29 جمادى الآخرة 1038هـ:
الملقب بعباس الكبير، واحد من أقوى وأسوأ زعماء الدولة الصفوية الشيعية الاثني عشرية, اسمه بالكامل عباس بن طهماسب بن إسماعيل بن حيدر الصفوي، الزعيم الثالث للدولة الصفوية [إيران حالياً]، وقد تولى الحكم بعد صراع مع إخوته انتهى بمقتلهم جميعاً، وبقاء عباس الذي لقب بالكبير, وابتدأ حكمه منذ سنة 995هـ([1]).
كانت الدولة الصفوية منذ قيامها في حالة عداء مستمر مع الدولة العثمانية لأسباب مذهبية, فالصفويون يمثلون الأقلية القليلة جداً في العالم الإسلامي وهم الشيعة، والعثمانيون يمثلون الأغلبية الإسلامية وهم أهل السنة، فاستغل العثمانيون حالة الصراع الداخلي في البيت الصفوي، وحققوا عدة انتصارات على الصفويين, واحتلوا تبريز عاصمتهم ولورستان، والكرج وداغستان، واضطر عباس لعقد معاهدة مع العثمانيين حتى يرتب شئون الدولة المضطربة وذلك سنة 998هـ.
تفرغ عباس بعدها لمحاربة القبائل الأوزبكية ناحية الشرق فانتصر عليهم انتصاراً كبيراً أضعف شوكتهم، وسهَّل سقوطهم بعد ذلك تحت وطأة الاحتلال القيصري الروسي، ثم استدار بعدها للدولة العثمانية وذلك بعد هدوء دام خمس عشرة سنة، قام خلالها بتحديث جيشه، والاستعانة بالإنجليز في تدريب جنوده، واستعاد تبريز ثم أريفان عاصمة أرمينيا وشروان [جنوب أذربيجان]، ثم هاجم بغداد بعد وقوع اضطرابات بها وكانت تابعة للعثمانيين, ووقعت أحداث دامية، وفتن كبيرة راح ضحيتها الكثيرون، ولم يستطع أن يحتل بغداد أو حتى البصرة.
كان عباس الكبير شيعياً غالياً يبغض أهل السنة, ينزل بهم المذابح في أنحاء دولته، ولقد بالغ الشاه عباس الصفوي في عدائه لأهل السنة حتى إنه اتصل بملوك النصارى، واتفق معهم على حرب الدولة العثمانية زعيمة أهل السنة، ولم يبال بأي تنازلات يقدمها للنصارى في سبيل عداوته لأهل السنة, ولقد عامل عباس النصارى في دولته معاملة متميزة، وأعطاهم منحاً وعطايا ومزايا لم يحصل على مثلها أهل السنة ولا على عشرها، وكان يشارك النصارى في أعيادهم، ويشرب معهم الخمر, وبنى لهم الكنائس, وفتح المجال للإرساليات التنصيرية للعمل في بلاده، وذلك كله نكاية في العثمانيين وأهل السنة.
كان عباس الصفوي شديد الحقد والعنف حتى على أقرب الناس إليه، فلقد قتل ولده الكبير، وسمل عيون اثنين آخرين من أبنائه, ولقد ظل يحكم الدولة الصفوية أكثر من أربعين سنة، استطاع خلالها أن يعيد القوة والاتساع للدولة الصفوية، ويستعيد ما فقدته لصالح العثمانيين والأوزبك, أضف أنه قد حوَّل أهل السنة في بلاده لأقلية بعد أن أجبرهم على التشيع قسراً، وذبح منهم مئات الآلاف، وعصره هو عصر القوة الفعلية للصفويين الشيعة، وقد هلك في 29 جمادى الآخرة سنة 1038هـ.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد