مهراجا جزيرة سمبس برنيو (جاوة) كتاباً يقترح فيه على أخينا المجاهد أمير البيان أن يكتب للمنار مقالاً بقلمه السيال في أسباب ضعف المسلمين في هذا العصر وأسباب قوة الإفرنج واليابان وعزتهم بالملك والسيادة والقوة والثروة، وأراد الرجل أن يكتب الأمير في هذا الباب للتأثير في نفوس المسلمين بما يناسب حالهم الآن لتنبيه غافلهم وتعليم جاهلهم وتحريك خاملهم وتنشيط عاملهم فلما عاد الأمير شكيب من رحلته في أسبانيا كتب رسالته فكانت آية من آيات البلاغة ارتفع بها إلى مستوى العالم المصلح الكبير.

ومن أعظم أسباب انحطاط المسلمين في نظر شكيب هو فقدانهم كل ثقة بأنفسهم كما خلص في ختام كتابه إلى دعوة المسلمين لينهضوا أو يتقدموا ويجاهدوا بالمال والأنفس وأن يرتقوا كما ترقى غيرهم فهم رجال كما أن أولئك رجال ويجب أن يبتعدوا عن التشاؤم والاستخذاء وانقطاع الآمال.

رحمك الله يا أمير البيان فما أشبه الليلة بالبارحة وكأنك مازلت تعيش بين ظهرانينا وتكتب عن علل أمتنا اليوم؟

فهل آن الأوان لأن نستيقظ من سباتنا ونحن في بداية قرن جديد قبل فوات الأوان؟!

كان شكيب أرسلان - رحمه الله - صاحب فكر إسلامي مستنير يعتد بالنموذج الأول للتطبيق الإسلامي في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، ويدعو إلى الوحدة والتكاتف والتعاون كأسس للنهوض والعودة إلى عظمة الماضي، وقد انتقل إلى جنيف حيث عاش آخر حياته ولفظ أنفاسه الأخير ليلة الاثنين 9 من ديسمبر 1946م بعد حياة حافلة بالدفاع عن الإسلام وبحث أسباب تخلف المسلمين وعلاج هذا التخلف حتى يمكنهم تقدم ركب الحضارة الإنسانية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply