8 شعبان 13هـ:
كان لتحرك «خالد بن الوليد» - رضي الله عنه - من العراق إلى الشام أثر كبير في البلاط الفارسي، إذ ارتفعت معنويات الجيش الفارسي، وقويت عزائمهم، وقرروا طرد المسلمين من أرض العراق، وبعد خلافات دموية داخل البلاط الفارسي انتهى الأمر بتولي القائد الأشهر «رستم» حاكماً عاماً للفرس لمدة عشر سنوات، يكون خلالها وصياً على الفتى «يزدجرد» حتى يبلغ سن الولاية، ووضع «رستم» خطة شريرة لطرد المسلمين تقوم على إثارة حماسة الثائرين من الفرس، حيث أعلن أن أول من يعلن الثورة على المسلمين في الواد - بين النهرين - يصبح أميراً على العراق([1]).
بعد أن غادر خالد بن الوليد العراق أصبحت قيادة الجيوش الإسلامية بيد «المثنى بن حارثة»، وكان شديد الذكاء، خبيراً بالنفسية المجوسية، وتفكير الفرس، فقرر الانسحاب بالجيش الإسلامي - تسعة آلاف فقط - إلى حدود العراق للحفاظ على أرواح الجنود، ونجح في ذلك بسرعة فائقة، وطلب إمدادات عاجلة من أمير المؤمنين «عمر بن الخطاب» - رضي الله عنه - الذي أخذ في ندب الناس للقتال ضد الفرسº ولكنه لم يجد استجابة قوية بحيث لم يستجب إلا ألف رجل فقط لا غير، فجعل أميرهم «أبا عبيد الثقفي»، وكان هو أول من انتدب للجهاد ضد الفرس.
في هذه الفترة كان القائد الفارسي «جابان» يمني نفسه أن يكون هو حاكم العراق لأنه أول من ثار على المسلمين عملاً بوعد رستم، ولكنه فشل بسبب الانسحاب التكتيكي للقائد «المثنى بن حارثة»، فقرر أن يغامر لتحقيق طموحه، فقام بإعداد جيش كبير لمطاردة المسلمين في قلب الصحراءº لتدمير قوتهم الصغيرة.
نقل سلاح الاستخبارات الإسلامية الخبر للقائد الجديد «أبي عبيد الثقفي»º فقرر القائد الفطن التعامل مع الجيش الفارسي الضخم بنظام الصاعقة المحرقة، والرحى الطاحنة، فانقض المسلمون وهم عشرة آلاف على الفرس وهم مئة ألف في 8 شعبان سنة 13هـ، وأصيب الفرس بالفزع والرعب من هول الصدمة السريعة، حتى إن قائدهم المغرور «جابان» قد فر لا يلوي على شيء، ووقعت عليهم الهزيمة الساحقة التي أعادت للمسلمين هيبتهم، وأفاقت الفرس من سكرتهم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد